بدت على الساحة هذه الأيام جبهات معادية للوطن الغالي مصر تسمي نفسها للأسف جبهة الإنقاذ، إنقاذ ماذا؟ إنقاذ وطن؟ كلا، أم تعنون بها إنقاذ قوم خسروا في الانتخابات ورفضهم الشعب المصري بل ولفظهم تمامًا فراحوا يعطلون كل مسيرة للإصلاح، ومنهم من لم يجرؤ على خوض الانتخابات؛ لأنه يعلم تماماً أن الشعب يرفضه ويرفض أفكاره المنحرفة. إن هناك قومًا وقفوا في صفوف الثورة زاعمين أنهم ينشدون الإصلاح والتغيير وتخليص البلد من حكم الجائرين، وإذا بهم عندما بدأت القافلة تسير، راحوا يرتدون مسوح الكهان ويعرقلون كل خطوة في سبيل البناء والتعمير وتسيير عجلة الإنتاج، وارتاحت نفوسهم المريضة لأن تصبح ساحات مصر ليل نهار ممتلئة بالمعترضين هنا وهناك، وراحوا يُجيّشون الشعب ويحشدون البلطجية ويؤجرونهم ليقتلوا أبناءنا في الميادين ويحاصروا الدعاة في مساجدهم ويعتدوا على بيوت الله التي لها حرمة!! إننا بحاجة إلى وقفة جادة من أجل أن تسير الأمور في مسارها الصحيح، ومن أجل أن تعمل المصانع والمدارس والمستشفيات، وشتى مرافق الدولة، ومن أجل أن تُفعّل المؤسسات التي عطلها من تلاعبوا بالقانون، ومن تربصوا بهذه المؤسسات وتسببوا في حلها زاعمين أنهم يتمسكون بالقانون، ثم إذا بنا نفاجأ بأن من قتلوا الثوار أبرياء!! تحت أي قانون هذا؟ إلا أن يكون قانون البلطجة والخيانة والعمالة!! ثم عندما اجتهد العلماء الأفاضل أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور (المنتخبون الذين اختارهم البرلمان الذي اختاره الشعب) وأنهوا الدستور، وتم طرحه للاستفتاء، إذا بنا نجد من يجندون أنفسهم ليطبعوا نسخًا مزيفة من الدستور ويوزعوها على الناس!! يا للعار وياللخسة والنذالة!! لهذه الدرجة انحدرت أخلاق قوم وصاروا يعادون وطنهم وشعبهم لهذه الدرجة؟! ثم إذا بهم يجندون أنفسهم ويحشدون الناس لرفض هذا الدستور، لا يريدون للوطن أن يلتئم جرحه بل يريدونه هكذا في صراع وشجار دائم. لا بد للعقلاء أن تكون لهم وقفة، وأن يقدموا لبلدهم الغالي ما يستحقه، وهذا الدستور لن يكون قرآناً، وسيكون هناك برلمان يستطيع أن يُعدّل ما يرى فيه مصلحة هذا أبناء الشعب وما تدعو الحاجة إليه، لا بد لنا أن يحترم كل منا رأي الآخر، ولا أجبر أحدًا على القبول أو الرفض، ما أرفضه هو تجييش الناس لتعطيل المصالح وتوقيف كل مسيرة. إن مصر بلد عتيق حباه الله المنعة والنصرة والأمن ورحم الله شاعر النيل حيث قال: كم دولةٍ بغتْ عليّ وجارتْ ** ثم زالتْ تلك عقبى التعدّي فعلى من يجندون أنفسهم أموالهم وأعوانهم لتخريب مصر أن يكفوا عن هذا، فهم لا محالة مهزومون، وستنفق أموالهم ثم يغلبون، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36]. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر