وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    وزير الخارجية خلال جولة مع رئيس الوزراء الفلسطيني في معبر رفح: لا لمخططات التهجير    أوتشا: نحو 86% من مساحة غزة تخضع لأوامر إخلاء أو مناطق عسكرية    نطور في المطور بمناهجنا    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    زيلينسكي: سيتم البت في مسألة الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    لو فعلها ترامب!!    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    السوبر السعودي: خورخي خيسوس «عقدة» الاتحاد في الإقصائيات    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    ما صحة إدعاءات دولة إسرائيل «من النيل إلى الفرات» في التوراة؟ (أستاذ تاريخ يوضح)    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ديون بابا للضرائب ونجم شهير صدمنا برده عندما لجأنا إليه (فيديو)    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    قد يسبب تسارع ضربات القلب.. 6 فئات ممنوعة من تناول الشاي الأخضر    إنزال الكابل البحري «كورال بريدج» في العقبة بعد نجاح إنزاله في طابا    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    أحدث صيحات موضة الأظافر لعام 2025    60.8 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    رئيس وزراء السودان يوجه نداء إلى الأمم المتحدة بشأن مدينة الفاشر ويطالبها بالتدخل فورا    رئيس نادي طنطا يؤكد حرص النادي على تنظيم حضور الجماهير ويثمن دور الجهات المختصة    تأكيدًا لمصراوي.. نقل موظفين بحي الهرم في الجيزة على خلفية مخالفات بناء    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    "رشاقة وفورمة الساحل".. 25 صورة لنجوم ونجمات الفن بعد خسارة الوزن    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    العمراوى حكما لمباراة سيراميكا وإنبى.. وعبد الرازق للجونة والمحلة فى الدورى    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا وقت الامتنان لا الكلام‏..‏ نار الثانوية ولا جنة الجامعة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2010

انتهي الدور الأول لكأس الأمم الأفريقية أنجولا‏2010‏ والمنتخب المصري فيه الأفضل نتائج وترتيبا وأرقاما لم يحققها غيره‏,‏ مؤكدا جدارته بحمل اللقب ثلاث مرات متوالية‏,‏ ومشيرا إلي قدرته في الحفاظ علي اللقب لسنتين مقبلتين‏...‏ التفاصيل كثيرة والأفضل توفير أكبر قدر من التركيز للمنتخب وجهازه الفني ليتفرغوا لمباراة الاثنين المطلوب اجتيازها بإذن الله في الطريق إلي قبل النهائي‏...‏
كل التحية والتقدير والاحترام لمنتخب مصر وجهازه بقيادة الكابتن حسن شحاتة‏.‏
‏.......................................................‏
‏**‏ يبدو أن الالتزام أصبح جريمة يتم العقاب عليها وتهمة يصعب النجاة منها‏!.‏ لماذا؟
