الإدارية العليا تستقبل 102 طعن على نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    إطلاق إسم علي المصيلحي على ميدان بمسقط رأسه في الشرقية    الإعلام وتدقيق معلومات الذكاء الاصطناعى!    وزير البترول يبحث مع سفير الجزائر تعزيز التعاون في مجالات البترول والغاز    جهاد حرب: الحكومة الإسرائيلية تعيش على الحرب وتواصل التدمير في لبنان    حفل جوائز كاف 2025| ياسين بونو أفضل حارس مرمى    منتخب الرجال لكرة السلة 3X3 يحصد ذهبية دورة ألعاب التضامن الإسلامي    كريستيانو رونالدو يشكر دونالد ترامب على دعوته لزيارة البيت الأبيض    ضبط صانعة محتوى بسبب فديوهات رقص مثيرة بالإسكندرية    انفجار إطار يتسبب في سقوط سيارة من أعلى الطريق الإقليمي ومصرع قائدها    تحذير هام من الأرصاد الجوية للسائقين صباح غد.. اعرف السبب    خالد النبوي يرفض ارتداء هذه الملابس حفاظا على صورة العرب في الخارج.. تعرف على التفاصيل    كنوز| حبيب القلوب يضىء 90 شمعة فى تورتة مشواره    كنوز| عشق موسيقار الأجيال لصينية بطاطس قيثارة الغناء !    عبدالوهاب شوقي: لم يشغلني سبب منع «آخر المعجزات» وكنت واثقا من عرضه بالقاهرة السينمائي    محافظ المنيا يستقبل رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    السكة الحديد: استكمال مسامير التثبيت المفقودة قضبان السكة بالفلنكات الخشبية في شبرا الخيمة وإحكام ربطها بشكل كامل    أحلام ناخب    الدكتور مصطفى ثابت يقدم خالص العزاء للنائب محمد شبانة عضو مجلس نقابة الصحفين    الملحقان العالمي والأوروبي.. 22 منتخبا يتنافسان على 6 بطاقات للتأهل إلى كأس العالم 2026    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    عن عملات مستقرة وغير مستقرة    خبراء الطب يحذرون من التشخيص الخاطيء ل«الانسداد الرئوي»    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    من يعود إلى المنزل بهذه الجوائز.. كاف يبرز كؤوس الأفضل في حفل الرباط    تعزيز الانتماء والولاء عبر أدب اليافعين في مناقشات المؤتمر السنوي العاشر    سكك حديد مصر تسيير الرحلة الثالثة والثلاثين من مشروع العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    غرامة 100 ألف للمخالف.. بدء الصمت الانتخابى بانتخابات مجلس النواب ظهر غدا    منتخب مصر يتراجع في تصنيف فيفا ويحتل المركز 34    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    وجبات ذهبية للأطفال بعد التمرين حفاظا على صحتهم ونشاطهم    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    منتخب شباب الهوكي يتوجه للهند 23 نوفمبر للمشاركة في كأس العالم    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    إبراهيم صلاح: تعجبت من قرار إقالتي من تدريب جي.. وسأرد في الوقت المناسب    إزالة 296 حالة مخالفة ضمن «المشروع القومي لضبط النيل» بالمنوفية    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    دوري أبطال إفريقيا.. 30 ألف متفرج في مباراة الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية    الأكبر منذ 50 عاما..مصرع شخص فى حريق التهم أكثر من 170 مبنى باليابان "فيديو"    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار بين شريكي الحكم وموقف مصر من وحدة السودان
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 08 - 2010

في مطلع العام المقبل وبالتحديد في التاسع من يناير سوف يواجه السودان استحقاق الاستفتاء علي حق تقرير المصير لإقليم جنوب السودان‏,‏ وهو المنعطف الأكثر أهمية وخطورة في تاريخ الدولة السودانية منذ الاستقلال‏ حيث من المقرر أن يختار شعب جنوب السودان بين البقاء في السودان الموحد أو الانفصال في كيان جديد‏.‏
