تحقيق:هدي المهدي مازال الجدل دائرا حول تعيين المرأة في مهنة القضاء الجالس.. ليس في مصر وحدها, ولكن في العديد من الدول العربية.رابطة المرأة العربية اخذت علي عاتقها تبني هذه القضية. وخلال مؤتمرها الثالث الذي استضافته جامعة الدول العربية شاركت5 قاضيات مصريات, و8 عربيات من دول مختلفة. وتم استعراض تجارب بعض الدول العربية التي اعطت المرأة الحق في الوصول لهذا المنصب. في البداية تقول الدكتورة فاطمة خفاجي عضو مجلس ادارة رابطة المرأة العربية ومستشارة حقوق المرأة والطفل لدي منظمات الاممالمتحدة في الدول العربية ان رابطة المرأة العربية اول من القي الضوء في عام1998 الي ان المرأة المصرية محرومة من منصب القضاء الجالس في الوقت الذي كانت فيه11 دولة عربية لها نفس الثقافة والتاريخ لها الحق في أن تصل الي هذا المنصب.. لذا رأت الرابطة ضرورة القيام بحملة لتبني الدعوة لمساندة النساء الي الوصول الي منصب القضاء الجالس تضمنت هذه الحملة مؤتمر الرابطة الأول عام1998( المرأة العربية في الهيئات القضائية). ثم تلاه مؤتمرها الثاني( المرأة العربية: سنوات في كرسي القضاء). وقد مثلت مصر في هذا المؤتمر5 قاضيات مصريات وترأسست الوفد المصري القاضية سوزان عبدالرحمن يوسف مستشارة استئناف بمحكمة القاهرة الاقتصادية التي عبرت في كلمتها أن عملية اختيار القاضية في مصر تخضع لاختيارات صارمة وضوابط صعبة لقد تم اختيارنا من خلال امتحان له اكثر من40 سؤالا في القضاء وغيره بالاضافة إلي العديد من الامتحانات الشفوية التي يحضرها وزير العدل نفسه. وذكرت القاضية سوزان أنه تم توزيع الدفعة الأولي من القاضيات في مايو2007 علي القضاء المتنوع وليس في دائرة الاسرة فقط. والحمد لله اننا اجتزنا هذا الاختبار الصعب بنجاح, وتم اقرار مجموعة القاضيات الاوائل علي اتفاق ضمني ليس مكتوبا بأن تكون الدفعة الاولي للقاضيات في مصر ناجحة وعلي اعلي مستوي من الكفاءة وبالفعل اكدت عن هذا الامر مؤخرا تقارير التفتيش القضائي التي اشادت بتجربة المرأة القاضية في مصر, والدليل علي ذلك تدرجنا جميعا في القضاء الي مناصب اعلي, واعربت القاضية رشا محمود منصور رئيس محكمة بشمال القاهرة في كلمتها. أن الرجال والنساء يحكمن بالقانون ونستند في عملنا الي القرآن الكريم والدستور المصري. وعندما سألت القاضية رانيا سناء الملك بمحكمة شمال القاهرة عن الصعوبات التي تواجه المرأة في مجال القضاء فقالت. ان تولي المرأة المصرية منصبا قياديا لم يأت بالامر اليسير أو بشكل انساني بل يعد خوض العديد من المعارك ولاحظنا ذلك في توليها لمنصب النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة. وترجع القاضية رانيا تأخر المرأة المصرية في دخول القضاء العادي الي موروثات ثقافية واعتقادات خاطئة من رجل الشارع المصري هو ان المرأة لاتصلح للولاية القضاء طبقا للشريعة الاسلامية وهذا امر غير صحيح. وبعد ان اعلنت دار الافتاء المصري ان ولاية المرأة للقضاء لاتتعارض مع الشريعة الاسلامية لايوجد حاجز لتولي المرأة المصرية للقضاء. وتتحدث القاضية علا حسين كامل رئيس محكمة عن تجربتها الناجحة في القضاء.. في البداية وجدت استغرابا من كل المحيطين بها في الجلسات, ولكن بالتعاون والممارسة والكفارة اقتنعوا بثبات المرأة ونجاحها في هذا المجال. واضافت القاضية سارة عدلي حسن رئيس محكمة ان وزارة العدل اتاحت لهما فرصة السفر الي العديد من الدول مثل امريكا وايطاليا لتتعرف علي تجارب المرأة في مجال القضاء.. وهي من الامور التي تثري العمل القضائي بشكل كبير, وهو الاحتكاك بثقافات وتجارب اخري. التجربة التونسية وتعد تونس من أوليات الدول التي أهتمت بتفعيل المساواة ففي مجال القضاء كانت( رافقة بن عز الدين أول) أول قاضية في محكمة الاستئناف في عام2008 وصارت نسبة القاضيات التونسيات27%. وتتحدث عن التجربة