لأن الإنسان الملتزم‏..‏ هو من ينفذ ما يقوله ويقول ما سوف ينفذه‏...‏
هو من يحقق بالعمل لا الكلام ما وعد به‏...‏
هو من لا يخلف موعدا ولا ينقض كلمة ولا ينكر حقا ولا يطمع في أمانة ولا يكذب في قول ولا يخون أمانة‏...‏
هو في عمله يحضر قبل موعده ويغادر بعد انتهاء واجبه‏...‏ هو من يتقن عمله ولا يتعالي عليه وينفذ ما هو مطلوب منه‏.‏
هو من يسعي لإرضاء خالقه وينفذ تعليمات دينه لأنه ملتزم‏..‏ مسلما كان أو مسيحيا أو من أي دين كان‏...‏
أما غير الملتزم فهو فيما يبدو المطلوب لأجل الفوضي الخلاقة لأنه من يتكلم ولا ينفذ‏...‏
هو من لا يحترم عهدا ووعدا وموعدا‏...‏
هو من يفصل بين الدين والحياة وإن كان يصلي إلي ربه فإن صلاته في مسجد أو كنيسة لا تمنعه عن كذب أو تردعه عن سرقة ورشوة وخيانة‏...‏
الالتزام وعدم الالتزام سلوك بشري قائم من بدء الخليقة وحتي يوم الدين تصنعه الأسرة والمجتمع والتربية ويمكن للدين أن يحميه وغير مرتبط بزمن ومكان أو دين‏!.‏
‏.......................................................‏
‏**‏ قطاع البطولة في الرياضة يعيش حاليا مرحلة الخطر نتيجة تناقص أعداد الشباب من الجنسين المقيدين في الاتحادات الرياضية المصرية‏..‏ واتحاد اللعبة الشعبية الأولي في مصر وأقصد اتحاد كرة القدم المسجل فيه‏26‏ ألف لاعب ولاعبة من أصل‏16‏ مليون شاب موجودين في المرحلة السنية من‏10‏ وحتي‏30‏ سنة وعندما يكون عندنا‏16‏ مليون شاب والمقيدون في نشاط الاتحاد فقط‏26‏ ألفا فهذا خطر‏..‏ والأخطر أن الذين يمارسون رياضة البطولة في كل اللعبات أقل من‏200‏ ألف بينما تعداد من هم في سن البطولة‏32‏ مليون شاب وفتاة‏!.‏
بالتأكيد عدم وجود أرض يلعب عليها أطفالنا الرياضة هو الجزء الأكبر من المشكلة وعندنا ملايين الأطفال مرت عليهم مرحلة الطفولة والشباب ولم يمارسوا أي نشاط رياضي نتيجة عدم وجود أرض للرياضة والمؤكد أن بين الملايين التي لم تحظ بفرصة ممارسة أي نشاط رياضي‏..‏ بينهم مئات المواهب الرياضية ضاعت علينا لأنها لم تعرف أنها موهوبة ونحن لم نتعرف علي موهبتها لأنها أصلا لم تمارس الرياضة نتيجة عدم وجود أرض من الأصل للرياضة‏!.‏
طيب‏..‏ هل من وجدوا أرضا ومارسوا الرياضة اكتشفنا موهبتهم‏..‏ هل وجدوا الرعاية التي تؤهل موهبتهم وتصقلها وتتيح لهم فرص المنافسة العادلة المتكافئة مع أقرانهم في الدول الأخري المتقدمة رياضيا؟
السؤال بمعني أوضح‏:‏ هل الموهبة التي نكتشفها هنا نزيح من أمامها العقبات والمشكلات لأجل أن تتقدم رياضيا أم نتركها فريسة للوائح وأنظمة متضاربة كافية لأن تقضي علي موهبتها؟
للأسف نحن وضعنا عناوين عريضة جميلة براقة لكل المشكلات التي تواجه الأبطال الطلبة أو الطلبة الأبطال‏..‏ عناوين فيها حلول وردية لكل المشكلات وعندما نهم بالتنفيذ نكتشف أن التفاصيل لا علاقة لها بالعناوين وأن القيود الموجودة فيها كافية لابتلاع كل المواهب‏!.‏
