ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    رئيس المحطات النووية: محطة الضبعة النووية ستدار وتشغل بكوادر مصرية 100%    يحيى أبو الفتوح: الذكاء الاصطناعي يستلزم جاهزية أمنية متقدمة لحماية الأموال    بوتين يجري مباحثات ثنائية مع رئيس وزراء توجو في الكرملين    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تعمل لفرض هدنة وإنهاء الصراع في السودان    أكسيوس: واشنطن تنتظر رد زيلينسكي بشأن مناقشة خطة أمريكية جديدة لوقف الحرب    وكالة ناسا تكشف صورا مقربة لمذنب عابر قادم من نجم آخر    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    مصر تصنع مُستقبل القارة.. القاهرة تقود «الإعمار الإفريقي»    زيلينسكي: الولايات المتحدة لديها القوة لإنهاء الحرب في أوكرانيا    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    رياضة ½ الليل| جوائز الكاف.. حكيمي بالإسكوتر.. مفاجأة برشلونة.. تراجع مصر.. وصلاح مع ابنته    إصابة 15 عاملاً في حادث انقلاب أتوبيس تابع لإحدى الشركات بأكتوبر    الحماية المدنية تسيطر على حريق مصنع إطارات بالصف    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    رئيس المحطات النووية: تركيب وعاء المفاعل نقلة رئيسية نحو التشغيل    محمد سامي يثير الجدل بطلب من الجمهور بالمشاركة ف «8 طلقات»    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    مصرع طالبة على يد والدها بسبب عدم مساعدته فى العمل برشيد في البحيرة    انقلاب سيارة محملة بالطوب بالطريق الصحراوي الغربي في قنا    السكة الحديد تصدر بيان عقب تداول فيديو اختفاء مسامير تثبيت قضبان بأحد الخطوط    حكيمي أفضل لاعب فى أفريقيا: نعد الجمهور المغربى بحصد كأس الأمم 2025    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    رشا عدلي: بدأت مشروعي الروائي بوعي.. وأشعر أن روح بطلة «شغف» تسكن الرواية وتدفعها للأمام    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    زيارات ميدانية ومراجعة عقود الصيانة.. توجيهات من رئيس هيئة التأمين الصحي لتعزيز جودة الخدمات    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    اليونيسيف" تعين فنانا سوريّا شهيرًا أول سفير لها في دمشق    غدًا.. بدء الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    أسامة كمال عن حوار مجدي يعقوب ومحمد صلاح: لقاء السحاب ومباراة فى التواضع    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    الأرصاد الجوية: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة وشبورة مائية على بعض الطرق خلال الأيام المقبلة    هكذا دعمت بسمة بوسيل تامر حسني بعد تعرضه لوعكة شديدة    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    رئيس مجلس القضاء الأعلى يزور شيخ الأزهر الشريف    الصحة: مرض الانسداد الرئوي يصيب أكثر من 392 مليون شخص عالميا    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    رئيس جهاز مستقبل مصر ووزير التعليم يواصلان جهود تطوير التعليم الفنى    جامعة أسيوط تطلق قافلة طبية مجانية لعلاج أسنان الأطفال بكلية طب الأسنان    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    رئيس جهاز الثروة السمكية: صحة المصريين تبدأ من الطبيب البيطرى.. حارس الأمن الغذائي للبلاد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشوارعيزم‏..‏ وتمويل الإعلام‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 01 - 2010

