نائب مشيدا بقرار العفو الرئاسي: خطوة وطنية تعزز حقوق الإنسان في مصر    وسط فرحة الطلاب.. محافظ المنوفية يفتتح مدرستين ببروى وبكفر القلشى للتعليم الأساسي    الرئيس السيسي يقرر العفو عن علاء عبد الفتاح و5 آخرين    رئيس المعهد القومي للتخطيط..5 مليارات جنيه لدعم االمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالموازنة الحالية    ب256 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لمحطة معالجة صرف صحي الكمايشة بالمنوفية    عمرو سليمان: رؤية استراتيجية لسوق عقاري صلب ومتين    رفع علم دولة فلسطين فوق مبنى السفارة الفلسطينية في لندن.. وزيرة الخارجية البريطانية تحذر إسرائيل من ضم أجزاء من الضفة الغربية    رئيس جمهورية سنغافورة يزور مقر الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالسخنة    البرلمان العربي: الهجوم الإرهابي على مسجد بالفاشر انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني    المدينة التي يجتاحها جيش الاحتلال.. إطلاق صاروخ من غزة صوب مستوطنة ناحل عوز    صلاح محسن يقود هجوم المصري أمام فاركو    فى تصفيات كأس العالم .. منتخب مصر يطير إلى المغرب 6 أكتوبر لمواجهة جيبوتي    أحمد السيد: عماد النحاس الأنسب لقيادة الأهلي الفترة الحالية    سقوط عصابة النصب على المواطنين بقطع آثار مقلدة ومبالغ مزيفة في أكتوبر    ضبط 13 مليون جنيه حصيلة الإتجار غير المشروع في النقد الأجنبي    حبس البلوجر «أم سجدة» 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه لنشر فيديوهات خادشة    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم النجمة حنان مطاوع    20.9% تراجعا فى أعداد العاملين الأجانب بالقطاع الحكومي والقطاع العام- الأعمال العام خلال 2024    برشلونة يعلن غياب فيرمين لوبيز لمدة 3 أسابيع بسبب الإصابة    هشام نصر: ديون الزمالك 2.5 مليار جنية.. وقريبا سيتم دفع مستحقات اللاعبين    مصرع فتاة وإصابة 6 آخرين إثر حادث تصادم على طريق العوايد في الإسكندرية    عبد الله السعيد: أتمنى تتويج منتخب مصر بكأس الأمم وجاهز للعودة إذا طُلب مني    دعم مستشفيات الشيخ زايد وأبوالنمرس والتحرير العام وأم الأطباء في الجيزة بأجهزة طبية حديثة    إحالة 9 من العاملين المقصرين في عملهم بالشرقية للتحقيق    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    إنجاز جديد لجامعة بنها بمؤشر نيتشر للأبحاث العلمية Nature Index    تعرف علي تفاصيل البرنامج العلاجي ل إمام عاشور لمواجهة فيروس A    إحياءً لليالي رمضان 1447.. أمين «البحوث الإسلاميَّة» يتفقَّد المقابلات الشخصيَّة للوعاظ والقراء بالأزهر    اللجنة المصرية لإغاثة أهالي غزة تتوصل لطفلي طريق الرشيد بغزة.. ووالدتهما: بشكر الرئيس السيسي    باستثناء ديمبيلي.. غياب نجوم باريس سان جيرمان عن حفل الكرة الذهبية    بالصور - محافظ أسوان يتفقد 1540 مدرسة استعدادًا للعام الدراسي    مدير أمن الفيوم يقود حملة لإعادة الانضباط المروري استجابة لشكاوى المواطنين    ما دور"طارق المصري" في واقعة تزوير "رمضان صبحي".. شريف إكرامي يجيب؟