مثلا‏..‏ مثلا‏..‏ الأبطال الذين نفدوا بجلدهم من محرقة الثانوية العامة التي كانت سنة وتفوت بأي طريقة والرياضة تتحملها بابتعاد الأبطال عن اللعب والبطولات خلالها لكنها أصبحت سنتين والبطل إن ابتعد سنتين عن الرياضة أفضل له أن يظل بعيدا ويتفرغ للدراسة لأنه لن يكمل في الرياضة والكلام طبعا عن قطاع البطولة‏..‏ والأمثلة لا حصر لها عن المواهب التي قضت عليها الثانوية العامة في نظام السنتين‏..‏ ضاعت مواهب كثيرة في الثانوية العامة ونفدت منها أعداد قليلة‏..‏ فماذا يحدث لها؟‏.‏
البطل الذي نفد بجلده من الثانوية العامة ودخل الجامعة‏..‏ سوف يكتشف أن نار الثانوية العامة ولا جنة الجامعة‏!.‏
أحمد عدلي بطل الشطرنج المصري الذي دخل بالشطرنج المصري إلي آفاق العالمية بموهبة وعبقرية حقيقية أذهلت العالم كله لكنها لم تشفع له عند كلية التجارة جامعة القاهرة وبعد أربع سنوات قضاها بها اكتشف أنه مازال طالبا في سنة أولي تجارة لأن المنافسات والبطولات ومعسكرات الاحتكاك كلها أو أغلبها في موسم الدراسة والامتحانات وكلما تقدم بطلب للسفر في موعد امتحان‏..‏ للحق هم يوافقون‏..‏ لكن علي ماذا؟‏.‏
علي أن يعتبر ساقطا راسبا ويمتحن المادة في السنة المقبلة والخدمة أنهم يعتبرونها سنة رسوب ولايحاسبونه عليها‏!.‏
البطل في كل مكان بالدنيا‏..‏ إن تعارض الامتحان مع البطولة في الموعد يؤجل الامتحان ويؤديه الطالب في الصيف الذي هو إجازة من الدراسة وأيضا من الرياضة‏!.‏
أحمد عدلي حضر لي ذات يوم وهذا الكلام من سنة ونصف تقريبا وهموم الدنيا كلها فوق رأسه بعدما قرر الابتعاد عن الشطرنج وعن البطولات وعن المسافة الطويلة التي قطعها في البطولة‏..‏ قرر الابتعاد لأجل أن يعود للدراسة ولأجل أن يكون رقما ضمن بضعة الآلاف الموجودين في الكلية وأن يمتحن معهم في نفس موعد الامتحانات إلي أن يحصل علي الشهادة ويرضي أسرته وعائلته والمجتمع وليس مهما ماذا سيفعل بهذه الشهادة أو ماذا ستفعل له هذه الشهادة؟‏.‏
استمعت له وقلت له‏:‏ أعتقد أن مشكلتك لها حل وبالإمكان التوفيق ما بين التعليم والشطرنج والبطولة‏!.‏
اتصلت بالدكتور محمد فرغلي مدير الأكاديمية العربية البحرية بالإسكندرية وشرحت له الموقف ووجدت ترحيبا بانتقال البطل أحمد علي إلي الأكاديمية التي لها فرعان بالقاهرة تضم تخصصات عديدة‏..‏
وانضم البطل إلي الأكاديمية البحرية التي أظنها تحل‏95‏ في المائة من مشكلات أبطال مصر وبطلاتها‏..‏ لأنها تطبق ما تطبقه كل جامعات العالم‏..‏ وتؤجل امتحانات البطل إن تعارضت مواعيدها مع البطولات ليجتازها في الفترة التي ليس بها بطولات والأكثر من هذا أنها توفر لأبطالها الطلبة في كل الأقسام المختلفة معيدين وأساتذة يقومون بتدريس كل ما فاتهم أثناء البطولات‏..‏
المشكلة انتهت عند الأبطال الذين التحقوا بالأكاديمية البحرية‏..‏ لكنها باقية وقائمة وموجودة تؤرق كل الأبطال الموجودين في جامعات مصر وخاصة الكليات التي ليس لها نظير في الأكاديمية البحرية مثل تجارة وحقوق إنجليزي‏.‏
