برلماني: اختيار الدكتور مصطفى مدبولي لتشكيل الحكومة الجديدة يستهدف تعزيز مسيرة الإصلاح والتطوير    رئيس جامعة طنطا يتفقد امتحانات الفصل الدراسى الثانى بكلية التجارة    الخميس.. 40 طلب إحاطة على طاولة «محلية النواب» بحضور محافظ الدقهلية    وزيرة التضامن: نؤمن بأن الإنسان هو محور التنمية وتحقيق العدالة والمساواة    مدبولي يتابع الإفراج الجمركي عن البضائع في الموانئ وتطبيق منظومة الشحن المُسبق    انخفاض أسعار البقوليات والفول والخضروات بكفر الشيخ    مجلس الوزراء: زيادة عدد المتقدمين للاستثمار فى الذهب لأكثر من 108 آلاف مواطن    وزير التجارة يلتقي ممثلي 137 شركة عالمية متخصصة في إنتاج الحديد والصلب    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    انخفاض عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال مايو الماضي    توقع بروتوكولي تعاون في العديد من مجالات الرعاية الصحية    سامح شكري: بحثنا جهود قبرص لإيصال المساعدات لغزة عبر المنافذ البحرية    نصرالله وباقري يبحثان التطورات في غزة ولبنان    سامح شكري ونظيره القبرصي يعقدان مباحثات ثنائية بالقاهرة    خيانة تلوح في الأفق.. هل يتحرك أتلتيكو لخطف لونين من ريال مدريد؟    الأهلي يعاقب أفشة ب مليون جنيه    النني: الروح جزء من الحمض النووي ل أرسنال    حسام حسن: أوافق على اللعب للزمالك.. وسعيد بمنافسة بيراميدز في الدوري    واقعة التيشيرت الأبيض وموقف حسن حمدي.. القيعي يرد على تصريحات شيكابالا (فيديو)    قوادة كلمة السر.. مفاجأة في قضية «سفاح التجمع»    التصريح بدفن ضحية انهيار عقار صادر له قرار ترميم منذ 28 عاما في الإسكندرية    ضبط 14 طن دقيق مدعم قبل بيعها فى السوق السوداء خلال 24 ساعة    إصابة 6 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق الفيوم القاهرة    نفوق 40 ماشية.. ضبط 3 أشخاص بتهمة إضرام النيران بحظيرتى مواشى فى الفيوم    الخميس.. عماد عاشور ضيف صالون مثامات في بيت الغناء العربي    في ذكرى ميلاد محمود عبد العزيز.. تعرف على أشهر أعمال "الساحر" الفنية    9 أفلام مجانية بقصر السينما ضمن برنامج شهر يونيو    ذوو الإعاقة البصرية بكليات الآداب والألسن والحقوق يؤدون امتحانات نهاية العام إلكترونيا بجامعة سوهاج    "أهل بلدك أولى".. الإفتاء تحذر من إعلانات تروج لذبح الأضاحي في دول إفريقيا    رئيس جامعة سوهاج يتابع آخر المستجدات بمشروع مستشفى الجراحات التخصصية    بتكلفة 650 مليون جنيه.. محافظ أسيوط يتابع إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجي    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية دير السنقورية بمركز بنى مزار    محافظ القليوبية: مناقشة وضع تعريفة انتظار السيارات بالشوارع    بعد إثبات تدريس المثلية.. 3 إجراءات عاجلة من التعليم بشأن مدرسة ألمانية    تفعيل الدراسات العليا لقسم اللغة الفرنسية بكلية الألسن في جامعة بني سويف    لمواليد برج الميزان.