تحقيق مها حسن: في أحد البنوك الخاصة بشارع عباس العقاد, حصلت علي رقم وانتظرت دوري وسط العملاء, تبادلنا أطراف الحديث, علي يميني طالب في الجامعة الأمريكية يرغب في دفع قسط الفصل الدراسي الثاني بالدولار وعلي شمالي طبيب مخ وأعصاب مشهور يستعد لقضاء اجازته مع أسرته خارج مصر يجلس. في انتظار مقابلة مدير الفرع بعد رفض الموظف إعطاؤه أكثر من ألفين دولار علي كل جواز سفر من أفراد أسرته وهو مبلغ لا يكفي لقضاء الاجازة وشراء الهدايا من وجهة نظره. رن الجرس وتحولت أرقام الشاشات بالبنك وجاء دوري وعندما طلبت من الموظف10 آلاف دولار علي جواز السفر قال لي بابتسامة عريضة اولا غير مسموح بمنح الدولار لغير عملاء البنك وثانيا صرف مبلغ اكثر من الفي دولار يكون بعد الساعة12 ظهرا فتوجهت علي الفور لمديرة الفرع التي ارتبكت عندما علمت انني صحفية ونفت كلام الموظف قالت غير مصرح لي للإدلاء بأي معلومات ولكن البنوك تحاول تقليل المضاربة علي الدولار وقالت بصراحه كل من هب ودب عايز يشتري دولار علشان يكسب قرشين وسألتني عن المبلغ الذي ارغب فيه وفقا لضوابط البنك المركزي. وللوقوف علي حقيقة الامر واجراءات البنوك للحد من المضاربة علي الدولار سألنا رؤساء البنوك فأكدوا ان هناك اولويات في منح الدولاروفتح الأعتمادات المستندية للسلع الأساسية عن استيراد مثلا البالونات والفوانيس وغيرهما من السلع الاستفزازية خاصة بعد ارتفاع الدولار بنحو55 قرشا خلال شهر يناير وكشفوا عن تزايد الطلب علي الدولار في هذا التوقيت من كل عام من قبل الشركات والمؤسسات الاجنبية التي تقوم بتحويل ارباحها للشركات الأم خارج مصر بعد تقفيل ميزانياتها. شاهيناز فودة نائب الرئيس التنفيذي لبنك بي ان بي باريبا مصر قالت ان اهم اسباب ارتفاع الدولار هو قلة المعروض وزيادة الطلب ونتيجة للفجوة تحاول البنوك توفير الدولار لاستيراد السلع الاساسية والاستراتيجية وما تحتاجه المصانع لدوران عجلة الانتاج وشددت علي عدم اعطاء اولوية للعملاء الذين يرغبون في الدولرة او تحويل جزء من ودائعهم بالجنيه المصري الي دولار في ظل ارتفاع الطلب خلال الشهور الثلاثة الاولي يناير وفبراير ومارس, والذي يعد موسم تحويل الشركات الاجنبيه التي تحول ارباحها للشركات الام خارج مصر, ومشيرة الي التأثيرات السلبية لاحداث العنف في الشارع المصري علي حركة السياحة التي يعتمد علي ايرادها كل بنك بشكل يومي كمصدر اساسي في توفير العملة الاجنبية لتمويل عمليات الاستيراد. واضافت ان الشائعات التي ضربت السوق ساهمت في زيادة الطلب علي الدولار, حيث كان شائعا ان يصل السعر في السوق السوداء الي سبعة جنيهات ونصف في حين ان اعلي سعر وصل اليه الدولار في السوق الموازية لم يتعد سبعة جنيهات وربع ثم انخفض الي6.70 جنيه الا ان المظاهرات واحداث العنف في يناير عاودت ارتفاعه مرة اخري. وردا علي تحديد بعض البنوك لمبلغ لا يزيد عن الفين دولار لكل عميل في حين ان تعليمات البنك المركزي ان تمنح البنوك حتي10 الاف دولار قالت ان البنك لديها لم يتخذ هذا الاجراء ولكن بسبب نقص المعروض و السلوكيات الخاطئة