خلال زيارتي الأخيرة إلي اليابان, دخلت أحد مولات التسوق في مدينة فوكوكا الجميلة التي تبتعد عن العاصمة طوكيو بنحو588 كيلو مترا, وأعجبني قميصا فحملته وذهبت إلي الكشير أو الحساب لأدفع ثمنه, وكان ما يساوي003 جنيه, إلا أنني فوجئت بالموظفة علي الكاشير تقول لي: لماذا تشتري هذا القميص بهذا الثمن والمول يقدم عرض تخفيضات علي القميص بنصف الثمن هناك في ركن من المول, وأشارت إلي المكان.. ولم تكتف بذلك بل قادتني بنفسها إلي المكان, وبالفعل وجدت القميص نفسه وليس به ايه عيوب يباع بنصف الثمن, ودهشت من أن هناك بشرا مثل هؤلاء.. ماذا يحدث عندنا؟ هل أقول لك عزيزي القارئ أم أنك تعرف, ولديك الكثير من القصص والمآسي التي تؤكد أننا مسلمون اسما, والحقيقة أننا بعيدون كثيرا عن جوهر الاسلام الحقيقي, الذي يمارسه هؤلاء اليابانيون وغيرهم دون أن يكونوا مسلمين! هل يستطيع أجنبي أن يذهب وحده إلي مدن الأقاليم مثل المنصورة أو الزقازيق.. ولن اقول المراكز الأقل مثل السنبلاوين أو بلبيس أو منيا القمح؟.. هل رأيت أو سمعت عزيزي القارئ عما يحدث للأجانب من سائقي التاكسي, وأصحاب البازارات, وموظفي المتاحف, وأصحاب الجمال في منطقة الأهرامات والأقصر وأسوان وغيرها؟! لقد ذهبت وحدي إلي مدن أقصي شمال وجنوب اليابان من أموري في الشمال إلي نجازاكي في أقصي الجنوب, دون أن أشعر ولو للحظة بالخوف أو عدم الأمان, أو أن أتعرض للغش أو الخداع, ويستطيع كل أجنبي في اليابان أن يفعل ذلك وأكثر, وهي الدولة التي عاشت أغلب فترات تاريخها في عزلة, سواء بسبب الجغرافيا أو السياسة ولديها هواجس دائما من الأجانب, في حين ندعي دائما أننا شعب كوزموبوليتن أي عالمي منفتح علي العالم ولدينا حضارة عريقة وثلث آثار العالم.. وتأتي الينا الدنيا كلها لتشاهد عراقة تلك الحضارة في حين أننا نتصرف وكأننا شعب لم يعرف الحضارة ولم يدخل في التاريخ بعد! المزيد من أعمدة منصور أبو العزم