سر تأخر إعلان الحصر العددي لانتخابات الإعادة بالدائرة الأولى في قنا    حصيلة ضحايا فيضانات شرق آسيا تتجاوز 1500    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    شوقي حامد يكتب: غياب العدالة    وجوه بائسة وغيبوبة من الصدمة، شاهد ما حدث في لقاء محافظ الدقهلية أصحاب محال "سوق الخواجات"    آداب سماع القرآن الكريم.. الأزهر للفتوي يوضح    ما حكم إخراج الزكاة لتوفير فرص العمل للشباب.. الإفتاء تجيب    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    عصام عطية يكتب: الأ سطورة    وزير الأوقاف ينعي شقيق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم    الأنبا رافائيل يدشن مذبح «أبي سيفين» بكنيسة «العذراء» بالفجالة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    عاجل- أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    "الأوقاف" تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    وزير الكهرباء: رفع كفاءة الطاقة مفتاح تسريع مسار الاستدامة ودعم الاقتصاد الوطني    إعلان القاهرة الوزاري 2025.. خريطة طريق متوسطية لحماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الأزرق    غرفة التطوير العقاري: الملكية الجزئية استثمار جديد يخدم محدودي ومتوسطي الدخل    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    محطة شرق قنا تدخل الخدمة بجهد 500 ك.ف    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول حوض النيل‏..‏ من الجوار إلي الشراكة

يثور كلام كثير في هذه الأيام بمناسبة الأزمة التي تناقلتها وسائل الإعلام حول مياه النيل بين دول المنابع ودول المصب‏,‏ منها أن مصر خلعت نفسها من القارة السمراء في السنوات الماضية‏ وذهب البعض إلي أن مصر تنكرت لدورها الريادي عندما كانت تصدر الثورات إلي إفريقيا‏,‏ وتدعم حركات التحرير الوطني في كل أرجائها‏,‏ والإنصاف يقضي بالتمييز بين شيئين‏,‏ الأول هو أن مصر دولة إفريقية بامتياز‏,‏ وأذكر في هذا الشأن لقاء جمعني ذات مرة بالرئيس السنغالي الأسبق‏(‏ سنجور‏),‏ وهو في الأصل كاتب وشاعر رقيق يكتب باللغة الفرنسية‏,‏ ودار حوار في منزله عن قضايا القارة الإفريقية ومبدأ الزنوجية الذي يعتبر من أبرز مؤسسيه في الأدب والفكر والسياسة‏,‏ امتد بنا الحديث ليدور حول مصر‏,‏ وأشهد أن ذاكرتي لاتزال تختزن فيضا من الأوصاف التي أطلقها سنجور علي مصر‏,‏ منها أنها عروس إفريقيا الحسناء‏,‏ وأنها ليست فقط أم الدنيا‏,‏ وإنما أم الحضارات‏,‏ وقال سنجور في لهجة لا تخلو من تقدير وامتنان‏:‏ إنني أفضل أن أنادي أرض الكنانة بمصر الأم‏.‏ بل إن عجلة التكتل الشهير الذي كان معروفا بعدم الانحيازي انطلق من إفريقيا‏,‏ وكان من بين أبرز قادته رؤساء أفارقة مثل سيكيتوري في غينيا‏,‏ كما ارتبط نكروما‏(‏ في غانا‏)‏ وجدانيا بمصر‏,‏ لكن يخطئ من يعتقد أن هذه المرحلة قد مرت مرور الكرام في تاريخ القارة‏,‏ فها هو رئيس حكومة كينيا الذي زار مصر قبل أيام يتحدث بإعجاب عن مصر‏,‏ ويقول‏:‏ إن جده كان يروي له حكايات عن مصر واصفا إياها برمز إفريقيا الصاعد‏,‏ ويقول باعتزاز‏:‏ إن والده كان يحدثه عن الرئيس عبدالناصر‏,‏ وفي هذا السياق يذكر دبلوماسي إفريقي أن عام‏1955‏ الذي يعرف بعام باندونج حمل كل المولودين فيه اسم جمال أو ناصر أو عبدالناصر تيمنا بالبطل الإفريقي الذي قاد حركات التحرر في القارة السمراء انطلاقا من مصر‏.‏
الشيء الثاني الذي نود الإشارة إليه هو أن هذه العلاقة ظلت قائمة وإن بدا للبعض أنها اختفت‏,‏ والصحيح أن متغيرات إقليمية ودولية كثيرة قد أثارت ما أثارت في نهر العلاقات بين دول القارة‏,‏ وهذا أمر طبيعي‏,‏ فالسياسات بين الدول تعلو حينا وتهبط حينا‏,‏ لكن خيط المصالح لا ينقطع‏,‏ وهو ما حدث بين مصر وإفريقيا‏.‏ فالصندوق الإفريقي داخل وزارة الخارجية المصرية لم تتوقف المعونات التي يقدمها في جميع المجالات‏,‏ وإن لم يمنع ذلك من الحديث عن ضآلة هذه المعونات أو محدوديتها‏,‏ وأذكر أن أستاذنا الدكتور بطرس غالي وهو أحد أبرز رجال السياسة المصريين الذين بنوا جسورا شتي مع القارة‏,‏ وكانت تربطه علاقات صداقة ودودة مع عدد كبير من قادتها ورجال الحكم فيها‏,‏ التقي ذات مرة بالجالية المصرية في باريس وحرض الشباب من الأطباء والمهندسين علي ترك دول الشمال‏(‏ وفرنسا‏)‏ والاتجاه جنوبا‏,‏ وقال‏:‏ إن الحكومات الإفريقية سوف تكرم وفادتهم إذا ما قرروا الذهاب إلي هناك‏,‏ وقال أيضا‏,‏ ولا أحسبه كان مغاليا‏,‏ إن مستقبل مصر سيكون رهنا بإفريقيا‏,‏ كما أن مستقبل القارة مرتبط بمصر‏.‏
