وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة شاملة للقيادات بمحافظة القليوبية    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    الكبدة ب450 جنيه.. أسعار اللحوم في مطروح اليوم    شركة استشارية: السيارات الكهربائية تسجل نسبة قياسية من المبيعات العالمية في الربع الثالث من 2025    البيئة تشهد توقيع عقد تقديم خدمات الجمع ونظافة الشوارع بأحياء بورسعيد    مصدر ل«المصري اليوم»: وقف العمل بمحطات الخط الرابع للمترو بمحيط المتحف المصري الكبير ل 48 ساعة    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    تطبيق التوقيت الشتوي رسميًا في مصر غدًا.. الساعة تتأخر 60 دقيقة    فيديو.. القاهرة الإخبارية: استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    الرئيس الكوري الجنوبي يطلب من ترامب السماح لبلاده بالحصول على وقود للغواصات النووية    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    القنوات الناقلة لمباراة مصر ضد إسبانيا في كأس العالم لليد تحت 17 سنة.. والموعد    مانشستر سيتي يقترب من تمديد عقد رودري حتى 2029    آخر تطورات حالة إمام عاشور.. طبيب الأهلي يكشف    سيد عبد الحفيظ: لا أفكر في رئاسة الأهلي مستقبلا    اللجنة الأولمبية تعلن عقوبات اتحاد تنس الطاولة في واقعة عمر عصر ومحمود حلمي    القبض على 7 أشخاص للحفر والتنقيب عن الآثار أسفل منزل بعابدين    إنقاذ مسن قفز من أعلى كوبري قصر النيل بالقاهرة    «كارثة طبيعية» حلقة 1.. محمد سلام في صدمة بعد حمل زوجته ب خمسة توائم    قصور الثقافة تواصل فعالياتها لتنمية وعي النشء ضمن مشروع جودة حياة    "فيها إيه يعني" يواصل تألقه في السينمات ويتخطى حاجز ال70 مليون جنيه    مصر تستعد لإطلاق المنصة الوطنية للسياحة الصحية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    اختفاء ظاهرة السحابة السوداء بمدن وقري الغربية.. تعرف علي السبب    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    أبو الغيط: الإعلام العربي شريك أساسي بالتنمية ومسؤول عن صون وحدة المجتمعات    سفير تركيا لدى مصر: المتحف المصرى الكبير تجسيد حى لعظمة التاريخ المصرى    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    كيف تساعد ساعتك البيولوجية على التأقلم مع التوقيت الشتوي؟    صمت الأهلي يثير التساؤلات.. إمام عاشور يتعافى من فيروس A ومروان عطية يعلن الخبر قبل النادي    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    الناخبون فى هولندا يدلون بأصواتهم بانتخابات برلمانية مبكرة    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في السعودية بداية تعاملات الأربعاء 29 أكتوبر 2025    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    «زي النهارده».. العدوان الثلاثي على مصر 29 أكتوبر 1956    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشأن القبطي‏..‏ حديث دون مواربة
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 11 - 2010

كنت لا أزال ممن يؤمنون دائما ان ما يثار بين الحين والآخر حيال الشأن القبطي من قضايا يمثل مؤشرا صحيا لعافية المجتمع بغض النظر عن افتعال تداعيات دولية من البعض او اجترار مرارات فرضتها اوضاع اجتماعية وبيئية وثقافية‏,‏ في حين بقي النسيج السكاني والبعد التاريخي ملكا لابناء هذا الوطن علي اختلاف المعتقد‏.‏
حتي نقترب من الهدف اكثر سأجعل مدخلي حدثين رئيسيين شهدتهما الساحة الثقافية منذ فترة وجيزة اولهما مؤتمر العصر القبطي المنعقد في رحاب مكتبة الاسكندرية والآخر مؤتمر المثقفين الذي تبنته وزارة الثقافة بلجان مجلسها الاعلي توطئة لعقد مؤتمر يستشرف مستقبل الثقافة في مصر‏,‏ الذي لايمكن صياغته فيما نري بعيدا عن معتقداتنا الدينية المعتدلة‏.‏
وفيما يتعلق بالحدث الاول وبحكم كوني مؤرخا اجد ان البون جد شاسع بين ان نعقد ملتقي علميا يستعرض دراسات علي خلفية دينية وبين ان نلوي عنق التاريخ باستحداث فترة تاريخية لم يتفق عليها اصطلاحا حتي في الجامعات الاجنبية ذات الاسس الدينية فاذا بالبعض يقتات عليها طرحا لحاجة في نفس يعقوب لم يقضها من اسف‏.‏
من ثم كان الاولي ان يوسم المؤتمر بالدراسات القبطية إذ ان المعروف ان الاعتراف بالمسيحية علي يد قسطنطين بعد سلسلة العذابات والمواجهات مع الامبراطورية الرومانية قد جعلها تاريخيا جزءا من العصر البيزنطي بل وذروة سنام تطور الامبراطورية التاريخي ليس في الشرق القديم فحسب بل عالميا‏,‏ بعدما احدثت المسيحية حالة من الالق الفكري علي يد تلاميذ السيد المسيح عليه السلام احسبها اضافة للفكر الانساني بذلك الزخم من التفسيرات والابداعات التي جاوزت حدود النص الديني اللاهوتي الي كل مناحي الفكر الانساني من لغة وفن وفقه وتاريخ وفلسفة وغيرها لاتزال تقف شاهدا علي قيمة ما صدع به عيسي عليه السلام والذي وصفه النجاشي منذ اربعة عشر قرنا من انه وما جاء به محمد عليه السلام ليخرجان من مشكاة واحدة‏.‏
