قطاع التعليم: 37 ألف طالب سجلوا رغباتهم وموقع التنسيق يعمل 24 ساعة    اتحاد الغرف التجارية: الأوكازيون يبدأ 4 أغسطس ويشمل كافة القطاعات    أمين الجبهة الوطنية: الرئيس السيسى يبذل كل ما يملك فى سبيل الدفاع عن قضية فلسطين    سيناتور أمريكي: ترامب يريد فرض رسوم جمركية على دول تشتري النفط والغاز من روسيا    تشكيل النصر - جواو فيليكس يظهر لأول مرة.. ورونالدو أساسي أمام تولوز وديا    فيديو ترويجي ل"محمد إسماعيل" مدفاع الزمالك الجديد    مران الزمالك - مشاركة بنتايك.. وتنفيذ أفكار خططية في ودية المحلة    وزارة الداخلية تضبط المتهمين بالتشاجر بالقليوبية بأعيرة نارية.. فيديو    وزارة التربية والتعليم تعلق على إدعاء طالب يتهم تغيير إجابته بالثانوية    خالد الجندى فى "لعلهم يفقهون": لا تخوفوا الناس من الدين    وزارة الصحة تنفى زيادة مساهمة المريض فى تكلفة الأدوية: مجرد شائعات    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    "أنا الذي".. طرح ثالث أغاني الكينج محمد منير مع "روتانا" على "يوتيوب" (فيديو)    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    رغم انتهاء المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين دون إعلان تقدم.. مؤشرات متفائلة لصندوق النقد    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    قائد الجيش اللبناني: لن نتهاون في إحباط أي محاولة تمس الأمن أو تجر الوطن إلى الفتنة    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيول والأمطار منحة‏..‏ أم محنة‏؟‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2010

الذين تجولوا في أراضي سيناء وأسوان والبحر الأحمر وغيرها من المحافظات الجنوبية والشرقية خاصة المناطق ذات الطبيعة الجبلية يعرفون جيدا أهمية السيول والمياه في هذه المناطق‏. وعندما تلتقي بأحد سكان هذه المناطق تعرف أيضا قدر المياه وأهميتها بالنسبة لهؤلاء الناس الذين ينتظرون العام كله‏..‏ لكي ينعموا بقطرات المطر وشلالات السيول‏.‏
الذي حدث هذه المرة أن السيول جاءت شديدة علي غير التوقعات‏,‏وأنها تسببت في عشرات ومئات الانهيارات مما جعل البعض يعتبرها كارثة قومية وهذا نوع من عدم الدراية بأهمية الموارد الحيوية التي يمكن أن تسهم في تغيير شكل وطبيعة الحياة‏..‏ هناك تفاصيل كثيرة وحقائق تستدعي التوقف تكشف عنها السطور الآتية‏..‏
في البداية سألت الحاج محمد أبوعلي أحد كبار مزارعي سيناء حول أهمية المياه بالنسبة له وهو مقيم بالعريش‏,‏ فكانت مفاجأة لي أنه قال إنه أسعد إنسان في الدنيا اليوم والسبب أنه كان ينتظر هذه الأيام بفارغ الصبر‏,‏ حيث إنه يمتلك بعض مزارع الخوخ والليمون وهذه الزراعات تنتظر المياه من العام الي العام ولو لم تسقط الأمطار أو السيول لن تكون هناك انتاجية وسوف تذبل أشجار الخوخ ومن ثم يتشرد أولادنا ونعاني الفقر‏,‏ وهكذا الحال لمعظم الزراعات القائمة علي المطر في شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر وأسوان وكوم إمبو وغيرها من المناطق الشاسعة في مصر ولا تصل إليها مصادر المياه سواء مياه النهر أو الجوفية‏..‏ وهنا ينبه عم محمد الي ضرورة أن الحكومة كان يجب أن تنتظر هذا اليوم وتستعد له وتقيم المخرات والترع والسدود في كل مكان‏,‏ ومن ثم توجد مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة‏.‏
