من بين جميع شعوب أهل الأرض, ينفرد المصريون بأغرب لقب يمكن أن يطلقه زوج علي زوجته وهو' الحكومة' وقد يعتقد البعض أن الأمر مجرد مداعبة ذكورية عابرة يتبادلها الأزواج همسا. في الأماكن المحصنة الآمنة أو نكتة بايخة وقديمة والحقيقة أن هناك أسبابا عميقة تكمن وراء هذا' الانفراد' العالمي.. وشواهد واقعية تؤكد أن التطابق بين' المدام' و' السلطة' حقيقة مصرية لا مفر منها... يحترف الطرفان لغة التشهير والمعايرة..' الحكومة تعاير الشعب بما أنفقته علي البنية التحتية من صرف صحي وطرق وكباري والزوجة تعاير الزوج بما تشتريه من قمصان نوم ساخنة ولا يستفاد منها'. الطرفان لا يستطيع الزوج تغييرهما مهما تسببا في كوارث..' غرق العبارات وتصادم القطارات والانهيارات الصخرية فوق رؤوس الفقراء فضلا عن شياط حلة الرز ونقص الملح في طبق الشوربة'. يبرع الطرفان في إبراء ذمتهما من أي مسئولية تجاه الأوضاع المتدهورة وينحيان باللأئمة علي الطرف المغلوب علي أمره..' تقول الحكومة أن الشعب هو المسئول عن الفقر وانهيار الخدمات الأساسية بسبب المعدل العالي للإنجاب وما يترتب عليه من كثافة سكانية تلتهم جهود التنمية وتقول الزوجة ان البيه زوجها لو كان شاطر زي أصحابه وسافر الخليج أو ارتشي مكنتش عملت خدها مداس للي يسوي واللي مايسواش'. المعدن الأصيل يظهر وقت الشدة وهذه خصلة يفتقدها الزوج في الطرفين..' الحكومة تركت ضحايا الزلازل والسيول بلا مأوي في الشوارع, أما الزوجة فتصرخ في وجه زوجها وقد فشل في أداء واجب الزوجية: شوف لك حل.. أنا خلاص موش قادرة استحمل العذاب ده.. الموضوع طول وأعصابي تعبت! يبذل الطرفان الزوجة والحكومة جهودا دؤوبة ومثمرة ولا يرتاحان إلا إذا أصبح الزوج علي الحديدة ونحن لا نزال في العشر الأوائل من الشهر..' الدروس الخصوصية الإضافية في حالة الطرف الأول والضرائب والرسوم في حالة الطرف الثاني'. لا يتوقع الزوج من الاثنين سوي الأخبار السيئة دوما..' ما إن يطالع الجريدة صباحا أو يعود إلي المنزل في نهاية اليوم'. يستخدم الطرفان براعتهما في اللغة للتحايل علي الواقع السيئ..' الحكومة تقول: تحريك الأسعار بدلا من زيادة الأسعار والزوجة تقول: عملت لك أكلة نواشف عشان نكسر الروتين بدلا من أن تقول: ملقتش وقت أطبخ'. يرفع الزوج شعار..' إن كان لك حاجة عند الكلب قول له ياسيد' في تعامله مع كلا الطرفين. يتلقي الزوج قدرا هائلا من الذل والإهانة من الطرفين لكنه ذ ذ..' لا ينشأوا لأب مطلق إذا أغضب زوجته, أو يتامي إذا أغضب الحكومة'.