بكلمة أخري إن الجغرافيا المصرية تشدنا شدا نحو القارة السمراء‏,‏ وكلنا يعرف أن دماء شعوب القارة قد اختلطت دفاعا عن الاستقلال‏,‏ وطلبا للحرية والكرامة في مواجهة مستعمر جثم علي صدورنا عشرات السنين‏,‏ استنزف منها خيرات بلادنا‏,‏ ومواردنا الطبيعية‏,‏ ومن قبيل الدعابة ذات المغزي أذكر أني دخلت أحد المدرجات الخشبية الشهيرة في جامعة السوربون الذي يحمل اسم أحد أساتذتها الكبار‏,‏ فهمس زميل سنغالي في أذني وهو يقرب بقدميه الخشب الذي يملأ أرض وجدران المدرج وقال‏:‏ إن هذه الأخشاب الجميلة والمتينة هي من إنتاج بلادي‏,‏ لكن المستعمر الفرنسي سرقها مع ما سرق من معادن وأصول وثروات‏!‏ وقد نفهم في هذا الصدد أن يوجه شباب القارة السمراء نقدا لمصر من باب المودة علي أنها ربما لا تولي قضايا إفريقيا الاهتمام المأمول عبر وسائل إعلامها‏,‏ فذكر رهط من الدبلوماسيين كنت أحاضرهم حول علاقة الصحافة بالسياسة داخل قاعات المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية أن الميديا المصرية تقع في تناقض مع نفسها‏,‏ فهي لا تفسح المجال في التغطية الإخبارية والتحليل لإفريقيا إلا بالكاد‏,‏ بينما تشغل أخبار أمريكا وأوروبا كل المساحات‏,‏ ويكمن التناقض في أن إفريقيا يأتي منها شريان الحياة‏(‏ وهو النيل‏),‏ أما أمريكا وأوروبا فلم يأت منها لمصر سوي الاستعمار والانتداب‏,‏ والحملات الصليبية‏,‏ وتقول فتاة دبلوماسية من أوغندا‏:‏ نحن نبحث في الصحف المصرية عن إفريقيا فلا نجدها‏,‏ إلا بصعوبة شديدة‏!‏
وفي اعتقادي أن هذه الأزمة الخاصة بمياه النيل أصبحت اليوم كملف في أيدي الرئيس مبارك الذي يدير الحوار بحنكة‏,‏ وخبرة‏,‏ وكلمة لا تتوافر في شخص آخر‏,‏ وهو ما يبعث الأمل في أن هذه القضية ستكون سحابة صيف‏.‏
لكن تبقي هناك مجموعة من الدروس التي يجب أن نستخلصها ومنها عدم الإنجرار وراء إعلام غير مسئول روجت له وكالات الأنباء وبعض الفضائيات عندما تحدثت عن استعدادات عسكرية هنا وهناك‏,‏ وغاب عنها أن مصر هي رافعة شعار نزع فتيل الأزمات بالطرق السلمية‏,‏ وقد مارسته في قضايا وأزمات ساخنة كثيرة‏.‏
ولئن كانت مصر تنادي بحل الأزمات بعيدا عن التجييش والعسكرة‏,‏ فهل يعقل أن تتجه إلي معالجة قضاياها هي بغير ذلك‏!‏
الدرس الثاني هو أن تخصص الميديا المصرية مساحات أكبر‏,‏ ومعالجات أشمل للقضايا الإفريقية التي تمس قضايانا مثل التنمية والنهضة‏,‏ والتكنولوجيا‏,‏ واستصلاح الأراضي‏,‏ وتوليد الكهرباء‏.‏
الدرس الثالث هو الدفع باتجاه إنشاء مفوضية تجمع دول حوض النيل تكون المرجع والحكم في كل النزاعات التي قد تنشب لأمر ما بين هذه الدول أو تلك‏,‏ وهو الاقتراح الذي طرحه الرئيس مبارك‏,‏ ولقي اهتماما إفريقيا وإقليميا ودوليا كبيرا‏.‏
الدرس الرابع هو أن نفتح أعيننا إلي أقصي حد علي التحرك الإسرائيلي في القارة‏,‏ فكلنا يعلم أن إسرائيل تعبث بأصابعها في كل الأماكن‏,‏ وتراود بعض الدول عن نفسها‏,‏ وتعرض خدمات ومعونات يسيل لها لعاب بعض النخب‏.‏ ففي دارفور لا تخطئ العين أصابع إسرائيل‏,‏ ووراء الإعلام غير المسئول الذي خطط لإشعال الحرائق في دول المنابع‏.‏ ترصد العين التحركات الإسرائيلية المشبوهة‏,‏ ولعل آخر هذه التحركات الوفود التي بعث بها وزير الخارجية ليبرمان لغواية بعض الدول الإفريقية واستعدائها ضد مصر تحت ستار تقديم المعونات‏.‏
يبقي أخيرا أن نذكر أن العلاقات المصرية الإفريقية مرشحة لمزيد من التنسيق والتفاهم عبر الأجندة التي تضعها حاليا قمة العرب وإفريقيا المقرر انعقادها في نوفمبر المقبل عبر بوابة جامعة الدول العربية‏,‏ وعبر مشاركة فعالة للرئيس مبارك في قمة فرنسا إفريقيا التي تشهدها مدينة نيس الفرنسية اليوم‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات د‏.‏ سعيد اللاوندي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.