احتفلت أذربيجان أمس بعيد الاستقلال الوطني, وهو اليوم الذي عقدت فيه الجلسة التاريخية للمجلس الأعلي لجمهورية أذربيجان في18 أكتوبر سنة1991. والمعروف أنه التاريخ الذي تم فيه بالاجماع اعتماد القانون الدستوري الخاص باستقلال جمهورية أذربيجان. وقد أعلنت الجمهورية الجديدة باعتبارها الخليفة الشرعي لجمهورية أذربيجان الديمقراطية, والتي دامت لمدة ثلاثة وعشرين شهرا, في الفترة بين28 مايو1918 وحتي28 ابريل1920, وكانت أول جمهورية في الشرق تتمتع ببرلمان ذي تعددية حزبية. وعلي الرغم من المدة القصيرة للغاية لحياة هذه الجمهورية, فإن جمهورية أذربيجان الديمقراطية قد نجحت في ترك علامة لا تنمحي من ذاكرة الشعب الأذربيجاني, وأعطته الأمل بأن الاستقلال يمكن تحقيقه مرة أخري أثناء حياته. وبالفعل تحقق الحلم المنشود ولكن بعد مرور سبعين عاما في18 أكتوبر عام1991. وعقب تجدد الاستقلال عادت أذربيجان إلي المجتمع الدولي علي الفور, وفي الثاني من مارس لعام1992 تم قبول أذربيجان عضوا في الأممالمتحدة, ثم أصبحت عضوا في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في الثامن من يوليو عام1992, وتعد أذربيجان تاريخيا جزءا من العالم العربي والاسلامي وتتقاسم معه ذلك التراث التقدمي والقيم الروحية للحضارة الإسلامية, لذلك فإن أذربيجان تعلق أهمية خاصة علي بناء الروابط الأوثق مع دول العالم العربي والإسلامي, ومن ضمنها مصر التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان في السادس والعشرين من ديسمبر سنة1991. وعلي أية حال, فإن المشاكل الداخلية والخارجية التي تسببت في انهيار الجمهورية الأولي في عام1920 هي ذاتها التي سهلت احتلال القوات السوفيتية لأذربيجان, وهي نفس الأسباب التي اعترضت طريق الجمهورية الجديدة, وانتهزت أرمينيا فرصة عدم الاستقرار السياسي الناجم عن انهيار الاتحاد السوفيتي, فقامت بشن عدوان عسكري شامل علي أذربيجان, وذلك بمساعدات عسكرية خارجية, ونتيجة للعدوان الأرميني, فقد تم احتلال20% من الأراضي الأذربيجانية, وتحول مليون مواطن أذربيجاني إلي لاجئين ونازحين ومشردين. ان العدوان الأرميني والصعوبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتأصلة في الأيام الأولي لاستقلال اذربيجان, أظهرت أن مسألة تقويم وتدعيم الدولة وتأمين الأمن والاستقرار فيها والتنمية المستدامة, لا تقل أهمية ولا صعوبة عن نيل الاستقلال والحفاظ عليه. وقادت الرؤية الحكيمة لحيدر علييف أذربيجان إلي الخروج من حالة التخبط وتخطي المصاعب التي عانت منها البلاد منذ بداية التسعينيات, والانطلاق نحو مستقبل مزدهر. لقد لعبت استراتيجية الطاقة التي تم تطويرها وتطبيقها تحت زعامة القائد والزعيم القومي حيدر علييف دورا حيويا في الازدهار والتقدم الوطني, وذلك منذ سبتمبر عام1994. واستنادا إلي رؤية وتوصية الزعيم حيدر علييف, فقد أصبحت أذربيجان اليوم تحت قيادة إلهام علييف, تجسد أحد أسرع الاقتصادات المتطورة في العالم, ومع ظهور شبكات أنابيب البترول والغاز المتنوعة خاصة شبكة أنابيب تصدير البترول الرئيسية: باكو تبليسي جيهان, وشبكة أنابيب تصدير الغاز: باكو تبليسي ارزروم, فإن أذربيجان تلعب دورا حيويا في ممر الطاقة الواصل بين الشرق والغرب, كما أنها تلعب دورا مهما أيضا في تأمين الطاقة لأوروبا. وبرغم حلول عام2009, الذي سجل في كتب التاريخ علي أنه عام الأزمة الاقتصادية العالمية, فإن اقتصاد أذربيجان قد واصل النمو بمعدل10% كما ذكر الرئيس إلهام علييف. ونتيجة للإصلاحات الاقتصادية الثابتة والاجراءات المعتمدة من أجل توفير المزيد من التطور في مناخ قطاع الأعمال, فقد صنف البنك الدولي أذربيجان علي أنها( الدولة الأعلي في الإصلاح الاقتصادي), وذلك في التقرير الصادر لممارسة أنشطة الأعمال( البيزنس) لعام2009, وفي التقييم الدولي لتسهيل ممارسة الأعمال( البيزنس) تقدمت أذربيجان من المركز السابع والتسعين إلي المركز الثالث والثلاثين. ولأن أذربيجان يتم تحويلها إلي دولة من دول العبور( ترانزيت), لذلك يجري استكمال البنية التحتية للنقل وهياكله الحديثة فيها, حتي تواصل أذربيجان القيام بدورها المحوري والمركزي لربط ممرات الشرق بالغرب وممرات الشمال بالجنوب. وفي مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات, تقدمت أذربيجان بشكل ملحوظ في تنمية وتطوير وسائل الإتصال الحديثة, واتباع الهدف الاستراتيجي, وهو إثراء وتعزيز وضع أذربيجان باعتبارها محورا إقليميا لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. ولأن أذربيجان دولة معنية بالأمن والاستقرار, فهي تمنح التبرعات لمساعدة الدول المحتاجة, لذا, فهي اليوم تعتبر إحدي الدول المشاركة في عمليات دعم السلام الدولي, وهي تشارك بفاعلية في جهود المساعدات الإنسانية. في أوائل التسعينيات كان هناك عدد قليل جدا من الناس يعتقدون بأن أذربيجان قادرة علي البقاء والنمو كدولة ذات سيادة, وذلك بسبب العدوان الأرميني وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي, إلا أن أذربيجان تمكنت من التغلب علي كل تلك الصعاب, وسطرت قصة نجاحها, وتغلبت علي الشك والمتشككين باليقين.