الاستيلاء علي أراضي الدولة ظاهرة استشرت في كل محافظات الجمهورية خاصة في الأراضي المستصلحة أو المدن الجديدة والأحوزة العمرانية.. عملا بمقولة المال السايب يعلم السرقة.. وكان اللافت للنظر قيام مجموعة من رجال الأعمال أو من يزعمون ذلك بالاستيلاء علي النصيب الأكبر من الأراضي السايبة بلا رقيب أو حسيب.. بل الأغرب من ذلك الأعلان في وسائل إعلام الدولة عن بيع وتقسيم هذه الأراضي وكأنها عزب من ميراث العائلة.. ليأتي دور القانون والقضاء لإصلاح ما أفسده زواج السلطة بالمال وتزاوج السياسة بالبيزنس. وفي عام2008 أطلق المسئولون تصريحات تطالب بضرورة التصدي لهذا الأمر وأن كان الواقع يشير الي أن كثيرا منهم كان يقوم بارتكاب هذه المخالفات والمساعدة عليها وفي هذا العام كان رجل الأعمال مد حت بركات هو أحد الأشخاص الذين تم الكشف عن قيامهم بالإستيلاء علي أرض الدولة بوضع يده علي اكثر من5 آلاف فدان بطريق مصر اسكندرية الصحراوي وببيعها لعدد كبير من المواطنين والشخصيات العامة كان أبرزهم الفنان يحيي الفخراني وسوسن بدر وصابرين والمخرج مجدي أبو عميرة إلي جانب بعض الضباط وأعضاء الهيئات القضائية وغيرهم من الفئات الوظيفية الأخري وقد ألقي القبض عليه ووجه إليه الإتهام بإيهام هؤلاء الاشخاص بأنه المالك الحقيقي للأرض وتصاعدت البلاغات ضده لتصل إلي اكثر من58 بلاغا إتهمه خلالها المجني عليهم بالنصب وأحيل إلي محكمة جنح الدقي في أكتوبر عام2008 ومرت محاكمته بمراحل عديدة اصدرت خلالها المحكمة قرارها بإخلاء سبيله مقابل سداده مبلغ5 ملايين جنيه وإحالة القضية لخبراء من المحاسبين والمهندسين الزراعيين لمعاينة الارض وادعي فيها عليه المواطنون المتضررون بأكثر من85 مليون جنيه تعويضا وعلي الرغم من سداده الكفالة لم يتم اخلاء سبيله لأنه كان يحاكم في إتهامه بالتحريض علي قتل مزارع أمام محكمة أخري. وفي إبريل الماضي أصدرت المحكمة حكمها بحبسه3 سنوات مع الشغل والنفاذ فاستأنف الحكم أمام المحكمة التي أصدرت حكمها بتأييد حبسه في أولي جلسات نظرها. الاحتيال علي الضحايا ووفقا لهذا الأمر أصبح الوضع القانوني للمواطنين يحتاج إلي تفسير ربما نلتمسه من اسباب الحكم الذي أوضحت المحكمة فيه أنها انتهت لما قررته محكمة أول درجة من حيثيات تشير إلي اطمئنان عقيدة المحكمة لتعدي المتهم علي الأراضي المملوكة للدولة واتخاذ وسائل الاحتيال علي المواطنين بالظهور علي أرض الدولة بمظهر المالك وقام بعمل إعلانات بالصحف لإيهام المواطنين الذين دفعوا المبالغ التي حددها المتهم مقابل شراء هذه الأراضي علي الرغم من علمه بأنه غير مالك لها, وأهابت المحكمة المواطنين أن يتحروا الدقة عند شراء أية أراض وذلك بالتوجه إلي الجهات المختصة والإستعلام عن الطرف البائع وهل الأرض محل المبيع خصصت له من عدمه حتي لا يقعوا ضحية للنصب وأضافت المحكمة أن المتهم تقدم بالإستئناف بعد فوات المواعيد المقررة قانونا لهذا الإجراء القانوني ولم يقدم دليلا أو عذرا علي عدم تقديم استئنافه في ميعاده. وفي أول رد فعل علي هذا الحكم وآثاره علي المواطنين من الحائزين للأراضي المدان المتهم بالاستيلاء عليها, صرح مصدر قضائي بأن المراكز القانونية للأشخاص المتضررين في هذه القضية أصبحت غير مستقرة موضحا أن هناك فرقا بين مركزهم