أسعار البيض الأحمر والأبيض اليوم 13 نوفمبر    ترامب يوقّع على قانون تمويل الحكومة    الجيش السوداني يتصدى لسرب مسيرات انتحارية استهدفت مطار وسد مروي شمالي البلاد    وزير الخارجية: استمرار الحرب في السودان أمر موجع.. ومصر تتحرك لحماية وحدة الدولة الشقيقة    الجيش الروسي يسيطر على 3 بلدات في «زابوريجيا».. وأوكرانيا تخوض «معارك طاحنة»    طقس الخميس 13 نوفمبر.. الأرصاد تحذر| أمطار غزيرة ورعدية على هذه المحافظات    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    المهن التمثيلية تصدر بيانا شديد اللهجة بشأن الفنان محمد صبحي    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صدام وشيك بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب عقوبات مباراة السوبر    عوض تاج الدين: الاستثمار في الرعاية الصحية أساسي لتطوير الإنسان والاقتصاد المصري    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في أسواق الشرقية الخميس 13-11-2025    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    مصمم أزياء حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: صُنعت في مصر من الألف للياء    نرمين الفقي: أحرص على دعم المهرجانات المصرية.. وأتمنى المشاركة في الأعمال الاستعراضية والغنائية    مؤتمر حاشد لدعم مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات النواب بالقنطرة غرب الإسماعيلية (صور)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    مؤتمر المناخ COP30.. العالم يجتمع في قلب «الأمازون» لإنقاذ كوكب الأرض    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو مازن‏..‏ يدفع ثمن الديمقراطية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2010

يقتضي الإنصاف ألا نترك الذكري الرابعة للانتخابات التشريعية الفلسطينية التي تحل في الخامس والعشرين من يناير الحالي تمر دون أن نتوقف عند الرئيس الفلسطيني محمود عباس‏(‏ أبومازن‏)‏. فهو الرجل الذي ينسب اليه فضل إجراء تلك الانتخابات التي اعتبرها العالم في حينها أنزه انتخابات برلمانية‏ ولكنها وللأسف تحولت مع الأيام إلي مأساة دفع الجميع ثمنها وأولهم أبومازن شخصيا الذي يصر حاليا علي عدم إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية بسبب الجحود الذي لاقاه من حركة حماس من جهة وعدم تعاون العالم الخارجي معه من جهة أخري‏.‏
فالحقيقة أن قرار أبو مازن بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية كان متوقعا منذ فترة طويلة بسبب الضغوط الهائلة التي تعرض لها الرجل‏,‏ وهي ضغوط شارك الجميع فيها سواء عن عمد أو جهل حيث بالغوا في مطالبهم‏.‏ منذ البداية فقد جاء تسلم أبو مازن السلطة‏(‏ المفترضة‏)‏ في ظرف بالغ التعقيد حيث تولي عقب الرحيل المفاجيء لقائد الثورة الفلسطينية الزعيم الكبير ياسر عرفات‏(‏ أبو عمار‏)‏ في‏11‏ نوفمبر‏2004,‏ والذي لم ينج هو أيضا من التآمر العربي قبل الدولي‏,‏ وبرغم أن تركة أبوعمار كانت مثقلة بالمشكلات وأهمها الانفلات الأمني والسياسي الداخلي والحصار الإسرائيلي الأمريكي والذي لم يتوقف عند حدود‏'‏ المقاطعة‏'‏ برام الله والتي أغلقت جدرانها بوحشية علي أبو عمار قرابة ثلاثة أعوام‏,‏ ولكنه امتد ليشمل كل الضفة الغربية وقطاع غزة‏,‏ ومع ذلك حاول أبومازن التعايش مع الأمر وتفكيك المشكلات الواحدة تلو الأخري بهدوء
