* التمييز ضد المرأة الريفية وعدم حصولها علي حقوقها كان ضمن الملاحظات التي أكدتها اللجنة المعنية بالقضاء علي التمييز ضد المرأة في مصر مؤخرا, مما دفعنا إلي البحث عن مظاهر ذلك التمييز.. وكيف يمكننا القضاء عليه حتي ننهض بالمرأة الريفية في قري مصر. في البداية ترصد إحسان رشاد الرائدة الريفية بإدارة وراق الحضر بعض هذه المظاهر قائلة: ما زالت نسبة الأمية عالية بين النساء الريفيات بجانب الفقر الشديد وتحملهن مع أزواجهن مسئولية الإنفاق علي الأسرة وتربية الأبناء بشتي الطرق المرهقة لهن والجائرة علي صحتهن, فهناك من تقوم بتربية الطيور وبيعها, وأخري تبيع اللبن, وهناك من تقوم ببيع تموين الأسرة من زيت وسكر وشاي وأرز, لكي تنفق علي الدروس الخصوصية لأبنائها.. وأمثلة أخري عديدة, هذا فضلا عن المعاناة التي تعيشها المرأة الريفية يوميا من خلال عملها في البيت ثم الذهاب إلي زوجها في الحقل سيرا علي الأقدام في عز القيالة.. لتوصل له الغداء ولمساعدته أيضا في زراعة الكام قيراط اللي حيلتهم.. أو زراعة أرض الغير من ملاك الأراضي. شكل آخر من أشكال المعاناة هو هجر الزوج أو زواجه من أخري أصغر سنا. أما عن دورها كرائدة ريفية تسعي للنهوض بالمرأة الريفية.. فتقول: كل رائدة مسئولة عن مربع يضم نحو ألف وخمسمائة أسرة.. ونركز اهتمامنا علي التوعية بأهمية واساليب تنظيم الأسرة والصحة العامة للمرأة ومحو أميتها من خلال زياراتنا المنزلية لهن بمعدل3 مرات أسبوعيا والثلاثة أيام الآخري نعقد لهن دورات للتوعية بمقر الإدارة الصحية تحت إشراف مدير الإدارة, هذا بجانب, ما نقدمه من مساعدات اجتماعية سواء بالتنسيق مع المجالس المحلية أو الجمعيات الأهلية ووزارة التضامن الاجتماعي لعمل أبحاث اجتماعية للحالات التي تحتاج إلي مساعدة وإرسالها للوزارة والتي تقرر استحقاق الحالة للمساعدة من عدمه. وتبدي الرائدة الصحية عبير علي تعاطفها الشديد مع المرأة الريفية خاصة الفقيرة لما تعانيه من شدة الحاجة بسبب كثرة الأبناء مع قلة الدخل وتقول: نقوم بعمل قوافل طبية بين الحين والآخر لمتابعة حالات النساء وتوعيتهن بشكل عام في جميع مجالات الحياة, وهناك قوافل طبية خاصة بصحة المرأة بشكل خاص. وتلفت عبير نظر المسئولين والمهتمين بشئون المرأة والنهوض بها إلي منطقة حكر عباس.. التابعة لوراق الحضر والتي تجمع بين المجتمع الريفي والعشوائي في نفس الوقت. وتقول: إن سيدات كثيرات هناك يحتجن للعلاج الشهري, وفي أمس الحاجة إلي قرارات علاج علي نفقة الدولة, وهناك أيضا ممن يخرجن أبناءهن من المدرسة للعمل والإنفاق علي الأسرة رغم صغر أعمارهم. وأمام الوحدة الصحية بشارع عبدالمنعم رياض بوراق الحضر والتي من المفترض أنها نموذج للنظافة والنظام كان الواقع عكس ذلك تماما, حيث تتكدس أمامها أكوام التراب ومخلفات البناء بخلاف موقف عربات كارو الحمير, وهناك التقيت مع مجموعة من الريفيات البائسات واللاتي يعانين من بعض المشاكل الصحية, وكانت