الطالب في هذه الكليات المتخصصة يدفع رسوما مختلفة مقابل الدراسة المتفردة المتخصصة وهذا منطقي‏..‏
لكن ما ذنب طالب بإحدي هذه الكليات وكل ذنبه أنه بطل وعضو في منتخب مصري عليه واجبات تجاه وطن وبطولاته موعدها يتعارض مع امتحاناته وعندما يريد التوفيق ما بين التزامين كلاهما مهم يكتشف أنه مطلوب منه أن يمتحن الامتحان الذي تخلف عنه بسبب مهمة للوطن‏..‏ يمتحنه في السنة المقبلة أي تعطل سنة وعليه أن يدفع مرة أخري مصاريف هذه السنة‏..‏
هناك أوقات تكون الرحمة فيها فوق القانون ويقيني أن المهمة الرياضية التي تهم وطنا والمنتخبات الوطنية التي ترفع اسم وطن‏..‏ أظنها تشفع لأن تؤجل امتحانات البطل الطالب للصيف وليس لسنة كاملة تضيع عليه ويدفع مصاريفها مقدما‏..‏ ولله الأمر من قبل ومن بعد‏..‏ والقضية مفتوحة للنقاش‏!.‏
‏.......................................................‏
‏**‏ وجدت نفسي الأسبوع الماضي مشتاقا لأيام رائعة عظيمة عشناها‏..‏ وهي عظيمة ورائعة وجميلة رغم الموت الذي يطل برأسه علينا في كل لحظة منها‏..‏ عظيمة ورائعة بالرجولة والشهامة والشجاعة والفداء والانتماء التي عليها شباب ورجال من أبناء الوطن آمنوا بربهم وحملوا أرواحهم علي أيديهم حبا وعشقا وفداء لتراب الوطن‏...‏
تكلمت عن عملية فدائية علي نقطة قوية في خط بارليف بل أقوي نقطة قوية فيه وهي لسان بورتوفيق وقوتها تكمن في موقعها الذي يجعل الهجوم عليها مستحيلا لأنها لسان أرض محاطة بالمياه من ثلاث جهات ولأنها النقطة الأقوي فكان مطلوبا احتلالها وتدميرها‏..‏ وما إن ظهرت في الأفق ملامح مهمة فدائية ضد العدو إلا وكل مقاتلي الصاعقة الموجودين في المنطقة يريدون الاشتراك فيها‏..‏ وهذا ما توقفت عنده في الأسبوع الماضي‏...‏
المقدم أركان حرب صالح فضل قائد مجموعة الصاعقة تسلم المهمة من قائد الجيش الثالث الفريق عبدالقادر حسن ومساعده اللواء عبدالمنعم واصل‏..‏ وما إن تسلم قائد مجموعة الصاعقة المهمة حتي بدأ عملية الاستطلاع لأجل تذليل جميع العقبات المنتظر مواجهتها‏..‏
شدة التيار في تلك المنطقة بمدخل القناة مشكلة ولابد من معرفة الوقت الميت لشدة اتجاه التيار‏..‏ أي الوقت الذي تتلاشي فيه الشدة مع الاتجاه‏..‏ وبالاستطلاع والملاحظة والاستشارة تم تحديد ومعرفة الوقت الأنسب وبالاستطلاع والملاحظة والدراسة تم التعرف علي وقت أقصي مد وفيه تكون المياه في أعلي منسوب لها وقت العملية وبعد الانتهاء من عمليات الاستطلاع تم وضع خطة اقتحام القناة لأجل تدمير نقطة قوية وإحداث أكبر خسائر ممكنة بها والعودة بأسير منها‏..‏
