مليونيات عديدة ومتوالية منذ ثورة25 يناير تحمل مطالب وترفع شعارات وتنادي بتحقيق إنجازات علي الأرض, وهي أيضا تعطي دلالات علي أن الناس بدأت تتحرك وتخلت عن حالة السلبية التي عاشها لعقود متصلة. وبعد أن كانت المليونيات مقصورة علي يوم الجمعة انتقلت إلي أيام الأسبوع الأخري.. ثم تحولت إلي مليونيات تمثل مؤيدين وأخري تعبر عن معارضين, وعندها بدأ الانقسام والتشتت في الأهداف والشعارات التي تحملها هذه المليونيات, وبدأ التخوف من أن تنتقل إلي صدام بين أطراف متنازعة.. ونطرح هذا التساؤل.. ولماذا استمرت المليونيات طوال عامين وهل حققت أهدافها أم لا, وهل يمكن أن تشهد تصادم أبناء البلد الواحد. نموذج للكفاح بداية يؤكد أبوالعز الحديدي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أن المليونيات نموذج مصري للكفاح الوطني حول حرية وكرامة الانسان ولها دور مهم في دعم الحركات العمالية والثورية ومن أمثلة ذلك, إضراب المحلة النصر سنة2008, والذي تولدت عنه حركة6 إبريل, ومنها تكونت الحملة المصرية ضد التوريث, وكانت المليونيات العامل الرئيسي في إسقاط نظام مبارك ونجاح ثورة25 يناير, وتكونت المليونيات بعد الكثير من التفاعلات والاعتصامات ضد فساد نظام مبارك, ومن أمثلة ذلك علي سبيل المثال خروج ثلاث قري علي4 من الوزراء بسبب عدم وصول مياه الري لهم, وكذلك إعتصامات العمال في مصانعهم إحتجاجا علي سوء الادارة. وكذلك إعتصامات العمال لعودة شركة المراجل والتي عادت بحكم قضائي إلي ما كانت عليه, وهناك أيضا إضراب العمال أمام مجلس الوزراء الذي استمر قرابة الشهرين لعودة شركة الميكنة الزراعية التي عادت أيضا إلي ملكية الشعب, وتأتي المليونيات للتعبير عن رفض ممارسات, وتحقيق أهداف الثورة واستكمال هذه الأهداف. ويري أبوالعز الحريري, أن المليونيات الحالية تمثل فصيلين: الأول فصيل الثورة والذي يريد تحقيق أهدافها كاملة, والثاني يمثل الجماعات الإسلامية. آثار سلبية وإيجابية أما الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق للإخوان المسلمين في أوروبا فيري أن المليونيات كان لها أثر كبير جدا في وحدة الثورة, وفي النهاية تفرق الثوار وأيضا لها أثر كبير في قدح الناس بالشهادات المسيئة في ذات الوقت. وكان للمليونيات أثر كبير في أن الناس تعارفوا علي بعض, وكان لها أثر سيئ للهجوم علي البعض وقتل الشباب وعدم مراعاة حرمة الدم وتفريق الجمع, بعد أن كان أيد واحدة ويد صغيرة لم تكبر ولم تنم بعد في الوسط السياسي. كان للمليونيات أيضا أثر كبير في ظهور عداوات بعد صدامات ميدان التحرير أثناء الثورة, فرقت الناس الذين أكلوا عيش مع بعض وتعرضوا للموت والضرب معا. وكان لها أثر كبير أيضا في تنشيط الإعلام في الداخل والخارج فظهر ما هو قبيح وما هو جيد من الإعلام. والأهم أن المليونيات كان لها أثر كبير في تتبع أمراض ظهرت في المجتمع بعد الثورة, وللأسف لم يكن لها أثر واضح في التخلص من الفلول أو إلقاء القبض علي البلطجية. ويري الدكتور كمال الهلباوي, أنه لو أن الفريقين تعاونا في تحقيق أهداف الثورة لقدموا إلي الوطن خدمة جليلة. وساعدت علي تنشيط المعارضة التي وحدت سندا ودعما شعبيا لها من الذين يقولون لا للنظام الحالي في كل شيء لا للقرارات لا للإعلانات الدستورية لا لمشروع الدستور الجديد. وتشير الدكتورة مني يوسف مستشار بحوث قياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن أسباب استمرارها هو أن أهداف الثورة لم تتحقق وهناك أسباب خاصة بأشخاص وتوجهات بعينها تدفع لاستمرار تلك المليونيات, أما مردودها فلا ننكر أنها رفعت الوعي السياسي عند الناس, لكن علي المستوي الاقتصادي أدت إلي هروب الاستثمار وخلفت خسائر كبيرة في البورصة وغيرها. ولكن الوجه السلبي هو تعطيل العمل وحركة الانتاج ناهيك عما سال من دماء شبابنا.. كما أنه إهدار لطاقة الشباب التي من المفترض أن يوجه للبناء والتنمية, وحتي تنتهي هذه المليونيات هناك حلان أما أن تتحقق المطالب وتتوقف أو يحبط المجتمع وتتوقف ويكون هذا أسوأ الأمور لأن الشعب المحبط لا ينتج فهو يحيا بلا هدف.. ومن وجهة نظري هناك حل ثالث أنه إذا جاء قائد يبحث عن مصلحة الوطن دون الاستئثار لشخصه أو لفصيل بعينه أو لجماعة بعينها, فمن المؤكد أن الجميع سيشهد أو ينتظر حتي نعبر لبر الأمان.. ويؤكد الدكتور شحاتة زيان أستاذ علم النفس المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن المليونيات هي أحد أساليب التعبير عن الرأي وتداعياتها أنها توقف الحياة في المناطق المزدحمة, ولكن إذا تغيرت طريقتها ستكون أكثر جدوي وتكرارها يفقدها قيمتها, ولكنها نوع من الضغط الجماهيري الذي لابد أن يكون مرتبطا بحوار سياسي حتي لا يكون أمر مكرر بين الجانبين المتناحرين فقط. خاصة أن سيكولوجية الحشد ليس لها سيطرة علي العقل, حيث أنها حركة إنفعالية يزيد فيها الانفعال عن العقل, وبالتالي تحدث كوارث غالبا بعد كل تجمع. أما تكرارها فيؤدي إلي زيادة العنف. ولذلك لابد في التفكير بدائل وحلول سياسية, خاصة أن الجانبين يعملان علي تأزيم الوضع السياسي ويوم إدراك أن في النهاية ستكون هناك كارثة إذا لم نجد حلا.. ولكن إذا وجدنا حلا فسيتطور الأمر للأحسن إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا.. والآن نحن لسنا مختلفين علي الهدف سواء من الفصيلين السياسيين علي الساحة فالجميع يهمه مصلحة الوطن وهدفهم أن تكون مصر أفضل ولكننا نختلف في الوسائل التي هي أقل من الهدف ولن يوجد نقطة إلتقاء إلا بالمناقشة والحوار والاقتراب من بعضنا البعض حتي لا نصل إلي مصير مظلم وأتمني أن تسلم مصر منه. ببينما أكد الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية أن المليونيات هي برلمان شعبي لغياب البرلمان الحقيقي فلا يجد الشعب طريقة يعبر بها عن نفسه سوي المليونيات إلي جانب الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي, لإعلان الموقف الذي اتخذه علنا ولهذا, فالأمر مهم لاستخدام هذه الآلية والقوي السياسية تستخدمها سواء ليبرالية أو دينية, وعندما تستمر بدون هدف فإنها تعطل الانتاج.