التونسية القاضية جميلة الجزيري الرئيسة الأولي لمحكمة الاستئناف بنابل بتونس فقالت إن فكرة تولي المرأة منصب القضاء في تونس لم تواجه أي معارضة بل قوبلت بالتشجيع والاستحسان ولذلك وصل عدد القاضيات التونسيات الآن الي547 قاضية من جملة1843 قاضيا أي بنسبة29,8% ويعملن في جميع أوجه القضاء. وأوضحت القاضية التونسية جميلة الجزيري إنه لم يكن لجنس إمرأة أي تأثير علي عملها لقد بلغت أعلي المناصب القضائية ولم يتعارض هذا الأمر مع متطلبات حياتها الخاصة. وترد القاضية التونسية علي مايدعون إن الاسلام يحرم علي المرأة الولاية بقولها إنه لا يوجد نص صريح بالقرآن الكريم حول جواز قضاء المرأة من عدمه.. ولذلك علينا أن نعمل علي القاعدة الأصولية القائلة( الأصل في الأفعال والأقوال والأشياء الإباحة) أما المقولة التي روجت الي نقصان عقل المرأة مقارنة بعقل الرجل لتبرير فرض شرط الذكورة فقد أكد العلم الحديث عدم وجود أي فرق بين عقل المرأة والرجل بالاضافة الي عدم وجود أي تفاوت في المقدرة الذهنية بين النساء والرجال.. التجربة اللبنانية قدمتها القاضية ذلفا الحسن قاضي الأمور المستعجلة في لبنان التي عملت مستشارة لوزير العدل عام2003 وهي الآن مستشارة للأمور المستعجلة في بيروت بالإضافة لتدريسها مادة قانون الأعمال في الجامعة اللبنانية الأمريكية. تقول ذلفا إن النساء القاضيات بلغت نسبتهن في لبنان بين50 و60%.. إن تعيين المرأة في القضاء له إيجابيات اجتماعية ومهنية.. فهو منصب يمنحها القدرة علي مساعدة النساء في البوح بالكثير من التفاصيل وبالتحديد في العلاقة الشخصية بين المرأة والرجل ولذلك أبدعت المرأة القاضية في مجالات الأحوال الشخصية ومحاكم الأسرة أكثر من الرجال.. كما إن النساء القاضيات يبدعن في محاكم الأحداث لأنهن أكثر قدرة علي الاحساس بالقضايا الانسانية للطفولة والأحداث والمراهقين.. ولنا مثل رائع في تجربة العراق عندما تولت النساء قضاء الأحداث هناك وكن أكثر قدرة علي النطق بالأحكام التي تصون الحدث وتحميه من الجنوح والانحراف. التجربة المغربية القاضية بشري العلوي قاضي محكمة الاستئناف في دولة المغرب.. عينت بالسلك القضائي كقاضية نائبة في المحكمة الابتدائية عام1979.. نائبة أولي لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء وهي تشغل الآن منصب رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء لتعتبر المغرب أول دولة عربية شغلت بها المرأة منصب قاضية فقد تم تعيين أول قاضية في المغرب عام1961 وقد تدرجت القاضيات المغربيات في سلك القضاء حتي بلغن أعلي المراتب والمسئوليات.. فقد وصل عدد القاضيات بالمغرب الي612 قاضية وهو يشكل نسبة22% من العدد الاجمالي للقضاة والبالغ عددهم3157 قاضيا.. كما تمثل النساء في المجلس الأعلي للقضاء نسبة25% من202 مستشار كما تحتل المرأة المرتبة الاولي في الغرفة الجنائية بنسبة44.17% تليها الغرفة التجارية بنسبة26,10% ثم الغرفة المدنية بنسبة15,6% والغرف الإدارية والأحوال الشخصية والاجتماعية بنسبة14,13%. وتحدثت عن التجربة السودانية في القضاء القاضية رباب محمد مصطفي قاضي المحكمة العليا هناك وهي التي عينت في الهيئة القضائية عام1974 وباحثة في دار الافتاء الشرعي عام87 81 حتي وصلت الي المحكمة العليا.. قالت إن القضاء شأن عظيم لما له أثر في تنظيم الحياة بوصفه ميزان العدل وملاذ المظلومين. والسؤال المهم الذي طرحته القاضية السودانية هو هل الأنوثة تعد خرقا للشروط المطلوبة من القاضي ؟ وسردت رباب مصطفي بعض حجج المانعين لتولي المرأة القضاء التي يستند بعضها الي العرف والتقاليد والقول بأن المرأة عاطفية.. أن نجاح تجربة قضاء المرأة في الدول العربية يعني إن عنصر الأنوثة لا يحول دون مهنة القضاء وكانت السودان من الدول التي نجحت فيها تجرية المرأة القاضية حتي وصلت الي أعلي درجات القضاء