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    وزير العمل يلتقى مدير إدارة "المعايير" ورئيس الحريات النقابية بجنيف    أوكرانيا تضرب نظاما صاروخيا داخل روسيا باستخدام أسلحة غربية    6 مصابين في حادث على صحراوي أسيوط    ردا على مبابي.. برشلونة يقترب من حسم صفقة الأحلام    أصعب يوم في الموجة الحارة.. 5 طرق تجعل هواء المروحة باردا    غدًا.. «صيد الذئاب» في نقابة الصحفيين    إدارة الغردقة التعليمية تعلن عن فتح باب التظلمات لمراحل النقل    محاضرات شبابية وورش حكي للأطفال ضمن نشاط قصور ثقافة الأقصر الصيفي    بسبب الحرب الأوكرانية.. واشنطن تفرض عقوبات على شخص و4 كيانات إيرانية    بالفيديو.. عضو "الفتوى الإلكترونية" توضح افضل أنواع الحج    «الإفتاء» توضح حكم الأكل قبل صلاة عيد الأضحى.. هكذا كان يفعل النبي    الأمم المتحدة: الظروف المعيشية الصعبة في غزة تؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    قصواء الخلالي: لا للوزراء المتعالين على الإعلام والصحافة في الحكومة الجديدة    وصفة مبتكرة لوجبة الغداء.. طريقة عمل دجاج بصوص العنب بخطوات بسيطة    أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. «الأزهر للفتوى» يوضح    نشرة مرور "الفجر ".. انتظام حركة السيارات بالقاهرة والجيزة    5 جنيهات تراجعا بسعر البيض البلدي اليوم الثلاثاء في الأسواق (موقع رسمي)    ستولتنبرج يجيب على سؤال صعب عن مواصلة الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يوضح    جلسة بين الخطيب وكولر لتحديد مصير البوركينابي محمد كوناتيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستفتاء علي تعديل الدستور التركي بين المؤيدين والمعارضين
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 09 - 2010

تتجه تركيا في الثاني عشر من سبتمبر المقبل‏,‏ والذي يمثل الذكري الثلاثين لآخر الانقلابات العسكرية‏,‏ لإجراء استفتاء شعبي حول التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان التركي في مايو الماضي‏, بأغلبية بسيطة جعلت من اللجوء إلي الاستفتاء أمرا حتميا لتعديل بعض مواد الدستور‏,‏ الذي وضع عام‏1982,‏ وذلك بعد عامين من الانقلاب الذي قاده الجنرال كنعان إيفرين‏,‏ وهو الدستور الذي يشير إليه منتقدوه بعبارة‏'‏ الجيش يحمي الدستور والدستور يحمي الجيش‏'.‏
الهدف من التعديلات حسب رؤية حزب العدالة والتنمية الحاكم دعم الإصلاحات السياسية والقانونية التي أجراها الحزب بالتوافق مع حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري‏,‏ بين عامي‏2002‏ و‏2004,‏ والتي هدفت إلي الحد من تدخل الجيش في الحياة السياسية‏,‏ وذلك من خلال إزالة الأساس القانوني للدور السياسي لجنرالات المؤسسة العسكرية في تركيا‏,‏ فضلا عن تعزيز الحقوق الأساسية والحريات العامة والاعتراف بالهوية الكردية من خلال رفع الحظر عن التعليم والبث باللغة الكردية‏,‏ بما دفع البعض إلي الإطلاق علي تلك الإصلاحات‏'‏ ثورة صامتة‏',‏ لاسيما أنها مهدت الطريق لبدء مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي عام‏.2005‏