وبدأ الرجل بمحاولة تهدئة الأوضاع الداخلية‏,‏ فكان اتفاق التهدئة الأول في القاهرة في مارس‏2005‏ والذي لم يكن المستهدف منه توقيع اتفاق تهدئة مع إسرائيل كما يتصور البعض‏,‏ ولكن الهدف الرئيسي كان إعادة الهدوء للشارع الفلسطيني‏,‏ فوقف إطلاق الصواريخ علي إسرائيل كان هدفه تجنب رد الفعل الإسرائيلي الذي لم يكن يفرق بين الضفة الغربية وقطاع غزة‏,‏ وعملية السور الواقي التي محت فيها إسرائيل أجزاء من مخيم جنين خير دليل علي ذلك‏,‏ وبدوره كان تجنب رد الفعل الإسرائيلي طريقا للتهدئة الداخلية حيث كان بعض من يدعون المقاومة يستغلون الفوضي الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية لتهييج الشارع الفلسطيني وأحيانا السلب والنهب وفرض الإتاوات باسم المقاومة وللأسف الشديد فإن جانبا كبيرا من هؤلاء كانوا يرتدون زي حركة فتح‏.‏
وبرغم أن الرجل نفذ أهم استحقاق في اتفاق القاهرة وهو إجراء انتخابات حرة ونزيهة في‏25‏ يناير‏2006‏ وهو دليل علي صدق توجهه‏,‏ فإن أحدا لم يسع لمعاونته علي تنفيذ بقية الاستحقاقات‏,‏ فوقف وحيدا في مواجهة مراكز القوي داخل فتح ومنظمة التحرير والسلطة معا‏,‏ وهي قوي ضغط ونفوذ تشكل معظمها في فترة حصار أبوعمار داخل المقاطعة وكان لكل منها أجندته أو مصالحه الخاصة وهكذا وقف أبومازن وحيدا في مواجهة قوي لاقبل له بها‏,‏ خاصة أنه لم يكن ذلك الزعيم الكاريزمي الذي يضاهي أبوعمار في سلطته وسطوته برغم أنه كان منتخبا من جانب الشعب الفلسطيني في الانتخابات الرئاسية التعددية التي جرت في يناير‏.2005‏ وبدلا من أن تضع حماس يدها في يد أبومازن خاصة بعد أن شاركت وبرضا الرجل ومباركته في السلطة من خلال الانتخابات التشريعية التي سمح لها بخوضها برغم أنها لم تكن جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني باعتراف العالم أجمع‏,‏ فإن حماس انقلبت علي الرئيس الفلسطيني لتزيد همومه وهموم الوطن‏,‏ فقد استغلت أخطاء خصومه في السلطة والطامعين لخلافته في الإجهاز عليه علي أمل أن يتسني لها وحدها السيطرة علي كامل الضفة وغزة‏,‏ متناسية أن هذا الأمر مستحيل في عالم أحادي القطب تسيطر عليه الولايات المتحدة ذات الاتجاه اليميني المحافظ التي لم يخف رئيسها جورج بوش ميوله الدينية أبدا وكانت خطيئة حماس الكبري أنها استسلمت لإغراء السيطرة علي غزة في منتصف يونيو‏2007,‏ وبالتالي قطع كل الأوصال مع أبومازن وتحويله إلي عدو‏.‏
وهنا دعوني أشهد شهادة للتاريخ فقد كنت مراسل الأهرام في تلك الحقبة بغزة‏,‏ وأعلم تماما أن أبومازن قام بتصرف تاريخي يعبر عن وطنية خالصة عندما امتنع عن إصدار الأوامر لقواته في غزة بالاستنفار الكامل ومواجهة حماس فلو فعل ذلك لحدثت مجازر في شوارع وحواري وأزقة القطاع‏,‏ فقد كانت أعداد قوات السلطة وتسليحها تفوق حماس بكثير‏,‏ ولكن الغالبية العظمي من عناصر قوات السلطة بقيت في بيوتها ولم تطلق رصاصة واحدة‏,‏ لأن الأوامر لم تصدر لها من القائد العام أبومازن الذي فضل ضياع غزة عن ضياع الشعب الفلسطيني‏,‏ وهي حقيقة أدركتها كما أدركها الكثيرون بعد فترة من سيطرة حماس علي القطاع وكنا في البداية نظن أن الرجل متآمر‏.‏
