لا يرضي أي مواطن مخلص أن تتحول مساجدنا إلي ساحات للصدام بين المصلين كما حدث يوم الجمعة الماضي في مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية بعد خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ أحمد المحلاوي ودعا فيها المصلين إلي الاشتراك في الاستفتاء وقول نعم للدستور, لأن من يقول لا سيكون مثل شاهد الزور الذي سيحاسب علي شهادته يوم القيامة. وقد وصل الصدام إلي درجة حجز الشيخ المحلاوي داخل المسجد نحو15 ساعة خوفا من الاعتداء عليه حتي تمكنت قوات الأمن من إخراجه. وفي محافظة الشرقية في مسجد النصر بمدينة القنايات( بلدة علي صبري) أرغم المصلون خطيب الجمعة الشيخ محمد صبري علي النزول من المنبر بعد أن أعلن تأييده للاستفتاء علي الدستور رغم أنهم حذروه قبل أن يبدأ من الخوض في أمور السياسة. والأساس أن خطبة الجمعة حديث ديني تحميه النصوص ومبادئ وإجتهادات الفقه, أما الحديث عن الاستفتاء فهو قضية دنيوية بحتة تتغير بتغير الظروف ومن حق كل إنسان أن يكون له رأيه الخاص فيه. مع ذلك فقد جرت عادة عدد من الخطباء خلط السياسة بالدين منتهزين فرصة استسلام المستمعين لما يقال احتراما لقداسة المكان, لكن الذي أصبح جديدا خروج المصلين عن طاقة التحمل وإبداء معارضتهم العلنية لما يقال, في الوقت الذي ينتفض المؤيدون لما يقوله الخطيب للتصدي لمعارضيه, مما حول المساجد إلي ساحات عراك واختلاف. وإذا كنا نرفض الاعتداء علي خطباء المساجد ونطالب بتأكيد احترامهم, إلا أنه لايمكن في الوقت نفسه إعفاء من يتجاوز منهم ويخوض في شئون السياسة لأنه بذلك يفتح الباب للمعارضين. أضف إلي ذلك أن المواطنين كسروا حواجز الخوف حتي في المساجد واصبحوا أكثر جرأة وصراحة في التعبير عن آرائهم. فلنرد للمساجد قدسيتها بقصر مايجري فيها علي شئون الدين, أما القول بأن المساجد أيام الرسول عليه الصلاة والسلام كانت أمور الدنيا تناقش في المسجد, فلأنه في ذلك الوقت كان عدد الناس محدودا ولم تكن هناك حكومات وبرلمانات ووسائل إعلام! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر