نعم.. هي سيدة من نوع خاص.. فكلنا نعلم ذلك.. هي زوجة رجل مهم.. فكلنا نعترف.. نطالبها بأن تتمتع بصفات خاصة.. فكلنا ندفعها لأن تفعل.. هي مصرية الجنسية. ولكن بعضنا يرغب في إعادة فرزها علي أساس دينها ومكانة زوجها.. غير أنها في النهاية أمرأة.. تغضب.. تثور.. تنفعل وتتفاعل.. وعندما تتصرف بوحي من طبيعتها الأنثوية تثور الدنيا ويشتعل الغضب وتضرم النيران.. ونسعي جاهدين لأن نحاول الإنتحار..!! كاميليا زاخر زوجة كاهن دير مواس.. غضبت لأسباب وخلافات عائلية وتركت منزل الزوجية بالمنيا فحاول البعض إشعال النيران في القاهرة وتحديدا في العباسية.. الإتهام واضح وجاهز.. فزوجة أبونا إختطفت وأجبرت علي الأسلمة أو في الطريق إلي الإجبار..!!.. لم يخطر ببال أحد أو يرهق تفكيره بأي شئ آخر سوي هذا السيناريو الأسود.. فبالروح والدم نفديك يا صليب!! ماجري في قضية كاميليا يكشف عن أي مدي تدهورت بنا الأمور.. أصبحنا نعيش حاليا حالة من الإحتقان بين أبناء الوطن الواحد.. الكل بدأ يتشكك في الكل.. يتربص به.. ووصل الأمر إلي حد محاولة الإيقاع بالآخر.. فأصبح كل منا ينظر إلي باطن يد الآخر فربما يلمح صليبا مطبوعا عليه.. أو يتدلي من عنقه.. وفي المقابل تنتاب الآخر لحظة شك عندما يلمح شعر فتاة أو إمرأة دون حجاب في أن تكون فاطمة أو تيريز.. أو أن يكون أسم من يصادفه في الطريق أو أي مناسبة أخري مجدي أو كمال ليسعي جاهدا في معرفة الإسم التالي فربما يكتمل بأحمد أو وليم أو فانوس ووقتها سيكون للأمر طابع خاص!! واقع أصبح أكثر مرارة لملايين المصريين الذين عاشوا معا عبر عشرات المئات من السنوات.. أخوه وحدهم آذان المسجد و أجراس الكنيسة.. تقاسموا الحلم.. تحملوا الانكسارات.. انتشوا بالانتصارات.. ومع كل هذا فقد نجح البعض في إعادة فرزهم من جديد علي أساس طائفي بغيض!! جميعا مصريون وهذا يكفي.. لا نفتش في صدور بعضنا أو نبحث عن خانة الديانة في البطاقة.. نتعامل مع بقال أو سوبر ماركت واحد.. نعاني من نفس المشاكل.. نحلم بحياة أفضل.. ننشد دخلا يصمد أمام غول الأسعار.. نبحث معا عن وظيفة للأبناء.. أو مكانا لهم في حضانة مدرسة.. وباختصار نعيش واقعا لا يفرق بين عزيز ومحمد وفاطمة وإيفون!! كنا هكذا عشرات المئات من السنين إلي أن خرج علينا البعض.. وبعد أن كنا مجتمعا علي مدي أجيال عديدة لا يستطيع أحد أن يحدد ديانة الآخر من مجرد أسمه قبل أن ينظر في خانة الديانة بالبطاقة الشخصية أصبحنا نجيد التفرقة من مجرد سماع الاسم.. فذاك يسارع بإعلان إسمه بيتر أو ديفيد.. وهذا يرفع صوته قليلا لينطق إسم إبنه أو إبنته عبد الرحمن.. أو فاطمة الزهراء.. فلنواجه أنفسنا ونعترف بأن هناك احتقانا قد سري في علاقاتنا ولنعد إلي ما كنا عليه.. كل سنة وأنت طيب.. سواء في رمضان أو في عيد القيامة المجيد.. ولتحمل فيوليت طبق القطايف لجيرانها.. بينما يمسك عبد الجواد بجريدة نخل يقدمها لجاره مجدي إحتفالا ب أحد السعف!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش