الثورة وحركة التاريخ! منذ أن اندلعت ثورة25 يناير وحتي اليوم جرت في النهر مياه كثيرة وتحمل مجري النهر الكثير والكثير من المياه العذبة ومن المياه العكرة وذلك أمر يمكن فهمه واستيعابه بالنظر إلي حجم وعمق التغيير الذي حرك المياه الراكدة وأثار هذا القدر الهائل من الصخب والجدل السياسي الواسع وبما يؤكد صحة الإدراك بأن حركة التاريخ هي تيارات تندفع بكل قوة لتغيير الواقع بأكثر من كونها مجرد حوارات لفظية. ولكن الذي لا يمكن فهمه ويصعب- بالقطع- استيعابه أن البعض يتجاهل- بوعي أو بدون وعي- أن الخلاف السياسي مهما تشتد ضراوته لابد أن يظل محكوما بأخلاقيات الحوار النظيف التي تبيح حق الاختلاف, ولكنها تحظر الوصول إلي مناطق التجريح والتطاول أو الرغبة في الإقصاء والعزل! إننا في مرحلة دقيقة لا أظن أننا واجهناها من قبل في ضوء تحديات ومصاعب لا تخفي علي أحد, ومن ثم يتحتم أن تكون جهودنا جميعا- مهما تباعدت مواقفنا- متجهة صوب إعادة الثقة لأن الدق علي طبول التشكيك لن يصب في مصلحة أحد ولأنه في غيبة من جسور الثقة والتواصل بين كل أطراف وأطياف وقوي المجتمع الفاعلة سوف يكون من المستحيل أن يشعر الناس بطعم ومذاق أي إنجاز ديمقراطي أو اقتصادي أو اجتماعي يلبي أهداف الثورة. ولعل ذلك ما يدفعني إلي القول: إننا بحاجة إلي مناخ سياسي جديد نتكاتف جميعا لإرساء قواعده من أجل جذب انتباه المجتمع ككل باتجاه المستقبل دون أن يجيء ذلك علي ضرورات المراجعة والتصحيح لكل ما وقع في الماضي من أخطاء. لقد آن الأوان للسير باتجاه مناخ سياسي جديد لا يتجاهل تجارب الماضي والدروس المستفادة منها, ولا يبتعد عن متطلبات الحاضر وضروراته لرفع رايات الحق والعدل والقانون. أريد أن أقول: إن التعامل مع ذلك الحراك السياسي الواسع الذي تشهده مصر ينبغي فهمه علي أنه ليس نهاية المطاف, وفي ذات الوقت لا بد من الترحيب به كخطوة في الاتجاه الصحيح لأن المسألة أكبر وأعمق من مجرد الانبهار بما يحدث كما أنها أعمق من قراءتها بنظارات سوداء قاتمة تحجب العيون عن رؤية الصورة بكل أبعادها. وليتنا نتفق كنقطة بداية علي مسألة بديهية خلاصتها أن أول مفتاح لفهم أي موقف سياسي هو معرفة المرحلة ومعرفة الظروف حتي لا نضل الطريق إلي الغاية التي نريدها.. وأيضا حتي لا نضحي بالقيم التي نؤمن بها!
خير الكلام: عليك أن تهزم خصمك بالسلاح الذي يخشاه وليس بالسلاح الذي تخشاه أنت! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله