ارتفاع أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس بعد تثبيت الفائدة الأمريكية    يوفنتوس يكتسح العين بخماسية نظيفة في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالمنوفية.. متى تُعلن وما طريقة الاستعلام الصحيحة؟    فصل التيار الكهربائي وإزالة السقف الصاج للسيطرة على حريق مستودع الزيوت في أسيوط (فيديو وصور)    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالسيدة زينب    سالزبورج النمساوي يفوز على باتشوكا المكسيكي في كأس العالم للأندية    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    واشنطن بوست: مديرة الاستخبارات الأمريكية ووزير الدفاع ليس لهما دور رئيسي في مناقشات ضرب إيران    الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان منطقتي آراك وخندب الإيرانيتين    لم تنجح إلا طالبة واحدة.. رسوب جماعي لطلاب الشهادة الإعدادية في مدرسة ببني سويف    تزمنًا مع ضربات إيران وإسرائيل.. العراق ترفع جاهزية قواتها تحسبًا لأي طارئ    أحمد الجنايني ينفي شائعة زواجه من آيتن عامر ويتوعد مروجيها    ياسر إبراهيم يتحدث عن مباراة الأهلي وبالميراس في كأس العالم للأندية    ملف يلا كورة.. ثنائي يغيب عن الأهلي.. مدير رياضي في الزمالك.. وتحقيق مع حمدي    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية على إسرائيل    إسرائيل: منظومات الدفاع الجوي الأمريكية اعترضت موجة الصواريخ الإيرانية الأخيرة    بدء صرف مرتبات يونيو 2025.. والحد الأدنى للأجور يرتفع إلى 7 آلاف جنيه الشهر المقبل    تراجع مخزون النفط الخام في أمريكا بأكثر من التوقعات    الدولار ب50.50 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 19-6-2025    ‌جيش الاحتلال: ننفذ حاليا سلسلة من الضربات فى طهران ومناطق أخرى بإيران    محمد رمضان وهيفاء وهبي في حفل مشترك ببيروت.. وديو غنائي مرتقب مع عايض    فواكه تساعد على طرد السموم من الكبد والكلى    من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)؟!    رامي ربيعة أساسيا مع العين ضد يوفنتوس فى كأس العالم للأندية    تعرف على موعد حفل محمد رمضان وهيفاء وهبي في لبنان    تموين الإسماعيلية تكثف حملات المرور على المطاعم (صور)    إعلام لبناني: غارة إسرائيلية على جنوبي لبنان أسفرت عن اغتيال عنصر من حزب الله وإصابة آخر    تصعيد غير مسبوق: حاملة الطائرات الأمريكية الثالثة تتمركز قرب إيران    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    بنهاشم: تسديد 12 كرة على المرمى يؤكد اختراق الوداد دفاعات مانشستر سيتي    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم.. صور    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    5 جرامات تكفي.. تحذير رسمي من «الملح»!    «الزاوية الخضرا».. ديكور «الواحة الداخلية» في منزلك    الصحة تحذر من 5 شائعات عن استخدام اللولب النحاسي كوسيلة لتنظيم الأسرة    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 19 يونيو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 19 يونيو 2025    السفير السعودي بالقاهرة يلتقي نظيره الإيراني لبحث التطورات الإقليمية    المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    17 صورة من حفل زفاف ماهيتاب ابنة ماجد المصري    أحدث جلسة تصوير ل بوسي تخطف بها الأنظار.. والجمهور يعلق    كوريا الشمالية عن