يؤسفني في ختام هذه الإطلالة أن أقول: إن بعض ما نشاهده علي الشاشات أو نقرأه في الصحف والمجلات باسم الديمقراطية تحت رايات الحرية لا علاقة له بجوهر الديمقراطية أو الفهم الصحيح للحرية أو الحق المشروع في النقد والمساءلة وإنما يغلب عليه الجهل المقترن بسوء القصد مما يؤدي إلي خلط الأوراق وإرباك الرأي العام بين معارضة متحفزة وموالاة متعالية!. وسواء كان الأمر متعلقا بالمعارضة أو الموالاة فإن شيوع الجهل وسوء القصد يمثل كارثة لأن الجاهل هو أكثر الناس كراهية لمواجهة الحقيقة وبالذات حقيقة نفسه, ومن ثم تجد الجاهل لديه إصرار غريب علي عدم الاعتراف بجهله في شأن أي قضية مطروحة للنقاش, ويخجل من أن يقول إنه لم يقرأ شيئا عن هذا الموضوع أو أنه لم يتمكن من الإلمام بكل تفاصيله قبل أن يتصدي للتعامل معه بالكلمة.. أو بالقرار!. والجاهل مثل المتربص كلاهما يجيد التظاهر بالثقة, ولذلك تجده يتحدث حديث الواثق عن أمور لا خبرة له بها, وهو في هذه الحالة لا يضطر فقط إلي أن يكذب, وإنما يدعي و يزعم وينسب للآخرين أقولا لم يتفوهوا بها أو أفعالا لم يأتوا بها, مثلما يملك القدرة علي أن يخلط الأمور خلطا معيبا فتصبح الهزيمة نصرا, ويتحول الشر إلي خير, والباطل إلي حق!. ومعني ذلك أن الجهل وسوء القصد وجهان لعملة واحدة, وأن الجهل لا يؤدي بصاحبه إلي خطيئة الكذب فقط, وإنما يدفع به تلقائيا إلي الاختلاق والادعاء والتحامل والتلفيق والسقوط في بئر الأوهام والمستحيلات!. إن الكلمة الجاهلة تترتب عليها تداعيات وآثار سلبية تنعكس علي سلوك المجتمع كله... وليس هناك أسوأ من عناد الجاهل الذي تأبي عليه شخصيته المهتزة أن يقبل بأي تراجع.. وذلك علي عكس الكبار الذين يؤمنون بأن الرجوع إلي الحق فضيلة.
خير الكلام: لا يوجد من هو ظالم دائما سوي من يدمن ظلم نفسه!. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله