استشرت في الفترة الأخيرة, ظاهرة الانفلات في أسعار كراسات الشروط والتأمينات الابتدائية للمناقصات العامة, بتعمد بعض المسئولين عن المشتريات في الجهات الحكومية المختلفة, خاصة في القطاع الطبي. ويظهر في كثير من الممارسات رغبة المسئول في إعاقة عمل الشركات وقصر المشاركة علي شركات معينة. علي الرغم من تأكيد قانون المناقصات من ضرورة العمل علي مشاركة أكبر عدد ممكن من الشركات في المناقصات المختلفة لزيادة المنافسة مما يحقق مصلحة الجهة الطارحة للمزاد. ويحض القانون أيضا علي ضرورة إعطاء الكراسات للشركات الصغيرة مجانا إلا أن بعض المسئولين لايلقون بالا للقانون أو لمصلحة البلد, فهم لايراعون أسس المناقصات ونزاهتها لمجرد ان تقرأ وصفها وعرضها تجدهم يضعون أثمانا باهظة لكراسة الشروط خاصة أمام الشركات الصغيرة وقد تزيد فقط10% لباقي الشركات, لدرجة أن مجموع أثمان كراسات المناقصات التي طرحت في القطاع الطبي وحده اكثر من40 ألف جنيه بينما تجاوزت التأمينات الابتدائية مليونين ونصف المليون علي الأقل بهدف إخراج واستبعاد الشركات المتوسطة والصغيرة من المشاركة في تلك المناقصات علي عكس مايحدده القانون وتريده الدولة لصالح الواطن والمواطن, وهذا مايهدد كثيرا من تلك الشركات بالتوقف وتشريد أصحابها العاملين بها, وبما يترتب علي ذلك من آثار مجتمعية خطيرة علي جميع الشركات في مختلف القطاعات. الدكتور خيري شاكر رئيس الجمعية المصرية للشركات الطبية يعرض بعض أشكال التعقيدات والتعسف الذي تمارسه بعض جهات الدولة في صورة رفض إطلاع الشركات علي كراسات الشروط قبل الشراء لمعرفة مدي مناسبة المواصفات والشروط لهم, ولمايقدمونه من منتجات, وكذلك اشتراط ان تكون صلاحية خطاب الضمان4 أشهر علي الأقل لتتحمل الشركات مصاريف بنكية مضاعفة لخطاب الضمان الابتدائية, وكثيرا مايتأخر البت عن هذه الفترة, ويتم مد خطابات الضمان دون الرجوع للشركات, ذلك علي الرغم من ادعاء مسئولي هذه المناقصات حاجتهم الماسة للأصناف المطروحة في المناقصة,والتي من أجلها خفضوا الفترة الزمنية بين الإعلان عن المناقصة وجلسة فتح المظاريف, لتكون احيانا أسبوعا أو10 أيام مع أن هذه فترة غير كافية لاتصال الشركات بمورديها في الخارج للحصول علي أفضل الأسعار, تتكون هذه فترة قصيرة جدا غير مناسبة للشركات للتعرف علي تفاصيل المناقصة قبل طرحها. وأضاف ان من هذه الألاعيب أيضا أن تتضمن الكراسات شروطا أو مواصفات تشير إلي منتج معين يخص شركة محددة أو عدة شركات معروفة لهم, حتي أن احدي الجهات وضعت شرطا لأحد الأجهزة الطبية في مناقصة بأن يكون قد مضي علي استعمال الجهاز في السوق المصرية أكثر من10 سنوات, علي الأقل وهو مايشير إلي جهاز قديم مخزون لدي شركة بعينها.. وربما يكون قد توقف إنتاجه منذ سنوات وأصبح موديل قديما في حين ان هناك الاحدث والأفضل منه بالسوق وربما الأرخص سعرا وفي نفس السياق فإن المسئول يجعل التأمينات الابتدائية بدرجات عشوائية أعلي من المقرر وهي1% من قيمة العطاء, وهذا ما أظهرته المناقصات التي طرحت في الفترة القريبة الماضية وبإعلانات الصحف, بما لايبرر أي نسبة أو علاقة منطقية بين قيمة كراسة الشروط وقيمة التأمين الابتدائي. مخالفات الكراسات. ويسوق السيد صبحي الديب مدير شركة للاستيراد والتصدير مثالا لهذه الصور الصارخة والمخالفة في أثمان كراسات بعض المناقصات المطروحة من مستشفيات جامعة عين شمس والمستشفي التخصصي خلال الشهرين الماضيين فقط فقد تجاوزت15 ألف جنيه بين التأمينات الابتدائية تزيد علي2.5 مليون جنيه مما منع معه مشاركة الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في تلك المناقصات, مما يتطلب تدخل الجهات المسئولة لمنع المغالاة في ثمن الكراسة والتأمين, وذلك لأن المسئولين عنها لايدركون أن هذه المقالات ليست من مصلحة الوطن مهما كانت مبرراتهم تكون سببا في ارتفاع سعر المنتج وخدماته وانعكاس ذلك علي الأسعار المرتبطة المباشرة وغير المباشرة في القطاعات الأخري, ومنها علي الجنيه وقيمته, وميزانيات المواطنين.