منطقة الهجوم تحتل مواجهة مع العدو قدرها‏200‏ متر تقريبا‏..‏وعرض القناة فيها في حدود ال‏220‏ مترا‏..‏ ولأجل تشتيت فكر الصهاينة عن معرفة المجهود الرئيسي للقوة المصرية المهاجمة تقرر تنفيذ الهجوم بعدد من القوارب‏..‏ كل قارب يحمل جماعة صاعقة معها اكتفاؤها الذاتي من السلاح والذخائر والمعدات وفقا لتخصصها وكل مجموعة معها‏(‏ بنجالور‏)‏ وهو عبارة عن ماسورة مليئة بالمتفجرات وتستخدم بطريقة معينة في فتح الثغرات بحقول الألغام وسوف تستخدم لفتح ثغرات في الساتر الترابي المليء بالألغام‏.‏
الخطة بعد الانتهاء من وضعها تم عرضها علي قائد الجيش وبعد مناقشتها تمت الموافقة وبها دخلت العملية قيد التنفيذ والمتبقي مسألة وقت لاختيار وتدريب المجموعة التي ستنفذ المهمة والحقيقة أن المشكلة لم تكن في وقت التدريب أو استيعاب الخطة أو القدرة علي تدمير هذه النقطة القوية‏..‏ المشكلة كانت تختار من وتترك من وأنت أمام مقاتلين في ثلاث كتائب صاعقة كل واحد منهم يري أنه الأحق في الذهاب إلي مهمة الموت المنتظرة‏..‏
الرجال‏..‏ رجال الصاعقة في الكتائب الثلاث‏43‏ و‏33‏ و‏53..‏ كل مقاتل في كل كتيبة ينتظر لحظة مثل هذه لأجل الثأر‏..‏ لأجل شرف وعزة وكرامة‏..‏ لأجل أن يعرف هذا العدو مرة الحقيقة‏..‏ حقيقة المقاتل المصري وهذه فرصة عمر تحمل معها المجد لمن ينال شرف المشاركة في عملية مثل هذه‏..‏
استقر الرأي وصدر القرار والشرف والمجد والعزة راحوا إلي صاحب النصيب‏..‏ ذهبوا إلي الكتيبة‏43‏ صاعقة التي سيتم اختيار أربع فصائل منها للقيام بعملية لسان بورتوفيق‏..‏
التنافس رهيب بين ضباط الكتيبة لأجل نيل هذا الشرف وبالفعل تم التكليف والفصائل الأربع انتقلت إلي منطقة المسخرة بصحراء حلوان وفيها تم بناء موقع هيكلي مطابق لموقع لسان بورتوفيق فيما عدا القناة ووقتها عرفت القوة أن الهدف هو نقطة لسان بورتوفيق‏..‏
بعد شهر تدريب لهذه القوة المنعزلة تماما عن الدنيا‏..‏ عادت الفصائل الأربع إلي موقعها علي الجبهة‏..‏ ومن بين مجموعة الضباط الذين تم اختيارهم للمهمة‏..‏ ملازم أول اسمه معتز الشرقاوي وبالتأكيد أنه فخور باختياره والمؤكد أنه لم يكن يعلم أن القدر اختاره واختيارات القدر بالغة الدقة ولا مجال للحظوظ فيها‏!.‏ تم تكليف الضابط الشاب معتز الشرقاوي بمهمة العودة بأسير أيا كانت الظروف والمهمة إلي جانب مهامه الأخري في التعامل مع ما هو موجود داخل هذه النقطة القوية‏!.‏
الضباط المكلفون بالعملية ذهبوا إلي الكتيبة‏90‏ مظلات المتمركزة ببورتوفيق في مواجهة النقطة القوية ويتذكر الملازم أول معتز الشرقاوي هذه الزيارة ويومها استقبلهم الملازم أول سليمان الحضري الذي قام بتحديد كل نقطة نيران النقطة القوية علي الطبيعة للضباط لأجل أن يضعوها في حساباتهم خلال عملية الهجوم ويحكي الملازم أول معتز الشرقاوي أن استطلاع النقطة القوية من الكتيبة‏90‏ مظلات والملاحظات والمعلومات التي شرحها الملازم أول سليمان الحضري‏..‏ طبعت في عقله صورة معينة لهذه النقطة القوية وكيف أن هذه الصورة هي نفسها التي وجدها علي الطبيعة‏..‏
