دعم حرية المعلومات.. رؤية تنويرية أطلقها الرئيس السيسي لتطوير الإعلام    موعد المولد النبوي الشريف في مصر 2025.. إجازة 3 أيام وأجواء روحانية مميزة    رئيس «الأعلى للإعلام» يوجه بعقد ورشة لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي على أكثر من يوم    20 جنيهاً ارتفاعاً في أسعار الذهب محلياً.. والأوقية تقفز 35 دولاراً خلال أسبوع    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    موعد صرف معاشات سبتمبر 2025.. اعرف الجدول والأماكن    بين المزايا والتحديات.. كل ما تريد معرفته عن السيارات الكهربائية    نتنياهو: شروط حماس للتوصل إلى اتفاق هي شروط استسلام ولن نقبل بها    زلزال تركيا | تسجيل 3 هزات ارتدادية.. والمواطنون يتوجهون للحدائق    هزة أرضية على بعد 877 كيلو مترا شمال مطروح بقوة 6.2 ريختر    منتخب ناشئات السلة يفوز على الجزائر في افتتاح مشواره بالبطولة العربية    انطلاق مباراة فاركو وإنبي في الدوري    من تغريدة الاتحاد الأوروبي إلى رد الجيش الإسرائيلي.. قصة تضامن صلاح مع "بيليه فلسطين"    داروين يسجل في أول ظهور له مع الهلال.. وتواجد لاعب منتخب مصر    خوسيه ريبيرو يبلغ محمد يوسف رسالة هامة بشأن لاعبي الأهلي    المشدد 7 سنوات لعاطلين تسببا في مقتل شخصين بحادث على الطريق الصحراوي    التضامن الاجتماعي تنفذ 6 قوافل طبية توعوية لخدمة سكان مشروعات السكن البديل    68 غرزة فى وجه الأشقاء.. مشاجرة عنيفة وتمزيق جسد ثلاثة بالبساتين    كل ما تريد معرفته عن ChatGPT-5.. كيف تستفيد منه في عملك؟    «فلاش باك» الحلقة 2 | رسائل من الموتى.. صوت مألوف وزمن مختلف    رنا رئيس تنضم ل أبطال فيلم سفاح التجمع بطولة أحمد الفيشاوي    ليست كل المشاعر تُروى بالكلمات.. 5 أبراج يفضلون لغة التواصل الجسدي    «فاطمة المعدول» الحائزة على تقديرية الأدب: أحلم بإنشاء مركز لإبداع الأطفال    "فلاش باك" يتصدر نسب المشاهدة على منصة Watch It بعد عرض الحلقة الأولى    "ملف اليوم" يكشف روايات الاحتلال المضللة لتبرئة نفسه من جرائم غزة    صاحبه الفرح الأسطوري ومهرها ب60 مليون.. 20 صور ومعلومات عن يمنى خوري    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    طريقة عمل الحجازية فى البيت بمكونات بسيطة    وزير الصحة يوجه بتسريع الاستجابة لاحتياجات المرضى ومتابعة نظام التقييم الدوري للعاملين    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حجز متهم بإتلاف سيارة لتشاجره مع مالكها بالبساتين    وظائف خالية اليوم الأربعاء.. فرص عمل بمختلف المحافظات    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    بعد توجيه السيسي بحل مشكله معاشات ماسبيرو.. "المسلماني": نشكر الرئيس    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري للإخوان    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    شاهد.. لحظة تحرك شاحنات المساعدات من مصر إلى قطاع غزة    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    العراق يرحب باتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    لتقصيرهم في العمل.. إحالة عاملين بالمركز التكنولوجي بأبوحماد بالشرقية للتحقيق    ضبط 5488 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    الأزهر يعلن جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية الأزهرية 2025 للقسمين العلمي والأدبي    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية خلال 2025    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    بيونج يانج تحذو حذو سول في تفكيك مكبرات الصوت على طول الحدود    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هانى رسلان: السودان..لا يحتمل أي ثورة
نشر في الوفد يوم 17 - 07 - 2011

الشراكة المصرية – السودانية... قضية لاتقبل الجدل او النقاش لتداخل عوامل الجغرافيا والتاريخ والمكون الثقافى والحضارى واللغة والدين بين البلدين ، ويبدو نهر النيل المتدفق من الجنوب الى الشمال
بمثابة العمود الفقرى فى الجسد الواحد المصرى السودانى ، ورغم تباين وجهات النظر ازاء بعض القضايا بين القاهرة والخرطوم ، الا ان الثابت هو حدوث التقارب الكبير بين البلدين ايام الازمات الكبرى او الاحداث الجسام التى يمر بها هذا البلد او اذاك ، شاهدنا ذلك فى قمة الخرطوم فى اغسطس 1967 والحفاوة البالغة التى قابل بها الشعب السودانى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رغم هزيمته فى الحرب وكان الاحتفاء به اسطوريا بكل المقاييس ، وقد تبنت قمة الخرطوم اللاءات الثلاث : لاصلح ولامفاوضات ولا اعتراف باسرائيل .
