حوار: طارق رمضان: علي حداثة التحاقه بالعمل الإذاعي استطاع أن يكون واحد من أهم الإعلاميين الحاليين في مصر الآن علي جناح البساطة مع الجمهور والتلقائية الشديدة في الرد حتي علي أبرز معارضيه عبر برنامجه' مصر في ساعة' . من خلال حوار هادئ يحمل في طياته رؤية وسطية تجنح إلي العمق في التحليل السياسي لأعقد القضايا مصر, وتخاصم روح التفرقة والتشكيك والتشرزم السائدة في معظم برامجنا التليفزيونية. إنه الكاتب الصحفي' محمد علي خير' الذي أحبه الجمهور ومنحه الثقة حيث حصل برنامج' مصر في ساعة' حسب مركز بحوث المستمعين والمشاهدين باتحاد الإذاعة والتليفزيون علي نسبة89% من مستمعي راديو مصر, و65% من مستمعي الاذاعات الخاصة والحكومية' بمتوسط استماع35 مليون مستمع', بالإضافة إلي نسبة استماع كبيرة في الصعيد الذين يسمعون راديو مصر عن طريق القمر الصناعي.في حوار خاص يكشف لنا كإعلامي العديد من الأسرار عن مشواره مع العمل الاذاعي وكمقدم برامج بخلاف تاريخة الصحفي الكبير. بداية: كيف جاءت فكرة برنامج' مصر في ساعة' ؟ الفكرة راودتني أكثر من مرة منذ ثورة25 يناير ومرورا بالفترة الانتقالية, حيث فوجيء المصريون أنهم ناموا طيلة ستة عقود عن ممارسة السياسة ثم صحوا فجأة علي ثورة, ووجدوا أنفسهم مطالبين بالإجابة عن عشرات الأسئلة من عينة: هل سيقولون نعم أم لا علي الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, ثم الاختيار بين الأحزاب في الانتخابات البرلمانية ثم اختيار رئيسا لمصر من بين13 مرشحا للرئاسة, وظهرت نتيجة الانتخابات البرلمانية والرئاسية لأجد بعض ممن يسمون أنفسهم بالنخب يتهمون المواطن البسيط بالجهل والأمية, دون أن تسأل تلك النخب نفسها عن ماذا قدمت من أجل تنوير هذا المواطن؟, من هنا نشأت فكرة تقديم برنامج يسعي لتنوير وإعلام المواطن عما يجري في مصر خلال ساعة. ندخل في الموضوع: ماهي قصة( الإنترو) أو مقدمة كل حلقة تحرص عليها وتثير جدلا بين المستمعين؟ 'الإنترو' أو مقدمة الحلقة هي الفقرة الأكثر متابعة وإثارة للجدل, حيث لا أفضل استعراض الأخبار في فقرة ثابتة مثل كل القنوات, واستقررت علي فكرة' الإنترو' بأن أختار أربع أو خمس أحداث بينهم علاقة ارتباط ثم نمزج بينهم بالتحليل والتعليق والمعلومة, مما يتطلب مني إجراء عشرات الاتصالات التليفوينة صباحا لمعرفة آخر الأخبار, ثم أتابع الفضائيات وقراءة الصحف والمواقع الإخبارية ثم الدخول علي صفحة البرنامج علي' الفيسبوك'. هل كنت تتوقع حجم النجاح الذي تحقق للبرنامج في ظل منافسة برامج التوك شو التلفزيوني التي تجتاح المشهد الإعلامي؟ بصراحة شديدة لم أكن أتوقع هذا النجاح الكبيرالذي فاجئني وأدهشني فقناعتي أني' معملتش حاجة' تستحق هذا النجاح, كما أن بعض أصدقائي انتقدوا فكرة أن أقدم برنامجا إذاعيا, فمن وجهة نظرهم أن الطبيعي أن أقدم برنامجا تليفزيونيا,. هل ساهم عملك الصحفي في نجاح البرنامج الذي يحظي بنسبة استماع كبيرة من بين الإذاعات المصرية؟ بنسبة100% حيث أتاح لي عملي الصحفي تعدد في المصادر السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقتي بمختلف القوي السياسية وقادتها, وهو ما ساعدني في توفير الخبر والرؤية والتحليل للمستمع, ومن هنا كنت أفاجيء المستمع برؤية وأخبار عكس الاتجاه السائد ثم يتضح صحتها, وتبقي قاعدة النجاح في مهنة الإعلام هي المصادر والقدرة علي التحليل وربط الأحداث والنزول للناس. إلي أي مدي تري أن المواطن المصري' غلبان' ويقع عليه غبن شديد؟ المواطن المصري غلبان جدا وبصراحة لاترحمه النخبة أو السلطة وكذلك الإعلام, ولعل رسالتي الدائمة لهؤلاء جميعا هي'ارحموا هذا المواطن', فالكل نازل( دق وخبط ورزع) علي دماغه كأنه أصبح( صيدة) بين أيادي هؤلاء, وتقديري أن كل حكوماتنا لم تعرف كيف تتعامل مع المواطن, هي دائما مصرة علي التعامل بمنطق الأوامر وإلقاء التعليمات بعيدا عن الشرح والتوضيح, رغم أن المصري ذكي ولماح, ثم إذا عدنا للتاريخ المصري الطويل لن تجد هذا المواطن قد ارتاح أبدا, والمؤسف أنه كل فترة تعده السلطة بقرب الرخاء, ومنذ7000 سنة ننتظر الرخاء الذي لايجيء, وحاليا ربطوا الرخاء' بالنهضة', وبصراحة: خايفين لانطول بلح الشام( الرخاء) ولا عنب اليمن( النهضة). المتابع لبرنامجك يلحظ سرعة بديهة وحيوية ولياقة ذهنية عالية في الحوار, كيف تعد لذلك, أم أنك تستعين بفريق عمل كبير؟ أشكرك علي الملاحظة والإطراء, لكن وبصراحة كل تعليقاتي عفوية ووليدة اللحظة, ولايوجد فيها نوع من الترتيب المسبق, ولعلي أفجر لك قنبلة من العيار الثقيل عندما أقول أن هذا البرنامج ليس له فريق إعداد, فالعبد لله هو المذيع والمعد و'كل شوية تصلني رسائل شكر في فريق الإعداد' وهو يدعو للضحك, لأن فريق الإعداد هو( محمد علي خير), وإن شئت الدقة فإنني أقوم بإعداد الحلقة من خلال التركيز في رسائل واتصالات المستمعين وتواصلهم معي علي صفحة البرنامج علي الفيسبوك,. بصراحة: هل واجهت أي نوع من المتاعب أو المضايقات بسبب ارتفاع سقف الحرية في البرنامج أثناء الحوار والمناقشة الكاشفة لعورات الحكومة والنظام؟ كان بودي أن أحكي لك عن حجم التضييقات والمتاعب والرقابة التي تمارس علي برنامجي وتريد خنقه, وعن تدخلات وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود, وعن مخاوف رئيس المحطة ورئيس قطاع الأخبار مما أقوله, وكيف يتدخلون في الشخصيات التي استضيفها, لكن للأسف' مفيش أي حاجة من دي حصلت', كل هؤلاء يسمعون البرنامج مثل المستمعين, ولو لاحظت فأنني في هذا البرنامج أقرأ رسائل المستمعين كما هي بدون تجميل حتي تلك التي تشتمني إلي حد أن تحول لقبي من( خير) الي( شر), كما أقرأ رسائل مثل:' يسقط حكم المرشد' و'مرسي مش هو اللي بيحكم' و'أفرجو عن مبارك', ثم أقرأ رسائل من الإخوان تتهمني بالعلمانية والفلول وهكذا, فضلا عن أن ضيوفي من كافة التيارات. إلي أي مدي تشعر بأن برنامجك يساهم في تحريك القضايا الراكدة والمتراكمة في الحياة المصرية الحالية؟ لا أدعي شيئا, فقط أحاول الاجتهاد قدر استطاعتي, ويمكنني القول بأن البرنامج قد طرح أفكارا ورؤي ومشاكل حيوية, حيث طالبت الرئيس مرسي بلقاء مرشحي الرئاسة السابقين وقد تحقق ذلك, وانتقدت أن تعريفة القتيل المصري هي'5 ألاف جنيه' من أيام مبارك فعدلتها الحكومة إلي'50 ألف جنيه', وتحدثت عن مافيا تهريب السولار للخارج فاهتمت الرئاسة بالقضية, وتحدث معي بخصوصها' د. باسم عودة' مسئول ملف الوقود بالرئاسة. في كل مرة تواجهك مطبات علي الهواء بتوجيه اللوم لك أو الاعتراض علي وجهة نظرك بوضعك في خانة' الفلول' أو' الإخوان', وأحيانا' يساري' و' علماني' وغيرها من التنصنيفات.. ألم تشعر بالضيق ذات مرة ؟ لايضايقني ذلك, فمن حق الناس أن تراني بالطريقة التي تتخيلها, وبالمناسبة وصلتني رسالة جميلة ذات مرة من أحد المستمعين تقول:' إذا اختلف عليك الناس فإعلم أنك علي الحياد' لكن بصراحة أنا إعلامي متحيز وغير محايد, وتحيزي لبلدي فقط, وبلدي تعني عندي المواطن البسيط, عشان كده أي مسئول' يحدف يمين أو شمال' أنتقده فورا, وذلك من أول رئيس الجمهورية الدكتور مرسي مرورا بالحكومة والاحزاب, دون خوف لأن مقصدي واضح,. ' الانفلات الإعلامي سبب أزمة مصر الحالية'.. إلي مدي تكون صحة هذه العبارة, أم أنها مجرد شماعة؟ الانفلات طال كل شيء في حياتنا, وتحديدا بعد الثورة فرأينا الانفلات الاخلاقي والسلوكي والسياسي, وكان طبيعيا أن ينتقل ذلك الانفلات إلي الإعلام, ولكن الأمانة والموضوعية تقتضي منا دائما القول بأن الانفلات الإعلامي هو أحد أسباب أزمة مصر الحالية, لكنه ليس السبب الوحيد, فالإعلام الذي درسناه في كلية الاعلام غير مانراه ونطالعه في صحفنا و علي قنواتنا, وهو ما يحتاج لرؤي ودراسة لوضع صيغة تحترم الموهبة والمهنية ولاتجور علي حق المواطن في الحرية الإعلامية, لكن هذا لايمنع أن بعض الفاشلين يعلقون فشلهم علي شماعة الإعلام وردي عليهم بسؤال مفاده:هل لو أغلقنا كل وسائل الإعلام..هل تضمنون لنا تقدم مصر؟ والإجابة متروكة للقاريء الكريم. من خلال ماتعرضت له من قضايا تتسم بحصار من الأسلاك الشائكة, كيف تري المشهد السياسي الحالي ؟ مصر تحصد الآن سوء إدارة الفترة الانتقالية من بطء في الأداء وعدم وجود إرادة سياسية نافذة لترتيب الأولويات, والدخول في متاهة الانتخابات أولا أم الدستور أولا.