(تحقيقات)    ضبط 6 آلاف علبة جبنة فاسدة داخل مخزن خلال حملة تموينية في الأقصر    «الداخلية» تضبط تشكيلا يضم شخصين و3 سيدات بتهمة الترويج للأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    "البحوث الزراعية" ينظم المنتدى العلمي الأول حول تطبيقات الإدارة المتكاملة    ب "التايجر".. ريم سامي تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    "بحب الفسيخ وكانت بتخدم علينا".. وفاء عامر تكشف سر علاقتها ب"أم مكة"    متحدث فتح للقاهرة الإخبارية: الاعتراف بالدولة الفلسطينية لحظة تاريخية فارقة    أمير كرارة: معايا صورة ل هنا الزاهد ممكن تدمرها لو نزلتها    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكشف عن لجان تحكيمه    هينسحبوا تمامًا.. 3 أبراج لا تقبل العلاقات السامة «التوكسيك»    هل يجوز للأخ الزواج من امرأة أخيه بعد الطلاق أو الوفاة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يشهد احتفال نقابة الأشراف بالمولد النبوي الشريف    العوارى: ما يحدث للأبرياء من تدمير منازلهم لا يمت بصلة للأخلاق التي جاء بها الأنبياء جميعا    «الإحصاء»: 20.9% انخفاضًا في العاملين الأجانب بالقطاع الحكومي خلال 2024    رئيس جامعة القاهرة يتلقى تقريرا عن مؤشرات الأداء بمستشفيات قصر العيني    محافظ المنوفية يوجه بزيادة منافذ صرف الأدوية ودراسة تعلية دورين للتأمين الصحي بتلا    وزارة الصحة: تقديم 17 ألف خدمة طبية في طب نفس المسنين    تحذير من أدوية البرد للأطفال دون وصفة طبية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بأوروبا والشرق الأوسط    موعد أذان الظهر ليوم الإثنين ودعاء النبي عند ختم الصلاة    سعر الفراخ البيضاء بعد آخر هبوط.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 للمستهلك    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    وزير الخارجية يلتقى مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعديلات الدستورية والجمهورية الثانية في تركيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 05 - 2010

خطوة بعد أخري تتواصل مسيرة حكم حزب العدالة والتنمية‏,‏ باتجاه تأسيس الجمهورية التركية الثانية‏,‏ من خلال الشروع في إقرار حزمة من التعديلات علي الدستور. وتتعلق بتجاوز العديد من الإشكاليات التي جعلت من السلطتين التنفيذية والتشريعية خاضعة بدرجة ما للسلطة القضائية‏,‏ والتي لعبت بدورها دورا حاسما خلال السنوات الأخيرة في إفشال الكثير من خطط حزب العدالة القاضية باستكمال مشروعها للإصلاح الديمقراطي والسياسي في تركيا‏,‏ علي نحو كاد أن يفضي في عام‏2008‏ لحل الحزب الحاكم ذاته بل وحظر العمل السياسي علي أغلب قادته‏.‏
سياق التعديلات
البيئة السياسية التي تأتي في ظلها التعديلات التي أقرها البرلمان التركي بالفعل كإجراء أولي سوف تتبعه محاولة الشروع في إجراء استفتاء شعبي من المرجح أن تؤدي إلي تأييد التعديلات التي جاءت في توقيت حساس بالنسبة للحزب الحاكم‏,‏ الذي لم يندفع نحو تعديل الدستور طمعا في تعزيز الديمقراطية التركية وحسب‏,‏ وإنما كذلك احترازا من معاركه وأزماته المتكررة مع القوي العلمانية التركية لاسيما في ظل تداعي فصولها بسبب محاكمات العسكريين وبعض أعضاء الهيئات القضائية المتورطة فيما عرف بتركيا بتنظيم‏'‏ أرجنيكون‏'‏ الانقلابي‏,‏ فضلا عن بواعث الرغبة في إعادة إنعاش صورة الحزب قبل انتخابات صيف‏2011.‏
