أولي خطوات ظهورنا علي خريطة التقدير العلمي بين جامعات العالم تبدأ بحسن اختيار القيادات الجامعية, طالما نبذ مبدأ انتخابهم, وأن يكون الاختيار بمعايير علمية, ليس من بينها المجاملات ولا القدرة علي إثارة التوترات بحجة تحقيق الانضباط. اختيار القيادات الجامعية الصحيح يتحقق إذا كانوا من أعضاء هيئات التدريس الذين عاشوا في الجامعة وانخرطوا في أنشطتها, أما الغرباء عنها, ولو نجحوا فيما كانوا فيه, يتعذر عليهم أن يتأقلموا مع أعضاء هيئات التدريس لطبيعتهم الخاصة, التي فيها الاعتزاز بالنفس والتخصص والمعرفة, وهي خصال لا يقدرها من يعمل بعيدا عن الجامعة الحقيقية, ودون إعداد يطلب منه الدخول ضمن مسئوليها, وليس يستغرب إذن أن تطالعنا الصحف بالحكم بالحبس والعزل علي قيادة جامعية لامتناعها عن تنفيذ حكم قضائي, هذه النوعية من القيادات تسيء للنظام كله, تارة لعدم تنفيذ أحكام القضاء, وأخري للتعسف وعدم القدرة علي التعامل في الجامعة باعتبارها مؤسسة تعليمية تقوم أولا وثانيا وثالثا حتي أخيرا علي الفكر والحرية. التواصل بين القيادات الجامعية وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات يكون أولا بمن يختارون لاحترامهم كرامة أعضاء هيئات التدريس وقيمتهم وعلمهم وتخصصاتهم, لا مكان فيه لمن يستعفون في الخطأ وفيه يكابرون. القيمة فقط لمن ينأون في ممارساتهم عن أهواء نفس بشرية أمارة بالسوء وتصفية الحسابات.. القيادات الجامعية يجب أن تكون فيها الكياسة والتروي وتحكيم العقل واستشارة أهل الخبرة, ليست لمن يتحرك بما يبث في أذنيه, والتعامل مع أعضاء هيئات التدريس بالجامعات له مواصفات خاصة لا غني عنها, فيها منتهي التروي, انتقاء الألفاظ وتوقيتاتها, ويستحيل أن يكون فيها من يخاطبهم بصيغة أنا رئيس الجامعة أو أنا عميد الكلية أو أنا كذا وكذا.. الجامعة بالأساس أساتذة ومنهم من يتقدم أية قيادة جامعية علما ومكانة, ولابد أن تختار القيادة الجامعية التي تفهم أن الكرسي زائل وأن البقاء للأستاذية, ولاحترام الزملاء, وهو ما يسهل التيقن منه, إذا كان من معايير الاختيار. د. حسام محمود أحمد فهمي أستاذ هندسة الحاسبات