بلغت المؤامرة سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم, وأدرك أن وقت الهجرة قد حان. وأحكم الرسول تخطيط هجرته, وأحاطها بالسرية, وأخذ بالأسباب شأن المؤمن حين يقدم علي عمل.. وتوكل علي الله كما يتوكل المؤمن بعد أخذه بالأسباب. علي مستوي الكتمان.. لم يعرف بهجرة الرسول سوي أبي بكر وعلي رضي الله عنهما, أما أبوبكر فقد علم بالهجرة حين استأذن الرسول ليهاجر فقال له الرسول: لا تعجل.. لعل الله يجعل لك صاحبا. وأدرك أبوبكر أن رسول الله يعنيه بقوله, فاشتري راحلتين وحبسهما في داره. أما علي بن أبي طالب فقد بقي لكي يرد الأمانات التي وضعها أهل مكة عند الرسول, وكان أهل مكة يضعون عند الرسول ما يخشون عليه لما يعلمونه من صدقه وأمانته. استأجر الرسول أيضا دليلا خبيرا يعرف دروب الصحراء وطرقاتها, كما يعرف المرء يده, وكان هذا الدليل كافرا واسمه بن أريقط.. وقد نظر الرسول في اختياره إلي عوامل الكفاءة والخبرة فحسب, وتم الاتفاق علي تفاصيل الهجرة, واختير الغار الذي يلجأون إليه جنوبا, إمعانا في تضليل المشركين لأن المفروض أن يتجهوا شمالا إلي المدينة. وكانت قريش قد بدأت تضرب الحصار حول بيته صلي الله عليه وسلم, وبعثت بالفتيان الذين اختيروا من القبائل لاغتياله, وأمر الرسول علي بن أبي طالب أن يرتدي عباءته وينام في فراشه.