عبدالرحمن الشرقاوي‏..‏ نور الكلمة

الكلمة نور‏..‏ الكلمة فرقان بين نبي وبغي‏..‏ الكلمة حصن الحرية‏..‏ ان الكلمة مسئولية‏..‏ ان الرجل هو كلمة كلمات ساقها الأديب والكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي . في مسرحيته( الحسين ثائرا) علي لسان الإمام الحسين ليعبر بها بقصد أو دون قصد عن رسالته السامية كأديب ومفكر و واحدا من أهم مشاعل التنوير التي أضاءت كلماته ثقافتنا العربية‏.‏في العاشر من نوفمبر بدأت وانتهت حياة الشرقاوي مابين عامي‏1920‏ و‏1989‏ عبر رحلة إنسانية ثرية قدم خلالها مشروعه الفكري الخاص القائم علي إعلاء القيم الإنسانية مثل الحب والحرية والعدالة والمقاومة والثورة علي الظلم لذا التصقت به صفتا الثورة والتمرد اللتان كانتا إحدي تيمات أدبه و كتاباته عامة التي تنوعت ما بين الرواية و الشعر والصحافة ففي الرواية كانت روايته الشهيرة‏'‏ الأرض‏'‏ عام‏1954‏ والتي تحولت لفيلم سينمائي حمل نفس الإسم وكذلك رواية‏'‏ الفلاح‏'‏ عام‏1967‏ والتي برز فيهما تأثره الشديد بالقرية وهمومها وبشخصية الفلاح التي كانت أحد أهم مصادر إلهامه و أيضا رواية‏'‏ قلوب خالية‏'‏ ثم‏'‏الشوارع الخلفية‏'‏ التي عكست رؤيته للمدينة و حياتها‏.‏ و في القصة القصيرة لم يقدم إلا مجموعتين‏'‏ أرض المعركة‏'‏ و مجموعة‏'‏ أحلام صغيرة‏'.‏
ويعد الشرقاوي من أبرز مؤسسي المسرح الشعري و أحد رواد شعر التفعيلة و من أشهر قصائده‏'‏ من أب مصري إلي الرئيس ترومان‏'‏ التي كانت من أولي الأعمال الأدبية التي لفتت الانتباه إلي خطر الأطماع الأمريكية في عالمنا العربي‏,‏ كذلك كتب ست مسرحيات هي‏'‏ مأساة جميلة‏'‏ عن الجزائرية جميلة بوحريد و مسرحية‏'‏ الفتي مهران‏'‏ ثم‏'‏ وطني عكا‏'‏ و‏'‏الحسين ثائرا‏'‏ و‏'‏الحسين شهيدا‏'‏ في عام‏1971‏ واللتين كانتا من أشهر مسرحياته و أثارتا جدلا كبيرا قدم من خلالهما الحسين ونضاله كميراث ثوري لتعاليم الرسول صلي الله عليه وسلم و أصحابه حيث أبرزه كإنسان عربي بسيط يدرك مسئولياته التاريخية و يواجه مصيره داعيا إلي مواجهة القهر و الظلم‏,‏ وأيضا مسرحية‏'‏ النسر الأحمر‏',‏ و‏'‏أحمد عرابي زعيم الفلاحين‏'.‏
و في التراجم الإسلامية تميز الشرقاوي بتبني منهج مختلف سعي من خلاله إلي إحياء كل ماهو إنساني في تراثنا الإسلامي بهدف إبراز الميراث الحضاري المشترك لكل الناس مهما اختلفت دياناتهم و فلسفاتهم و آراؤهم الأمر الذي برز بشدة في كتبه‏'‏ محمد رسول الحرية‏','‏ أئمة الفقه التسعة‏',‏ وكذلك سلسلة كتبه التي تناولت الخلفاء الراشدين‏.‏
من أجل هذا كله منحه الرئيس السادات جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام‏1974‏ و وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولي وبمناسبة الذكري الثالثة عشرة لرحيله قامت دار الشروق بإعادة طبع أعماله الكاملة الروائية و المسرحية و الإسلامية ونحن نتذكره اليوم كما قال علي لسان الحسين‏'‏ فاذكروني بالنضال علي الطريق لكي يسود العدل فيما بينكم‏..‏ ولتنهضوا باسم الحياة كي ترفعوا علم الحقيقة والعدالة‏'‏ رحم الله الشرقاوي إنسانا ومفكرا أجل الكلمة وحمل مسئوليتها لتضيء كلماته حياتنا‏.‏