12 ديسمبر 2025.. الذهب يواصل الارتفاع عيار 21 يسجل 5775 جنيها    عشرات آلاف المصلين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدًا ومفقودًا جراء المنخفض الجوي الذي يضرب قطاع غزة    تحذير من تسونامي في شمال وشمال شرقي اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجات    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    الكرملين: دونباس بأكملها أرض روسية    مبابي يتوج بأفضل لاعب في ريال مدريد بشهر نوفمبر    إقبال كبير للمشاركة في انتخابات مركز شباب الاستاد ببورسعيد    سبورت: الأهلي لن يجعل انتقال حمزة عبدالكريم إلى برشلونة مهمة سهلة    محمد صلاح يحصد جائزة لاعب شهر نوفمبر بالدوري الإنجليزي من "EA SPORTS"    بسبب تسرب غاز داخل شقتهم.. مصرع 5 أفراد من أسرة واحدة في بولاق الدكرور    صور.. عمرو دياب يتألق في أحدث حفلاته بموسم الكويت    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    تعرف على خطوات دخول أمريكا ب«بطاقة ترامب الذهبية»    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    مدرب برايتون عن إمكانية مشاركة صلاح: ليس لدي فكرة.. والأمر يتعلق بنا    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    بريطانيا تفرض عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    حملات ميدانية فى قطاعات الصحة والتعليم والنظافة ببنى سويف.. اعرف التفاصيل    الصحة تعلن تقديم 7.8 مليون خدمة طبية بالقليوبية خلال 11 شهرًا ضمن خطط تطوير القطاع الطبي    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    ضبط أكثر من 900 كيلو جرام مخدرات وتنفيذ 82 ألف حكم قضائي بحملة أمنية واسعة    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    بالصور.. أحدث ظهور للفنان تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رحاب المجمع العلمي
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 06 - 2010

بقيت عندنا بعض الذكريات وبعض الأماكن وبعض الرموز كثيرا ما نستعيد معها زمانا جميلا مضي‏..‏ وأحلاما في صباح قادم حتي وإن كست الغيوم سماءنا‏.. ولابد أن اعترف أن هذه الرموز وهذه الأماكن تعوضني كثيرا عن واقع قبيح كثيرا ما اهرب منه وإن كان يطاردني وحتي الآن مازلت أحاول أن أرفضه وأن أعريه واكشف سواءاته حتي وإن كان الثمن باهظا‏..‏
تلقيت دعوة كريمة من المجمع العلمي المصري أقدم وأعرق مؤسسة علمية في مصر تجاوز عمرها الآن مائتي عام فقد أنشأه نابليون بونابرت عندما هبطت جيوشه علي القاهرة في عام‏1798..‏ في مصر مجمعان للخالدين المجمع اللغوي والمجمع العلمي وكلاهما من حصون العلم والثقافة في مصر والعالم العربي وطوال تاريخهما لم يجمع رئيس واحد بينهما إلا د‏.‏طه حسين عميد الأدب العربي ود‏.‏محمود حافظ العالم الجليل وهو حاليا رئيس المجمعين الخالدين العلمي واللغوي أطال الله عمره‏..‏
