لا أعرف لماذا سيطر علي هذا الإحساس التعس وأنا أشهد تصاعد بعض الفرق الأفريقية والعربية في الوقت نفسه وأنا أشهد إعلان جوائز الدولة في بلد كمصر قطع شوطا بعيدا في التطور المعاصر. أقول بأنه ذلك الإحساس التعس الذي نحيا فيه جميعا.. أقول هذا الإحساس التعس الذي سيطر علي في المرتين.. الأولي وأنا أشاهد الطريق الذي تمضي فيه المباريات الكروية في العالم. والأخري وأنا اشهد الطريق الذي تعلن فيه جوائز الدولة في مصر.. الفارق بين الاثنين يبدو بعيدا, لكن ما يبقي موحدا وقريبا حالة' فقدان الذاكرة' التي نمر بها اليوم علي المستوي الشخصي والجمعي.. وهي حالة تجمع الكثير من الظواهر والمقدمات.. لكن لماذا أذكر هذا كله.. لأن, والإجابة.. لا ريب في مشاهد كثيرة.. أختار منها عدة مشاهد.. الأول, العام; ومصدر هذا الإحساس لا يعود إلي غياب مصر منذ مشاركة مصر في كأس العالم في ثلاثينات القرن الماضي( عبر مشاركة واحدة في عام1990) بقدر ما يعود إلي هذا الواقع الرياضي المؤلم الذي يعكس-دون شك_ هذا الواقع الثقافي والفكري المؤسفي والمؤلم في آن معا, فلا يمكن أن نفترض ما هو ضد الواقع, والواقع يشير إلي أن بلادنا لم تعرف السعي للفوز بالجائزة_ أية جائزة_ تحت دوافع حضارية.. والواقع الرياضي يعكس دون شك الواقع السياسي ويؤكده.. كان من السهل أن يبتهج المشارك في هذه المباريات خارج الملاعب وداخلها ببعض الأضواء العامة, لكنه كان محكوما عليه بالتراجع الطبيعي دائما بعد تعادل الجزائر مع انجلترا لتصعد سلوفينيا إلي الأمام قبل أمريكا وانجلترا, وقبل أن يهزم أيضا أمام سلوفينيا بما يشير في الرصد الأخير إلي تضاؤل الأدوار العربية حتي بعد تأهب هذا الفريق علي الانتصار علي نظيره الغربي في بريتوريا الأربعاء قبل الماضي. لم تكن أصوات المونديال في جنوب أفريقيا هي التي تشغلني وإنما أصوات الحاضر المرعب الخاص أيضا.. الآخر, الخاص, مصدر هذا الإحساس القاتم الذي عرفته في لحظة قاتمة تخللت كل مشاهد الفوفوزيلا, أقصد به مشهد إعلان الجوائز, وإعلان اسم فاروق عبد القادر الذي كان يعاني إبان إعلان الجائزة باسمه.. كان يعاني غيبوبة كاملة في قسم إنعاش المسنين بإحد المستشفيات, غائب تماما عمن حوله.. غائب عن كل هذا الزيف الذي يرتكب باسمه, كان مستعيدا في الغياب السرمدي لا الحضور القاتم آلام حياته, وهذا الثمن الغال الذي يدفعه منذ سنوات لأنه أراد أن يعيش كمثقف واع لحظات استنارة, هي لحظات الحياة التي كان يعيش فيها.. وبدهي هنا أن حالة غياب الذاكرة التي عاني منها فاروق عبد القادر لم تكن بالمصافة فيما اري وإنما كانت تعكس واقعا مؤلما للمثقف المتمرد فيما آلت إليه حالته الفكرية, وهي حالة فقدان الذاكرة الطوعي-لا الطبي فيما أري_ والتي كانت تعكس في المناخ العام حالة فقدان الذاكرة لدي المثقفين الذين تركوا المثقف الغارق حتي الساعات الأخيرة بغير طوق نجاة, بما يمكن أن يقال معه, بالعودة إلي شروط منح أو منع الجوائز إنه لا سبيل للخروج من هذه الحالة, حالة' العناية المركزة' التي نعيش فيها جميعا, دون أن نتنبه لمسبباتها قبل فوات الأوان.. فما زلنا كل عام نطرح هذا السؤال:علي أي أساس تعطي الجوائز لهذا أو ذاك؟ لورقة الأخيرة: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} صدق الله العظيم