تكررت نفس حفاوة الشعب السودانى الجميل مع الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصرى الذى اختار السودان اولى محطات جولاته الخارجية ليؤكد الشراكة الكاملة المصرية – السودانية بعد الثورة رغم كل التحديات التى تواجهها فى الداخل والخارج ، ثم جاءت زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية الى السودان لتحقق انجازا كبيرا على مسيرة الشراكة بحصول حزب الوفد على مليون فدان فى الشمال السودان لتملكها بنظام حق الانتفاع وزراعتها .
هانى رسلان رئيس برنامج السودان بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يتحدث عن افاق العلاقات المصرية – السودانية والتحديات التى تواجهها ومستقبلها ..
**بداية : ما دور برنامج دراسات السودان الذى تشرف عليه داخل مركز الدراسات بالاهرام ؟
*بالنظر الى اهمية السودان من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لمصر والادراك بان هناك مصيرا مشتركا يجمع البلدين، جاءت فكرة انشاء برنامج متخصص للدراسات السودانية وحوض النيل لتحقيق جملة من الاهداف كان على رأسها السعى الى توفير معلومات ومتابعات تحليلية لكل ما يحدث فى السودان من تطورات، بحث يوفر ذلك معرفة دقيقة ما امكن لمن يريد ان يتابع سواء من النخبة او المهتمين او الرأى العام، ومن بين الاهداف ايضا تجسير الفجوة بين النخبتين المصرية والسودانية والتى ترتبت على فترة القطيعة بين البلدين فى عقد التسعينيات ، بالاضافة للسعى الى رفع درجة الاهتمام بالسودان فى مصر بشكل عام . ولم يكن ممكنا ان يتم تناول الشأن السودانى بمعزل عن تطورات الاحداث فى منطقة حوض النيل، والتى تمثل ايضا منطقة بالغة الاهمية بالنسبة لمصر خاصة فيما يتعلق بقضايا المياه .ولذلك جاء الاهتمام منصبا على هذه المنطقة التى تضم ثمانى دول اخرى الى جانب السودان مع التركيز على السودان بطبيعة الحال .
** الا ترى ان انشاء هذا البرنامج تأخر نسبيا لاهمية العلاقات المصرية – السودانية ؟ وما اهم الانشطة التى قمتم بها ؟
*نشأة البرنامج ارتبطت فى الحقيقة بالارهاصات الاولى لعملية تسوية مشكلة الجنوب والتى بدأت فى عام 2001 مع تعيين مبعوث رئاسى امريكى لايجاد تسوية للحرب الاهلية فى جنوب السودان، وكان من الواضح ساعتها ان السودان مقبل على تغييرات هيكلية ، وهذا ما حدث بالفعل حيث انتهت عملية التسوية بانفصال الجنوب.
اما الانشطة التى قمنا بها فهى عديدة ومتنوعة وشملت اصدار عشرات الدراسات والاوراق البحثية بالاضافة الى عقد اكثر من سبعين لقاء وورشة عمل وندوة تم فيها استقبال عشرات القيادات السياسية السودانية من الوزراء من القادة السياسيين والوزراء والمسئولين والنخب الفكرية من مختلف الاطياف وشمل ذلك الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة . وقد احدثت هذه الانشطة صدى واسعا وحظيت باهتمام كبير .
نقلة نوعية
** يرى الكثيرون انك عبر اهتمامك المكثف وحضورك الواسع فى مختلف الفعاليات ، استطعت ان تحدث نقلة كبيرة فيما يتعلق بالسودان وحوض النيل .. كيف ترى ذلك ؟
*بالنسبة لى لم يكن هذا الجهد مجرد عمل بحثى او تخصص اكاديمى، بل كان يمثل قضية وطنية، ولذا اشرفت على قسم الشئون السودانية بالمجلة السياسية الدولية طوال السنوات العشر الماضية وكان ذلك بدعم كبير من الدكتور اسامة الغزالى حرب ، كما اقترحت تأسيس لجنة خاصة بالمجلس المصرى للشئون الخارجية الذى اتشرف بعضويته وتم ذلك بالفعل بدعم السفير الريدى والدكتور محمد شاكر واسندت الى مهام مقرر هذه اللجنة وهناك العشرات من الانشطة والمهام الاخرى التى كنت وما زلت اقوم بالجانب الاكبر منها بشكل طوعى .
