الشكوي دائمة من سوء الخدمة في مستشفيات التأمين الصحي, والمحصلة النهائية هي أن الحكومة غير قادرة علي مواصلة العطاء في هذا المجال. والحل هو أن ترفع الدولة يدها عن هذه الخدمة, وأن تقوم بشرائها من القطاع الخاص, وذلك حسب رؤية الأطباء والمتخصصين. في البداية يقول الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء, إن فكرة شراء الخدمات الصحية افضل بكثير من أن تقوم الدولة بانتاجها وتقديمها, وهي الركيزة الأولي لفكرة قانون التأمين الصحي الجديد الذي يعتمد علي نظرية شراء الخدمات الطبية, حيث سيتم انشاء صندوق كبير توضع فيه كل الأموال الخاصة بالتأمينات الصحية من شركات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والأفراد والهيئات الخاصة, وتتولي لجنة عليا من العلماء والمفكرين والأطباء ومن الدولة الرقابة علي هذا الصندوق, وسوف يقوم هذا الصندوق بالاتفاق مع جميع المستشفيات العامة والخاصة والحكومية في شتي بقاع مصر علي التعاون ببيع هذه الخدمات الطبية للمشتركة في هذا الصندوق ومنهم الدولة, وبعد أن يتم تلقي الطلبات من تلك المستشفيات سوف تقوم اللجنة بمعاينة تلك المستشفيات الحكومية الخاصة وتقويم المستشفي عن طريق معايير أهمها الجودة في تقديم الخبرة والكفاءات الموجودة بها, وثانيها الأسعار ومدي مطابقتها للواقع العلاجي في مصر, وهناك مستشفيات لا تصلح للقيام ببيع تلك الخدمة علي الاطلاق, منها الحكومي ومنها الخاص, وفي هذه الحالة سوف يتم اعطاء فترة سماح للمستشفي لتقنين أوضاعه وتشكيل لجنة مرة أخري للمعاينة, فنحن هنا كدولة نشتري الخدمة فلابد أن نشتري أفضل خدمة طبية. ويضيف: مظلة الرعاية الصحية سوف تمتد الي البسطاء والمحتاجين في شتي بقاع مصر, وفي هذه الحالة سوف تتولي الشئون الاجتماعية دفع قيمة المستحق عليهم كأقساط تأمين صحي. ويقول الدكتور محمد محمود سعد أستاذ القلب بطب القاهرة, من خلال تجربتي التي تمتد بطول35 عاما في مجال تقديم خدمات التأمين الصحي, فإنها لم تكن ناجحة بالشكل المخطط لها, ولكي أقرب الصورة نقارن ما بين أن تذهب الي مستشفي خاص به نظام دقيق, ومواعيد عمل24 ساعة وأسرة نظيفة وطاقم تمريض علي مستوي عال وما بين أن تلقي نفسك في أحضان أحد مستشفيات التأمين الصحي بما فيها من قوائم انتظار طويلة, وتخصصات غير متوافرة, وخدمة لا ترقي الي المستوي اللائق. ففي معظم الدول المتقدمة الدولة تقوم بشراء الخدمات الطبية للمواطنين لتحصل علي مميزات عديدة, منها أن المواطنين سيحصلون علي خدمات أفضل في المجال الصحي, وأن الدولة سوف توفر علي نفسها مئات الملايين من الجنيهات في شراء الأجهزة وصيانة المستشفيات التي لا تنتهي. لكي تعرف الفارق في الخدمة والعائد الجيد من أن تقوم الدولة بشراء خدمات التأمين الصحي لا أن تقدمها, فيجب أن ننظر الي تجربة القطاع الخاص في العملية العلاجية كما يقول محمد محروس أستاذ أمراض النساء والتوليد فالشركة التي تقوم مقام الدولة فرضا تتعاقد مع إحدي شركات التأمين الصحي, والتي بدورها توفر أطباء ومستشفيات علي أعلي مستوي وفي كل التخصصات لتقدم خدمة الرعاية الصحية للموظفين في أي مكان في شتي أنحاء مصر, وفي حالة الاخلال بأي شرط من شروط الرعاية الآدمية تقوم الشركة بسحب الثقة من شركة التأمين لتعطيها لشركات أخري, وهذا أفضل بكثير من أن تقوم الشركة أيا كان حجمها من بيع تلك الخدمة الطبية لموظفيها عن طريق انشاء مستشفي لها, لان ذلك سوف يزيد من تكلفة العملية العلاجية ولن يعطي النتائج المرجوة. أولا أن تؤمن علي البسطاء وعلي الفقراء وعلي العمال الذين يعملون باليومية ولا تكتفي بموظفي الحكومة والقطاع الخاص لأن تكلفة العملية العلاجية خارج تلك المظلة ستكون مرتفعة للغاية, وفيما عدا ذلك فإن العملية العلاجية في مصر ستصل الي مستوي الدول الأوروبية وأمريكا, كما يقول الدكتور مصطفي الشاذلي أستاذ جراحة الجهاز الهضمي بطب القاهرة وعضو الجمعية الأوروبية لجراحة المناظير.