يوافق يوم العاشر من يناير ميلاد الدكتور محمود حافظ حيث ولد عام1912, والدكتور محمود حافظ أستاذ علوم الحشرات بكلية العلوم جامعة القاهرة ورئيس مجمع اللغة العربيةمجمع الخالدين ورئيس المجمع العلمي المصري, يعد ظاهرة متفردة في مسيرة مصر العلمية واللغوية والثقافية والتنويرية. وكلما نظرت في مسيرته العلمية وسيرته الذاتية وقلبت وجوهها, وجدت جديدا يستوقفني ويدعوني إلي إعمال الفكر والتأمل والنظر. ففيها أصالة العلم وعبقرية الفكر, وتجل سيرته الذاتية أن يلم بطرف منها عشرات الدارسين, ذلك لندرة مثالها وعمق جوانبها واتساع مناحيها. إنه وهو يخطو ليكمل عامه الثامن والتسعين في يناير المقبل, يعد علما شامخا من كبار علماء مصر والعرب في تخصصه والذي يقع منهم موقع الرائد والمعلم والوالد القدوة. بدأت مسيرة الدكتور محمود حافظ في طريق التميز والنبوغ حين تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة جامعة فؤاد الأول آنذاك عام1935 وعين معيدا فيها, حيث حصل علي درجة الماجستير عام1938, ثم درجة دكتوراه الفلسة في علوم الحشرات عام1940, وكان أول مصري يحصل علي هذه الدرجة من جامعة القاهرة. بعد ذلك واصل بحوثه الرائدة في جامعة لندن وجامعة كمبردج بإنجلترا لسنين عددا وفي عام1953 عين أستاذا لكرسي علم الحشرات ورئيسا للقسم, ثم وكيلا للكلية عام1964 بعد ذلك عين وكيلا للمجلس الأعلي للبحث العلمي ثم وكيلا لوزارة البحث العلمي حتي عام1967 ثم عاد الدكتور محمود حافظ بعد ذلك إلي عرينه العلمي بكلية العلوم جامعة القاهرة ليواصل بحوثه العلمية الرائدة ويقود أكبر وأهم مدرسة علمية لعلوم الحشرات, كانت الأولي في مصر والعالم العربي. وأفرزت هذه المدرسة العلمية المتميزة أشهر الأساتذة المتخصصين في علوم الحشرات وتطبيقاتها, نشروا علمهم وخبرتهم في أرجاء العالم العربي, بل وامتد صدي بحثهم في العالم بأسره علي مدي نيف وسبعين عاما. ألف الدكتور محمود حافظ وترجم وراجع أكثر من عشرين كتابا في علوم الحشرات والحيوان وتاريخ العلوم. وكتب الجزء الخاص بالحشرات في الموسوعة الميسرة فرانكلين. وأسهم في ترجمة بعض المعاجم العلمية مثل معجم كومتون العلمي المصور بإشراف الجامعة الأمريكية والموسوعة البريطانية. وشارك في معجم علم الأحياء ومعجم الكيمياء والصيدلة ومعجم الجيولوجيا ومعجم النفط إصدار مجمع اللغة العربية. كذلك راجع كتابا موسوعيا عن تاريخ وتطور علوم الحشرات في مصر إصدار أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. وعن جهود الدكتور محمود حافظ الإنشائية, فقد أنشأ وحدة البحوث الحشرية بهيئة الطاقة الذرية, ومحطة البحوث الحقلية للبيئة الصحراوية بوادي النطرون. كذلك أسهم في إنشاء قسم علم الحشرات بجامعة القاهرة وأنشأ متحفا للحشرات يضم أكثر من سبعين ألف عينة وأربعة آلاف نوع الكثير منها جديد علي العلم. كذلك أسهم في إنشاء قسم الآفات ووقاية النبات بالمركز القومي للبحوث, ووحدة البحوث الحشرية بالمركز الإقليمي للنظائر المشعة للدول العربية. كذلك أسهم في إنشاء معهد بحوث الحشرات الطبية بوزارة الصحة. أما النشاط العلمي والثقافي واللغوي والتنويري في مسيرة الدكتور محمود حافظ, فمن العسير استقصاؤه, فهو رئيس مجمع اللغة العربيةمجمع الخالدين, وهو أول علمي في تاريخ المجمع يشغل كرسي الرئاسة فيه. كذلك هو رئيس المجمع العلمي المصري قدم المجامع العلمية في مصر حيث أنشأه نابليون بونابرت عام1798. وقد شغل الدكتور محمود حافظ رئاسة الأكاديمية المصرية للعلوم والاتحاد العلمي المصري والجمعية المصرية لعلوم الحشرات والجمعية المصرية لتاريخ العلم ولجنة الجوائز الدولية وجوائز الدولة بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ورئاسة اللجنة القومية للعلوم البيولوجية واللجنة القومية لتاريخ وفلسفة العلوم, فضلا عن عضويته في المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي ومجلس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وعضويته الرائدة في جمعية حماة اللغة العربية والجمعية المصرية لتعريب العلوم. وعلي المستوي الدولي فهو عضو وزميل بالأكاديمية الإسلامية للعلوم الأردن عضو وزميل بالأكاديمية الأفريقية للعلوم كينياعضو وزميل بأكاديمية العالم الثالث للعلوم إيطالياعضو فخري لمجلس المؤتمرات الدولية لعلوم الحشرات بالصين أول عربي ومن بين عشرة علي مستوي العالم. عضو الاتحاد الدولي لتاريخ العلم بلجيكا عضو الاتحاد الدولي للعلوم البيولوجية فرنسا عضو الجمعية الملكية لعلم الحشرات إنجلترا عضو متميز بجمعية علم الحشرات الأمريكية, وعضو فخري بجمعية علم الحشرات الروسية( من بين عشرة علي مستوي العالم). وحصل الدكتور محمود حافظ علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم عام1977 وجائزة مبارك في العلوم عام1999 والميدالية الذهبية لجهوده العلمية البارزة مع شهادة تقدير من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا عام.1978 كذلك حصل علي وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي عام1978 ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام.1981 إضافة إلي شهادة تقدير من هيئة البحوث الدولية بوزارة الزراعة الأمريكية لبحوثه الرائدة في علوم الحشرات. ولو أن المرء تأمل إنجازات الدكتور محمود حافظ طوال خمسة وسبعين عاما من الجهاد مع النفس والكفاح ضد كل الصعوبات, من أجل إعلاء شأن البحث العلمي, لما تمالك نفسه من الإعجاب بهذا العالم الفذ الذي لايزال يعمل حتي اليوم بهمة ونشاط ومثابرة تحسده عليها جموع الشباب. إن هذا العالم القدوة لم يلق التكريم اللائق به وبمكانته وإنجازاته حتي الآن, ولنا أن نري هذا العالم وهو يكمل العام الثامن والتسعين من عمره, ولايزال يواصل عمله في كل ميادين اهتماماته في مجمع اللغة العربية والمجمع العلمي وأكاديمية البحث العلمي وجامعة القاهرة والجمعيات العلمية وغيرها. أليس هذا العالم جديرا بأرفع أوسمة الدولة التي تقدم للنابهين. إن جمهور العلماء والمهتمين بأمور الثقافة والفكر والتنوير يعنيهم في هذا الوقت بالذات تكريم هذا العالم الذي يمثل قمة علمية نادرة سامقة وقامة لغوية ثقافية تنويرية باسقة.