ياسر جلال يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025    عبد الوهاب: صفقة "علم الروم" تعزز الثقة في الاقتصاد المصري وتدعم ارتفاع الاحتياطي النقدي    أزمات المياه والسودان والصومال تتصدر مباحثات السيسي ونظيره الكيني    فيديو.. معتز عبدالفتاح: أحمد الشرع لعبها صح وفكّر زي السادات    منتخب مصر يواجه سويسرا في دور ال32 بكأس العالم للناشئين    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    تصرف مفاجئ من دينا الشربيني بعد أخبار ارتباطها بكريم محمود عبدالعزيز    عباس: نقترب من الانتهاء من دستور الدولة الفلسطينية    هذا ما وعد به ممداني كعمدة وهل سيتمكن من تحقيقه؟    نفاد بطاقات الاقتراع في سفاجا وحلايب بسبب الإقبال الكثيف    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    تحديد موعد إقامة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة في الإمارات    مصرع وإصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة أثناء متابعة الانتخابات بأسوان    الانتخابات.. وإرادة الشعب    أول لقطات من حفل زفاف هايدي موسى على المذيع الرياضي محمد غانم في القلعة    السقا وباسم سمرة وشيرين رضا.. القائمة الكاملة لأبطال فيلم «هيروشيما»    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة: إقبال تاريخى وتسهيلات لوجستية للناخبين    الفراعنة.. والمتحف الكبير.. والأهرامات    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    سفير تركيا: فيدان يستقبل وزير خارجية مصر غدًا في أنقرة للتحضير لمجلس التعاون الاستراتيجي    ضبط قائد سيارة نقل اعتدى على مواطن بالسب والضرب بسبب خلاف مرور    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    مستشفيات قصر العيني تنظم يوما تعريفيا للأطباء المقيمين الجدد (صور)    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    «بيحطوا روج للتماثيل».. فتيات يثيرن الجدل خلال زيارتها للمتحف المصري الكبير (صور)    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    شباب بتحب مصر تُشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP30    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت الغضب

الحديث ليس موجها للغاضبين من أبناء هذا الشعب الكريم, فهؤلاء يعلمون لماذا هم غاضبون. وإنما هو موجه في الأساس لمن لا يري أسبابا موضوعية ومقنعة لهذا الغضب من حكام ومن إخوان لهم ولنا في الوطن يصورون الغاضبين علي أنهم مجرد شرذمة منحرفة ومأجورة ومخربة وما أشبه تنابذ اليوم بالبارحة.
الشارع الغاضب يحركه أطراف كثيرة منها من هو جدير أن يسمع له. علي رأس هذه الأطراف شباب محبط من سوء الأداء والطريقة التي يدار بها الوطن ومن تهميشهم بعد الثورة, وأصحاب الثأرات القديمة مع الداخلية وأجهزة الأمن قبل الثورة وبعدها, وقدامي محاربي محمد محمود ومجلس الوزراء الأولي الذين قنص أجساد وعيون إخوانهم عن قصد وتدبير, وشباب الألتراس الذين اختطف منهم رفقاؤهم غيلة وغدرا ولقد رأيت بنفسي دموعهم تنهار كمدا في الميدان لحظة مشاهدتهم فيلما يسجل ما جري لإخوانهم, والمحرومون من أبناء العشوائيات الذين ضاق واسود في وجوههم الأمل وألقوا بأنفسهم إلي قوارب الموت هربا من واقع مرير, والنافخون في ثورة ثانية جديدة من اشتراكيين ثوريين ومثاليين وفوضويين, والحالمون باستنساخ ثورة25 يناير2011 واستدراك ما فات من أخطاء واستحداث بداية جديدة لتمكين الثورة, وشباب آخر يري أن كل هذا لن يتحقق إلا إذا أصبح العنف موجعا وأصبح عقيدة وممارسة مدوية تسمع من في الحكم, وأخيرا الطرف الحاضر دائما من بلطجية ومرتزقة يحركها من يريدون إسقاط هذه الإدارة وإعادة إنتاج النظام القديم وإعادة أنفسهم للحكم. وفي هذه الزحمة والاحتقان تسعي النخب السياسية العتيقة إلي استغلال هذا الحراك الغاضب وركوب موجته كي تبيض نفسها سياسيا وانتخابيا وتظهر أن لديها تأييدا جماهيريا واسعا وقدرة علي الحشد وتوجيه الأحداث.
المبادرات المطروحة من القوي السياسية والوطنية علي كثرتها تعكس عدم إدراك أو تجاهل لما يجري في الشارع. فهذا الشباب الغاضب لا يعنيه معظم ما تحرص القوي السياسية علي الحوار أو التفاوض حوله. فالشباب غير مهتم بمصير النائب الذي يغير انتماءه الحزبي بعد انتخابه في مجلس النواب, ولا حتي مواد الدستور المختلف حولها, ولا القانون الانتخابي واتساع أو ضيق الدوائر, فمعظمه لا يستطيع تحمل كلفة النزول لخوض الانتخابات, كما لا يرغب الكثيرون منه في دعم القادرين لهم مقابل الاستيعاب وتقديم التنازلات. لقد مضي عامان والثورة لم تمكن بعد, بل هناك مخاوف حقيقية من أن يعود من ثار عليهم الشباب إلي دهاليز الحكم مرة ثانية, ليس بالطبع بنفس الوجوه( وإن كنت لا أستغرب ذلك) وإنما كمؤسسات وأجهزة وأسلوب إدارة.