روابط خاصة
** مامغزى اختيار الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري السودان كاولى الدول لجولاته الخارجية بعد ثورة 25 يناير الديمقراطية التى اطاحت بالنظام السابق لمبارك ؟ ومامغزى هذا الاستقبال الاسطورى لثانى مسئول مصرى بعد عبدالناصر فى قمة الخرطوم ؟
*السودان تجمعه بمصر روابط خاصة فرضتها الجغرافيا ولعب فيها التاريخ دورا تأسيسيا، ومن الناحية الاستراتيجية كل ما يحدث فى السودان ينعكس على الامن القومى المصرى بأشكال عديدة بعضها مباشر والبعض الاخر غير مباشر ، ونحن هنا نتحدث عن الامن القومى بمعناه الواسع والعميق، ولذا هناك مصير مشترك ومترابط، فما يحدث فى مصر يؤثر على السودان ايضا ان كان سلبا او ايجابا.. وتعتبر اول زيارة لعصام شرف الى السودان هى تعبير عن المكانة للسودان فى الوعى والعقل الجمعى المصرى . اما الحفاوة السودانية فهى ليست غريبة عن الشعب السودانى الذى لا يبخل فى تقديم الدعم والمؤازرة عند الضرورة، وحرارة الاستقبال عبرت ايضا عن دعم الشعب السودانى بثورة يناير واعجابه بها ، ومناصرته لاهدافها .
**ما افاق العلاقات المصرية – السودانية بعد ثورة يناير على الصعيد السياسى والاقتصادى والامنى ؟ وما عوامل نجاح تلك العلاقات فى المستقبل ؟
*من الناحية العامة هناك امكانيات هائلة للتعاون وللبدء فى شراكة استراتيجية بين البلدين، ولكن من االناحية العملية نلاحظ ان السودان يواجه الان تحديات جسيمة من جراء الانفصال واستمرار الازمة فى دارفور، بالاضافة الى الانقسامات الداخلية وتبعات الازمة الاقتصادية المتوقعة بعد فقدان عوائد البترول مع انفصال الجنوب، ولذا فان السودان بحاجة الى الوقوف معه فى هذه المرحلة، وان كان من الواجب التركيز على جوهر التعاون الاقتصادى والاستمرار فى التنسيق فيما يتعلق بأزمة مياه النيل. ولكن يجب الاخذ فى الاعتبار ايضا ان هناك قوى سياسية سودانية معارضة ترى ان الذهاب فى التعاون بعيدا مع الحكومة الحالية فى السودان غير مناسب، وان مصر يجب ان تدعم قضايا الحريات والوفاق الوطنى والتعايش السلمى فى السودان اولا .
**ماذا عن نقاط الخلاف بين الدولتين ابان عهد الرئيس السابق مبارك ؟ كيف يمكن حلها ؟
*نقاط الخلاف بين البلدين كانت تتمحور فى الاساس فى مدى الدعم الذى تتوقعه الحكومة السودانية من مصر ازاء التحديات الخطرة التى تواجهها سواء فى الداخل او الخارج، مثل التدخل الامريكى وتحديات الانفصال والمحكمة الجنائية الدولية والتدخلات الخارجية فى ازمة دارفور .. ورغم التوافق فى كثير من القضايا والمواقف الا انه لم يكن هناك تطابق فى وجهات النظر فى العديد من القضايا، وكانت هناك ازمات مكتومة فى العلاقات بين البلدين، ولم تعبر الحكومة السودانية عن وجهة نظرها بشأنها الا بعد سقوط مبارك.
احتقان سياسى واجتماعى
**بعد الافراج عنه مؤخرا .. طالب الزعيم حسن الترابى القيادة الحاكمة فى السودان – المؤتمر الوطنى - باجراء اصلاح شامل قبل الاوان لان السودان لايحتمل ثورة على غرار ثورة الشعبين المصرى والتونسى ؟ ماتعليقك ؟ هل هناك خطوات جادة فعلا لاصلاح شامل فى السودان ؟ الا يخشى السودان اندلاع ثورة شعبية ؟ وهل السودان بمعزل عما يجرى فى محيطه العربى المفعم بالثورات من تونس الى مصر الى اليمن .. وهلم جرا ؟
*بالتاكيد هناك احتقان سياسى ومجتمعى فى السودان وهناك شكاوى عميقة من انتشار الفساد، بالاضافة للخلاف حول كيفية معالجة الاوضاع الناتجة عن انشطار السودان الى دولتين شمالية وجنوبية وفقدان السودان لما يقرب من ثلث ترابه الوطنى، مع وجود الكثير من الاحتقانات فى مناطق ابيى وجبال النوبة والنيل الازرق وغيرها .. وهناك الان عودة للحديث عن تطبيق الشريعة فى السودان، وهو ما يواجه بتحفظات هائلة خاصة ان هذا التطبيق يتم بشكل مبتسر ويتجاهل التعددية الواسعة والظروف الخاصة للسودان.. ومن ثم لا نبالغ فى القول بان اى تطورات غير محسوبة قد تؤدى الى تهديد تماسك دولة شمال السودان .