إحدي سمات مجتمع الشوارعيزم هي ممارسة السخط العشوائي علي كل ما هو‏(‏ حكومة‏)‏ في طريق إطاحة النظام‏,‏ وتأسيس النظام البديل الذي لا تتسع مواضع السيطرة والتحكم فيه إلا لتحالف بعض رجال الأعمال وإرهابيي الصوت والقلم من الصحفيين والإعلاميين المأجورين‏,‏ وبعض المتنفذين الإداريين‏.‏ وكاتب هذه السطور علي الضفة الأخري للنهر من أكثر ممارسي النقد‏,‏ والوخز‏,‏ واللوم‏,‏ والتقريع للجهاز التنفيذي الي درجة تغضب دائما رئيس الوزراء‏,‏ والكثير من أعضاء حكومته السنية‏,‏ الذين أوسعونا كلاما زربا خلابا عن الليبرالية قبل اعتلائهم المقاعد‏,‏ وقبضهم علي الحقائب‏,‏ ثم ما إن استوزروا حتي وجدناهم نسخا من أي كيان تنفيذي سلطوي أو شمولي‏,‏ لا يطيقون نقدا‏,‏ ولا يحبون من لا يسير في الركاب‏,‏ ويستشيطون غضبا من أي معتصم بالاستقلالية في مواجهة سلطاتهم الوزارية الكاسحة‏.‏
ومع ذلك‏..‏
فإنني واحد ممن يستشعرون قلقا كبيرا من غوغائية الهجوم علي الحكومة‏,‏ وأجهزتها‏,‏ وهياكلها عمال علي بطال‏.‏
لا بل وأري في ذلك المسلك خطرا حقيقيا يتهدد‏(‏ الدولة‏)‏ بمعناها الذي نعرفه‏,‏ والذي تراضي الشعب عليه‏(‏ برغم تعدد الاتجاهات والمواقف‏).‏
إذ يبدو ذلك الشعب وكأنه قام مع النظام بتوقيع عقد أو كونتراتو لا ينبغي الإخلال ببنوده أو إلغاؤه من طرف واحد‏,‏ وعلي نحو انتقائي‏,‏ ويظل الاجماع علي تبديل الصيغة أو بنود العقد شرطا لازما للتغيير لا تنفع فيه مواءمة أو مقاربة‏.‏
سبب هذه المقدمة انني موشك علي طرح موضوع تمويل الإعلام الرسمي المصري‏,‏ وهو ملف بالغ الحساسية والخطورة‏,‏ ويتعلق بساحة عمل حكومي ربما هي الأكثر تعرضا للهجوم‏.‏ إذ تعودنا خلال السنوات الأخيرة انتقاد أداء الإعلام المصري‏,‏ وتوبيخه‏,‏ وبخاصة إزاء الأزمات السياسية‏,‏ أو ملفات الأمن القومي متنوعة الدرجة والمستوي‏,‏ أو حتي الكوارث الإنسانية التي تحتاج الي سرعة التلبية ورشاقة ومرونة الأداء‏,‏ فضلا عن الإشارة الي فشله في تصميم رسائل الاتصال بالجماهير علي نحو أتي بنتائج عكسية في كثير من الأحيان‏,‏ أو الإخفاق في بعض الحملات القومية التي إحتاجت سنادة إعلامية تفشي تيارات بعينها من الوعي في البلد‏,‏ وأخيرا اختلال ترتيب المهام الذي جعل من برامج المنوعات‏,‏ والطقش‏,‏ والفقش‏,‏ والهزر أولوية أولي‏,‏ فيما تراجعت برامج التعليم والتثقيف والحوار السياسية الي خط الدفاع الثاني أو الثالث‏,‏ في مجتمع يصرخ آناء الليل وأطراف النهار باحتياجه الي المعرفة‏,‏ والفهم في قضايا الديمقراطية والمشاركة‏,‏ والتنوير ومواجهة التطرف‏,‏ والتنمية ومحاربة الفقر‏.‏
ودفع الانتقاد المرير الي بعض محاولات متناثرة لتطوير جهاز الإعلام‏,‏ ومواجهة أسئلة التنافسية القاسية التي طرحها الإعلام المصري الخاص‏,‏ وأيضا الأقنية الفضائية العربية‏,‏ وإقرارا للحق فقد حدث بعض تطور في الشكل والتقنية‏,‏ ولكن مع افتقاد كامل مازلت أصر للرؤية والمشروع‏.‏
وأظن أن موضوع هندسة رؤية للجهاز الإعلامي ليس مهمة القائمين عليه‏,‏ ولا ينبغي لهم أن يحتكروها‏,‏ أو يتصوروا سماح البلد لهم بذلك الاحتكار‏,‏ وانما هي ملف مرشح لحوار قومي واسع النطاق يضع النقاط علي الحروف‏,‏ ويرسم الإطار الذي ينتظم الأداء‏,‏ ويمنع الترهل السياسي أو الفكري‏.‏
كان للإعلام المصري رؤية في العقدين الماضيين‏,‏ ثم صرنا بإزاء متغيرات محلية‏,‏ وإقليمية‏,‏ ودولية تقتضي إعادة صياغة مشروع الإعلام المصري‏,‏ وهو ما لم يحدث‏,‏ وبما جعل أي تغيير يبدو انقلابيا لا يستهدف بناء صيغة جديدة بمقدار ما استهدف إطاحة صيغة قديمة‏.‏
