يتجلي السر في خلود الشريعة الاسلامية, وبقائها غضة نضرة كيوم ولدت علي عهد صاحب الرسالة العصماء محمد صلي الله عليه وسلم, في مرونتها الفائقة, وحيويتها المتدفقة. ولا غرو في شريعة سامية سموا مطلقا,جاءت من لدن حكيم خبير يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور,فلا تضيق بمسألة ولا يختل لها حكم ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون المائدة:50 ولقد ذاقت الانسانية المعذبة ولا تزال ويلات قوانين جامدة لا حراك فيها ولا حياة.من وضع بشر قصرت عقولهم وضاق افقهم عن مسايرة المستجدات حتي اوردت الانسان موارد التهلكة ولم تغن عنه من الامر شيئا وما اكسبته إلا رهقا وخسرانا وما زادته الا نفورا وعصيانا بعدما انحرف عن السبيل فراح يتخبط بغير هدي ولا سلطان مبين. وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله الانعام:153 واينما وجدت ضوابط العدل وتحققت مصالح العباد كانت الشريعة مطبقة كما تقول القاعدة الذهبية حيث تكون المصلحة فثم شرع الله يقول الامام ابن القيم في اعلام الموقعيين فان الشريعة مبناها وأساسها علي الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها فكل مسألة خرجت من العدل الي الجور, ومن الرحمة الي ضدها, ومن المصلحة الي المفسدة ومن الحكمة الي العبث فليست من الشريعة. فالشريعة الاسلامية ليست مجرد حدود تطبق كما يظن بعض قاصري النظر ولكنها منهج حياة متكامل يشمل كل اوجه الحياة. فهي خير كلها لانها صدرت من لدن الله العليم الخبير, وليس من مشرع بشري يميل بتشريعاته الي ما يلائم هوي النفس ويوافق مصالحه الشخصية( وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك): ويرجع الدكتور جمال قطب رئيس لجنة الفتوي الاسبق: الخوف من الشريعة الي اسباب ثلاثة الحكام الظالمون الذين حكموا الشعب بالقهر والاستبداد واتخذوا من الشريعة فزاعة كي يرضي الناس بالظلم الواقع عليهم, والاعلام الفاسد الذي يهاجم الشريعة متهما اياها بانها ستعود بنا الي العصور الاولي, والي الدعاة الذين ينسبون انفسهم الي الشريعة وهم ابعد الناس عنها فهما وعملا ويصدون الناس بجهلهم عن الشريعة الاسلامية, ويري الدكتور محمد عمارة ان غياب التقنين الحديث الفقه الشريعةالاسلامية قد ادي الي انتشار القوانين الوضعية العلمانية علي حساب الشريعة الاسلامية التي تحقق العدل ويروي انه في اثناء جلسة بمجلس الشعب في العاشر من رمضان كان قد بدأ الاعداد له منذ عام1978 بقيادة الدكتور صوفي ابو طالب. تحدث عن عدد من الاعضاء ومنهم اسطفان باسيلي فقال: انني اشعر ان التاريخ هو الذي يتكلم بشيخوختي اولا ولانني عشت في العمل القضائي سبعة وخمسين عاما عرفت ان الشريعة الاسلامية هي خير ما يطالب به لا المسلم وحده, بل المسيحي أيضا لان بها ما يرضينا, والعهدة النبوية الموجودة, في دير سيناء والمكتوبة بخط علي ابن ابي طالب رضي الله عنه تؤكد الحفاظ علينا في كل مالنا من حقوق وما علينا من واجبات, والقاعدة الشرعية تقول امرنا بتركهم وما يدينون واليوم مع هذه البهجة التي اراها احس كأنه يوم دخول الاسلام الي مصر فالشئ الذي ياتي وباسم الدين يرطب الحلق ويريح النفس ويهدئ الاعصاب, لذلك اقول انه يوم بهجة يوم يكون حكم الشريعة هو المسيطرعلي كل تشريعاتنا. ومن عجب ان نسمع أنه في ذات الوقت الذي يحتد فيه النقاش حول الشريعة الاسلامية نجد من يطلع علينااليوم لينادي بان يتضمن الدستور الإشارة الي ديانات غير سماوية كالبوذية. والي هؤلاء المرجفين الذين يتوجسون خيفة من تطبيق الشريعة الاسلامية نحيلهم