بعيدا عن اختناق القاهرة وملوثاتها السمعية والبصرية كانت فكرة المدن المغلقة التي أتاحت لسكانها فرصة الهروب الكبري من القاهرة المكتظة بكل ماهو متعب ولو لبضع ساعات من الليل او النهار. ولما كانت هذه المدن بعيدة عن القاهرة فقد استلزم الأمر ان يكون لها أمنها الخاص الذي يحفظ حياة وممتلكات المقيمين فيها ولكن تري هل يغني هذا الامن الخاص عن الامن العام؟! الواقع يقول ان بوابات هذه المدن التي يطلق عليها اسماء عدة منها كمباوند منتجعات قري سياحية, مدن جديدة.. الخ قد اغلقت علي السكان ولكن تحت اشراف موظفين ليست لديهم امتيازات قانونية او اختصاصات شرطية يمكن ان تجعلهم قادرين علي ممارسة اعمالهم بالشكل المطلوب او قريبا منه وهم حسب طبيعة الامر يدينون بالولاء اما للشركات العاملة في مجال الامن الخاص والحراسات أو أصحاب هذه المدن والتمثيل الشرطي الفعلي محدود للغاية وربما للشكل فقط وحسب نفوذ كل شركة او كل صاحب كمباوند فبدون الامن العام لاتجد الحرية الكافية للتحرك والمراقبة وفي أثناء التجهيز لاجراء معاينة تصويرية لاحدي الجرائم الشهيرة كادت تحدث مشكلة عندما حاول امن الكمباوند الخاص التدخل في حرية حركة سيارات الشرطة الداخلة الي المدينة فقد فوجئ احد معاوني المباحث بموظفي الامن المعينين علي البوابة بعدم فتح الحاجز الا بعد اخطار مدير امن الكمباوند وموافقته شفهيا علي دخول الضابط خاصة أن الضابط كان يستقل مع بعض رفقائه سيارة ميكروباص وليست سيارة شرطة! إذن فدخول المباحث التي يرتدي العاملون فيها من ضباط ومخبرين الملابس المدنية مشروط بالحصول علي إذن من مدير أمن القرية او من صاحبها او علي الاقل ابراز تحقيق الشخصية وربما خطاب المأمورية وتحديد الوجهة وهو امر يتناقض تناقضا جوهريا مع عمل المباحث والمفروض انه يتسم بالسرية التامة وعلي سبيل المثال فإن حملات المخدرات والآداب سوف يعرف عن قدومها بمجرد الولوج من البواب وهذا يفقد العمل المباحثي اهميته الامنية القائمة علي سرية التحرك وهناك تقارير عن انتشار بؤرشبابية في بعض هذه الاماكن متعددة الاسماء يتم تعاطي المخدرات التي تليق بالمستوي الاقتصادي والاجتماعي لبعض ساكني هذه المنتجعات خاصة في المنتجعات الساحلية خارج القاهرة. سباقات الخمسات وتم تقديم اكثر من شكوي من جانب كثير من السكان حول بعض السلبيات في تلك الاماكن والتي يعجز الامن الخاص عن التعامل معها لأن افراد الامن الخاص يتقاضون اجورهم من اموال السكان فكيف; يمكن لهم ان يعترضوا علي بعض تصرفات غير مسئولة وكثيرا ماتقع تحت طائلة القانون وتصدر من بعض السكان او ابنائهم. وكثير من الشباب في ليالي الصيف يستغلون فراغ الشوارع لاستعراض قدراتهم في قيادة السيارات وعمل استعراضات خطيرة تعرض حياتهم وحياة جيرانهم للخطر وأشهر هذه المسابقات مسابقة الخمسات وهي ان يقوم الشاب قائد السيارة بقيادتها وكثير منهم لايحمل رخصة قيادة لصغر سنه أقصي سرعة وفي مسافة قصيرة يقوم بشد فرامل اليد لايقاف السيارة لتلف دورة كاملة حول نفسها لترسم دوائر صغيرة يطلق عليها خمسات جمع رقم5 وبالاضافة الي صوت الفرامل الصارخ الذي يمزق هدوء الليل المميز لهذه المنتجعات غير قانوني وعزلة هذه الاماكن لاتكفي معها امكانات الامن الخاص المعتمد عليه بنسبة قد تصل الي مائة بالمائة في بعضها. وحتي الدوريات الامنية الروتينية لاتجد الحرية الكاملة في الدخول والخروج مادام قائد الدورية ينتظر خروج موظف الأمن من الكشك الانيق لاستطلاع الامر او فتح الحاجز او البوابة الالكترونية فهنا ينقلب الوضع إذ يبدو وكأن الامن العام ينتظر إذن الامن الخاص للدخول حتي يتم تفقد حالة الأمن! وبالطبع يقوم موظف الأمن بتسجيل البيانات الخاصة بسيارة الوردية ووقت الدخول والخروج. أما عن حملات تنفيذ الاحكام فإنها بطبيعة الأمر كان من المتوقع أن تفقد فاعليتها خاصة ولو كان المطلوب لتنفيذ الحكم احد السادة رجال الاعمال وحبذا لو كان من ملاك القرية وعندئذ فالوضع يبدو هزليا. ضريبة دخول المدينة وحدث في احد أشهر هذه المنتجعات الكبري ان ارتأت إدارته ضرورة فرض رسوم زيارة علي القادمين من خارج المنتجع ويتم اثبات سبب الزيارة واسم السكن المضيف قبل تحصيل الرسوم, وقد تسبب هذا القرار في إحداث موجة غضب بين سكان هذا المنتجع القاهري الكبير إذ اعتبروا ذلك تدخلا سافرا في خصوصياتهم ويجعلهم تحت وصاية الامن الخاص بالاضافة الي ان هذه الرسوم ليس لها أي وجه قانوني ولو وافق عليها اصحاب المنتجع وزائروهم إذ لايجوز فرض أي رسوم إلا بقانون ولكن يبدو ان القانون نفسه ينتظر علي بوابات هذه المدن ولايسمح له بالدخول إلا بعد الاستئذان! مدن خاصة جدا والامر الذي يبدو اختراقا غير معتاد هو القيام بعمليات تفتيش لأي سيارة داخلة ويكون قائدها من غير ساكني المنتجع او سيارة تاكسي فالموظف المختص لايخول له القانون ذلك بل لا يتيح له مجرد الاستباق للتحري والاشتباه لأن هذا يعد عملا من صميم عمل الشرطة التي يخول القانون لضباطها وبعض العاملين من دون فئة الضباط عملية الضبطية القضائية ومن تحت اجراءات ورقابة قضائية وشرطية صارمة في الوقت نفسه لايمكن ان يؤتمن موظف امن خاص ايا كانت درجة تدريبه ومؤهلاته علي حقوق وممتلكات وحريات المواطنين لأن عمله لا يعطيه أي حق قانوني في الاستيقاف أو التفتيش اذ ان المدن الجديدة ليست من الأماكن التي يتيح القانون لأفراد امنها اتخاذ مثل هذا الاجراء كالفنادق أو المنشآت المهمة الخاضعة لقوانين خاصة أو يصدر بشأنها قانون وهو ما لم يحدث لهذه المدن التي تعامل قانونيا حتي الآن معاملة الشوارع والاحياء المفتوحة إلا ان مسئولي الأمن فيها يتعاملون وكأنها امارات خاصة لاينبغي دخولها إلا بتأشيرة دخول.