كل مجموعة في قارب مرتبطة تماما ببعضها خلال فترة التدريب وبعد التدريب في النوم والأكل والمعيشة وكل مقاتل يعرف تماما إلي جانب مهمته مهمة الموجود أمامه والموجود خلفه لأجل ألا تتوقف مهمة نتيجة إصابة صاحبها‏..‏
وحرصت مجموعة الصاعقة علي أن تتم بعض هذه التدريبات في ميناء الأدبية علي مرأي ومسمع من الصهاينة الذين رفعوا درجة الاستعداد في أكثر من مرة بعد كل تدريب وعندما وجدوا أن المسألة تدريب لم يضعوا الأمر في الحسبان وهذا ما كانت القيادة تريده بالضبط‏!.‏ المهمة باختصار‏..‏ اقتحام‏..‏ ضرب‏..‏ عودة‏.‏
القوة‏14‏ مجموعة في‏14‏ قاربا والمطلوب دخول هذه القوة بالقوارب مدينة بورتوفيق دون لفت للأنظار وبعيدا عن عيون البوليس الدولي وعن كاميرات الأقمار الصناعية‏..‏
وجاء يوم‏9‏ يوليو‏1969..‏ يوم أجرأ عملية تأديب للعدو في هذه الفترة والمطلوب دخول المقاتلين بمعداتهم وقواربهم وأسلحتهم إلي بورتوفيق بعيدا عن العيون وحدث‏..‏ والقوة دخلت مكان الانطلاق واختبأت في بدرومات العمارات المميزة لهذه المنطقة إلي أن تجيء ساعة الصفر المحدد لها قبل آخر ضوء بنصف ساعة‏..‏
وكل عملية لها خطة خداع والمدفعية المصرية نفذت خطة خداع هذه العملية بعمليات قصف مدفعي بدأت يوم‏3‏ يوليو‏1969‏ والخداع أن تقوم المدفعية يوميا بالضرب لمدة ساعة من الرابعة وحتي الخامسة‏!.‏ بدأ الخداع يوم‏3‏ يوليو وما إن بدأ الضرب حتي لجأ العدو إلي المخابئ مع رفع درجة الاستعداد لوحداته داخل سيناء انتظارا لصد هجوم متوقع للمصريين وينتهي ضرب المدفعية في الخامسة ولا هجوم بعده ولا يحزنون‏..‏ ويتكرر ضرب المدفعية يوم‏4‏ يوليو ولا شيء بعدها ويوم‏5‏ يوليو ولا هجوم مصري ويوم‏6‏ يوليو ولا شيء وابتلع العدو الطعم خاصة أن الضرب تكرر يوم‏7‏ يوليو ويوم‏8‏ يوليو ولا هجوم مصري بعد المدفعية وابتلع العدو الطعم ويوم‏9‏ يوليو الأمر مختلف‏!.‏
في اليوم السابع لضرب المدفعية أي يوم‏9‏ يوليو يكون المد في أعلي نقاطه الساعة الخامسة مساء ولهذا بدأت المدفعية الضرب في الرابعة ظهرا ونزل الصهاينة إلي الخنادق وفي الخامسة إلا الربع بدأ نفخ القوارب وفي الخامسة إلا خمس دقائق نزلت القوارب إلي مياه القناة وكل قارب تم تزويده بموتور وال‏14‏ قاربا عليها‏140‏ مقاتلا بقيادة النقيب سيد إسماعيل إمبابي‏..‏ وتم تشغيل الموتورات في لحظة واحدة وانطلقت تجاه البر الشرقي للقناة‏..‏ وصلت القوارب للشرق في دقيقتين والمدفعية المصرية مازالت تضرب النقطة القوية وما بعدها في سيناء‏..‏
وما إن صعد الرجال من المياه إلي الرمال حتي توقفت المدفعية وفي لحظات صعدت دبابة للعدو إلي مصطبتها وأصابت شظاياها أحد القوارب ولم تستوقف الإصابات أحدا‏.‏
المقاتلون المصريون في سباق مع الزمن لاختراق الساتر الترابي والوصول إلي النقطة القوية قبل أن يصل جنود العدو إلي مدافعهم ورشاشاتهم في نقاط نيران النقطة القوية ولو وصلوها فسيلحقون خسائر هائلة في القوة المهاجمة‏!.‏