صوت الغضب آت أولا من إحساس الشباب أن الثورة قد سرقت منه. فالثورة أطلق شرارتها الشباب واحتضنها الشعب وركبها العسكر ثم أتي الصندوق بمن هم ليسوا بثوار أو شباب ثورة. حتي الآن يذكر من في الحكم الثورة والثوار والشهداء والمصابين من باب رفع العتب أو من باب اخلينا نقول كلمتين عن الثورة والشهداء أحسن يقولوا علينا فلول, ولكنهم لا يسعون إلي تمكينها وتمكين مطالبها. فحتي الآن لم تصل الثورة إلي خارج المدن الرئيسية أو لأي من مؤسسات الدولة. ولا يزال جيل العواجيز هو الذي يدير المشهد حكما ومعارضة.
صوت الغضب آت ثانيا من غياب أو اختلال ميزان العدالة. فحتي الآن لم يعاقب القاتل الحقيقي, ولا يراد لنا أن نعرف من قنص وخطط ودبر ومول ضد هذه الثورة ومن هو الطرف الثالث ومن وراء الأيدي الخفية. أين القصاص العادل حتي الآن؟ وهل يمكن الثقة في إنجاز عدالة انتقالية كما ينادي الكثير قبل أن تمكن الثورة بالفعل؟ كيف يمكن توقع عدالة في ظل عدم الثقة بين مؤسسات الدولة وتربص بعضها ببعض وهذه الثوارات المشتعلة بينها.
صوت الغضب آت ثالثا من غياب العدالة الاجتماعية. فهذا الملف لم يمس حتي الآن علي الرغم من أنه من المطالب الأساسية للثورة. هناك تغافل مطبق للعديد من مطالب قطاعات عريضة من الشعب منها إقرار الحد الأدني والحد الأقصي للأجور ونظام ضريبي عادل وتوفير الاحتياجات الأساسية والخدمات الكريمة للمواطن الكادح الأرغفة الثلاثة ليست ترشيدا أو عدالة, وإنما هي من باب اوضع الملح علي الجرح... هي إهانة لمواطن يحلم وينادي بالكرامة الإنسانية.
صوت الغضب آت رابعا من التقاعس عن التطهير. ففي عقيدة هذا الشباب أن البناء لن يتم علي أساس سليم دون تطهير حقيقي يأتي علي المشاكل من جذورها. إلي الآن لم يتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتأهيلها لجعل مطالب الثورة وأهدافها حقيقة واقعة. وبدلا من أن تثور الإدارة الحالية الدولة وتطوعها لخدمة المواطن الكادح, إذا بهم وبسرعة مدهشة تتلبسهم الدولة بطقوسها وأجهزتها وبطانتها وغيبوبتها. الفساد يفلت من أيدي العدالة يوما بعد يوم, بل يريد البعض التصالح مع رموزه السابقة كي تسير المركب ونسترجع الاستقرار. تزاوج السلطة ورأس المال وأجهزة الدولة كما هو وكأن المراد هو إعادة إنتاج النظام السابق, وكأن هذه الثورة قامت من أجل الاستبدال بطبقة رجال الأعمال حفنة جديدة من التجار والكفلاء.
ليست هذه دعوة للعنف أو التخريب أو الفوضي, فكل هذا مرفوض ومدان بشدة. وإنما هي دعوة لاستمرار الغضب وإبقاء جذوته مشتعلة من أجل الحفاظ علي روح هذه الثورة والتي أريد لها منذ رحيل مبارك أن اتطلع ولكنها قاومت وصمدت. من أهم توصيفات ثورة25 يناير الأولي أنها اثورة الغضبب. ومن أجمل تجلياتها أنها أطلقت هذا الغضب-- ليس كطاقة عنف وتخريب وانتقام- وإنما كطاقة سلم وبناء. وهذا هو المقصد. أن يتحول الغضب إلي طاقة تقويم وبناء. والمبادرات المطروحة حاليا غير قادرة علي حل الأزمة بصورة مرضية. فالحوار والكلام يكون مع الشباب قبل أي طرف آخر. والمبادرات يجب أن تخاطبهم هم في المقام الأول. فهم من فجر هذه الثورة وأصحاب القرار فيها وهم الأحق بإدارتها لأنهم مستقبلها. وعلي النخب القديمة ألا تضيع الفرص وأن تمهد الأرض لهؤلاء الشباب.
الثورات علم ومراحل, أولاها اعتدال, ثم فوضي وإرهاب, ثم تعاف وتمكين. وثورتنا لا تزال بين الاعتدال والفوضي. ونريد لها التعافي والتمكين. وأنا علي يقين من ظهور جيل من الشباب المخلص يأخذ زمام الأمر بيده ويضع مصر علي المسار الجدير بها وبثورتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.