يضاف إلي ذلك معالم التخوف البادية علي الحزب من إعادة انبعاث محاولات حظره سياسيا‏,‏ ولعل ذلك كان سببا رئيسا في أن يصر حزب العدالة علي أن يتم إقرار التعديلات الدستورية كحزمة واحدة‏,‏ ولا يستثني منها أي مادة‏,‏ خلافا لرؤية حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي دعا لإبرام صفقة يتخلي بمقتضاها عن معارضته للتعديلات الدستورية حال تأجيل تعديل ثلاث مواد تتعلق بآليات إغلاق الأحزاب السياسية ومحاكمة العسكريين بالمحاكم المدنية وإعادة صياغة تراكيب وبنية النظام القضائي‏,‏ وهي القضايا التي تشكل المرتكزات الأساسية التي صاغت أسس مبادرة حزب العدالة‏.‏ وعلي الرغم من قيام سبعة من نواب حزب العدالة من ذوي التوجهات القومية بعدم التصويت علي المادة الخاصة بشروط حل الأحزاب السياسية‏(‏ المادة‏69),‏ وذلك خلال القراءة الثانية لمجموعة التعديلات الدستورية‏,‏ غير أن بقية المواد قد أقرت بالفعل يوم السابع من مايو الجاري‏.‏
أهداف التعديلات
كونه يجيد إثارة اهتمام المواطنين في تركيا وخلق مصالح لقاعدة عريضة منهم حيال سياساته‏,‏ أشار حزب العدالة والتنمية إلي أنه يتحرك بعقلية تسعي إلي تحقيق غايات عدة‏,‏ علي رأسها تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية تحظي باستقرار يجهض‏'‏ مفاجآت السياسة التركية‏'‏ التي طالما ظلت هاجسا مقلقا للأوضاع الاقتصادية التركية التي بدت في حال مستقرة إلي حد بعيد طيلة سنوات حكمه‏,‏ مؤكدا أن هذه التعديلات من شأنها أن تسهم في تجاوز أغلب مشكلات الحياة السياسة والاقتصادية ببلاد الأناضول‏,‏ علي نحو قد يفضي إلي رفع متوسط دخل الفرد الواحد في تركيا إلي‏15000‏ دولار‏.‏
الواقع يشير إلي أن الحزب الحاكم يعول كثيرا علي هذه التعديلات من أجل تعزيز مركزه داخل النظام السياسي التركي بعدما استطاع أن يصل إلي منصب رئاسة الجمهورية ويسيطر علي السلطتين التشريعية والتنفيذية ويقلم مخالب العسكر وجنرالات الجيش‏,‏ وذلك من خلال تجاوز خط الدفاع الأخير للقوي العلمانية التي يري أنها تتربص به‏,‏ وذلك من خلال تحييد إن لم يكن إخضاع المؤسسة القضائية لسلطاته‏,‏ ذلك أن من شأن التعديلات الدستورية أن تزيد من سيطرة رئيس الجمهورية عبد الله جول علي عملية اختيار أعضاء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلي للقضاء‏,‏ بما يحد من التخوفات التي تنتاب عددا كبيرا من أعضاء الحزب بسبب تزايد حالات المعارضة ونقد القرارات والقوانين التي تبنتها محاكم تركيا العليا خلال السنوات الأخيرة استنادا إلي تفسيرات متشددة‏'‏ للمذهب الكمالي‏'.‏
كما ينظر حزب العدالة إلي أن هذه الإجراءات باعتبارها محض أولية ولكنها محورية في سبيل الانتقال إلي الجمهورية التركية الرئاسية‏,‏ التي يطمح في أن يكون رئيسها القادم رجب طيب أردوغان‏,‏ والذي أشار بدوره إلي أن النظام الرئاسي قد يكون أكثر فاعلية من النظام السياسي البرلماني‏.‏ وعلي الرغم من أن المناظرات السياسية بشأن الانتقال إلي الجمهورية الرئاسية كانت قد ظهرت للمرة الأولي إبان حكم الرئيس الراحل تورغوت أوزال‏,‏ غير أنها عادت من جديد مع بلوغ حزب العدالة السلطة‏,‏ ثم بعد وصول عبد الله جول للرئاسة‏,‏ وذلك في ظل طموح أردوغان في أن يتبادل معه المواقع السياسية‏,‏ خصوصا أنه سبق أن أشار إلي أن الانتخابات الاشتراكية المقبلة ستكون الأخيرة التي سيخوضها بوصفه رئيسا لحزب العدالة‏.‏
مواقف إزاء التعديلات
