إذن ماهو الحل ؟!.. الحل هو الرقص مع الذئاب كي لا تستفز الطبيعة فتنقلب عليك.. وتأكلك الفئران.. هكذا يري يانج رونج صاحب رواية رمز الذئب.. الرواية الصينية التي باعت عشرين مليون نسخة في الصين وحدها.. وتم ترجمتها الي ست وعشرين لغة عالمية.. وهي أرقام يحسده عليها كثير من كتاب العالم وربما يصرخ أحدهم قائلا.. ياليتني كنت صينيا ولو لبعض الوقت.. عندما قرأت الرواية تذكرت كازاخستان بلد جانكيز خان التي زرتها في يوم من الأيام وأكلت فيها لحوم الخيل وقرقشت من كلكوعة الجبنة الكبيرة, التي اخترعها جانكيز خان لتكون مئونة لجنوده في أيام الحرب الطويلة دون ان تفسد.. أظن أن يانج أيضا أكل منها واندهش مثل العالمين, كيف استطاع مائة وعشرون ألف فارس منغولي في زمن جانكير خان اجتياح العالم وتهديد شعوب الصين وروسيا وأوروبا والشرق الأوسط علي مدي عشرات السنين.. وتطرح الرواية أسئلة عويصة حول الحفريات الثقافية في الشخصية الصينية المرابضة خلف الكونفوشيسية التي تري أن قضية الحرية والديمقراطية ليست هي مربط الفرس في تقدم الأمم والشعوب..وان الحداثة قد تهدد الريف والبداوة.. وتهدد حياة البساطة والطقوس الروحية.. وربما يساعدنا هذا بشكل أو بآخر علي فهم التجربة الصينية في الازدهار الاقتصادي والتكنولوجي من دون أسانيد في الاصلاح السياسي بنفس المستوي والحجم, هناك من يرد قائلا.. إن الاصلاحات الاقتصادية سوف تنهار اذا لم تصحبها تحولات سياسية عميقة نحو الديمقراطية وستكون مهددة بعدم قدرتها علي الاستمرار في اتجاه تصاعدي.. والرواية تنطلق من أحداث في مراعي منغوليا خلال الفترة بين عامي1966 1967 وهي فترة الثورة الثقافية في الصين وتداعياتها علي يد ماوتسي تونج جرت خلال تلك الفترة محاولات تغيير نمط حياة البداوة فكانت حالة الارتباك التي عاشها الفلاحون والبدو من جراء ذلك وتصوراتهم ان الحداثة تهدد البيئة وتخلق ثقافة غير عادلة أو تحرض علي طموح هم لا يتمنونه لأنهم سعداء هكذا يتعايشون مع الذئب الذي يأكل أغنامهم ويرون في الأمر حتمية طبيعية.. وهنا تنهض من جديد قضية التوازن الايكولوجي.. هذه الأرض بأشجارها واشواكها وحشراتها وحيواناتها المفترسة هي نسق متجانس مكتظ بالأسرار التي لا يفهمها الانسان الحداثي المشغول دائما بالتجريب والتخريب والاقتحام والتغيير وإعادة انتاج العالم والحياة من حوله بينما الطبيعة تدخر له دائما مفاجآت غير سارة أحيانا عقابا له علي تجاسره عليها وعلي رصده تريليون ونصف من الدولارات سنويا في حروب تأتي علي الأخضر واليابس.. إنها قراءة جديدة لمشاهد قديمة علي خلفية الصراعات الثقافية التي تجتاح العالم.. ويأتي الانتاج الأدبي الصيني الجديد في محاولة لتأكيد قدرة الصينيين علي انتاج الاستهلاكي والفلسفي في آن واحد لم لا.. وهم يأكلون كل مايطير في السماء ماعدا الطائرات وكل مايسير علي الأرض ماعدا السيارات.. وكل مايغوص في الماء ماعدا الغواصات وكل ذات اربع ماعدا الترابيزات. المزيد من مقالات جمال الشاعر