شكواهن تقريبا واحدة حيث اجتمعن جميعا علي مطلب واحد وهام مثلما كان من قبل, وعندما استوضحت الأمر منهن عرفت أنه قبل العمل بنظام طب الأسرة منذ حوالي4 سنوات كانت المريضة تدفع قيمة التذكرة جنيها واحدا قبل الساعة11 صباحا, ويتم الكشف عليها, وأيضا تحصل علي العلاج مجانا.. أما بعد الساعة11 صباحا تدفع3 جنيهات ثمن التذكرة, وتيم الكشف عليها وأيضا تتحصل علي العلاج مجانا.. أما في نظام طب الأسرة ولابد للمريضة أن تدفع ثلاثين جنيها كرسوم لعمل ملف خاص بها بالوحدة الصحية, وأصبحت قيمة التذكرة3 جنيهات في كل الأوقات, ويتم الكشف عليها مجانا, ولكنها تدفع قيمة العلاج.. أما بالنسبة للتي ليس لها ملف بالوحدة الصحية فمن الممكن أن يتم الكشف عليها بعد دفع قيمة التذكرة وتحصل هي علي العلاج بمعرفتها خارج الوحدة الصحية. وعندما سألت د.محمد حلمي عبده مدير تنظيم الأسرة بالإدارة الصحية بالوراق عن أهم مظاهر التمييز ضد المرأة الريفية قال: أهم هذه المظاهر في عدم الاهتمام بتعليم الفتاة والزواج المبكر للفتيات.. كما أن فرص العمل في المجتمع الريفي مقصورة علي الذكور, ونادرا ما تتاح فرصة عمل للفتاة, هذا فضلا عن عدم السماح للفتاة بالتعبير عن رأيها داخل أسرتها.. فدائما القرار للأب أو الابن الذكر فتنشأ الفتاة معدومة الشخصية ولا رأي لها.. كما أن ظاهرة ختان الإناث ما زالت موجودة في معظم المناطق الريفية, ولم يتأثر الأهالي بكل الجهود التي تبذل للتحذير من مخاطرها. ويؤكد أيضا مدير تنظيم الأسرة.. بإدارة الوراق أن المرأة الريفية دائما محبطة ولم تعد تلك المرأة التي تعيش من خير دارها, كما كانت بالماضي, بل انتشرت ظاهرة خروج الفلاحات مؤخرا للعمل في المصانع والمحلات للحصول علي دخل يغطي احتياجات أسرهن. وفي ظل كل هذه الظواهر السلبية التي تحيط بالمرأة الريفية يشير د.حلمي إلي ظاهرة ايجابية وهي ظهور جمعيات أهلية لمناصرتها ومساعدتها للحصول علي حقوقها من خلال محامين ومحاميات متطوعين لهذا الغرض. ومن الصور المضيئة الأخري في حياة المرأة الريفية ما تنقله لنا سامية أيوب مدير عام جهاز بناء وتنمية القرية بالوادي الجديد قائلة: إن المرأة الريفية تمثل57% من سكان الوادي الجديد, لذلك يعمل علي النهوض بها من خلال المشروعات الخاصة بكل قرية مثل الصناعات البيئية وتربية الحيوانات والدواجن وذلك بالتنسيق مع الصندوق الاجتماعي بوزارة التنمية المحلية. ومنذ ابريل الماضي بدأنا العمل في مشروع قرية بلا أمية.. حيث تم إنشاء ثلاثين فصلا نجحت في محو أمية356 أمية من ألف وتسعمائة أمية, وهو عدد النساء الأميات في الوادي ومخطط للمشروع أن ننتهي من محو الأمية تماما في اكتوبر القادم, فهناك بروتوكول بين جهاز تنمية القرية, وبين هيئة مكافحة الأمية.. فضلا عن الدورات التدريبية التي ننظمها علي المشاركة السياسية لنساء الوادي والتي بدأناها منذ أول مارس الماضي وأسفرت عن ابداء خمس سيدات رغبتهن للترشيح في انتخابات مجلس الشعب المقبلة.. أما ما يعوق النهوض بالمرأة الريفية والكلام ما زال لمدير عام جهاز بناء وتنمية القرية بالوادي الجديد فهو عدم تعميم المظلة الصحية والتأمينية لتشملها بجانب ما تعانيه من الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل مستمر. وتقر د.