وأشار إلي أن صندوق العاملين بالهيئات القضائية, كان محفزا لحد كبيرلتفاقم هذه الظاهرة في أسعار الكراسات والتأمينات للمنافسات التي طرحت منهم في نهاية العام الماضي واستمر طرحها الي وقت قريب ومنه كانت الاقتراحات المقدمة من عدة شركات مضارة من هذا النظام غير المنطقي أو القانوني وهو يخالف اهداف الدولة في التنمية والنهوض بالمواطن, فضلا عن أنه ينقد العاملين بالشركات الصغيرة والمتوسطة واسرهم, بدلا من التعطل والتوقف أو تقليص النشاطات نتيجة أفعال مثل هؤلاء المسئولين. القمار أما المهندس طارق شحاتة مدير شركة في قطاع الشبكات والمعلومات, فيؤكد أن الموضوع بهذا الشكل تحول من تجارة إلي قمار مثلما يحدث في التأمينات التي توقع عشوائيا, وليس لها علاقة تماما بقيمة المناقصة التي تستوجب الالتزام بنسبة)1%( فلو كانت القيمة التقديرية مليون جنيه وجب أن يكون التأمين10 آلاف جنيه, فمثلا هناك مناقصة في معهد الأورام لتوريد إنسان آلي للعمليات وعرضت قيمة الكراسة بمبلغ5 آلاف جنيه بينما التأمين بقيمة الابتدائي300 ألف وهذه مخالفة قانونية تستوجب إلغاء المناقصة, لأن المفترض أن يرتبط ثمن الكراسة بقيم الورق وتكاليفه الأخري, فعندما يسألهم احد لماذا خالفتهم قانون المناقصات يبررون ذلك بأنهم يريدون أن يربحوا أنفسهم ويعتمدوا علي الكبار بينما المفترض ان يعطوا الفرصة لصغار ومتوسطي الموردين, وكان ذلك يتم في أيام د.إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق برغم ان العروض كانت لمستشفيات بالملايين. وهناك من يشترط الشراء من السوق المحلية ويطلب300 ألف جنيه للتأمين أي أنه يطلب جهازا بمبلغ مابين15 و30 مليون جنيه, وهذا غير معقول لأنه لايعقل ان يكون الجهاز كاملا من الصنع المحلي بهذا الثمن وتجده مخزونا لدي صاحبه مما يدل علي عدم الشفافية في الطلب والعرض وفي ذلك نجد أن عدد الشركات المتقدمة تقل جدا مما يمنع المنافسة الحقيقية, وفي نفس الوقت لاتنسي أن كل هذه الأعباء تضاف علي الجهاز الذي تشتريه الجهة الحكومية, في حين انه من المتعارف عليه عالميا خاصة لدي الدول المتقدمة في أوروبا ان يكون هناك دعم ورعاية خاصة لخفض سعر هذه الخدمات والأدوات الأساسية وإتاحة الفرص للجميع, بينما لدينا تقوم الجهات بدبح المواطن والشركات في وقت واحد مما يضاعف التكلفة والتي يلتزم بها صاحب الخدمة وهو المواطن فالدول المتقدمة ترفع الضرائب عن الأجهزة أو تتحمل جزءا منها ومن المبالغ وتوفر الكهرباء والصيانة, فالدولة ليست جابي ضرائب ولكنها تعمل لمصلحة المواطن لأن الأجهزة الحكومية في مصر تكلف أكثر وهي عبء اكثر منها توفر خدمات للجمهور ومع ذلك فإنهم لايراعون الله وبرغم الشكاوي لرئيس الوزراء ومختلف الوزارات المعنية لايستجيب احد لو بخطاب. سقف الأسعار وطالب الدكتور خيري شاكر مدير الجمعية المصرية للشركات الطبية بضرورة وضع سقف لأسعار كراسات الشروط بما لايزيد علي مائتي جنيه, وهو مايتفق مع روح القانون وما اراده المشرع, إضافة لضرورة إيقاف المناقصات الحالية لإعطاء الفرص للجميع متساوية, وإحالة المسئولين عن المناقصات المخالفة للتحقيق لما يبدونه من أموال لجهاتهم وخزانة الدولة. وجعل التأمين الابتدائي رمزيا حيث أنه تأمين ضمان لجدية العطاء فلا يوجد تاجر أو شركة يقبل أن يخسر أية مبالغ يدفعها كتأمين دون أن يكون جادا في عطائه أو أن تراعي عدم زيادة قيمة التأمين الابتدائي علي1% علي الأكثر من قيمة العرض أو العطاء المقدم وليس عن كل البنود الواردة بالمنطقة أو الممارسة, وكذلك عدم اشتراط مدة صلاحية لخطاب الضمان لأكثر من3 أشهر, وكذلك ضرورة البت في المناقصات أو الممارسات خلال3 أشهر أيضا من أجل سرعة توفير الأشياء المطلوبة للجهات الطارحة وتجنبا للتقلبات في أسعار العملات الأجنبية وظروف السوق المختلفة. وطالب أيضا بضرورة السماح للشركات بالاطلاع علي كراسات الشروط قبل الشراء حتي لايؤثر علي المناقصة وعلي الجهة التي تطرحها علي أن تكون المواصفات عامة, وتسمح بتقديم الأفضل والأرقي, والأ تقل الفترة بين الإعلان عن المناقصة وجلسة فتح المظاريف عن شهر حتي تتمكن الشركات المحلية من إجراء الاتصالات بالشركات العالمية التي تمثلها للحصول علي أفضل العروض من حيث التقنية والأسعار, وفي المقابل يجب إيقاف المناقصة الجارية حاليا ذات الكراسات والتأمينات الباهظة أو تأجيلها لحين تعديل قيمتي الكراسات والتأمينات وفترة البت فيها.