في الوقت الذي نعاني فيه قلة المخزون السمكي في البحار والبحيرات حتي أصبح نصيب الفرد من الأسماك عدة كيلوجرامات سنويا, تطل علينا جريمة بكل المقاييس, نفق أكثر من مليوني سمكة ببحيرة مريوط بالإسكندرية, وبرغم أنها واضحة المعالم فإنه لم يتحرك ساكن للسادة المسئولين بالجهات المعنية ولم لا وهي مسطح مائي بلا صاحب!! لذلك فهي بحيرة مفتري عليها وتبذل من أجلها محاولات, بل مؤامرات فنية من أجل القضاء عليها, وذلك بإلقاء مئات الأطنان من المواد الكيماوية القاتلة في جوفها يوميا بهدف ردمها ومحوها من خريطة محافظة الإسكندرية لمصلحة من؟ لا ندري!! أن مشهد نفوق عشرات الأطنان من أسماك البلطي والعائلة البورية وطفوها علي سطح مياه البحيرة لهو مشهد مخز ومحزن في آن واحد, ويدعونا إلي طرح تساؤلات عديدة: لماذا بحيرة مريوط بالذات محط أنظار الكثير من المسئولين ورجال الأعمال والمستثمرين؟ لماذا غض البصر عن الجرائم و القائمين عليها داخل بحيرة مريوط؟ لمصلحة من تغيب القوانين الجنائية والبيئية؟ وغيرذلك الكثير من الأسئلة التي لم نجد لها أجوبة علي مر عشرات السنين الماضية. لكن هناك سؤال الآن إجابته معروفة, أما أسبابه غير معروفة, ماذا حدث داخل حوض ال3 آلاف فدان ببحيرة مريوط بالإسكندرية خلال الأسابيع الماضية؟!. نفوق مئات الأطنان الإجابة تضمنها تقرير علمي خطير أعده أساتذة كلية الزراعة ومعهد علوم البحار, وعنه يحدثنا الدكتور عبدالعزيز نور أستاذ تغذية الأسماك بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية فيقول: بعد نفوق أسماك الحوض ال3 آلاف فدان ببحيرة مريوط جاء تكليف الجمعية العربية لحماية وتنمية الثروة المائية بتشكيل لجنة لمتابعة ظاهرة نفوق الأسماك, وبالفعل قامت اللجنة بالانتقال إلي بحيرة مريوط وتحديدا حوض ال3 آلاف فدان, وتلاحظ حدوث ظاهرة نفوق جماعي لأسماك البلطي من جميع الأحجام والأنواع بطول ثلاثة كيلومترات من الجهة الغربيةالشرقية لحوض الثلاثة آلاف فدان في المنطقة المواجهة لشركات البترول, وقدرت اللجنة أعداد الأسماك النافقة بما يفوق مليوني سمكة, أي نحو مئات الأطنان من الأسماك التي تزيد قيمتها مئات الألوف من الجنيهات, وفي الوقت نفسه يمثل ذلك إجمالي مخزون الأسماك بحوض الثلاثة آلاف فدان, وبسؤال الصيادين وأهالي المنطقة اتضح أن هناك شركتي بترول تقومان بغسيل مخلفاتهما بمواد كيماوية تتسبب في إحداث رغاوي بيضاء وتجعل الحوض لونه أبيض وتقتل الأسماك وتدمر البيئة المائية بالكامل. ويستطرد قائلا: لقد وجدنا الأسماك في حالة شديدة التعفن ومتراكمة في طبقات متتالية بطول حافة الحوض, بما يعني أن هذه الظاهرة قد تمت منذ أكثر من أسبوع, وهو أمر محزن ويحتاج إلي تكاتف جهود جميع الجهات لإنقاذ هذه البحيرة من التدمير. صرخات وبلاغات! أما الدكتور محمود رجب التركي أستاذ الإرشاد السمكي بمركز البحوث الزراعية جامعة الإسكندرية ورئيس مجلس إدارة الجمعية العربية لحماية وتنمية الثروة المائية فيقول: لقد تلقت الجمعية عشرات الصرخات من الصيادين ببحيرة مريوط خاصة بالحوض ال3 آلاف فدان البالغ عددها أكثر من سبعة آلاف, وبالانتقال فورا لمعاينة الموقع اتضح بالفعل نفوق كميات هائلة من الأسماك تصل إلي مئات الأطنان, فأسرعت إلي قسم شرطة المسطحات المائية والبيئية, وقمت بتحرير محضر بالواقعة برقم3 أحوال بتاريخ2010/1/3, وقد تم تحويله إلي قسم مينا البصل تحت رقم28 بتاريخ2010/1/5. وعما حدث بالحوض ال3 آلاف فدان ببحيرة مريوط يقول: تم أخذ عينات من مياه الحوض وكذلك الأسماك والتربة حيث أثبتت التحاليل وجود مشتقات بترولية في أجسام الأسماك بتركيزات عالية للغاية, كما أثبتت أيضا وجود نسب عالية من العناصر الثقيلة بمياه الحوض تفوق بكثير ما هو المسموح به مثل الكروميسوم, والزنك, والحديد, والنيكل, والرصاص بمعدلات مخيفة, بل مرعبة, كل هذا أدي إلي نفوق للأسماك. ويشير بقوله: أما المفاجأة الأخري المخزية فهي اكتشافنا وجود ماسورة كبيرة للصرف الصناعي لشركتي بترول داخل مياه الحوض تصرف من خلالها كميات كبيرة جدا من مخلفات هاتين الشركتين محملة بجميع العناصر الثقيلة من مشتقات البترول القاتلة. كارثة بالأسواق والذي عقد الألسنة مشهد غاية في الغرابة فإن هناك كميات كبيرة من الأسماك النافقة المحملة بالعناصر الخطيرة القاتلة تطرح بالأسواق, خاصة في المناطق العشوائية والأسواق الشعبية للاستهلاك, وجزء منها لمصانع الأعلاف لإعادة استخدامه كمسحوق سمك ضمن تركيبة أعلاف الدواجن والأسماك. ويتساءل قائلا: هناك7 ملايين دولار كمنحة لا ترد لتنفيذ مشروع تطوير بحيرة مريوط, أين هذه المنحة؟ ولماذا لم يتم تنفيذ مشروع تطوير البحيرة حتي الآن لماذا لم يتم توفيق أوضاع الشركات والمصانع التي تلقي بمخلفاتها الصناعية دون معالجة وذلك وفقا لقوانين البيئة.