علي أية حال‏..‏
فإن إطلاق إعلام محدث‏,‏ قادر علي المنافسة من جديد‏,‏ بات يحتاج الي تكاليف باهظة ما أنزل الله بها من سلطان‏,‏ إذ صرنا نواجه إعلاما إقليميا يتكلف المليارات‏,‏ وليس لديه مانع في أن يخسرها جميعا في مقابل تحقيق مكسب سياسي‏(‏ رمزي ومعنوي‏)‏ أو إنجاز هدف أمني ومخابراتي لا تخطئه عين المراقب المحترف‏.‏ وأعرف وأصدق أن لدينا ثروات بشرية هائلة يمكنها سد جانب من فجوة فوارق الامكانات‏,‏ ولكن الموضوع أصبح أعقد بكثير من صيغ‏(‏ بالروح بالدم‏)‏ و‏(‏المعدن الأصيل للمصري الذي لا يظهر إلا وقت الشدائد‏)!!‏
الملف يستوجب الآن حشد هذا البلد إمكانات مادية حقيقية لتصنيع جهاز إعلامي قادر علي المنافسة‏,‏ وأذكر أن وزير الإعلام قال لي مرة إن انشاءنا لقناة إخبارية متطورة يحتاج الي ما يقرب من نصف مليار جنيه ابتداء‏.‏
يعني حين نطالب بتطوير حقيقي للإعلام‏,‏ وحين يهلل المجتمع ساخطا علي‏(‏ الحكومة‏)‏ مناديا بأن يكون لدينا إعلام قادر علي المنافسة ينبغي أن نملك تصورا عن آلية حشد للموارد المالية اللازمة لذلك التطوير‏.‏
‏(‏وأضرب مثالا سريعا هنا بأن قناة الجزيرة الرياضية حين اشترت حقوق بث مباريات كأس إفريقيا الموشكة علي الانطلاق في انجولا‏,‏ طلبت من اتحاد الإذاعة والتليفزيون عشرة ملايين دولار في مقابل عدد من المباريات تختارها الجزيرة‏,‏ وحين فاصل اتحاد الاذاعة والتليفزيون راغبا تخفيض المبلغ الي ستة ملايين دولار‏,‏ ثم ثمانية ملايين‏,‏ وضعت الجزيرة عددا من الشروط ضمنها تمتعها ببث مجاني لاحدي مباريات الدوري المصري كل أسبوع‏,‏ فضلا عن بطولة كأس مصر بأكملها‏..‏ يعني أرادت أن تشتري مصر كلها تقريبا بمليوني دولار طلبنا تخفيضها‏!!).‏
الفلوس باتت عنصرا مهما جدا في لعبة الإعلام‏.‏
أما من حيث الرؤية السياسية والمشروع الفكري‏,‏ فإن أوعية الدولة‏,‏ وأجهزتها السياسية والحزبية مطالبة بضبط أداء الإعلام وفق ما تري‏,‏ علي حين أجهزتها الرقابية مطالبة بتفعيل رقابتها دون تعقيد علي انفاق أموال الشعب حين يتم تدبيرها لتطوير هذا الإعلام‏.‏
نهايته‏..‏
حين تولي المهندس أسامة الشيخ رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون‏,‏ بدا أن جهاز الإعلام مقبل علي عصر جديد من إعلاء المعايير الفنية‏,‏ والتحرير الإداري‏,‏ وكسر زنازين فقر الفكر وفكر الفقر‏,‏ واختراق السقوف الواطئة للخيال في مؤسسة هي الأكثر احتياجا للخيال بين الأوعية الحكومية والرسمية‏,‏ يعني صرنا بإزاء رجل يفكر بطريقة القطاع الخاص في مؤسسة دولة‏,‏ فضلا عن شبكة صلاته واسعة النطاق بالمفكرين والمثقفين والسياسيين مختلفي المشارب التي تتيح له التفكير في إطار لا يخاصم الجماعة الوطنية‏(‏ موالية ومعارضة‏)‏ أو يتجاهلها‏.‏ وكنت استمعت بكثير اهتمام الي المهندس أسامة الشيخ‏(‏ قبل شهور من توليه رئاسة الاتحاد‏),‏ حين طرح فكرة أظنها الطريق الوحيد نحو تخليق التمويل اللازم للانفاق والتطوير‏,‏ إذ تحدث الرجل طويلا في مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي أتشرف بعضويته‏,‏ عن طرح أراه الأمل الوحيد في تمويل اتحاد الإذاعة والتليفزيون‏,‏ وتجاوز الوضع الحالي الذي لا يفضي إلا لمراكمة الديون عبر الاستدانة من الخزينة‏.‏