ومن ثم فان تبني مصطلح لعصر وجعله عنوانا لمؤتمر‏(‏ دولي‏!‏؟‏)‏ سوف يجعلنا بدورنا نتساءل من منطلق علمي بحت في بدايات ونهايات ذلك العصر‏!!,‏ لاسيما ان الامر علميا لابد ان تتحدد معالمه من خلال كيان سياسي او مرحلة تاريخية احادية التوجه الايديولوجي‏.‏ مثلما الحديث عن العصر الإسلامي الذي يمثل اصطلاحه هنا مربط الفرس لدي ارباب التقابل التاريخي اما سعيا للاستثمار الآني بالابتزاز حسبما اشرنا آنفا او سدا لذرائع الاهتزاز‏.‏
ومن ثم فان تكلف المصطلح طرحا قد يحمل اربابه تبعة الاثبات والترسيخ العلمي‏,‏ وهم ليسوا جميعهم بالضرورة اقباطا بل ان المتحمسين من بني عقيدتي اشد تحمسا ومراسا‏!!‏
ولو انهم استدعوا مفردات التاريخ لادركوا ان الدراسات المسيحية بعامة والقبطية في مصر بخاصة ظلت احدي اسس منظومة دراسات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بحكم الارتباط العقيدي بينهما‏.‏
ولو انتحينا بالخصوصية المصرية جانبا لاصبحنا مطالبين عند تبني مفهوم‏(‏ العصر القبطي‏)‏ ان ندخل في الجدل الدائر حيال المضمون وما تأسس عليه لنجد انفسنا شئنا ام ابينا امام ترهات التفسير اللغوي الذي يختزل القبطية لفظا في المصرية شعبا لنجد انفسنا وقد عدنا القهقري لنناقش قضية أحقية المواطنة‏,‏ مثلما لايزال عشاق الهدر الزمني يطالبون بأولوية عودة الخلافة الإسلامية وكذا استعادة الأندلس من دهاليز التاريخ‏.‏
اما الحدث الآخر فإيقاعه في هذا الصدد اخف وطأة إذ بجمعه للخطاب الديني اسلاميا كان ام مسيحيا في سلة واحدة وتحييده رغم كونه عنصرا رئيسيا من عناصر الثقافة المصرية بعامة‏,‏ قد جعل البعض ينحون بالاشارة من طرف خفي الي علمانية اللقاء بعدما عرض بالمعتقدات تحت مسمي القوي الظلامية والتعصب والارهاب‏,‏ مغفلين وسطية التوجه التي تتسم بها الشخصية المصرية والتي جعلت من رجال الدين مسيحيين ومسلمين بل ويهودا عبر التاريخ المصري فضلا عن مفردات الاعتقاد‏,‏ بمثابة القيمة الموجبة المضافة والاسس المستدامة والضابطة لايقعات النزق الثقافي لدي البعض بدعوي حرية الاعتقاد والابداع‏,‏ إذ لم يكن الاعتدال والتدين في مصر تدينا إلا في ظروف تاريخية واجتماعية معينة يعلمها الجميع‏.‏
ومن ثم ما كان ينبغي ان يقع المؤتمرون في ذات الخطأ الابدي الذي يقع فيه المتعصبون وهو الوصاية المجتمعية او العزل الوقائي لفئة بعينها ظنا منهم انها لاتستحق جزءا من خلفية المشهد فما بالكم بالصدارة‏.‏
حتي ان واحدا من سدنة المشهد الثقافي قد طالب بانشاء جبهة انقاذ وطني للثقافة المصرية‏,‏ ليختزل جهودا ايجابية لاكثر من عقدين خليا تحققت فيهما للثقافة المصرية انجازات كان اهمها المواجهة العقلانية للرجعية الثقافية بكامل مفرداتها‏.‏
انني أربأ باخوتي في الله والوطن ان ينساق البعض منهم بحسن ظن او عن قلة فهم علي أسوأ الاحوال وراء دعاوي ظاهرها الرحمة وباطنها غير ذلك لكونها في الأساس حقا اصيلا يمثل قيمة موجبة في اثراء المجتمع وليست منحة من احد‏,‏ بدءا بالتوصية لانشاء مراكز للدراسات القبطية علي غرار الجامعة اللاهوتية وانتهاء باستقطاب عناصر بعينها اشارة للتوازن في حقوق المواطنة وقبول الآخر ومرورا علي الإلحاح الدرامي بالزج احيانا بالشأن القبطي في مفردات العمل الفني مثالا لا حصرا‏.‏ وهي دعاوي يحاول بها المستثمرون الجدد كسب مواقف آنية او مكتسبات شخصية الامر الذي جعلهم يمثلون في رأيي خطرا يزيد في شراسته علي الاستثمار المالي المستغل‏,‏ اذ تحكمه في النهاية ضوابط قانونية ومجتمعية في حين ان الاستثمار في شئون الاعتماد بالشكل الذي نراه قد يأتي علي اخضرنا ويابسنا ان حاد عن الجادة‏.‏ تلك الجادة التي تجعلني اؤكد انني بقدر حبي لديني فانني محب حسبما امرت لمعتقدات الاخرين‏,‏ بيد ان حبي لوطني له خصوصية لكونه يمثل كياني وعمق مشربي‏,‏ فطقوس معتقدي يمكنني ممارستها في اي بقعة علي وجه البسيطة اما هويتي ومصريتي فلن تكون ممارستها والاحساس بها إلا في رحاب هذا الوطن‏,‏ فيا بني وطني‏:‏ لن استصرخكم بالقول أليس منكم رجل رشيد؟ بل سأقول إن برشدكم تنبني الاوطان‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ حسن السعدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.