وفي إطار استكمال عملية الإصلاح السياسي والقانوني تأتي التعديلات الدستورية الراهنة والتي تهدف إلي تعزيز الحريات العامة والحد من صلاحيات الجيش‏,‏ والسماح بمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية‏,‏ وقصر المحاكمات العسكرية علي الجرائم التي تتصل بالمهام والمسئوليات العسكرية‏,‏ فضلا عن الحد من صلاحيات السلطة القضائية‏,‏ والتي طالما وجهت لها اتهامات من قبل حزب العدالة‏,‏ من جراء تدخلها في شئون السلطتين التشريعية والتنفيذية‏.‏
ويحظي الاستفتاء حول التعديلات الدستورية بأهمية خاصة بالنسبة للحزب الحاكم‏,‏ الذي يسعي إلي تعزيز شعبيته وتنشيط صورته لدي جماهيره قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل‏,‏ فضلا عن تأمين نفسه من محاولات الحظر التي أفلت منها سابقا بصعوبة‏.‏ ويسعي الحزب إلي شحذ همم الناخبين لتأييد التعديلات من خلال الترويج لها‏,‏ باعتبارها خطوة مهمة في سبيل الحصول علي العضوية الأوروبية‏,‏ ويدعم موقفه في ذلك بمساندة‏'‏ هانز ساوبودا‏'‏ نائب رئيس لجنة دعم الديمقراطيات الاجتماعية بالبرلمان الأوروبي‏,‏ لاسيما بعد تصريحاته التي طالب فيها أحزاب المعارضة بتأييد التعديلات الدستورية‏,‏ مؤكدا أن تركيا باتت تشهد حركة نشيطة ودءوب اتجاه تعزيز ودعم الديمقراطية‏.‏
ومع ذلك فدعوة‏'‏ ساوبودا‏'‏ لم تلق رواجا لدي أحزاب المعارضة‏,‏ فحزب الشعب الجمهوري من جهته لم يكتف هذه المرة بمعارضة التعديلات‏,‏ وإنما طالب المحكمة الدستورية بإبطال التعديلات‏,‏ مدعيا أنها تشكل انتهاكا لاستقلال القضاء‏,‏ مطالبا أتباعه بالتصويت ضدها‏,‏ بعد أن أجازت المحكمة الدستورية برئاسة‏'‏ هاشم كليج‏'‏ التعديلات‏,‏ وذلك عقب إبطالها الفقرات المتعلقة ببنية المحكمة الدستورية ومجلس القضاء الأعلي والمدعين العامين‏,‏ تأسيسا علي أنها تتعارض مع استقلالية القضاء المنصوص عليها في بقية مواد الدستور‏.‏ ومع ذلك فقد أبقت المحكمة علي التعديلات التي تمنح الرئيس صلاحيات واسعة في اختيار قضاة المحكمة الدستورية وكذا بالنسبة لمجلس القضاء الأعلي‏.‏
وبصفة عامة يمكن القول ان الأحزاب السياسية في تركيا تنقسم بين معسكرين أحدهما مؤيد والآخر معارض للتعديلات‏.‏ جميع أحزاب المعارضة الرئيسية تتخذ موقفا معارضا لموقف حزب العدالة الذي يطالب بتأييد التعديلات‏,‏ مستندا في ذلك علي استطلاعات رأي تشير إلي أن زهاء‏55%‏ من الناخبين يؤيدون التعديلات الدستورية‏,‏ وكذلك عدد من الأحزاب غير الممثلة في البرلمان‏,‏ هذا بالإضافة إلي تأييد ومساندة عدد كبير من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني‏.‏
كما تجدر الاشارة إلي أن التعديلات الدستورية تلقي تأييد الزعيم الديني فتح الله كولن الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ والذي دعيا الشعب التركي إلي الموافقة عليها‏,‏ مشيرا إلي أن هذه التعديلات وإن كانت محدودة‏,‏ غير أنها تمثل نقطة تحول مهمة في سبيل تعزيز الحريات العامة في تركيا‏,‏ وهو أمر من المرجح أن يكون له تأثيراته المهمة علي عملية الاستفتاء‏,‏ وذلك بالنظر إلي حجم وقوة تأثير جماعة فتح الله كولن ومؤيديه ومريديه إن داخل تركيا أو خارجها‏.‏
