منذ أيام تم انتخاب الأستاذ محمد رشاد رئيسا لاتحاد الناشرين المصريين خلفا للمهندس إبراهيم المعلم.. هذا الاختيار الذي لاقي رضا وارتياحا من أصحابه يعتبر مرحلة جديدة من مراحل تكوين هذا الاتحاد الذي أنشيء عام1965, ومر بظروف غير طبيعية ليس أصعبها عدم وجود مقر دائم لأعضائه, الذي تم انشاؤه, بل ان هناك ظروفا أصعب منها علي سبيل المثال لا الحصر, مواجهة أشكال تزوير الكتاب المصري في بعض البلاد العربية الشقيقة, والذي انتشر كالوباء, ومنها قبل ذلك أزمات مر بها الاتحاد في أثناء رئاسة الكاتب الراحل محمد عبدالمنعم مراد كان مصدرها خلافات حادة بين الأعضاء, وغير ذلك من أزمات لعل منها ما يطل علينا الآن مؤلفين وناشرين من قرصنة الكترونية غير محكومة ولا محسوبة حين تتحول صفحات الكتاب الي مادة مستباحة أو مجهولة الأبوة علي الإنترنت دون حسيب أو رقيب, أو حتي إذن شكلي من أصحاب الحق. في هذه الظروف كان محمد رشاد ولايزال قاسما وشريكا في حلها منذ أن ساهم في بعث وإحياء هذا الاتحاد عام1989, أو حين كان أمينا عاما للاتحاد, أو نائبا لرئيسه... وذلك لما يحظي به من قبول إنساني خاص لدي جميع الأعضاء, قبول لا يقتصر علي الحدود المحلية بمصر وانما يتجاوزها الي الحدود الإقليمية في العالم العربي, إذ يصعب أن تجد من بين الأعضاء من يتمتع بهذا القبول, كما يصعب أن يحظي ناشر بتقدير هذا الجمع من الكتاب والعلماء والمفكرين, وما تنطوي عليه آراوهم من الرضا والتقدير, خذ مثلا رأي شيخ علماء التربية أستاذنا الدكتور حامد عمار حين كتب: التزمت بالتعامل مع محمد رشاد عن قناعة تامة ورضا كامل, صديقا ومرشدا وناشرا ومحركا لعزائمي وأفكاري, أو ما كتبه شيخ علماء النفس أستاذنا الدكتور مصطفي سويف: لمست في محمد رشاد منذ بدء تعارفنا شخصية متميزة تتسم بعدد من الخواص التي تستوجبها علاقة العمل في أرقي صورها: الصدق, واحترام الوعد والتقدير العميق لجدارة الانجاز, ودماثة الخلق, وغير هذين العالمين قبلهما شكر وتقدير كاتبنا العالمي نجيب محفوظ لمحمد رشاد وأسلوبه في التعامل, الي جانب ما نقرأه لعشرات المثقفين بكتاب سيرة ناشر ومسيرة دار, وكأن هذه الآراء والي جانبها آراء الناشرين أصبحت مسوغا مشروعا لاختيار هذا الرجل لتحمل عبء عبء هذا الاتحاد ومستقبله. والحق أن هذه الآراء تعد من الظواهر الصحية, التي تعني اجتماع الكل علي رأي واحد, والتي تبعث الطمأنينة الي كل نفس تتوجس خيفة علي مستقبل الكتاب المصري, حيث تكون هذه الجهود ترعي وتساند, تستمع وتستجيب, تفكر وتقرر, تيسر وتسهل.. ليكون الهدف واحدا هو الارتقاء بصناعة الكتاب, حيث الأفكار البناءة تتصارع, والإجراءات الملزمة تتخذ, والأعمال الصالحة تمارس, علي اعتبار أن الناشرين أقدر من غيرهم علي إدراك الأبعاد الحقيقية لهموم الثقافة, وفي مقدمتها الهموم التي تتصل بصناعة الكتاب, كما أن هؤلاء الناشرين أقدر من غيرهم علي إدراك قيمة الكتاب الجيد وما يواجهه من سلبيات أهمها سرقة الكتاب وتزويره, ولهذا أقول علينا جميعا التكاتف لإيجاد هذا الكتاب الجيد, وفي هذا السياق علينا أن ندرك ما يعانيه الناشر وهو الحلقة الأساسية في صناعة الكتاب من هموم لعل أولها إزالة هذه الأوهام التي تعتبره ذلك الكتبي الجاهل الذي كل همه امتصاص دماء المؤلفين: إذ ان أغلب الناشرين المصريين من المثقفين يدركون عن إيمان أن مهنة النشر رسالة قبل أن تكون تجارة, وأن ندرك حجم التحديات التي تواجه الناشر المصري, والتي تحرر منها الناشر الأجنبي فانطلق لا يحمل سوي هموم خدمة الثقافة باختيار النوعيات الصالحة الجيدة التي تبني الأجيال ولا تهدمها, تصونها ولا تبددها... أما كيف يتحقق ذلك؟.. فهذا موضوع مقال آخر.