وكما دفع أبومازن ثمن سماحه لحماس بالمشاركة في انتخابات يناير‏2006,‏ فقد دفع أيضا ثمن عدم التصدي لها في غزة‏,‏ حيث اتهمه البعض بالتآمر من أجل فصل غزة عن الضفة‏,‏ لأنه لم يأمر قواته في القطاع بالقتال بكامل طاقتها حتي ولو أدي ذلك لمذبحة أو حرب أهلية‏,‏ وزادت الانتقادات بسبب ما اقترفته حماس من ممارسات عنيفة ضد عناصر فتح في غزة بعد سيطرتها علي القطاع وحتي اليوم‏,‏ حيث صادرت أسلحتهم وحرمتهم من ممارسة أي نشاط سياسي أو غير سياسي‏,‏ بل اعتبرت أن مجرد ترديد إسم فتح جريمة وطاردت وقتلت العشرات من أبناء الحركة لمجرد الشك‏,‏ كما لم تتورع عن منع سكان القطاع من الاحتفال بذكري تأسيس الحركة أو ذكري وفاة أبو عمار‏.‏
والحقيقة الثالثة التي يجب أن يفخر بها أبومازن اليوم وهو يهم بترك منصبه‏,‏ هي أنه نجح أخيرا في إعادة الخيول الجامحة إلي المسار الصحيح وذلك عندما نجح في عقد المؤتمر العام السادس لفتح ببيت لحم في أغسطس الماضي بعد أن عاشت الحركة‏21‏ عاما بدون انتخابات وتحول خلالها بعض أعضاء اللجنة المركزية إلي أباطرة ولم يكن أمامهم إلا توريث كراسيهم‏,‏ ولكن الانتخابات ذبحت الأبقار المقدسة فرأيناهم وهم يصرخون ألما في شوارع بيت لحم‏,‏ بينما يأتي جيل جديد ليتولي المسئولية‏.‏
وتمثل الإنجاز الرابع لأبومازن في نجاحه في إعادة الانضباط الأمني للضفة الغربية‏,‏ فالذين رأوا مثلي الشبان الصغار الذين يديرون الأمن هناك سيشعرون بالفخر بهم حتي ولو كان مدربهم هو الجنرال الأمريكي كيث دايتون‏,‏ فعندما تولي أبومازن السلطة كان كل رجل أمن سواء كان جنديا أو ضابطا يضع رأسه برأس أعلي مسئول‏,‏ وعندما تسأله لماذا يقول لك‏:‏ أنا مناضل في إشارة إلي أنه شارك في الانتفاضة الأولي أو الثانية‏,‏ كما أن جانبا من هؤلاء المناضلين كانوا قد تحولوا إلي بلطجية يجمعون الإتاوات بحجة المقاومة‏.‏ أما بالنسبة للمفاوضات مع إسرائيل والتي امتدت عبر عشرات الجولات الفاشلة سواء كانت مع رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت أو وزيرة خارجيته تسيبي ليفني أو مع المسئولين الأمريكيين بدءا من جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس أو الرئيس الحالي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون‏,‏ فلم يكن الرجل يملك خيارا آخر إلا الرفض والمواجهة وبالتالي استحكام الحصار ومنع محاولته للخروج من مأزق الفوضي الداخلية الذي ورثه من عهد حصار ابوعمار بالمقاطعة‏,‏ كما أنه حاول أن يصدق وعود الرئيسين بوش وأوباما‏,‏ فالأول وعد بإقامة دولة فلسطينية خلال أربعة أعوام‏,‏ مستندا إلي خطة خارطة الطريق‏,‏ والثاني وعد بدولة خلال عامين‏,‏ تبدأ بوقف الاستيطان الإسرائيلي بالضفة الغربية وانتهت سنوات بوش الأربع بغرقه في مستنقع العراق‏,‏ كما تبدد وعد اوباما سريعا بتراجع إدارته عن مطالبة إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان‏,‏ وهي أخطاء لا يمكن تحميلها لأبومازن الذي كان يلتقي الإسرائيليين والأمريكيين وعينه علي المحاصرين والجوعي من أبناء شعبه والذين يحصلون علي رواتبهم وطعامهم من المساعدات الغربية وليس من قنوات التليفزيونات العربية التي تنفق مئات الملايين لتأجير من يشتمون أبومازن ويتهمونه بالخيانة‏,‏ بينما يقضي أصحاب تلك القنوات إجازاتهم في تل أبيب ويعيشون في بلدانهم تحت حماية الأساطيل الأمريكية والتي انطلقت من قواعدهم لتدمير العراق في واحدة من كبري المجازر في التاريخ الإنساني‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.