كلام هذا المزارع دفعني الي سؤال أحد المسئولين حول كميات المطر التي هبطت علي سيناء فقط‏,‏ فقال إنها كثيرة جدا هذا العام وتتجاوز من ثلاثة الي خمسة ملايين متر مكعب علي الأقل‏,‏ والمثير للأهمية أن هيئة الأرصاد قدمت تقريرا وأعطت معلومات الي الجهات المعنية بالتوقع بسيول شديدة جدا وليست الأرصاد فقط‏,‏ علي حد قول المصدر المسئول بوزارة الري‏,‏ ولكن هناك مركزا يسمي مركز التنبؤ والرصد وهو معني بعمل الأبحاث والتقارير حول الأمطار والسيول‏,‏ وكذلك السدود والمخرات والأهم من ذلك أن هذا المركز وجهات أخري عديدة بوزارة الري كان لديهم معلومات كافية حول البيوت المقامة في مخرات السيول‏,‏ وكان يجب عليهم فور علمهم من خلال الأرصاد الجوية بسرعة إخلاء هؤلاء المواطنين من هذه المخرات وبالتالي كان من الممكن تفادي كارثة غرق الأهالي في مياه السيول في أسوان وسيناء علي الأقل‏,‏ وذلك خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قبل هطول السيول والأمطار علي هذه المناطق‏.‏
لكن السؤال المهم‏..‏ الذي يطرح نفسه الآن كيف تستفيد مصر من هذه المياه في هذه المناطق القاحلة وتحديدا سيناء؟‏!‏
طرحت السؤال علي مسامع المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة السابق وعضو مجلس الشعب‏..‏ الذي فاجأني بأن وزارتي الري والزراعة وغيرهما من الهيئات لديهم دراسات ومعلومات مسبقة حول المحافظات التي تتأثر بالسيول سنويا ولكن ربما تقل نسبة المياه أو تزيد في سنة دون الأخري وربما لا تسقط بنفس القدر الذي كان مفاجأة هذا العام‏.‏
والمهم كما يقول الليثي أن نكون حذرين أولا فيما يتعلق بالمواطنين المقيمين في ممرات السيول وهذه الممرات توجد في مناطق سيناء والبحر الأحمر بالكامل‏,‏ ثم في بعض المناطق بأسوان وقنا وكوم أمبو وسوهاج وبعض مناطق أسيوط‏..‏ وأظن أن المحافظة الأولي المؤهلة للاستفادة من مياه السيول هي سيناء شمالها وجنوبها ويمكن هنا تخزين المياه والاستفادة من مياه مفيض توشكي حيث توجد مساحات وأراض شاسعة تروي علي المياه المتبقية من الفيضان مع التأكيد أنه يمكن تخزين هذه المياه لأكثر من عام وهناك تجارب دول عديدة في مناطق شرق آسيا استفادت من السيول وعملت زراعات غير موسمية ساهمت في زيادة دخل هذه البلاد ربما يكون الفارق بيننا وبينهم أن السيول في بلاد شرق آسيا أكثر انتظاما من التي تأتي في بلادنا‏..‏
لكن الذي حدث في سيناء وأسوان هذا العام‏,‏ أن المياه خرجت من مخراتها هدمت البيوت وجرفت السيارات والمباني وكل ما يوجد في طريقها‏..‏ كما أن الأرصاد الجوية تنبأت بذلك وأكدت بنسبة‏90%‏ هذه السيول لكن قدرة الأرصاد والأجهزة لا يكون لديها تأكيد حقيقي إلا قبل ثلاثة أيام وقبل ذلك يكون لديهم تنبؤات وفقا للتغيرات المناخية‏.‏
وزارة الري
وزارة الري برغم ما تمتلكه من أجهزة أكدت في بيان لها‏,‏ أنها أرسلت رسائل تحذيرية الي المحافظات مفادها أن هناك أمطارا شديدة سوف تسقط علي جميع المحافظات وعلي حسب قول الوزير د‏.‏ محمد نصر علام إنه تم إبلاغ محافظي جنوب سيناء والبحر الأحمر قبل‏24‏ ساعة من العاصفة ومن ثم رفع درجة الاستعداد القصوي وكأن وزارة الري هنا أخلت سبيلها بالابلاغ ورفع درجة الاستعداد القصوي وهنا حاولت البحث عن اجابة لسؤال مهم‏..‏ لماذا لم تطالب وزارة الري بإخلاء المنازل المقامة في مخرات السيول طالما أنها تأكدت من هطول العاصفة‏..‏ لم أجد أحدا يجيب علي هذا السؤال بوزارة الري بدءا من المسئولين بمكتب الوزير وعلي رأسهم د‏.‏ عصام خليفة والدكتور رضا عبدالهادي وكذلك المكتب الإعلامي‏.‏
