شاءت إرادة الله جل في علاه أن يكون محمد صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ما كان محمد أبا أحد من رجالكم. ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما الأحزاب/40 وأشار الرسول الكريم إلي مافضل به علي الأنبياء من خصائص وعدمنها وختم بي النبيون. وكان صلي الله عليه وسلم في حياته يذوب ألما وحسرة علي المعاندين والجاحدين, حتي أن القرآن الكريم نهاه عن أن يكلف نفسه فوق طاقتها لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين الشعراء/3 لأن هداية الناس ليس مما كلفت, فما عليك الا البلاغ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين القصص/56 فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ الشوري/.48وقد نعت القرآن الكريم سيد المرسلين بالرحمة والشفقة لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم التوبة/.128 ولعل من تكريم الله لسيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم ألا يكون موته عازلا له عن متابعة أحوال من أحبهم وبذل من أجل هدايتهم الغالي والنفيس, وأوصاهم قبل رحيله أن يتمسكوا بميراثه الذي تركه لهم حتي لايضلواتركت فيكم ماإن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي. أعطي الله لسيد المرسلين خاصية أن تمر أمامه حتي بعد انتقاله إلي الرفيق الأعلي سائر أحوالنا من صلاح وفساد وهداية وضلال ونور وظلمات وانتصار وانكسار وغني وفقر ورفعة وذلة واستغناء وعوز واتباع وابتداع واستقامة واعوجاج وهاهو يخاطبنا حياتي خير لكم ومماتي خير لكم, إن وجدت خيرا حمدت الله, وإن وجدت غير ذلك استغفرت الله لكم. في يوم مولده, وذكري ابتهاج الكون بتشريفه, ونحن نحتفل بهذه الذكري العطرة بموائد وحلوي فهلا جاء احتفالنا بتعديل سلوكياتنا لتكون مطابقة لشريعته الغراء. وإذا ألقي رسولنا صلي الله عليه وسلم نظرة علي أحوال مصر التي أوصي بها وبأهلها خيرا: تري هل تقر عينه بالمشهد الذي نحن فيه أم تراه يستغفر الله لنا كما وعدنا. إذا أطل سيد المرسلين علينا ورأي بعضا منا وقد أمتدت أيديهم إلي المال العام فسرقوه ونهبوه ولم تردعهم آية ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة آل عمران/.161 سرقوا حظوظ الآخرين وأرزاقهم ولم يلتفتوا إلي تحذير سيد المرسلين إنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون الحن( أبلغ) بحجته من بعض فمن قضيت له من حق أخيه بشئ فكأنما أقطع له قطعة من النار. استغلوا سلطانهم وبطشهم وإعلامهم فابتلعوا حقوق غيرهم. إذا أبصرنا رسولنا ونحن يتربص بعضنا ببعض ويعتدي بعضنا علي بعض ويسفك بعضنا دم بعض فسيكثر من الاستغفار, لأنه الدليل علي أننا لم ننتفع بنصحه لنا المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم يسعي بذمتهم أدناهم وهم يد علي من سواهم ولم يردعنا تحذيره من أعان علي قتل مؤمن بشطر كلمة أتي به يوم القيامة ومكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله. إذا رأنا محمد صلي الله عليه وسلم وقد صرنا شيعا وأحزابا يضرب بعضنا بعضا: لاشفقة ولامودة ولاتراحم,عندها يستغفر الله لأناس من أمته لم يستفيدوا من تجربته الثرية عندما دخل المدينة, وكان من العداوة والشر بين أوسها وخزرجها مابينهم ولكنه وحدهم وأسماهم الأنصار. إذا وقعت عينه علي مسيرتنا فلمح أناسا ليسوا أهلا بصدارة المشهد: هذا يتبوأ مكانة ليس أهلا لها, وذاك يحتل موقعا لايحسن إدارته, مع وجود الأوفر علما والأكثر خبرة, ساعتها يراكم ماقدرتم نصحه وتحذيره من استعمل علي المسلمين رجلا وفيهم من هو خير منه فقد خان الله ورسوله. إذا أدرك سيد المرسلين أن نصرانيا بيننا ظلم أو ضاع حقه أو عومل معاملة لاتليق عندها يستغفر لكم لأنه سبق أن أوصاكم أحفظوني في ذمتي من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة إذا رأي سيد الدعاة من نعتهم بورثة الأنبياء وهم العلماء, وسمع بعضا من أصحاب الخطاب الديني يسبون أويشتمون أو يتطاولون, ساعتها يستغفرلكم لأنه قال لكم الكلمة الطيبة صدقة ولأن يهدي الله علي يدك رجلا خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت. ولأنه تلا علي مسامعكم عبر القرآن الكريم ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم الأنعام/.108 ولأن القرآن ذكر أن موسي وهارون أمرا أن يقولا لفرعون الذي قال أناربكم الأعلي فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي طه/.44 إذا ألقي رسولكم نظرة علي مسيرتكم فرآكم لازلتم تعتمدون علي غيركم في طعامكم وملبسكم بل وتمدون أيديكم للاستدانة, وتقفون في الميادين تستنكرون وتشجبون وتتظاهرون. ولأعمالكم تضيعون, ساعتها يستغفر لكم لأنه يريدكم أقوياءالمؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف ولأنه يريدكم أعزاء ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون المنافقون/.8 ولأن القرآن لفت أنظاركم إلي الزراعة أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون الواقعة63/.64 فأهملتموها وضيعتموها. ولفت نظركم إلي الصناعة ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله الرعد/.17 وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس الحديد/.25 فتجاهلتموها. ولفت نظركم إلي وجوب الاهتمام بتربية الحيوان والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون النحل/.5 فاستوردتموها من غيركم!! وطالت شواطئ بلادكم بحارا وأنهارا ومع ذلك غفلتم عما تحويه من كنوز وثروات وهو الذي سخرالبحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها النحل/.14 فما انتفعتم إلا بالنذر اليسير. ونعت القرآن بلادكم بأنها خزائن الأرض فتركتم الخزائن خاوية خربة. ولم ينته المشهد إلا بعد إطلالة من رسول الله علي منابر أعلامكم: فوجد بعضها يكذب مع أن القرآن قال يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين التوبة/.119 ورأي بعضها يسخر ويهمز ويلمز مع أن القرآن قال ياأيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولانساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن, ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب الحجرات/.11 وأدرك أن بعضها يروج الشائعات, مع أن القرآن قال وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم النساء/.83 وأطل الرسول فإذا به يبصر أن بعضا منا منابر إعلامهم غدت كمسجد الضرار الذي هدمه, وهنا أكثر الرسول من الاستغفار لكم. المزيد من مقالات د. محمود يوسف