القانوني والوضع القانوني للمتضررين في مشروع مدينتي فالمواطنون في قضية بركات ليست بينهم وبين الدولة عقود وبإيضاح أكثر ما قاموا بشرائه من أراض من المتهم والشركة التي يرأسها كان غير مملوكا له ومسيطرا عليها بوضع اليد وبذلك تعود هذه الاراضي الي حيازة الدولة ولا يكون أمام المواطنين إلا توفيق أوضاعهم مع الجهات المختصة بإبرام تعاقدات جديدة والرجوع علي المتهم بدعاوي التعويض المدني وطلب استرداد ما دفعوه من مبالغ. أما بالنسبة للمواطنين في مشروع مدينتي فهذا المشروع كان بين هيئة المجتمعات العمرانية التابعة للدولة وشركة طلعت مصطفي وما يعيبه أنه تم بالمخالفة للقواعد القانونية, لكنه لا يخل بالمراكز القانونية للمستثمرين لأن إحدي جهات الدولة طرف فيه. ويري المستشار عادل فرغلي رئيس قسم التشريع ومحاكم القضاء الاداري أن المتعاقدين في قضية بركات سيكون وضعهم القانوني هو التعامل معهم علي أساس أنهم واضعو يد وستقوم الدولة بتقنين أوضاعهم, إلا انها في الوقت نفسه ليست ملزمة بما دفعوه للمتهم من مبالغ. ويوضح أن هناك بعض قطع الأراضي التي قام المتهم بوضع يده عليها ثم قنن وضعها مع الدولة وفي أثناء ذلك باع هذه الأراضي للغير من المواطنين حسني النية, فهؤلاء إذا قررت الدولة سحب الأراضي منهم يحق لهم اللجوء إلي القضاء الإداري والمطالبة بإلغاء القرار الصادر بالسحب مبدين استعدادهم لتقنين أوضاعهم مع الهيئة. أما بالنسبة لمن اشتروا قطعا من الأراضي كان المتهم واضعا يده عليها ولم يقنن ملكيتها مع الدولة فلا يستطيعون مقاضاة الدولة ولهم فقط حق الرجوع علي المتهم بالتعويض, ويمكن أن يتوجهوا للجهة المختصة المشرفة علي هذه الأراضي لإضفاء نوع من الشرعية علي ملكيتهم لهذه الأراضي ودفع القيمة المستحقة لها. مجاملة مجموعة طلعت مصطفي أما بالنسبة للحاجزين في مشروع مدينتي فهناك تواطؤ واضح بين البائع والمشتري في هذا المشروع والذي يخالف القانون رقم89 لسنة98 والذي ينص علي عدم بيع اراضي الدولة الا وفقا لقانون المزايدات والمناقصات وما حدث في هذا المشروع الذي تم تخصيصه لشركة طلعت مصطفي كان مجاملة للشركة, وإصرارا علي مخالفة القانون لأنه عندما عرض الأمر بمجلس الدولة تم رفضه أكثر من مرة في لجنة مراجعة العقود بالمجلس, التي أبدت ملاحظتها ببطلان هذا التعاقد, كما أكد الجهاز المركزي للمحاسبات هذا البطلان وعلي الرغم من ذلك تم تحرير العقد لكن وضع المواطنين هنا يختلف حيث لا يمكن ان يضار احد لان جميع الالتزامات التي كانت علي عاتق شركة طلعت مصطفي ستنتقل الي الدولة والتي وفقا للقانون لا تستطيع ان تغير في اسعار العقود التي أبرمها المجني عليهم بالفعل. أما بالنسبة لمن قاموا بدفع مبلغ لحجز وحدة ما دون إبرام عقد يكون لهم استرداد قيمة ما حجزوه وبشكل عام سيتم اعادة تقييم الاسعار وفقا للقانون. بينما يري مصدر قانوني أنه قد آن الأوان لمحاسبة المسئولين عن إهدار أراضي الدولة وإضاعة أموال المواطنين والذين يسهمون إما بالتواطؤ أو الإهمال فيما يحدث من وقائع مؤسفة يكون ضحيتها المواطنون. ويري مصدر قانوني آخر أنه لاشك أن المراكز القانونية للمتضررين في مثل هذه القضايا ستتأثر لأن ما بني علي باطل فهو باطل وجميع العقود التي ابرمت ليس لها أساس وسيعاد تقييمها من جديد.