رأي المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون‏,‏ أن تعديلا ما ينبغي أن يلحق بقانون عام‏1960‏ الذي فرض‏2‏ مليم‏(‏ أكرر‏..‏ مليمان‏)‏ علي كيلو استهلاك الكهرباء لتمويل التليفزيون‏(‏ وقتها كان لدينا في مصر‏12‏ ألف جهاز تليفزيون أما الآن فلدينا ما يقرب من ثمانين مليون جهاز‏,‏ ووقتها كان لدينا قناتان تعمل كل منهما ست ساعات يوميا‏,‏ أما اليوم فلدينا أربع وعشرون قناة تعمل علي مدار الساعة‏,‏ فضلا عن باقة شبكات اذاعية كثيفة‏).‏
طرح المهندس أسامة الشيخ زيادة الضريبة علي استهلاك كيلو الكهرباء الي قرشين صاغ بما يصل بالدخل الي ثمانمائة مليون جنيه بدلا من‏14‏ مليونا‏,‏ وأعد رئيس الاتحاد دراسة كاملة هي بمثابة مشروع لتعديل القانون تتضمن غير زيادة الضريبة علي استهلاك كيلو الكهرباء ضريبة أخري علي راديو السيارة تبلغ ثلاثين جنيها في السنة‏,‏ والدراسة بأكملها في حقيبة السيد أنس الفقي وزير الإعلام الآن لمناقشتها في الدوائر الحزبية والحكومية كمدخل لطرحها في خطوة مقبلة اذا حازت موافقة علي المؤسسة التشريعية‏.‏ هذه هي الوسيلة الوحيدة المنطقية والمقنعة التي رصدتها لحشد التمويل اللازم لتطوير الإعلام‏,‏ وغير ذلك كان صراخا غوغائيا يهلل علي إعلام الحكومة‏,‏ ويتحدث عن ديون اتحاد الاذاعة والتليفزيون‏,‏ فيما تلك الديون هي نتاج الالتجاء الي الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية والاستدانة من الخزينة‏,‏ وعدم اختراع طرق للتمويل‏.‏
وأنا آخر من يتحمس لفرض أية ضريبة علي بسطاء الناس‏,‏ ولكن ما شجعني علي قبول الفكرة أن الضريبة المقترحة تبدو أكثر انحيازا لمنطق العدل الاجتماعي من أية ضريبة أخري‏,‏ لأنها تزيد عند الأكثر استهلاكا للكهرباء وهم الأغنياء أو مالكو السيارات‏(‏ في حالة ضريبة راديو السيارة‏).‏
واذا لم يتم إقرار هذه الوسيلة للتمويل‏,‏ فلا معني في تقديري للكلام عن الإصلاح المالي والاقتصادي في اتحاد الاذاعة والتليفزيون‏,‏ وسيقتصر حديثنا علي تطوير الرؤية السياسية والمشروع الفكري‏,‏ ويظل الجهاز علي ذلك النحو أو بطة عرجاء‏LameDuck‏ تحجل علي ساق واحدة‏,‏ وتستقبل صبيحة كل يوم موجات الشوارعيزم التي تهاجم الحكومة عمال علي بطال وتحرض الناس ضدها‏.‏
نعم‏..‏ عندي عشرات الانتقادات اللاذعة حول أداء الإعلام‏,‏ ولكن في هذه النقطة بالذات أنحاز لفكرة أسامة الشيخ ومشروعه‏,‏ إذ كيف نقدم رسالتنا للمجتمع‏,‏ ونطلق قنوات للتربية والتعليم‏,‏ وحملات لمواجهة انفلونزتي الخنازير والطيور‏,‏ وبرامج كلنا جنود وغيرها من دون موازنة؟‏!‏
لا بل كيف نفي باحتياجات التطوير التقني‏(‏ كاميرات ستوديوهات وأجهزة ومحطات بث وتقوية وتحويل الإرسال من أنالوج الي ديجيتال‏)‏؟‏,‏ وكيف ندفع مستحقات عشرات الآلاف من العاملين في قطاعات الاتحاد من دون توفير طريقة أخري غير الاستدانة من الدكتور يوسف بطرس غالي؟‏!‏
هناك قصور تشريعي كبير فيما يتعلق بالإعلام يتضمن غير آلية التمويل التي أشرت إليها حالا قانون البث وإعادة البث‏,‏ ويتضمن تعديلا في قانون‏1979‏ لمواجهة كارثة تليفزيون الوصلات السري الموازي‏(‏ ثماني ملايين وصلة سرقت التليفزيون المشفر‏Pay-Tv,‏ تم في الانتخابات التشريعية الماضية اطلاق قنوات أهلية بلدية استخدمها مرشحو الاخوان ويرجح أنها ستتكاثر في الانتخابات البرلمانية المقبلة‏).‏ لابد من حماية الملكية الفكرية إزاء سرقة التشفير وعقاب المستهلك مثل سارق الكهرباء‏,‏ وتحديد هيئة الضبط القضائي في مثل هاتيك الجرائم‏,‏ والتحرك لابتكار نصوص تحمي الأمن القومي والأخلاقيات العامة‏.‏
هذا هو طريق الإصلاح‏,‏ وفرض السياسات الصحيحة علي الإعلام وليس تهليل السوقة وغوغاء الشوارعيزم‏!.‏

المزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.