ثمة اتجاهات تري أن الطلب علي التعديلات الدستورية ينظر إليه في تركيا علي أنه أقرب إلي‏'‏ إبريق الزيت‏',‏ فكل طرف يريده كما يبغي أن يراه‏,‏ فالتعديلات ينظر إليها حزبيا وفق الرؤية والحسابات الخاصة لكل طرف‏,‏ فأحزاب المعارضة من جهتها ترفض التعديلات لأنها ستعني إعادة بناء‏'‏ المواقع الحساسة‏'‏ في أكثر من جهاز قضائي بهدف إخضاعها للسيطرة من قبل الحزب الحاكم‏,‏ علي نحو يثير مرة أخري مزاعم وجود‏'‏ أجندة خفية‏'‏ لدي الحزب تطول إعادة تركيب شكل النظام ومرتكزاته المفصلية‏.‏ ويتأسس ذلك علي سبيل المثال علي أن التعديلات لم تشمل أحكاما للحد من‏'‏ الحد الأدني‏'‏ اللازم لدخول الجمعية الوطنية التركية والذي يبلغ‏10%‏ بما يحرم عددا كبيرا من الأحزاب من التمثيل النيابي‏,‏ فضلا عن عدم الحيلولة دون رئاسة وزير العدل لمجلس القضاء الأعلي‏,‏ بما يعد منافيا لمبدأ الفصل بين السلطات‏,‏ وهو أمر يدفع بضرورة تأجيل عملية التعديلات لما بعد الانتخابات القادمة لإتاحة مجال أرحب للمناقشات والحلول الوسط التي يقبلها الجميع في تركيا‏.‏
هذا فيما يري حزب العدالة ومريدوه من القطاعات الشعبية وبعض رجال الأعمال وبعض الأوساط الإعلامية‏,‏ أنه لا دستور في تركيا أقر وفق نتائج المناقشات والحلول التوافقية‏,‏ وأنه علي الرغم من التعديلات المتكاثرة التي أجريت علي هذا الدستور في عدد من السنوات الماضية‏,‏ فإنه لا يزال يحمل طابع النهج السلطوي‏,‏ الذي يركز علي حماية الدولة ويحد من حريات الأفراد الدستورية‏,‏ بدلا من أن يرتكز حول تدابير حماية الأفراد في مواجهة السلطة العليا للدولة‏.‏
نتائج التعديلات
إن التعديلات الدستورية في مجملها تتعلق بتوفير مزيد من الضمانات القانونية لترسيخ وتدعيم الحريات الشخصية‏,‏ فضلا عن إعادة تشكيل بنية السلطة القضائية ونمط علاقاتها بالسلطتين التشريعية والتنفيذية‏,‏ وهو الأمر الذي سيظل نجاح حزب العدالة في تحقيقه من عدمه مرتبطا بطبيعة السيناريو الذي ستشهده تركيا خلال المرحلة المقبلة‏,‏ فقيام رئيس الجمهورية بالموافقة علي التعديلات ثم نشرها في الجريدة الرسمية وإجراء استفتاء شعبي يؤيدها يمثل سيناريو مثاليا من شأنه أن يقضي بانتقال تركيا لمرحلة ديمقراطية ودستورية أرحب‏.‏ بيد أن المشكلة الرئيسية تتعلق بأن ثمة سيناريوهين آخرين يتعلق أولهما بإمكانية قيام المدعي العام برفع دعوي قضائية أخري أمام المحكمة الدستورية لحظر الحزب الحاكم‏,‏ بدعوي مناهضة مبادئ الدولة العلمانية‏,‏ وهو أمر قد لا يكون مستبعدا‏,‏ لاسيما أن الحزب كان قد أفلت من محاولة حظره بفارق صوت واحد خلال عملية التصويت من قبل أعضاء المحكمة الدستورية العليا في عام‏.2007‏
هذا فيما يتجسد السيناريو الثاني في قيام أحزاب المعارضة برفع دعوي أمام المحكمة الدستورية لنقض مجموعة التعديلات‏,‏ وفي هذه الحال سيكون أمام المحكمة خياران‏,‏ أولهما نقض بعض التعديلات الدستورية‏.‏ وثانيهما‏,‏ يتمثل في قيام المحكمة بتأخير البت بشأن مدي دستورية التعديلات حتي يوليو القادم لتبطل التعديلات الدستورية من تلقاء نفسها‏,‏ نظرا لعدم جواز إجراء تعديلات دستورية قبل عام من الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في يوليو من العام القادم‏.‏ وفيما قد يدفع تحقق السيناريو الأول الحزب الحاكم إلي الشروع في إجراءات الانتقال من الجمهورية التركية البرلمانية إلي الجمهورية الرئاسية الأردوغانية‏,‏ فإن السيناريوهين الآخرين سيعنيان بدوريهما أن تركيا باتت علي مشارف مرحلة سمتها الأبرز تفاقم الأزمات السياسية والدستورية التي يصعب التنبؤ بمآلاتها‏,‏ كونها ستضع الحزب أمام خيارين فإما الدعوة لانتخابات مبكرة‏,‏ أو الانتظار إلي ما بعد الانتخابات القادمة لتكريس التعديلات‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.