وقد كان من المفترض طبقا لاتفاقية نيفاشا أن يعمل الطرفان معا خلال الفترة الانتقالية من أجل أن تكون الوحدة جاذبة‏,‏ إلا أن كل المؤشرات الحالية توضح أن جنوب السودان مقبل علي الانفصال طبقا لتصريحات قادة الحركة الشعبية وللاستعدادات العملية الجارية علي قدم وساق‏,‏ الأمر الذي يقتضي من الناحية العملية السعي بكل الطرق الممكنه للوصول إلي اتفاقات واضحة حول العديد من الملفات والقضايا العالقة بين الطرفين‏,‏ حتي لا يكون الانفصال بداية لصراعات أو حروب جديدة بين الدولة الجنوبية المنتظرة ودولة شمال السودان‏.‏
في هذا الاطار انعقدت بالقاهرة مؤخرا الجولة الثانية من مباحثات حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية‏,‏ حول السيناريوهات المختلفة لمستقبل السودان‏,‏ وكيفية التعاطي مع هذ القضايا‏,‏ من أجل الاتفاق علي الأسس اللازمة لعلاقات تعاونية حتي لو تقرر انفصال الجنوب‏.‏ كانت الجولة الاولي من هذه المباحثات قد انعقدت في فبراير الماضي لنفس الغرض تحت الرعاية المصرية‏,‏ غير أن الفارق بين الجولتين هو أنه خلال الجولة الاولي كان هناك بعض الأمل في استكشاف أي صيغة تكفل الحفاظ علي العلاقة الوحدوية بين الطرفين‏,‏ إلا انه بات من الواضح أن قيادة الحركة الشعبية وحكومة إقليم جنوب السودان قد عقدت النية والعزم علي التوجه للانفصال‏,‏ مع العزوف عن مناقشة أي سيناريوهات بديلة‏,‏ عبر الحديث عن شروط ومطالب من المعروف انها سوف تكون عسيرة التطبيق حتي لو قبلها حزب المؤتمر الشريك الرئيسي للحركة الشعبية في الحكم‏.‏
ورغم الحملة الاعلامية واسعة النطاق الداعيه للحفاظ علي الوحدة والتنبيه إلي تبعات الانفصال ومخاطره‏,‏ ورغم الجهود الكثيفة التي يقودها الرئيس البشير ونائبه علي عثمان طه لاقناع الجنوب بالبقاء في الوحدة‏,‏ إلا انه يمكن القول أن هناك نوعا من عدم الممانعة الشمالية الواضحة في انفصال الجنوب إذا كان ذلك تعبيرا عن رغبة حقيقية لأغلبية الجنوبيين وليس اختطافا لنتائج الاستفتاء من جانب أقلية من الانفصاليين‏,‏ الذين يتحدث بعضهم بصوت عال وبقدر مفرط من الثقة في النفس يصل إلي حد الإشفاق علي مصير ومقدرات الشمال عقب الانفصال‏,‏ مع اعطاء بعض الدروس والنصائح أيضا للقوي الاقليمية في المنطقة‏,‏ الأمر الذي يوضح المخاطر الكامنة التي قد تنتج من التعجل أوالاندفاع ومحاولة القفز علي النتائج‏,‏ مثل القول بضرورة أن يتم الاستفتاء في الموعد المحدد حتي لو لم يتم الانتهاء من ترسيم الحدود‏,‏ وحتي اذا لم تتوافر الاستعدادات المطلوبة لاستفتاء حر ونزيه وغير مزور‏,‏ إذ ان التوافق العام المعلن والتأكيدات المتوالية علي ضرورة إجراء الاستفتاء مع الالتزام التام بنتائجه‏,‏ من المفترض أن يدفع حكومة الإقليم الجنوبي إلي الحرص علي إنهاء القضايا التي من الممكن ان تكون سببا لصراع جديد في المستقبل قبل التاسع من يناير‏,‏ وليس وضع العربة امام الحصان بترك هذه القضايا عالقة مع الاصرار علي الاستفتاء‏,‏ أو التلويح بالإنفصال من طرف واحد‏.‏
ورغم هذه الاجواء فإنه يمكن القول ان جولة الحوار الثانية في القاهرة‏_‏ والتي قد تعقبها جولات اخري‏,‏ قد أثمرت نجاحا واصحا في التأكيد علي الاسس الضرورية لتحاشي أي اضطرابات أو نتائج سلبية‏,‏ اذ أكد الطرفان في بيان مشترك من تسع نقاط الاتفاق علي عقد الاستفتاء في موعده علي ان يكون بمراقبة اقليمية ودولية‏,‏ وعلي قبول خيار شعب جنوب السودان سواء كان وحدة او انفصالا وتنفيذه‏.‏ كما توافق الطرفان علي ان التواصل بين القبائل والمواطنين في مناطق التمازج بين الشمال والجنوب هو القاسم المشترك الاكبر في العلاقات بين الشمال والجنوب وبما يستدعي الحفاظ علي علاقات وروابط اقتصادية وجغرافية وثقافية واجتماعية بين المواطنين في هذه المناطق وحل كافة نقاط الخلاف حول الحدود واستكمال ترسيمها وتطبيق هذا الترسيم علي الارض‏.‏ مع الدعوة إلي اخلاص الجهود لتجاوز المصاعب التي تواجه تنفيذ بروتوكول إبيي‏.‏
