ينظر البعض الي الانتخابات علي إنها مهرجان للكلام والمزايدات وليست معركة تتطلب دقة الحسابات.. بل لعلي أذهب الي أبعد من ذلك فأقول ان نفرا من الذين يتحدثون بصواريخ الكلمات ويكتبون بالميكروفونات. لا يحققون فائدة لمن يريدون بقدر ما يستفيد منهم من يهاجمون! وبالتالي يبرز الهدف الأساسي وهو حصد منافع شخصية مقطوعة الصلة عن المصالح العليا لهذا الوطن. وفي ذلك فان الطريق القويم يضيع من تحت أقدام هؤلاء إذ أنهم لا يلتزمون بروح أكتوبر التي سبق أن تحدثوا وتحدثنا عنها منذ أيام في ذكري الحرب المجيدة والتي تعني إتباع وتطبيق المنهج العلمي وصولا إلي الهدف الاستراتيجي بدءا من حصر وحشد الإمكانات المتاحة والمحتملة الي الاستثمار الأفضل لها عبر أساليب منطقية تراعي الواقع وتصب في الاتجاه الصحيح. وأعطي مثالا بما هو بارز علي السطح هذه الأيام ويدور حوله كلام كثير.. وأعني به شعار جماعة الأخوان المسلمين بأن الإسلام هو الحل. فلقد جري الهجوم عليه من منطلقات ثلاثة هي: إن الدستور يحظر النشاط السياسي والحزبي علي أساس ديني ان قانون مباشرة الحقوق السياسية أيضا ينص علي هذا ويمنع استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية وان هذا يؤثر سلبا في الوحدة الوطنية. ثم ينهال السباب علي مرشحي الجماعة وإظهار ما يرتكبونه من سوءات.. في الأداء الخاص والعام. ومن المؤكد! اننا ضد هذه الجماعة بسبب ممارساتها.. ولقد كتبنا وعبرنا عن قناعاتنا مائة مرة علي الأقل خلال السنوات السابقة وحتي الآن.. بل اننا نتحفظ علي ذكرها مقرونة بصفة المحظورة.. لأننا أساسا ضد وجودها فهو غير شرعي وغير قانوني وكان يجب وقلنا هذا مرارا لكي تطبق الحكومة عليها حكم القانون بإغلاق مقارها وتقديم المسئولين عنها الي المحاكمة.. دون خوف ودون تردد فالقانون هو القانون والجميع يخضعون لسيادته. واذا كان ما أطالب به غير مناسب في ظل المواءمة السياسية والظروف الحالية خاصة وقت الانتخابات وبالتالي يصبح من الأصوب مواجهتها بالحجة والمقارعة.. فانني أخشي ان يكون مجمل الهجوم عليها في مصلحتها وليس ضدها.. لأنه يعتمد علي الأسس الثلاثة التي ذكرناها دون عمق ودون تفصيلات دالة.. تتوجه الي الجماهير لتكشف لهم الحقائق والألاعيب!. وعلي سبيل التحديد فانك اذا قلت للمواطن ان هذه الجماعة محظورة فسيضحك عليك! واذا قلت له ان هذا الشعار وغيره.. مخالفة للدستور والقوانين فسيستلقي علي قفاه في مزيد من الضحك.. فهل هو الذي يحظر ويبيح وهل هو الذي يطبق القانون ويعاقب المخالف؟ وأحسب انه ينبغي كما أشرنا تطبيق المنهج العلمي.. لاننا لا نعتمد صيغة الاعلام عن سياسة بقصد الدفاع عنها.. وانما نؤمن بسياسة للاعلام تعبيرا عن ثوابت ومباديء ومثلا فاذا رفع أحد شعار الاسلام هو الحل.. فإننا يجب ان نقول له: وما هي إذن رؤيتك في المشكلات المطروحة علي ساحة المجتمع كيف ترون مثلا.. حلول مشكلة البطالة.. والتنمية البشرية.. وارتفاع الأسعار.. وتنمية الانتاج.. والتوسع