وتتناقض ركائز حملة‏'‏ لا للتعديل الدستوري‏'‏ الذي تنتهجها أحزاب المعارضة في مواجهة حملة‏'‏ نعم‏'‏ الذي ينادي بها الحزب الحاكم‏,‏ وذلك بعد أن اعتبرت أحزاب المعارضة التعديل الدستوري بمثابة‏'‏ انقلاب مدني‏'‏ علي مبادئ الدولة الأساسية‏,‏ لا هدف منه سوي ترسيخ سيطرة الحزب الحاكم علي المزيد من المواقع المفصلية داخل بنية وهياكل الدولة التركية‏.‏ فحزب الشعب الجمهوري من جهته روج أن حزب العدالة والتنمية يريد من وراء التعديلات وضع يده علي مؤسسات القضاء وتحقيق‏'‏ انقلاب أبيض‏'‏ ضد‏'‏ الجسم القضائي‏',‏ تمهيدا لتحقيق المزيد من أسلمة الدولة والمجتمع‏.‏ كما رأي أن عملية التعديل أعدت بطريقة بعيدة عن التوافق السياسي‏,‏ بما قد يفضي إلي تداعيات وخيمة حسب‏'‏ دينيز بايكال‏'‏ الذي قدم مؤخرا استقالته من زعامة حزب الشعب الجمهوري إثر فضيحة جنسية‏.‏
هذا فيما اعتبر حزب الحركة القومية أن من شأن التعديلات الدستورية أن تؤدي إلي انفتاح الحريات الاجتماعية والشخصية‏,‏ علي نحو كبير بما قد يؤدي إلي استفادة الحركة الكردية منها‏,‏ لتشكل بذلك خطرا علي القومية التركية‏,‏ وفي هذا الإطار يقول‏'‏ دولت بهجلي‏'‏ زعيم الحزب‏'‏ اننا لن ننخدع ممن يخلطون مياه زمزم بالسم ويقدمونها لنا في كأس ذهبي‏'.‏ وعلي المستوي الكردي‏,‏ بدا أن رفض حزب السلام والديمقراطي للتعديل الدستوري يتأسس علي رفض حزب العدالة إدخال تعديلات قدمها الحزب‏,‏ لها علاقة بخفض النسبة المطلوبة لدخول الأحزاب إلي البرلمان من‏10‏ إلي‏3%‏في الانتخابات‏,‏ وتعديل المواد المتعلقة باللغة الأم وحق تعلمها‏,‏ وإلغاء عقوبة منع ممارسة العمل السياسي عن أي شخص‏,‏ واعتماد الجنسية التركية وليس العرق التركي كهوية حاسمة لمسألة الانتماء‏.‏
وكما كان الحال دائما في تركيا‏,‏ فعندما يتعلق الأمر بالإصلاح السياسي والدستوري فإن‏'‏ الشيطان‏'‏ يكمن دائما في التفاصيل‏,‏ فأكثر ما تخشاه أحزاب المعارضة من هذه التعديلات أن تؤدي إلي إحكام سيطرة الرئيس التركي عبد الله جول علي المحكمة الدستورية ومختلف الهيئات القضائية العليا الأخري في تركيا‏,‏ بما يقلل من استقلالية القضاء‏,‏ وذلك في مقابل مبررات أنصار حزب العدالة التي تقول إن التجربة العملية لحزب العدالة تكشف أن الهيئات القضائية حتي لو كانت‏'‏ مستقلة‏'‏ فالأهم أن تكون‏'‏ نزيهة‏',‏ فالمحاكم العليا خلال السنوات الأخيرة أصدرت العديد من الأحكام التي تتسق وحسب مع التفسير المتشدد للمذهب‏'‏ الكمالي‏',‏ بدلا من أن تلتزم بنصوص وأحكام القانون‏.‏
وفي المقابل فإن معارضي حزب العدالة يشيرون إلي أن الحزب الحاكم استطاع أن يؤثر علي الكثير من قرارات السلطة القضائية ونظام تطبيق القانون علي المستويات الأدني‏,‏ وذلك من أجل خدمة سياساته الحزبيه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.