الي بعض ما قاله غير المسلمين في امرها. يقول هوكنج استاذ الفلسفة بجامعة هارفارد: ان لدي استعدادا داخليا للنمو واشعر انني علي حق حين اقرر ان الشريعة الاسلامية تحتوي بوفرة علي جميع المبادئ اللازمة للنهوض والرقي اما ادموند بيرك فيقول: ان القانون المحمدي قانون ضابط للجميع من الملك الي اقل رعاياه, وهو القانون الذي نسج باعظم نظام حقوقي فشريعة الاسلام هي اعظم تشريع عادل لم يسبق للعالم ايجاد مثله ولا يمكن فيما بعد. ويقول فمبري احد كبار القانونيين علي المستوي العالمي ان الفقه الاسلامي واسع الي درجة انني اعجب كل العجب كلما فكرت في ان المسلمين لم يستنبطوا منه الانظمة والاحكام الموافقة لزمانهم وبلادهم. اما الاديب العالمي تولستوي فيقول:ستعم الشريعة الاسلامية كل البسيطة لانها متألفة مع العقل ممتزجة بالحكمة.. ويعترف برناردشو بان الدنيا كلها ستقبل بالاسلام وان لم تقبله باسمه الصريح فستقبله باسم مستعار ويقول ان دين محمد موضع تقدير تام لما ينطوي عليه من حيوية مدهشة وانه الدين الوحيد الذي له ملكة الهضم لأطوار الحياة المختلفة. اما العلامة القانوني شيرك عميد كلية الحقوق بفيينا في أوج مجدها, فيقول: ان البشرية لتفخر بانتساب رجل كمحمد اليها اذ رغم اميته استطاع قبل بضعة عشر قرنا ان يأتي بتشريع سنكون نحن الاوروبيين اسعد ما نكون لو وصلنا الي قمته بعد ألفي عام. واذا كان بعض الاقتصاديين عندنا قد وقع تحت تأثير عقدة الغرب فتاه اعجابا بالاقتصاد الربوي الغربي فراح يسبح بحمده, واتخذوه نموذجا يحتذي به: فان شهادة مفكري الغرب التي انتصرت للشريعة الاسلامية تدحض مزاعمهم. منذ اعقاب الازمة الاقتصادية العالمية التي جذبت الاسواق الامريكية: كتب يوفيس نانسون رئيس تحرير مجلة تشالنجر يقول: اظن لو حاول القائمون علي مصارفنا احترام ما ورد بالقرآن تعاليم واحكام وطبقوها, ما حل بنا ما حل من كوارث وازمات, وما وصل بنا الحال الي هذا الوضع المزري, الآن النقود لا تلد نقودا. اما رولان لاسكسين رئيس تحرير صحيفة لو جورنال دي فيانسيس فكتب في افتتاحية العدد داعيا الي ضرورة تطبيق الشريعة الاسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الازمة التي تهز العالم من جراء التلاعب والافراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة. اننا في هذا اليوم الذي نتطلع فيه الي فجر يوم جديد يجتمع فيه الشعب بمختلف طوائفه وقواه السياسية إلي كلمة سواء نتحرر فيها من هوي النفس الامارة بالسوء, ونتجاوز الخلافات الشخصية والمصالح الضيقة ونخرج من نفق الاستقطاب المظلم...- في هذا الوقت المصيري من عمر مصر الذي نتطلع فيه الي دستور جديد يعيد لهذا البلد ماتبقي من مؤسساته الدستورية ويقيل هذه الأمة من عثرتها, يطلع علينا من يطعن في دستور جاء بعد مخاض مجتمعي ويتذرع بحجج واهية, وادعاءات مردود عليها. والغريب ان يطلع علينا احد الفقهاء الدستوريين ليقول اني لن اوافق علي الدستور حتي لو وضعته الملائكة ما لم اكن انا احد واضعيه. انه لم ير مثيلا لهذا الدستور في العهد الملكي او الناصري وما تلاهما من عهود ووصفه الدكتور محمد عمارة بأنه واحد من اعظم دساتير العالم اننا في ظل هذه الاجواء المشحونة بالتوتر والانقسام ندعو الجميع الي كلمة سواء نتحرر فيها من سيطرة الأنا وان نغلب مصالح الوطن العليا علي المصالح الشخصية الضيقة وان نأخذ علي يد كل من تسول له نفسه المساس بامن هذا البلد واستقراره ونتصدي لمن يسعي لايقاظ فتنة قد لا تبقي ولا تذر واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.