**يبدو موقف السودان بالنسبة لقضية مياه النيل واضحا بالانحياز الى مصر .. ما رؤية السودان لحل القضايا الخلافية بين مصر ودول حوض النيل التى تطالب باعادة النظر فى حصص المياه لانها غير عادلة وتمت ايام الاستعمار ؟
*نعم هناك تنسيق كبير بين البلدين مبنى على المصالح المشتركة، فاى ضرر سوف يلحق بتدفقات المياه من دول المنابع باتجاه الشمال سوف يشمل مصر وشمال السودان معا. وهذا التنسيق بالغ الاهمية بالنسبة للبلدين معا ويجب الحفاظ عليه ، ومن اللافت ان هناك ادراكا عميقا لاهمية وخطورة هذه القضية على الناحيتين، لذلك نجد ان هذا التنسيق كان قائما فى عهد مبارك واستمر الان ، بمعنى ان هذه المصالح الاستراتيجية يتم التعامل معها بمعزل عن تغييرات الانظمة وهذا موقف متقدم جدا .
انفصال الجنوب
**يلقى الكثير من المثقفين السودانيين بالمسئولية على مصر فى انفصال جنوب السودان لتخليها عن دورها الحيوى هناك .. هل تخلت مصر عن السودان فعلا ؟ ام ان انفصال الجنوب كان مؤامرة دولية بامتياز ؟
*الانفصال كان نتيجة لفشل كل الحكومات الوطنية المتعاقبة فى السودان منذ الاستقلال فى ادارة التعددية السودانية العرقية والثقافية والجهوية، وبذلك فالجميع مسئولون حكومة ومعارضة، ولكن هناك مسئولية خاصة تقع على عاتق الحركة الاسلامية الحديثة فى السودان بشقيها : حزب المؤتمر الوطنى الذى يقوده البشير وحزب المؤتمر الشعبى الذى يقوده الترابى. وهذا لا يلغى الضغوط الخارجية الهائلة التى دفعت الى الانفصال، ولكن المشاكل الداخلية وسوء الادارة هو الذى فتح المجال واسعا لذلك. اما مصر فكان لها موقف ثابت ومعلن وواضح ضد الانفصال، وهى ليست ولى امر السودان ولا تملك الامر والنهى فيه .
**مارؤيتك للعلاقات بين مصر وجنوب السودان ؟ هل تسير بالتوازى مع العلاقات بين القاهرةالخرطوم ؟
*هناك علاقات حسنة تربط مصر بجنوب السودان ومصر حريصة على ذلك، وهذه السياسة ما زالت مستمرة، لكن ما يجمعنا من روابط مع شمال السودان أكثر عمقا بكثير، وهذه العلاقة المتميزة مع شمال السودان ليست موجهة ضد الجنوبيين او مصالحهم ، بل على العكس انها يمكن ان تكون مفيدة فى المساعدة على تجاوز او حل بعض الخلافات بين الدولتين الشمالية والجنوبية .
**هل هناك دور ما مطلوب من القاهرة او جامعة الدول العربية لحل النزاع حول ملكية ايبى بين السودان ودولة جنوب السودان ؟
*النزاع حول ابيى معقد جدا، ولا يمكن الوصول الى تفاهم حولها الا بإرادة صادقة ومخلصة من الطرفين الشمالى والجنوبى، بعيدا عن التدخلات الدولية الهادفة الى الاصطياد فى الماء العكر .. ولا اتصور انه فى المرحلة الحالية ان هناك ما يمكن ان تقوم به مصر او الجامعة العربية اكثر من حث الطرفين على تحاشى التصعيد او التحول الى الصدام .