كان موضوع اللقاء مع هذه النخبة العريقة من عقول مصر قضية واضحة وهي مصر الحاضر والمستقبل‏..‏ لم أتحدث كثيرا عن مصر الماضي رغم أنني من عشاق التاريخ ولكن أزمات الحاضر تفرض الآن نفسها فرضا علي كل صاحب فكر أو موقف‏..‏ كان السؤال الأول الذي طرحته أي الأولويات ينبغي أن يسبق الآخر قضايا الديمقراطية أم قضايا العدالة الاجتماعية‏..‏ وقلت بلا تردد العدالة الاجتماعية تسبق كل شيء في مصر الآن وعندي ما يؤكد ما أقول‏..‏
نحن أمام فريقين لا ثالث بينهما فئة استطاعت في لحظة ما الاستيلاء علي ثروات وطن بالكامل دون جهد أو عرق أو تميز وأفسدت منظومة تاريخية كاملة من القيم التي عاش عليها المصريون في العمل والإنتاج والإبداع والوصول والأخلاق والسلوك‏..‏ هذه الفئة كان لديها ذكاء شرير بأن تضع يدها علي مفاتيح كل شيء فكان الزواج الباطل بين السلطة ورأس المال وما بين أصحاب القرار وأصحاب الثروة تمت أكبر صفقة لنهب ثروات هذا الشعب من الأراضي والمشروعات والعقارات والموارد الطبيعية‏..‏ وقد اكتفت هذه الفئة بأن تضع يدها علي الثروة وسلطة القرار فلم يبق لباقي المصريين شيء آخر وبعد فترة قليلة تم زواج آخر ربما كان عرفيا حتي الآن بين الإعلام والسلطة ورأس المال‏..‏
الفريق الثاني هو فريق المهمشين في الأرض الذين بيعت مصانعهم وأعمالهم وأراضيهم وجلسوا علي أرصفة الحياة وهم لا يصدقون كل ما حدث لهم ولوطنهم الذي كان يوما وطنا للجميع هذا الفريق المهمش وجد لعبة ظريفة اخترعها الفريق الأول وهي لعبة الكلام‏..‏
لقد سمحت لهم السلطة أن يقولوا ما أرادوا ابتداء بتعرية كل شيء وانتهاء بالتشكيك في كل شيء وكانت النتيجة هذا الصراخ الإعلامي الرهيب الذي انطلق من الصحافة والفضائيات وفي الشوارع وعلي أرصفة مجلس الشعب تحت شعار الديمقراطية‏..‏ ووجدنا أنفسنا بين فريق يصرخ بلا جدوي وفريق ينهب بلا حساب‏..‏
وهنا ظهرت منظومة بديلة في حياة المصريين هي منظومة الفساد الذي أصبحت له مؤسسات تحميه وأسماء تدافع عنه وأشخاص يرسخون مبادئه وأساليبه‏..‏ أن الفريق الأول يتحدث عن الشفافية والاستثمار والتنمية ورأس المال القادم والفريق الثاني ينتقد ويهاجم ويكشف ولكن دون أن يصل إلي شيء‏..‏ أن أخطر ما في هذا الانقسام مجموعة أشياء كان أبرزها‏..‏
اختلال منظومة القيم والتي جعلت من الفساد أسلوب حياة‏..‏
اختلال منظومة العدالة الاجتماعية التي شوهت تماما صورة العلاقات بين أبناء المجتمع الواحد دون مراعاة لحقوق أو التزامات أو واجبات‏..‏
اختلال أساليب العمل في مؤسسات الدولة حيث اختلط المال العام بالمال الخاص دون سؤال أو محاسبة عن مصادر الثروة ومن أين حصل عليها المسئولون الكبار والصغار معا‏..‏
اختلال قيمة العمل كوسيلة للثراء أو التميز أو تحقيق الأهداف في الحياة‏..‏ وحين يصبح للفساد منظومة تحكم أسلوب الحياة هنا يصبح الحل صعبا والمواجهة أمرا مستحيلا‏..‏