‏*‏ اتصلت بالدكتور محمود أبوزيد وزير الري السابق والعالم الكبير وسألته في البداية بتقديرك ما الذي كان يجب أن نفعله لحماية المواطنين في أسوان وسيناء من شلالات السيول؟‏!‏
‏**‏ أجابني وزير الري السابق‏..‏ دعني في البداية أوضح لك ماذا تعني السيول‏..‏ قلت ماذا؟‏..‏ قال‏..‏ إنها أمطار شديدة جدا تتجمع بصورة غير تقليدية وتتحرك في المناطق الجبلية سواء علي حدود الوادي أو في سيناء وهذه المياه عندما تتحرك تحتاج الي ترع ممهدة يطلق عليها مخرات وهذه المخرات تصب في منحدرات وسدود وتتحول الي النيل أو الي الخزانات الجوفية أو الي البحر الأحمر لكي يمكن الاستفادة منها في الزراعة‏,‏ وغالبا ما تحمل معها بعض الطمي‏..‏ والذي يحدث أنه من الوارد أن الناس تقوم بالبناء علي أرض هذه المخرات ظنا منهم أن السيول لا تأتي أو بجوارها لأنها أرض ممهدة ونحن في مصر لدينا أكثر من‏300‏ مخر للسيول‏..‏ وفي السنوات السابقة عندما كنت مسئولا كنا نقوم بعمل صيانة للمخرات ونجد هذه البيوت فنوصي بالإزالة خاصة قبل حلول الشتاء وتترك المسألة هنا للأجهزة المحلية باعتبارها مسئولة عن عمليات الإخلاء‏,‏ أما هذه المرة فقد جاءت السيول شديدة جدا وربما لم تشهدها مصر خلال عشرين عاما وهو الأمر الذي تسبب في أزمة مفاجئة وغير متوقعة‏,‏ فحدثت بعض الانهيارات وانحدرت المياه لتغرق المنازل خاصة في المناطق المتاخمة للجبال‏.‏
‏*‏ سألت الدكتور محمود أبوزيد؟ كيف تستفيد مصر بهذه السيول‏..‏ وتتجاوز مثل هذه الكوارث؟
‏**‏ الاستفادة القصوي أن ننجح في صيانة السدود والترع المخصصة لهذا الغرض والتي تسهم بشكل كبير في توجيه هذه المياه الي الزراعات غير الموسمية مباشرة‏,‏ وكذلك التوسع في السدود مثل سد رافع الذي يعتبر أكبر سد أمام مخرات السيول في مصر وهناك سدود أخري صغيرة يتم اقامتها لكي تقلل من سرعة المياه وتسهم في احتجازها خصوصا في سيناء حيث تسهم هذه السدود في تغذية الخزان الجوفي وفي أسوان تسهم السدود في تحويل المياه الي النيل وفي البحر الأحمر الي البحر‏,‏ ولك أن تعرف أن مياه السيول أسهمت كثيرا في تغذية الخزان سواء بالأمطار أو السيول‏.‏
‏*‏ بتقديرك كم تبلغ سعة المياه التي احتجزتها هذه السدود والمخرات؟‏!‏
‏**‏ يجيب علي هذا المسئولون بوزارة الري ولكن علي الأقل السدود الصغيرة تستوعب أكثر من‏2‏ أو‏3‏ ملايين متر مكعب‏..‏ الآن والدليل علي ذلك أن المياه خرجت عن المخرات والسدود وغمرت الطرق بل أسهمت في قطع الطريق في العريش وغيرها من المناطق‏.‏
ومن المهم أيضا أن ننظر الي هذه القضية في ضوء التغيرات المناخية في السنوات المقبلة‏,‏ فمن المتوقع أن تقل الأمطار في مصر لكن الأمطار تختلف عن السيول‏..‏ فالسيول ممكن أن تسقط بشكل مفاجيء وأهم شيء في كل ذلك إبعاد المواطنين عن مخرات السيول منعا لحدوث أي كارثة‏.‏
أخيرا‏..‏ هل ننجح هذه المرة في الاستفادة من هذه المنحة الإلهية لتعمير صحراء سيناء وجنوب الوادي؟‏!.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.