لا أجد في ختام هذه الإطلالة علي المشهد الديمقراطي سوي القول صراحة بأنه بعد إنجاز الانتخابات البرلمانية بصورة مشرفة- رغم أية ملاحظات فإن من الضروري ونحن في الطريق إلي انتخابات رئاسية وصياغة دستور جديد أن يدرك الجميع أن الوطن يمر بلحظة تاريخية فارقة ينبغي الانطلاق منها لكي نجعل من الديمقراطية شيئا أكثر وأعمق من مجرد خلافات حول الصياغات والضمانات وأن يكون همنا الأول هو الإمساك بالفرصة التاريخية بعيدا عن أي عقد أو حساسيات! إن أحدا لا يمكن أن يجادل في حق الشعب في استجلاء الحقيقة بالطرق الشرعية ذات الأسلوب الهادئ وعبر الحوار الموضوعي وليس من خلال حملات مكثفة تحمل في طياتها كل مفردات التطاول والتشكيك وتفتح الباب أمام تأويلات وتفسيرات ضبابية غائمة! إن الوطن بحاجة إلي من يحملون له المشاعل لا من يريدون ضرب وإطفاء المشاعل ثم يدفعون بنا تحت جنح الظلام إلي طريق مجهول تتوه فيه أقدامنا وربما تغوص في أوحاله! إننا بحاجة إلي خريطة طريق تدعم أجواء الحوار الموضوعي ولا تسمح بتحول الخلاف في الرأي إلي صدام لأن استمرار الحوار مهما تباعدت المواقف يضمن الإبقاء علي درجة معقولة من الثقة المتبادلة التي هي ركيزة أساسية من ركائز الوحدة الوطنية في العمل السياسي. بوضوح شديد أقول: إن بعض ما نقرأه ونسمعه هذه الأيام أبعد ما يكون عن الديمقراطية فلم يقل أحد إن الديمقراطية هي المدخل لتجريد الشعب من إنجازات ثورته التي أصبحت حقيقة ثابتة من حقائق العصر مع التسليم بأنه ليس هناك إنجازات تخلو من سلبيات! لقد تجاوز البعض كل حدود النقد المباح ولم تعد المسألة مجرد نقد للمرحلة الانتقالية, وإنما هي تصب- بقصد أو بغير قصد- في خانة دفع الناس إلي أزمة عدم تصديق, وبالتالي إفراز إحساس بالنقص والعجز واليأس والإحباط.. فليس أسوأ ولا أخطر من أن يتصور الناس أنهم يعيشون كذبة كبري! وعلينا أن نضع في اعتبارنا أن أول مفتاح لفهم أي موقف سياسي هو معرفة المرحلة ومعرفة الظروف حتي لا نضل الطريق إلي الغاية التي نريدها ولا نضحي بالقيم التي نؤمن بها!
خير الكلام: يا أعدل الناس إلا في معاملتي.. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم! [email protected]