خبر منشور من4 أسطرونصف السطر ومع ذلك توقفت لاعادة قراءته عشر مرات علي الأقل متأملا ومتحسرا علي استمرار تدهور أحوال التعليم بهذه السرعة, وما كنا نشكو منه قبل سنوات أصبح اليوم أملا!!الخبر المنشور في أمس الأول يقول( نجح15 من بين900 تقدموا لاختبارات وظيفة ملحق دبلوماسي بوزارة الخارجية وتضمنت الامتحانات التحريرية اللغات الاجنبية والقانون الدولي والعلاقات والمشكلات السياسية الدولية المعاصرة). انتهي الخبر الصغير في عدد كلماته والكبير في حجم الفضيحة والخيبة التي يكشف عنها!!وهي خيبة تتواصل بنجاح منقطع النظير لمئات المؤتمرات والمشروعات والاستراتيجيات والخطط القومية والعبقريات الوزارية والاستراتيجيات والتي لم يعد في مقدور أحد أن يلاحقها من سرعة ما تتغير, فنحن بفضل عبقرية وزرائنا أصبحنا البلد الوحيد في الكون الذي يغير مالا يتغير..وهو الاستراتيجيات, حيث تتغير هذه الاستراتيجيات في بلدنا موسميا من وزير لوزير بحجة التطوير الذي نسمع عنه منذ سنوات ولا نراه!! والخبر رغم سطوره المحدودة يكشف عن واقع مؤلم ومؤسف نعيش فيه منذ عشرات السنين ويتكرر بنفس الدرجة من السوء إن لم يكن التكرار إلي الأسوأ!! نحن أمام900 خريج جامعي من المفترض انهم تلقوا تعليما أفضل من عشرات الآلاف من غيرهم, فهم منطقيا تعلموا في مدارس للغات الأجنبية..ودرسوا في كليات جامعية من التي منحناها اسم كليات القمة, رغم انه ثبت ان كله محصل بعضه وما أنيل من سيدي إلا ستي!وهؤلاء الخريجون حصلوا بالطبع علي تلك الدورات التي ظهرت قبل سنوات في شكل ورش ومكاتب خاصة تقدم دروسا خصوصية للراغبين في التقدم لامتحان الخارجية, وعندما وجدت بعض الجامعات الحكومية أن هذه الحكاية يمكن أن تكون سبوبة تدر دخلا ماليا وفي ظل شعار الادارة الاقتصادية للجامعات الحكومية الذي يظهر ويختفي دون تفسير والذي يبيح لجامعات الحكومة ان تفعل ماتريد بشرط ان تكسب كان ان لجأت هذه الجامعات إلي تجارة تأهيل الخريجين في دورات خصوصية دون أن تلحظ أنها بذلك تقر وتعترف علي نفسها بأنها لم تعلمهم ماينفعهم في سوق العمل!!! وبعد كل ذلك ماذا كانت النتيجة؟؟ النتيجة هي أنه من بين900 خريج جامعي متميز لم ينجح سوي خمسة عشر خريجا فقط, والحكاية قديمة وسخيفة ومتكررة مند عشرات السنوات خلاصتها اننا أمام نظام تعليمي يثبت فشله كل يوم وفي كل مناسبة وفي كل موقف, وهو نظام تعليمي يعترف بأنه يقدم للبلد خريجا جامعيا يحتاج بعد تخرجه إلي من يؤهله لسوق العمل, والمدهش أن هذا الخريج حتي بعد هذه الدورات يفشل في معظم الأحوال في الحصول علي فرصة عمل.. وسعيد الحظ أو صاحب الواسطة منهم الدي يحصل علي وظيفة عليه أن يتعلم ألف باء هذه الوظيفة بعد أن يلقي وراء ظهره ماتعلمه في المدارس والجامعات طوال18 عاما علي الاقل!!حيث يكتشف ان الشهادة التي حصل عليها قد تصلح مؤهلا للزواج ولكن المؤكد أنه لا علاقة لها بالعمل من قريب أو بعيد!! وفي هذا المكان وقبل عشر سنوات نشرنا المشهد نفسه تقريبا لاجابات مئات من خريجي الجامعات لايعرفون متي قامت ثورة1919 ولا من هو احمد عرابي أو مصطفي كامل ولايذكرون أسماء خمسة وزراء مصريين ولا عدد الحروب العالمية...ووقتها هاصت الدنيا حسرة علي سوء حالة التعليم المصري وضرورة اصلاحه وتطويره, وراح وزير وجاء وزير والحال هو نفس الحال ان لم يكن قد ازداد سوءا..ولكن كما يحدث كل مرة وفي كل قضية نسينا الحكاية لأننا والحمد لله أسرع شعوب العالم في النسيان.. وعدنا مرة أخري ننشغل ونشغل الناس بتعديلات خزعبلية ومؤتمرات وهمية واستراتيجيات وزارية وافلام هابطة من جدول امتحان يعدل ومدرس يتحرش بالتلميذات ومدرسة مزبلة ومواطن يعتصم أمام البرلمان من أجل دخول طفلته المدرسة وانتساب في الجامعات بين الالغاء والابقاء وجامعات هندية ويابانية وبرازيلية لاستكمال بزرميط الجامعات من كل دول العالم في مصر, وبرامج تعليمية بفلوس في جامعات شعارها المجانية, وكل هذا الخليط عديم الشخصية يعجز بعد كل هذه السنوات عن أن يقدم خريجا جامعيا مقبولا!! وللاسف سوف نكتب ويكتب غيرنا وبعد قليل وكالعادة سوف ننسي كما نسينا طوال السنوات الماضية ويأتي وزير جديد يبشرنا باستراتيجية جديدة!! وبصراحة الصورة أصبحت مثيرة للزهق والقرف معا..والسؤال الوحيد الذي أتمني أن أجد إجابة له حتي نرتاح هو: هل نحن نريد بجد إصلاح التعليم؟؟ لأنه بصراحة برضه اللي بيحصل ده معناه بافتراض حسن الظن أننا بنهزر أو بنلعب. [email protected] المزيد من مقالات لبيب السباعى