لم تكن الاجتماعات العديدة التي عقدها الحزب الوطني الديمقراطي حول قضايا الشباب الأسبوع الماضي ظاهرة مفاجئة أو صحوة لاهتمام غير مسبوق, أو تنفيذا لتوجيهات عليا لابد من تنفيذها. ولكنها في حقيقة الأمر كانت وقفة ليست مع النفس فقط ولكنها وقفة وطنية أفرزتها بيانات ونتائج صادمة شملها تقرير التنمية البشرية المصري للعام الحالي. والذي أعلن للمرة الأولي عن زيادة أعداد الشباب في مصر والذين بلغ عددهم19,8 مليون شاب وفتاة وبالطبع ليست النتيجة الصادمة هو هذا الرقم المتزايد للشباب الذي يبلغ ما يقرب من25% من عدد سكان مصر, ولكن أهم النتائج الصادمة هي القصور الشديد الذي تتحمله الأحزاب والمؤسسات المدنية حيال المشاركة السياسية للشباب وتراجع الفتيات بنسبة20% عن دخول سوق العمل بل وعزوفهم عن العمل أساسا بعد التخرج, وعن المشاركة في العمل العام برغم كل الجهود المبذولة في الدولة من جميع الجهات.. ومع ظهور هذه النتائج الصادمة كان لابد من وقفة للحوار حولها وتدارسها مع عقد لقاءات موسعة مع الشباب للاستماع إليهم وإلي شرائح مختلفة منهم بصورة أكبر وبمواجهة مباشرة لا تقتصر علي التقارير ولا تنغلق علي مجاميع بعينها لها مواصفات محددة لا تحمل جميع شرائح الشباب.. ومع الحوارات التي دارت الأسبوع الماضي وفي أمانة الإعلام برئاسة الدكتور علي الدين هلال وفي لجنة الشباب برئاسة الدكتور محمد كمال, وفي لقاء السيد جمال مبارك الأمين المساعد للحزب وأمين السياسات نجد نقاط ارتكاز وحقائق أعلنت عن نفسها بصورة أكبر أهمها حاجة الشباب لدرجة أكبر من التوعية السياسية والتي يجب ألا تقتصر علي الحوارات في فصل الصيف مع المسئولين بل لابد من استمراريتها بصورة تفصيلية وبشرح واف لجميع الحقائق في الجامعات علي الأقل والتي تضم2,5 مليون طالب وطالبة, حتي لا يتم مواجهتهم لحقائق مغلوطة أو يتم التلاعب بها دون تناولها بصورتها الحقيقية وفي التوقيت المناسب. وفي ذات الوقت كما عبر الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني عن فكره تجاه هذه القضية المهمة فإنه لابد من مواكبة التصدي الفكري الفوري بالارتقاء بجودة التعليم, وإعطاء اهتمام أكثر وبصورة مدروسة بالأنشطة الطلابية وفي الأسر بالجامعات, والتعرف علي أسباب عزوف الشباب عن الاتحادات الطلابية بالمقارنة بالأسر بالجامعات, وقيام أساتذة الجامعات بدورهم التنويري حيال الطلبة, وبالطبع مع عدم إغفال دور الجمعيات الأهلية إلي جانب الأحزاب في زيادة جرعات التوعية السياسية بين شرائح الشباب المختلفة, مع تكامل السياسات تجاه الشباب في الدولة. وقد فجر أيضا الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي, وفي اجتماعه بلجنة الشباب بأمانة السياسات رغبة الشباب الملحة في العمل في مشروع قومي يعتزون بالإنتماء إليه ويتيح لهم في الوقت ذاته فرص عمل تستوعبهم, وبالفعل فإنهم يحتاجون إلي تحرك فوري في هذا الاتجاه يجمعهم ولا يفرقهم, وينشر بينهم الوعي وخطة البناء دون الهدم والإحباط ونشر فكر السلبية ومعاداة كل ما هو شرعي أو حزبي أو حكومي.. من أجل ذلك كله قرر الحزب الوطني أن يتدارس الموقف, ويسمع مختلف الآراء, ويقرر عقد المزيد من اللقاءات مع المسئولين والشباب, بل ويعلن توحيد سياسات الشباب جميعها وفي سياسة قومية يعلنها برنامجه الانتخابي. وإننا نري أن هذه الوقفة المهمة الرشيدة والواعية بمستقبل مصر ونهضتها لابد أن تنتقل إلي الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني, لأنهم كما قال أحد رؤساء الأحزاب, ملح الأرض وأمل الملايين في وطنهم الآمن لكل مواطنيه.