في هذا السياق تجدر الاشارة إلي أن رعاية القاهرة لهذه اللقاءات تندرج في الاستراتيجية الثابتة لمصر وموقفها الواضح في كل المراحل‏,‏ باعطاء الأولوية دائما للحفاظ علي وحدة السودان واستقراره‏,‏ فمصر كانت طوال الوقت تري أن إيجاد الحلول لانهاء ازمة جنوب السودان يجب ان يقوم علي اساس قاعدة المواطنة والمساواة التامة في الحقوق والواجبات بدون اي تمييز بسبب العرق او اللون او الدين‏..‏ وليس علي أساس حق تقرير المصير‏,‏ وذلك لإدراكها التام ما سوف يترتب علي ذلك من مخاطر وتداعيات علي مكونات المجتمع السوداني‏,‏ وما سوف يصيب هذا النسيج الذي يحمل الكثير من عوامل الترابط والتداخل من تهتك وانقسام‏,‏ وما قد يفرزه ذلك من أزمات أخري في المستقبل قد يصعب السيطرة عليها‏.‏
ورغم كل التحديات التي أحاطت بتطبيقات اتفاقية نيفاشا خلال المرحلة الانتقالية‏,‏ فقد ظلت مصر حريصة علي دعم وحدة السودان والدعوة اليها حتي اللحظة الاخيرة‏,‏ مع الحرص أيضا علي ان يتم ذلك عبر الحلول والتفاهمات الوفاقية بين الطرفين وليس عبر السعي الي فرض وجهة نظر احد الاطراف او اعلائها علي حساب الطرف الآخر أو ضد إرادته‏,‏ فهذا الأمر في حالة حدوثة لن ينتج عنه سلام أو استقرار بل سوف يؤدي الي اعادة انتاج الخلافات والصراعات ربما بشكل أكثر حدة وضراوة عن ذي قبل‏.‏ ولذا سعت القاهرة الي دعوة شريكي نيفاشا إلي هذه الجولات من الحوار والتباحث بينهما من أجل تقريب وجهات النظر‏,‏ ودعم الجهود الجارية للتوافق حول القضايا العالقة واجراء الاستفتاء في موعده والالتزام بنتائجه‏.‏ ورغم ان الامل في الحفاظ علي الوحدة يتضاءل الا ان هذا الجهد يحتقظ بأهميته القصوي من اجل وضع الاسس اللازمة لعلاقة تعاونية في المستقبل تقوم علي التفاهم وعلي الحفاظ عل الروابط المشتركة وتفادي الانزلاق الي صراعات جديدة‏.‏
ويمكن القول ان الرؤية المصرية في هذا المجال تستند علي مجموعة من الحقائق الموضوعية‏,‏ التي تري أن الحل الأفضل لكل مشاكل السودان هو الحفاظ علي الوحدة واعمال قاعدة المواطنة والاستجابة للمطالب التي تكفل الشعور بالمساواة والإنصاف لكل أبناء السودان‏,‏ أما اذا تعذر ذلك وأصبح الانفصال حتميا‏,‏ فانه ينبغي الحفاظ علي علاقات تعاونية ومستقرة بين دولتي الشمال والجنوب‏,‏ فالصراع قد يؤدي الي تحول السودان نحو الصوملة‏,‏ أو تهيئة الظروف لانفصالات جديدة في الشمال وفي الجنوب ايضا‏,‏ كما سوف يفتح الباب لقوي وأدوار خارجية متربصة للتلاعب بهذه المنطقة وتعميق الخلافات والتوترات الكامنة‏.‏ وانه يجب علي مصر بحكم مصالحها الاستراتيجية ودواعي أمنها القومي وايضا بحكم مسئوليتها وعلاقاتها التاريخية بالسودان‏,‏ أن تسعي‏-‏ في حالة وقوع الانفصال‏_‏ لمساعدة الدولة الجديدة علي الاستقرار والتماسك‏,‏ وأن تشجع الطرفين عبر علاقتها الجيدة بهما معا‏,‏ علي التواصل والتوافق‏,‏ ومراعاة وتفهم الظروف والتحديات التي تواجه كل منهما‏,‏ وليس السعي لاستمرار الحرب الباردة أو محاولة الاستمرار في إدارة الصراع بوسائل جديدة‏,‏ مثل تشجيع الاضطرابات وظواهر عدم الاستقرار لدي الآخر‏.‏
المزيد من مقالات هانىء رسلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.