بعد جدل طويل في مجلس الشوري, بشأن وضع المرأة المرشحة في القوائم الانتخابية, انتزعت المرأة المصرية مقعدا لها علي كل قائمة انتخابية في مجلس النواب القادم. وجاءت موافقة الأغلبية علي النص في قانون الانتخابات بإلزام أي قائمة عدد مقاعدها أكثر من أربعة بأن تتضمن مرشحة امرأة, يكون ترتيبها في النصف الأول من القائمة, لتنهي حالة الجدل الفقهي حول مشروعية ترشح المرأة في المجالس النيابية,وحقها في ممارسة العمل السياسي. وإذا كانت بعض الفتاوي تري أن المرأة غير مؤهلة للعمل السياسي العام بحكم العوارض الطبيعية التي تعتريها, وان هذا العمل سيخل بمبدأ المواءمة والقوامة بينها وبين الرجل, وسيجعلها عرضة للانفراد والاختلاط. فان المؤيدين من علماء الدين يؤكدون ان المرأة مارست العمل السياسي في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وساهمت بدور كبير في تصحيح أوضاع المجتمع, وأن دفع الأحزاب السياسية لعناصر نسائية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة يعد عملا إيجابيا لتحقيق المساواة الواجبة للمرأة في العمل السياسي وتحقيق المصلحة العامة للمجتمع المسلم, وان المرأة كالرجل في التكليف وأن القرآن الكريم يحمل الجنسين الرجال والنساء جميعا مسئولية تقويم المجتمع وإصلاحه. واستنكر علماء الدين ما تردد في الآونة الأخيرة من فتاوي تؤكد عدم صلاحية المرأة أن تكون نائبة في البرلمان, مستندين في ذلك إلي قول الرسول صلي الله عليه وسلم: لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة والذي ورد في قوم غير مسلمين, وأنه لا يوجد نص قرآني قاطع الدلالة أو حديث شريف يمنع ذلك. ناجحة في كل المناصب ويقول الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية, وعضو هيئة كبار علماء الأزهر, إن من يري عدم صلاحية المرأة لتلك المناصب, فهذه نظرة متخلفة, وقاصرة, لأن المرأة تصلح لما يصلح له الرجال إلا ما كان خاص بالرجال من الأعمال العنيفة والشديدة, أما ما دون ذلك فهو في استطاعة المرأة, وبالنسبة لمنصب النائبة, فالمرأة قد تكون مثل الرجل أو أفضل منه لشغل هذا المكان, وستنجح فيه أيضا نجاحة باهرا, وإذا كان هناك خلاف فهو في جزئية إذا كانت تصلح قاضية أو ولية للامر أو لا تصلح, ولذلك فيجب أن نحصر الخلاف في محله ولا نتوسع فيه, فلا خلاف بين الفقهاء لصلاحية المرأة في أداء وظيفة النائبة في البرلمان. جائز.. بشروط من جانبه يؤكد الدكتور محمد دسوقي, أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم, إن الدين الإسلامي لا يحرم علي المرأة أي عمل ينفع الأمة مهما كان مجاله, مادامت مؤهلة لهذا العمل, ومادام هذا العمل لا يتعارض مع أي نص شرعي, ومن هنا فإن المرأة التي ناقشت الرسول صلي الله عليه وسلم في مشكلتها عندما ظاهر منها زوجها وذهبت إليه تشكو له ما كان من زوجها, فما كان من الرسول أن يقول ما أراك إلا قد حرمتي عليه, فأخذت تناقشه وترفع صوتها إلي الله, فنزل القرآن بعلاج هذه المشكلة, فالمرأة في الإسلام من حقها أن تناقش أي مسئول في الدولة, ولها كل الحرية فهي كإنسانة تتمتع بحق وفكر وإرادة, ومن هنا فلا فرق بين الرجال والنساء, فمشاركة المرأة في المجالس النيابية أمر طبيعي, ويجب أن تعد المرأة الإعداد العلمي لتؤدي مهمتها علي أكمل وجه, فالمرأة نصف المجتمع ولابد أن يكون لها دور واضح وقيادي في مجلسي النواب والشوري, وألا يختصر دورها علي المشاركة الشكلية فقط, وإنما تصبح مشاركتها فعالة, وهذا ما يدعو إليه الإسلام, فالمرأة نصف المجتمع وهي مسئولة عن رعاية النصف الآخر. وأضاف الدسوقي قائلا: إن المرأة جديرة بذلك إذا كانت تمتلك عقلية سليمة ورأي صائب, فهي تصلح في كل المجالات, وكل من يخالف ذلك لا يملك دليلا شرعيا علي هذه المخالفة, كما أن الأصل في الأشياء الإباحة, فلا يوجد نص يمنع المرأة من تولي المناصب, كما أن مشاركة المرأة مسئولية إسلامية ووطنية واجتماعية, ولابد أن يجتمع دور الرجل والمرأة معا في الحفاظ علي نهضة الأمة وتكامل حضارتها. حديث لغير المسلمين ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف إن النساء شقائق الرجال, ولا تمايز بينهم لاعتبارات الخلقة البشرية, فهم سواء بسواء إلا في أمر استثناه الشارع الحكيم باعتبار الكفاءة للمهام وليس النظر إلي الاعتبارات الجسدية, وهو رئاسة الدولة, لما يتطلب ذلك من المخالطة والخلوة والسفر وما إلي ذلك, وفيما عدا ذلك فالمرأة تصلح لتولي جميع الولايات والمناصب, ويجب ألا ينسي المسلمون أن التشريع الإسلامي جاءنا عن طريق أزواج النبي صلي الله عليه وسلم, يقول تعالي: واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا, وقد تولت المرأة بعض الولايات علي الرغم من طبيعة المجتمع العربي بتقاليده آنذاك. كما يري الدكتور كريمة أنه لا مانع من تولي المناصب والمهام كالمجالس النيابية والوزارات, وغير ذلك كمنصب محافظ أيضا, فلا يوجد دليل معتمد علي عدم صلاحية المرأة لتولي المناصب والمهام, إما استدلالهم بحديث لا يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة, فهذه تسمي عند أهل العلم واقعة عين تتعلق بابنة كسري, وسبب الحديث أن الفرس لما حدث نزاع علي عرش كسري ولوا ابنته مكان أخيها فلما بلغ ذلك النبي, قال هذا الحديث المعروف والذي يخص الواقعة فقط ولا يتعداها, ولا يخص المسلمين في الأساس من قريب أو من بعيد.