الهجمات الإسرائيلية على إيران: تصرف غير قانوني.. وجريمة ضد الإنسانية    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    حفار بترول قديم ومتوقف عن العمل يسقط فى رأس غارب دون إصابات    لو رايح مصيفك في مطروح... اعرف مواعيد قطارات الصيف 2025 من وإلى القاهرة    «مصر للطيران للأسواق الحرة» توقع بروتوكول تعاون مع «النيل للطيران»    ريبيرو: بالميراس يمتلك لاعبين مميزين ولديه دفاع قوى.. وزيزو لاعب جيد    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا بحادث تصادم في البحيرة    ملفات تقنين الأراضي| تفاصيل اجتماع رؤساء الوحدات المحلية بقنا    احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    حسام صلاح عميد طب القاهرة ل«الشروق»: انتهاء الدراسات الفنية والمالية لمشروع قصر العينى الجديد    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصوم‏..‏ تاريخ واعتقاد

يمثل الإمتناع عن الطعام أحد مظاهر السلوك الإنساني الذي عرفته الشعوب عبر العصور مع إختلاف المشارب والتوجيهات‏.‏ وعلي الرغم من أن الصوم يمثل في الوجدان الإنساني لدي الكافة. مرادفا لواحد من أهم الإلتزامات التعبدية‏,‏ إلا أنه علي إطلاق يسترعي فيه الإنتباه عددا من مظاهر التباين النوعي التي تمايز بين أشكاله علي الصعيدين السلوكي والطقسي‏.‏ إذ لا يختلف إثنان علي أن الصوم من حيث كونه مدرسة سلوكية يهدف إلي الإستعلاء علي رذيلة الأنانية والإعلاء من قيمة الإرادة الذاتية إلي جانب البعد الزوحي ممثلا في الإنصياع للأمر التعبدي سماويا كان أو وضعيا‏.‏ كما أن نتائج الأبحاث الخاصة بالصيام التي خلصت إليها المراكز العلمية المتخصصة لاسيما في طب المسنين تكفينا مؤونة الحديث عن العائد الصحي ومزاياه‏.‏
ولقد فطنت الحضارات لهذه القيم والفوائد وتنوعت في تفعيلها بالإمتناع عن الطعام كليا أو جزئيا فضلا عن التحديد الكمي أو النوعي للوجبات وكذا التعيين السني والجنسي والزمني للإلتزام‏,‏ ومن ثم لم يكن مستغربا مثالا لا حضرا أن يحرم علي كهنة المعبد في مصر القديمة تناول بعض الأطعمة كالثوم والملح والسمك وجميع أنواع اللحوم عدا الأوز سواء أثناء تأدية الطقوس أو بالتحريم التام مع الإمعان في التطهر بعدم الإقتراب من الزوجات‏.‏ في حين إكتفت البوذية بحظر الطعام علي كهانها ذكرانا وإناثا بعد وجبة الظهيرة وحتي صبيحة اليوم التالي‏,‏ وإن خضع البعض لما ذهبت إليه إحدي قديسات الطائفة الهنديات لتفعيل مبدأ‏(‏ الكارما‏)‏ الذي يعلي من الإرادة الحياتية ضمن أطوار الوجود وبما يمكن إعتباره جمعا بين الفرض والتطوع‏(‏ أو الطريق الوسط وفقا لإعتقادهم‏)‏ في آن واحد وذلك بإقرار الصوم التقليدي يوما والحرمان الكلي في اليوم التالي‏.‏ أما الزرادشية فقد وظفت الصوم عن الطعام والكلام في توصيفها للمخلوق النوراني الأزلي‏.‏
وقد فرضت البهائية علي أتباعها صياما عدته تتفق والرقم المقدس لديهم وهو تسعة عشر يوما بدءا من مطلع شهر مارس‏,‏ يحظر فيها الطعام والشراب والتدخين عدا تناول الدواء ويفرض علي الفئة العمرية ما بين الخامسة عشرة والسبعين‏,‏ كما أجازت للمسموح لهم بعدم الصوم لعلة كمشقة العمل مثلا تناول الطعام في الخفاء وبكميات أقل من المعتاد‏!!!‏
ومن المستغرب في هذا الصدد أنه في الوقت الذي لا يشجع السيخ أتباعهم علي الإلتزام بطقس الصوم أو غيره‏,‏ فإن عقيدة اليانية الهندية الأقل شهرة والتي شهرت في القرن السادس قبل الميلاد تقدم لأتباعها أنماطا عدة مثل الإمتناع عن الطعام والشراب لإشراقة اليوم التالي أو الإكتفاء بشرب الماء المغلي فقط‏,‏ عن الصيام لثمانية ايام قد تمتد في نوع آخر لشهر كامل مع ضرورة الإلتزام بالتقشف‏.‏