وفد الدبلوماسية الشعبية
**قام وفد الدبلوماسية الشعبية المصرى بزيارة الى السودان قريبا على غرار زيارته الى اثيوبيا لمحاولة حل القضايا الخلافية وتفعيل اتفاقية التكامل بين مصر والسودان .. كيف ترى هذه الزيارة ؟
*الدبلوماسية الشعبية عمل جيد ومبتكر ومن شانها ان تساعد على حل الكثير من القضايا والمشاكل، وهى ربما تكون اكثر نجاحا فى الحالة السودانية اكثر من الحالات الاخرى مثل اثيوبيا واوغندا، وذلك لقرب وعمق ومتانة الروابط المصرية مع السودان اكثر من اى بلد اخر سواء كان عربيا او افريقيا، ولكن يجب ان ناخذ فى الاعتبار ايضا ان المصالح الا ستراتيجية للدول لا تخضع للمجاملات فى نهاية المطاف وليس مطلوبا او منتظرا من الدبلوماسية الشعبية ان تفعل ذلك .
**من القضايا الجديرة بالنقاش ، قضية تهريب اسلحة من السودان الى مصر والتى قامت فيها اسرائيل بتدمير بعض القوافل خشية وصول تلك الاسلحة الى حماس .. ما ابعاد تلك القضية ؟ ولماذا لم يعلن عنها السودان الا بعد ان اعلنت اسرائيل ؟ هل هناك اختراق للامن القومى السودانى ؟ ما فرص التنسيق بين مصر والسودان امنيا الفترة المقبلة ؟
*نعم هناك اختراقات واسعة للامن القومى السودانى وهذا واضح للعيان مما يحدث فى كثير من المناطق مثل دارفور ومناطق التخوم وشرق السودان، وهذه قضايا حساسة والكثير من تفاصيلها غير معلن وغير متاح للرأى العام ، ولذا من الافضل تركها للاجهزة المختصة تحت اشراف القيادة السياسية .
حلاب وشلاتين
**ماذا عن حلايب والشلاتين مثار النزاع بين مصر والسودان من حين الى اخر ؟ هل طوى هذا الملف للابد ؟ ولماذا لايلجأ السودان الى التحكيم ؟ ام هى ورقة سياسية تستخدم لصرف الانظار عن الداخل احيانا ؟
*مثلث حلايب اصبح قضية مزمنة فى العلاقات المصرية السودانية، وهذا المثلث يمثل اراضى مصرية خالصة من وجهة النظر المصرية الواضحة والمستندة الى الوقائع القانونية والتاريخية، ولكن هناك وجهة نظر سودانية ترى العكس، ولذا لا بد من ان تكون هناك وقفة جادة للتوصل الى حلول وتفاهمات مشتركة حول هذه القضية، التى تمثل حساسية خاصة للسودانيين، واصبحت توظف بطرق مختلفة من شتى الاطراف.
**رفضت القاهرة تسليم البشير اذا صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية لاعتبارات عديدة اهمها عدم عدالة محكمة الجنايات الدولية ؟ كيف ينظر السودان ويثمن هذا الموقف القومى لمصر ؟
*هذا الموقف متناقض فى الحقيقة، فالتصديق على ميثاق المحكمة يقتضى الالتزام به والا فلا معنى للتصديق من الاصل، وبشكل عام التصديق على هذا الميثاق سوف يقيد حركة مصر السياسية والدبلوماسية ، ولن يفيدها بشىء، اذا المحكمة اصبحت اداة فى ايدى القوى المتحكمة بمجلس الامن ويتم توظيفها لخدمة السياسات والمصالح الامريكية والاوروبية. ومصر يمكنها ان تدعم حقوق الانسان بطريقتها الخاصة ومواقفها المستقلة بعيدا عن هذه المحكمة المشبوهة التى لا تستطيع ان ترفع اصبعا فى وجه الانتهاكات الاسرائيلية والامريكية فى فلسطين والعراق وافغانستان، ولا " تتشطر" الا على دول معينة بتوجيها اوروبية امريكية. اما الموقف من دارفور والاتهامات ضد البشير فيجب ان يكون مستقلا وعلى مصر ان تتخذ المواقف المناسبة لها .
**ماذا عن تمليك الفلاحين المصريين لاراض فى السودان لزراعتها لتحقيق التكامل المشترك ؟ الى اين وصل هذا المشروع ؟ وما عقبات تنفيذه ؟
*هناك معلومة غائبة عن الجميع.. القوانين السودانية لا تسنح بالتملك بل بحق الانتفاع فقط، كما ان قضية المليون فدان التى طلبها حزب الوفد ما زالت محل الدراسة طبقا لبيان رسمى صادر من مكتب نائب الرئيس السودانى على عثمان طه، ولم يتم البت فيها وسوف تقتضى وقتا واجراءات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.