أثارت جريمة مذيع التليفزيون ايهاب صلاح الذي قتل زوجته سيدة الأعمال ماجدة كمال حسن إثر مشادة كلامية بينهما العديد من التساؤلات حول سيطرة الموقف السلطوي وفرض الرأي بالقوة بين الأزواج والزوجات وغياب ثقافة الحوار التي غابت معها أيضا فكرة قبول الآخر المختلف معنا في الفكر.. والثقافة.. والتربية. حول هذا الموضوع يقول الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي والأعصاب بكلية الطب جامعة الأزهر معلقا: اعتدنا في مجتمعاتنا الشرقية علي ثقافة الخطابة والتلقي من مصدر واحد يعلمنا دون أن نتحاور, وذلك لسيطرة السلطة الأبوية علي المجتمع, التي لا تقبل الحوار وانما تقبل النصح والتوجيه وإعطاء الأوامر من الكبير للصغير, ومن الرجل الي المرأة, ومن القوي إلي الضعيف وذلك نتيجة للتربية السائدة والتي تفرض الوصاية علي الأبناء حتي بعد أن يكبروا ويتزوجوا حيث يستمر فرض الوصاية عليهم وتوجيههم وأحيانا بالإنفاق عليهم, وأذكر هنا أستاذا جامعيا كان يقول لابنه الطالب في السنة النهائية بكلية الهندسة: طالما تأكل لقمتي.. تسمع كلمتي ولذا غاب الحوار عن مجتمعنا لمثل هذه التربية التي تقهر الأولاد وتربيهم علي الطاعة فقط وعدم الحوار, وبهذا لايكون هناك طريق أمام الخاضع سوي العناد والتمرد, أو الطاعة والخضوع والاستسلام. كما أن ثقافة الحوار تحتاج الي نضج عاطفي يسيطر فيه العقل علي الانفعالات ويسيطر فيه الناضج علي كل من الطفل الموجود بداخلنا وسلطة الأب الموجود بداخلنا أيضا, وذلك لأنه بداخل كل منا أب( أو أم) وطفل( أو طفلة). وناضج( أو ناضجة) وحين يسيطر الناضج الذي يتعامل بوعي وعقل وتحمل للمسئولية وقدرة علي فهم الواقع والتصرف علي أساسه, فان الحوار يمكن أن يكون, أماعدم النضج الذي نعانيه ويسود في حوارنا فانه يوقظ الأب الذي بداخلنا ويجعلنا نخاطب الآخر بلهجة الأوامر أو النصائح أو التوجيهات والارشادات ونضعه أمامنا في موقف الطفل المتلقي, وهذا ليس حوارا بطبيعة الحال, كما أن سيطرة الطفل الذي بداخلنا أثناء الحوار يجعله انفعاليا لايحمل منطقا ولايرتبط بالواقع ويكون اما نوعا من التمرد أو مجرد صرخات انفعالية لاتعني شيئا. واذا أضفنا لما سبق ظاهرة اطلاق العنف التي تسيطر علي ماتعرضه وسائل الأعلام من أفلام وغيرها, وماتعكسه أخلاقيات الزحام من سوء الطباع وفساد الأخلاق, وكذلك سيطرة المادة وتحول الانسان( رجلا كان أم امرأة) الي سلعة تباع وتشتري.. كل هذه العوامل ساعدت كما يضيف استاذ الطب النفسي علي تحول المذيع الي سلعة عندما وافق أن تقتنيه تلك المرأة بمالها أو حتي بولعها وشوقها لامتلاكه. ومن ثم فان غياب الحوار وسيطرة الموقف السلطوي, إضافة إلي إطلاق طاقة العنف وحرية التعبير عنه وسوء التربية الذي يبيح الايذاء البدني للشخص.. كل هذا يؤدي الي استعمال العنف الذي غالبا ماتنميه المخدرات, ولايقف الضمير الانساني أمام هذا العنف, لأن ماتبقي منه للأسف الشديد أذهبت به المخدرات.. وهو ماحدث في تلك الجريمة.