أما الهندوس فتتفاوت أيام الصيام وفقا لمسمي المعبود وطبيعة المعتقدات المحلية وإن ظل يوم الخميس هو الأكثر شهرة وتفضيلا لاسيما في المناطق الشمالية حيث يصاحب الصوم تلاوة لبعض قصص الوغظ ويسود اللون الأصفر في الملابس والاطعمة حتي أن أشجار الموز تعد من المقدسات‏.‏ ويتم الألتزام في الصيام بعامة من غروب الشمس حتي ما بعد شروق اليوم التالي بما يربو عن ثلاثة أرباع الساعة بقليل‏,‏ ويكون الإمتناع عن تناول الطعام كلية أو الإكتفاء بوجبة واحدة مع البعد عن كافة المنتجات الحيوانية ومشتقاتها وإن أستثني اللبن في بعض الأحايين‏.‏
ومما لاشك فيه أن الديانات السماوية قد تمايزت بشكل جلي في الصيام المفروض علي معتنقيها‏,‏ بيد أن ما يستوقفني هنا هو ذلك التباين في صيام التطوع بين الطوائف والمذاهب المختلفة من جانب‏,‏ فضلا عن تقديس أحداث بعض الأيام لتصبح ضمن ايام الصوم تقديرا وتقديسا بدورها‏.‏ مثل صيام النصف من شعبان أو عاشوراء وموقف السنة والشيعة منه‏,‏ وعند اليهود يوم النصر علي المؤابيين والمكابيين الذي جعله الملك العبراني يهوه شافاط يوما مقدسا يفرض فيه الصوم قربي لله‏,‏ وكذا أيام الصوم التي فرضت علي اليهود قبل مواجهة أستير لملك الفرس من أجل بني إسرائيل‏..‏ وغيرها كثير مما يحفل به العهد القديم‏.‏ كما لا يخفي علي أي باحث مدي تأثر عقيدة الصوم ونوافلها بالفصل التاريخي بين الكنيستين الغربية والشرقية وكذا إنفصال الكنيسة الانجليزية عن الكنيسة الرومانية الغربية وما حدث من تحلل من العديد من الإلتزامات لم يكبح جماحها سوي حركة أكسفورد المضادة‏,‏ ليستقر الأمر علي ما يربو عن خمسة عشر مناسبة للصيام إرتبطت في معظمها بصيام القديسين‏.‏ ومن ذلك أيضا ما استتبع حركة الإصلاح الديني الأوروبي من تعديلات وإضافات تشهد عليها تعاليم زفنجلي ومارتن لوثر كنج وغيرها من الكنائس الأوروبية علي تنوعها‏,‏ فضلا عن التعاليم البابوية المستحدثة في المقابل التي لم تتترك الملعب لحركات‏(‏ التجديد‏).‏
والواقع أن الصوم بمفهومه الحسي قد تم تجاوزه لما هو أبعد مثل صيام السيدة العذراء عن الكلام إمتثالا للأمر الإلهي بتفعيل معجزة تحدث المسيح عليه السلام وهو في المهد صبيا‏,‏ وكذا ما يعرف عند المتصوفة بصيام خواص الخواص‏.‏ وإن كان ماقام به المهاتما غاندي من صيام يرتقي لذات المستوي الصوفي‏.‏ وإن خلص فيه بين السياسة والرقي الروحي في رسالة بالغة البيان للطوائف الهندية المتناحرة والموقف الرافض للإحتلال البريطاني‏.‏ في حين مثل الصوم بمفهومه السياسي البحت ظاهرة الإضراب عن الطعام حتي الموت كإحدي مفردات ثقافة التعبئة لتحقيق أهداف بعينها‏.‏
ولعل من نافلة القول الإشارة إلي‏(‏ الصوم الإجباري‏)‏ أو تحديدا المجاعات حيث اشار تقرير منظمة الفاو إلي أن قرابة‏15%‏ من سكان العالم يعانون الجوع‏.‏ وإن يستوقفنا أمران غاية في الدلالة أولهما أن معدل الفقر بسبيله للتقلص في آسيا وللزيادة في إفريقيا‏,‏ والثاني أن إنتاج العالم من الطعام يكفي كل سكان الأرض‏..!!‏ فهل في ذلك المزيد من التوكيد علي ظلم الإنسان وجهالته في حمل الأمانة‏..‏ آمل ألا يكون في ذلك كذلك‏..‏

المزيد من مقالات د‏.‏ حسن السعدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.