الملازم أول معتز الشرقاوي يقود فصيلة يسار القوة المهاجمة وكل فصيلة مهمتها الأولي فتح ثغرة في حقل الألغام وفصيلته في مواجهة ملجأ للعدو به قرابة ال‏30‏ فردا من العدو وفتحت فصيلته ثغرة في حقل ألغام الساتر الترابي واندفعت منها إلي عمق النقطة القوية‏..‏ وهو علي الساتر الترابي شاهد دبابة باتون‏M60‏ وتم ضربها بإصابة مباشرة من قذيفة‏RBJ‏ وانفجرت ولم يخرج أحد من الدبابة‏..‏وبعد نزوله من الساتر الترابي إلي عمق النقطة القوية لمحوا دبابة قادمة من جهة اليسار وتم ضربها بقذيفة‏RBJ‏ وخرج من الدبابة أول صهيوني وانضرب والثاني تقدم نحوه الملازم أول معتز الشرقاوي وقام بشل حركته وحمله علي كتفه بأسلوب تم التدريب عليه وصعد به الساتر الترابي وهبط في الجهة المطلة علي القناة وقام بتسليم الأسير إلي فرد المهندسين الموجود في القارب وطلب منه ربطه والتحفظ عليه لحين الانتهاء من العملية‏..‏فصيلة القطع بقيادة م‏.‏أ محمد عبدالحميد عبد ربه موجودة يسار القوة المهاجمة في اتجاه الشمال للتعامل مع أي تدخل بري لإنقاذ النقطة القوية وإلي جوارها فصيلة يقودها الملازم أول حامد إبراهيم جلفون وإلي يمينها فصيلة الملازم أول إبراهيم رءوف أبو سعدة وفي أقصي الجنوب جماعة صاعقة منفصلة مهمتها عزل وتدمير دشمة رشاش نصف بوصة يقودها المساعد حسني سلامة والرجل أسطورة شجاعة ووسط قوة الهجوم قائد المهمة النقيب سيد إمبابي ومعه ضابط المدفعية الملازم أول محمود سليمان‏.‏
القارب الذي ضربته الدبابة في بداية الهجوم لم تكن إصابته مباشرة والشظايا هي التي ثقبت القارب وهي التي أصابت خمسة مقاتلين بجروح والمشكلة أنهم لم يشعروا بحجم الإصابة ولا بالدم الذي ينزف والشهيد الوحيد في هذه العملية هو الرقيب مجند عبدالحليم جاءه الموت بسبب النزف وهو لا يعرف والمصابون الأربعة تم إنقاذهم بعدما أوقفوا نزفهم‏!.‏
بعد‏40‏ دقيقة من بداية العملية النقطة الأقوي في خط برليف سقطت ورجال الصاعقة يركبونها ويدمرون كل أسلحتها وذخائرها وأعطوا قائدهم تمام تنفيذ المهمة‏...‏
القوة المصرية تجوب النقطة القوية أو أقوي نقاط خط بارليف القوية تمشيطا لكل سنتيمتر فيها ولم تتركها إلا تنفيذا لأمر التحرك والرجوع إلي غرب القناة بعدما تم تنفيذ المهمة بنجاح والنقطة القوية انهارت بعد تدمير ملاجئها وضرب أربع دبابات وقتل وإصابة‏43‏ صهيونيا وفقا لما أعلنته قيادة العدو فيما بعد‏..‏
عملية التأديب المصرية لنقطة صهيونية قوية استمرت‏45‏ دقيقة وحصلنا بعدها علي أسيرين وفقدنا شهيدا وجرح منا أربعة‏..‏
بعد هذه العملية عرف الصهاينة يقينا أن المقاتل المصري ليس له حل وأي حل يمكن أن يكون مع مقاتلين لا يخافون الموت‏!.‏
فعلا‏..‏ إنهم خير أجناد الأرض‏!.‏
تحية إلي جيش مصر العربي في الأمس وفي اليوم وفي كل يوم‏...‏
يا حبيبتي يا مصر‏..‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية

[email protected]
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.