كتب محمد نصر: في ظل الأزمة التي تمر بها السينما المصرية, مازال هناك العديد من السينمائيين الجدد يكررون محاولات تقديم أفلام ذات تكلفة أقل( تقنية الديجيتال) كي تستطيع صناعة السينما البقاء.. وقد بدأ هذا الاتجاه منذ سنوات في أوروبا وأمريكا.. وقدم نفس التجربة في مصر المخرج يسري نصرالله في فيلم المدينة والمخرج محمد خان في فيلم كلفتي وقدمت أسماء البكري تجربة مشابهة بنفس التقنية في فيلم العنف والسخرية وأيضا قدم المخرج خيري بشارة فيلم آخر بعنوان ليلة في القمر. ولم يحظ هذا الاتجاه وقتها باستحسان المنتجين والموزعين المصريين بالرغم من أنه اتجاه عالمي تصور به أفلام كبيرة في هوليوود وأوروبا وغيرها.. ويكفي أن نعرف أن فيلم المليونير الفقير والحائز علي مجموعة جوائز أوسكار تم تصويره بنفس التقنية.. وغيره الكثير من الأفلام.. فهو اتجاه المستقبل لصناعة السينما في العالم كله. لكن يبدو أن مسئولي شركات الإنتاج والتوزيع في مصر لم يصدقوا ذلك إلا بعد مرور عشرات السنين, لأنهم تعودوا أن يسيروا وراء الاتجاه الذي تم اختباره وتجربته. وأخيرا قام مجموعة من الشباب بصناعة أفلام بتقنية الديجيتال(H.D) ومنها فيلم بصرة اخراج أحمد رشوان وعين شمس اخراج ابراهيم البطوط ويعرض منها حاليا فيلم هليوبوليس.. وتأتي أهمية هذا الفيلم ليس فقط لأنه اعتمد علي تقنية الديجيتال بل من التعاون المشترك علي كل المستويات في الفيلم وهوالذي يكمل التجربة.. فتعاون الممثلين بالعمل بأجور ضعيفة ومنهم من عمل بدون أجر ومنهم من شارك بأجره في إنتاج الفيلم.. فهذه الحالة من الحب والتعاون والاصرار علي تقديم فيلم يعبر عنهم جعلتهم يقدمون للمنتج كل التسهيلات لخروج تجربتهم الي النور, فلم يتكلف المنتج سوي إيجار الكاميرا وبعض أماكن التصوير المحدودة في الفيلم.. وهو ما فعله نفس المنتج في فيلم عين شمس, فصناعه قدموا كل ما لديهم من جهد وحب دون الحصول علي مليم واحد منه.. ولذلك أشاد بهم الكثير من النقاد واحتفت بهم العديد من المهرجانات المحلية والدولية.. لكن المهم في هاتين التجربتين هو حماس الفنانة إسعاد يونس لتوزيع هذه الأفلام والوقوف خلفها ودعمها.. لأن الموزع هو المحرك الرئيسي في تسويق الفيلم وعرضه.. ولابد للكيان التوزيعي الآخر في مصر( المجموعة المتحدة) أن يحاول دعم هذه النوعية لكي يصنعوا سوقا جديدة لأفلام يعرضونها علي شاشاتهم والتي يجب أن يسعوا لتزويدها بتقنيات العرض( الديجيتال). إذن الديجيتال هو الحل.. لكن الخوف أن تستقطب القنوات الفضائية والتي زاد عددها بشكل كبير المخرجين الشباب ويذهب الفيلم مباشرة الي قنواتهم دون المرور علي شاشات العرض السينمائية.. وفي هذه الحالة ستكون هذه الأفلام قد خسرت مرحلة مهمة وهي العرض علي الشاشة الفضية.. وأيضا ستكون قد خسرت هذه الشاشات أفلاما ربما تكون جيدة.. فشباب السينمائيين يحلم فقط أن يكون لأفلام الديجيتال مكان ولو صغير بجوار الأفلام التجارية الأخري.. وهو أمر ممكن في ظل عدد شاشات العرض الموجودة والتي سوف تستحدث قريبا. وحاليا هناك العديد من مشاريع الأفلام التي يمكن أن تبدأ تصويرها فورا لو عرفت أن شركة كبيرة مثل الشركة العربية أو المجموعة المتحدة سوف تقوم بتوزيع هذه الأفلام.. وبالفعل فإن الكثير من السينمائيين المستقلين ينتظرون إشارة البدء.. أمثال المخرج تامر سعيد وأسامة رءوف ومي أمجد وهالة لطفي وعماد رضوان وغيرهم. أما من سبقوهم بالفعل في عمل تجارب سينمائية بتقنية الديجيتال كان وراءهم المنتج شريف مندور.. فهل هناك سبيل آخر لتقديم سينمائيين جدد لشركات التوزيع في مصر أم أن تقديمهم يجب أن يكون من خلال نفس المنتج فقط. المهم في كل ذلك هو وصول التجارب الجديدة والمستقلة لشركات التوزيع مع اعطائها نفس الفرصة لأن الفائدة في هذه الحالة مشتركة.. فمن واجب شركات الانتاج والتوزيع اكتشاف سينمائيين جدد وضخ دماء جديدة ومختلفة لإحداث عملية انعاش لصناعة السينما في مصر وليصبح أمام المشاهد نوعيات مختلفة من الأفلام كما هو موجود في السينما الأمريكية والأوروبية.. وهي أفلام تستهدف دائما الشباب الذين هم الجمهور الرئيسي للسينما.. وبالتالي هذه الأفلام يمكن أن تحقق جماهيرية كبيرة.