أمام هذا الانقسام اكتفي الفريق الأول بالثروة والسلطة ورضي الفريق الثاني بالفقر والصراخ وسادت بينهما منظومة للفساد‏..‏ من هنا فإن الحل عندي أن تتدخل الدولة المصرية لإعادة التوازن لمنظومة العدالة الاجتماعية‏..‏ إذا كنت قد اشتريت مصنعا بمائة مليون جنيه من الحكومة ثم قمت ببيعه بألف مليون جنيه أين حق الشعب في أرباحي إذا كانت تسمي أرباحا لأنها في الحقيقة سرقة‏..‏ إذا حصلت علي قطعة أرض بمائة ألف جنيه بقرار تخصيص علي ورقة بيضاء ثم بعتها بعشرة ملايين جنيه‏..‏ أين حق الشعب‏..‏ دخلت الوزارة ولا أملك غير شقة وأصبح عندي الآن خمس قصور وخمسة شقق وحسابات في البنوك ليس لها نهاية‏..‏ من أين جاء كل هذا‏..‏ في تقديري أن العدالة الاجتماعية ممكنة إذا صدقت النوايا وعفت النفوس عن الحرام ولا يعقل أن يبقي الحال علي ما هو عليه‏..‏
بين فريق اكتفي بالمال والسلطة وفريق اكتفي بالصراخ يمكن أن نطلق علي ما حدث أنها الحرية الاقتصادية علي الطريقة المصرية وأنها الديمقراطية التي لا يسمعنا فيها أحد ولا يستجيب لمطالب أحد وهي أيضا ديمقراطية علي الطريقة المصرية‏..‏
أن أجهزة الدولة الآن اكتفت بأن تقرأ الصحف كل يوم وتشاهد الفضائيات كل ليلة دون أن تبدي الرغبة في الإصلاح أو المحاسبة‏..‏ وهذا الأسلوب يتعارض تماما مع الديمقراطية الحقيقية التي تعني محاسبة واضحة وصريحة بين سلطات الحكم بما في ذلك المسئولين أنفسهم‏..‏ ولكن الجرائم عندنا تختفي‏..‏ وكوارث نهب المال العام لا تجد من يسأل عنها‏..‏ والاستيلاء علي أموال الدولة أصبح حقا مشروعا رغم أن الديمقراطية تتعارض مع ذلك كله ولكنها الديمقراطية المصرية التي حللت كل شيء‏..‏
كان السؤال الثاني الذي طرحته في هذا اللقاء‏..‏ وماذا عن المستقبل‏..‏
‏*‏ لا بديل لمصر عن ثلاث قضايا هي الأهم لمواجهة المستقبل‏..‏ يسبق الحريات والديمقراطية علي الطريقة المصرية قضية العدالة الاجتماعية لأن الاستقرار في هذا الوطن يرتبط برغيف الخبز والمعاناة وضروريات الحياة التي لا تتوافر لأغلبية الشعب المطحون‏..‏ أما الديمقراطية المصرية ديمقراطية الصراخ ودعهم يصرخون ونحن نعمل ما نريد فهذه سلعة زائفة‏..‏
‏*‏ لا بديل لمصر عن عصر العلم ولو ضاعت منا بعض السنوات القادمة ولم نلحق بهذا القطار فسوف ننتظر مائة عام قادمة‏..‏ إن العلم ليس فقط لغة العصر ولكنه لغة القوة ومصر المستقبل لن يكون لها مكان أمام وحوش هذا الزمن إلا إذا كانت قوية‏..‏ والعلم الآن هو أخطر وأهم مظاهر القوة‏..‏ أن العلم بكل مشتقاته حتي الضار منه ضرورة عصرية ويجب أن نحصل عليه بكل الأساليب حتي وأن كانت غير مشروعه فليست هناك جرائم في المعرفة‏..‏ وهذا يعني أن استفيد من كل شيء من أجل اللحاق بالعصر مهما كان ثمن ذلك‏..‏
‏*‏ لا بديل لمصر إلا أن تحافظ علي هويتها‏..‏ في الدين‏..‏ والتاريخ‏..‏ واللغة‏..‏ هذه الثلاثية التي تعرضت طوال السنوات الماضية لهزات عنيفة ضارية لابد أن نحافظ عليها ونستعيد ما ضاع منها‏..‏ ليس ذنب هذه المنطقة أنها جمعت أديان الله فوق سماواتها‏..‏ وليس ذنب المصريين أنهم أول من عرفوا التوحيد‏..‏ وليس ذنب القدس أو مكة أو القاهرة أنها جمعت الرسالات السماوية وكان فيها المسجد والأزهر والكنسية‏..‏ أن هذا التراث الإنساني العريق ليس ملكا لنا وحدنا ولكننا كنا حماة هذا التراث لأنه ظهر علي أرضنا ولم نكن سببا في ألا يظهر نبي في واشنطن أو لندن أو باريس ولهذا يجب أن نحافظ علي تراث إنساني وأخلاقي ورثناه‏..