شفيقة ناصر أستاذ الصحة العامة والتغذية بطب القاهرة وعضو لجنة الصحة والسكان بالمجلس القومي للمرأة أنه ما زال هناك نسبة عالية من وفيات الأمهات نتيجة الحمل والولادة في المناطق الريفية, وكل الدراسات تشير إلي أن عدد السيدات اللاتي يستفدن من الخدمات المجانية في الوحدات الصحية, هناك أقل من60%.. وتري أن النهوض بالمرأة الريفية يجب أن يبدأ من المنبع, وذلك من خلال الاهتمام بصحة الفتاة الصغيرة والحرص علي تعليمها ومنع الزواج المبكر للفتيات في الريف. وتؤكد د.إيمان بيبرس رئيس مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة والخبيرة الدولية في قضايا المرأة والتنمية أن المرأة في المناطق الريفية مهملة بسبب التركيز نحو النهوض بالمرأة في المناطق الحضرية. وتشير إلي أن حرمان أغلب النساء الريفيات من ميراثهن الشرعي يمثل أشد أنواع التمييز ضدهن موضحة ضرورة أن يكون هناك توعية لهن في هذا الشأن من خلال كبار رجال القرية والجمعيات الأهلية والإعلام ودور العبادة من مساجد وكنائس وفروع المجلس القومي للمرأة في المحافظات. وعندما سألت د. فرخندة حسن أمين عام المجلس القومي للمرأة عن دور المجلس في النهوض بالمرأة الريفية قالت: نصل من خلال فروع المجلس بالمحافظات إلي المرأة الريفية حيث أقمنا عدة مشروعات لتنميتها والنهوض بها مثل مشروع المنيا متعدد الأهداف, المرأة حافظة التراث, القري الأكثر احتياجا ومشاريع المرأة الريفية والمرأة المعيلة, هذا بجانب ما تعقده من دورات تدريبية للرائدات الريفيات والتأكيد علي توعية المرأة الريفية بحقوقها وواجباتها.. كما ساهم المجلس في استخراج المستندات الرسمية للسيدات من خلال الاتصال بالأجهزة المعنية لمساعدة السيدات في الحصول علي البطاقة الانتخابية. أما عن دور الإعلام فتحدثنا عنه سعاد الديب مدير عام برامج الصحة والسكان بالقناة الثانية بالتليفزيون المصري قائلة: من المؤسف أن الإعلام ليس له دور ملحوظ في هذا الشأن حيث تم وقف برامج الصحة والسكان واستبدالها بإعلانات حول تنظيم الأسرة والتي أراها غير جاذبة وغير مؤثرة بالمرة, وكنت من قبل مسئولة عن البرامج العمالية وكانت هناك برامج موجهة للعمال والفلاحين بالقناة الأولي توفر للمرأة الريفية قدرا كبيرا من التوعية مثل مسلسل سر الأرض.. والذي توقف إذاعته منذ خمس سنوات تقريبا وحاليا ليس هناك برامج للعمال ولا للفلاحين, وهذا بالطبع يمثل تجاهلا شديدا لهذه الفئات, وحتي الآن لا تعرف الإعلامية سعاد الديب سر توقف هذه البرامج وتناشد المسئولين في الإعلام بمختلف أنواعه تسليط الأضواء بشكل مكثف علي مشاكل المرأة الريفية لعلها تجد من ينصفها!