العمراني.. واستصلاح الأراضي.. والعلاقة بين المالك والمستأجر.. وهكذا مما وهذا أقطع به لا يعرفون لها حلولا.. بل ان آراءهم لا سند لها من المنطق والواقع وتتعارض مع مصالح المواطنين.. من هنا.. فانني أعتقد ان البرنامج الانتخابي الذي أعلنه أمين السياسات جمال مبارك باسم الحزب الوطني.. يعد نموذجا للأداء الحزبي. ولقد حدد البرنامج سبعة محاور أساسية لتحسين الأحوال المعيشية والخدمية ومحاربة الفساد.. كما تعهد الحزب بتنفيذ خمسة وسبعين التزاما خلال السنوات الخمس القادمة تشمل قطاعات الحياة والعمل الوطني.. ولست هنا في معرض مناقشة هذه المحاور مع أهميتها والالتزامات المحددة القاطعة.. لكني أقول انها صياغة لبرنامج حزبي نموذجي يجب علي الناخب قراءته واستيعابه قبل ان يفكر في اعطاء صوته له.. أو.. لغيره.. فمن فعلها غيره من الأحزاب الأخري؟ واذ نقول ذلك فلأننا نريد أحزابا قوية تواجه المتسترين بأردية ليست من صنعهم ويتخفون وراء شعارات هي منهم براء.. فلا تجارة بالدين.. ولا تلاعب بالمقدسات.. واذ نؤكد علي ذلك نتحمس مع دعوات الأحزاب لحث ودفع الناخبين المصريين الي صناديق الاقتراع للادلاء باصواتهم في انتخابات مجلس الشعب التي يريدها الوطن كما قال الرئيس حسني مبارك الأربعاء10 نوفمبر حرة ونزيهة لتعمل الدولة باحتشاد كل قواها خلال السنوات الخمس القادمة علي ان يعتلي الوطن مكانته السامية اللائقة به.. وترقية الحياة. وأعود فأقول.. هذا هو ما ينبغي ان يكون فالشعب ليس قطيعا تستثيره جماعة بشعارات براقة.. وتدغدغ غرائزه وحواسه بكلمات طيبات لا تدرك حقيقة مغزاها.. بل انها وأعضاءها ابعد ما يكون عنها. واذا قالوا وقد قيل ما هي ضمانات ان تكون الانتخابات.. نزيهة..؟ فإن السؤال مثير بالفعل لكنه لم يعد له نفس المكانة فقد تغيرت الظروف.. وصارت العيون مفتوحة.. وصار الحلال بين والحرام بين!! وهاهو المجلس القومي لحقوق الانسان واللجنة العليا لادارة الانتخابات وكل الجهات المعنية.. تستعد لمراقبة ومتابعة الانتخابات وهي معركة تسلتزم الاستعداد العلمي.. وبالمناسبة فإن فكرة ان تتولي الجمعيات الأهلية المصرية مهمة الرقابة وليست جهات أجنبية هي فكرة نابعة من هنا. وقد طرحناها في ندوة للأهرام قبل انتخابات سنة2005 بحضور عدد من الشخصيات وتم الاتفاق علي تشكيل مجموعة عمل لبدء التنفيذ ونشرنا هذا وقتها ولكن البعض سارع ونفذها بالحصول علي مساعدات مالية أجنبية.. ففضلنا ان نبتعد!! و.. أكرر مرة أخري ان الانتخابات القادمة مهمة وهي معركة يجب ان تدار بمنهج علمي.. بسياسة اعلامية ذكية.. و باستخدام الوعي السياسي والحصافة.. والحزم والحسم مع المتلاعبين والضرب بيد من حديد علي أيدي الخارجين علي الشرعية والقانون بلا تردد وبلا خوف.. فان الوطن أغلي وأهم وأبقي.. ومصر يجب ان تعلموا خالدة.. وقدرها ان تظل مرفوعة الهامة.. توفر الخير والرخاء لأبنائها ولمن حولها ولكل المجتمع الانساني بقدر وبأكثر مما تتحمل وتطيق. المزيد من مقالات محمود مراد