‏ ينبغي أن تنتهي المعارك بين أبناء النخبة المصرية لأن البعض يحاول تهميش الدين والبعض الآخر يتخذ موقفا عدائيا من دينه‏..‏ كما أن الدولة بكل مؤسساتها ينبغي أن تحافظ علي هذا الامتداد الروحي في وجدان الناس‏..‏ لا أحد يقبل الإرهاب باسم الدين أو السياسة باسم العقيدة ولكن ينبغي أن ينطلق ذلك كله من الحرص علي مقومات هذا الشعب لأن كل من خاض حروبا ضد الأديان خسرها‏.‏
أما التاريخ فهو ذاكرة هذه الأمة ولا يوجد وطن في العالم جمع مراحل التاريخ كما احتوتها مصر الحضارة التي جمعت فوق ترابها كل الألوان‏..‏ ومهما كانت الرغبة في التطور أو التنوير أو التحرر فلا توجد قطيعة بين الحاضر والأمس ولا يوجد عداء بين دين مستنير وعلم متقدم‏..‏
أما اللغة فهي تراث حضاري لا ينبغي أن نفرط فيه أنها لغة قرآن نؤمن به‏..‏ وتاريخ يجب أن يبقي ميراثا حضاريا عزيزا وثقافة يجب أن نحافظ علي جزورها‏..‏
من هذه الثلاثية تتأصل فكرة الانتماء وروح تسمي الوطن وإنسان قادر علي أن يواجه الحياة بالوعي والعلم والإيمان واليقين‏..‏
أن مواجهة الأزمات شيء ممكن ولكن يجب أن تصدق النوايا وأن تصحو الضمائر وأن نفكر بروح الفريق‏..‏ مصر قادرة علي تجاوز أزماتها علي أساس من المشاركة لأن كل فريق يبحث عن مصالحه وهذه في الحقيقة هي المأساة‏..‏
كان وقتا ممتعا قضيته في صحبة كوكبة أفخر بانني واحد من تلاميذها هذه النخبة التي أشعر أمامها أن شمس مصر المضيئة الشامخة أبدا لن تغيب مادامت بيننا هذه الرموز‏..‏
‏..‏ ويبقي الشعر
يضيق الكون في عيني
فتغريني خيلاتي‏..‏
فأرسم وجهك الفضي
فوق شواطيء الذكري
وتحت ظلال غيماتي
أحلق فوق وجه البحر
أركض فوق ظهر الريح
أسبح في سماواتي‏..‏
وجوه الناس أشلاء مبعثرة
علي أطلال مرآتي
فسيح وجه هذا الكون
لكني بلا سبب
أضيق بسجنه العاتي‏..‏
أنا النيران لا الألوان تخدعني
ولا زيف الشعارات‏..‏
أنا البركان لا قيد يحاصرني
ولا عصر النفايات‏..‏
أنا التاريخ والذكري
أنا سرب من الأقمار
أسبح في مداراتي‏..‏
أحب الكون أجزاء مبعثرة
تعانقها انشطاراتي
أحب الغيم أمطارا مشردة
تلملمها سحاباتي
أحب الموت في بركان عاصفتي
وبين جحيم أبياتي‏..‏
أحب شواطيء الترحال تحملني
بعيدا عن حماقاتي
أحب حدائق النسيان
تنسيني عذاباتي‏..‏
أنا المسجون في حلمي
وفي منفي انكساراتي
أنا في الكون عصفور بلا وطن
أسافر في صباباتي‏..‏
أنا المجنون في زمن بلا ليلي‏..‏
فأين تكون ليلاتي‏..‏
يضيق الكون في عيني
فتغريني خيالاتي‏..‏
أحبك نجمة بيضاء
تخطر في سماواتي
أحبك رعشة بالنور
تمحو زيف ساعاتي‏..‏
أحبك خمرة بالشوق
تؤنس ليل كاساتي
أحبك توبة عذراء
تهرب من ضلالاتي
أراك الضوء حين تضل قافلتي
وتطويني متاهاتي
أراك الأمن
حين يطل جلادي
ويبدو وجه مأساتي
علي أمواجك الزرقاء
تنبت ألف لؤلؤة
تعانق دفء موجاتي
أنا وطن بلا زمن
وأنت‏..‏ زماني الآتي‏..‏
[email protected]

المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.