لبعض المواطنين الذين يحاولون تجميع الدولار لتحقيق مكاسب مما يضر بالاقتصاد اتخذت بعض البنوك هذا الاجراء. نيرة امين العضو المنتدب لبنك بيريوس قالت ان البنوك اتخذت اجراءات للحد من المضاربة علي الدولار حيث تم تشكيل لجنة بالبنك تجتمع ثلاث مرات اسبوعيا علي حسب طرح مزادات الدولارfxauction لتحديد اولويات الطلبات علي الدولار, مشيره الي اعطاء البنوك اولوية لاستيراد السلع الاساسية ومحاولة توفير الدولار لاولياء الامور الذين يدفعون مصاريف اولادهم في جامعات او مدارس اجنبية تحصل عليها بالعملة الاجنبية. ولكن هل ساهم نظام العطاءات بالبنك المركزي في ارتفاع سعر الدولار قالت نيرة: ان الظروف الاقتصادية والسياسية المضطربة في مصر جعلت الناس في حالة قلق مما رفع الطلب علي الدولار ولا نستطيع ان نقول ان نظام العطاءات المعمول به في دول العالم هو الذي رفع سعر الدولار. ولكن كيف يمكن التغلب علي السوق السوداء التي طلت علينا بوجهها القبيح قالت نيرة اولا يجب توافر المعروض من الدولار وهذا لن يتحقق الا بالاستقرار الاقتصادي وشعور المواطنين بالطمأنينة خاصة ان السوق السوداء المرة الاخيرة التي ظهرت كانت فيها منذ8 سنوات عام2005 وكانت نسب الودائع الاجنبية80% مقارنة بنحو20% للودائع بالعملات المصرية ولكن بعد عودة الثقة واصلاح الجهاز المصرفي عادت المعدلات الي طبيعتها ومؤكدة ان القيمة الادخارية للجنيه المصري حاليا تصل الي10% وهي اعلي من فائدة الدولار الذي لا يتعدي1%. وطالبت بأهمية استعادة الثقة في الاقتصاد المصري وسرعة انهاء المرحلة الانتقالية وضرورة وجود خطة اقتصادية متكاملة وحل المشاكل السياسية حتي نتمكن من بدء المشروعات الاستثمارية التي تحل مشاكل الشباب في توفير فرص العمل, إلا أنها رفضت دخول البنوك كمشارك في المشروعات, وقالت ان البنوك دورها يقتصر علي التمويل والتخصص اساس النجاح. هاني سيف النصر العضو المنتدب لبنك الاستثمار العربي قال ان هشام رامز المحافظ الجديد لديه من اليات السياسة النقدية والكفاءة التي تمكنه من ادارة سعر الصرف والتي بدأت بالفعل من خلال تشجيع البنوك علي طرح اوعية ادخارية بالجنيه المصري بفائدة مرتفعة, مما يغري العملاء فيصرفوا اهتمامهم عن الدولرة, ومشيرا الي ان عودة الاستقرار السياسي والامني هما المفتاح الاساسي لدفع عجلة الاقتصاد. وقال شريف لقمان مدير الفروع ببنك الاسكندرية إن البنك قام أمس بتغطية فتح الاعتمادات المستندية بنسبة100% علي العمليات التجارية للسلع الاستراتيجية واستيراد خامات الانتاج والسلع الاستهلاكية. وقال إن الضوابط التي اتخذها البنك المركزي أدت إلي وقف عمليات الدولرة. وكشف عن عودة الفئة القليلة من المواطنين التي سحبت مدخراتها وقت اشتعال الازمة السياسية وبسبب الشائعات المناهضة للاقتصاد الي عودة مدخراتهم بالبنوك مرة اخري وربطها بشهادات استثمار طويلة الاجل مشددا علي ان ودائع البنوك امنة وزيادتها من9,26 مليار جنيه عام2011 الي2,29 مليار جنيه خلال عام2012 في البنك تعززمن الثقة في القطاع المصرفي وقدرة البنوك علي الوفاء بكافة الالتزامات.