«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سليمان‏:‏ مصر عصية علي التطرف والمتطرفين

تطلع القصائد في الغيطان عشبا بريا يحمي الطمي من غواية الرمل ويحمي مياه النيل من غواية الذهاب شمالا حيث الملح تطلع القصائد من الغيطان بشرا يحملون أحلامهم حتي مطلع الفجر تركب القصائد قطار الخامسة الي العاصمة فيفر ابناء الطمي بحمولة الشعر حتي مطلع الحرية في الميدان
وكالرسل يأتي الثوار الي الميدان
وكالرسل يأتي الشعراء ليتابعوا رسالة الثورة ويكتبون كتابها المقدس واصحاحات الطمي المشاكس وهو يرفض التكلس او الترمل
محمد سليمان قصيدة للطمي المشاغب وتفعيله للغضب رغم ان قصائده اقرب الي الهمس منها الي الصراخ
من طين المتوفية خرج الي قلب القاهرة حاملا رسالة العلم- الكيمياء حيث درس الصيدلة واحترفها- والشعر واخلص الرسالتين محتملا أمة الشعراء والنقاد وانحسار القراء عن تلقي القصائد
طلع كعشب ناري مع رفاقه الموهوبين عبد المنعم رمضان وعبد الكريم عبد المقصودواحمد طه ومحمد عيد ابراهيم, وأسسوا مجموعة اصوات فقط ليؤكدوا ان الشعر تعدد نغمات وتنوع مقامات فاستقامت اصواتهم دواوين نلتقط منها دفاتر الغبار التي غطت علي هواء قديم
ولكن الميدان اعاده الي فكرة الشعر الرسالة عندما رصد الثورة بعنفوانها وتحولاتها في ديوان كالرسل أتوا
كالرسل أتوا
وسيأتون ويتوارون كريح
لن يرثوا كالحكائين ولن يكترثوا
حين يلم النشالون خطاهم وجوائزهم
أصدرت ديوانا عن الثورة هل تري ان الوقت مناسب لطرح رؤاك الشعرية حول ثورة لم تكتمل ملامحها؟.
صحيح أني وجدت نفسي في الميدان ولكني لم اكتب انفعالا بالثورة ولا تنسي ان الديوان كتب علي مدي عام كامل منذ فبراير1102 حتي يناير2102 كنت اساير الثورة وأرصد تحولاتها واتاملها مفكرا فكتبت تحية للثوار والشهداء ورصدت بدايات تفكك الثورة فإذا كان للثورة من يشعلها فلها من ينقض عليها وممن يسرق ثمرتها
كان الديوان قراءة للثورة وليس انفعالا حماسيا مباشرا بأحداثها كما كتب غيري ولا اخفي فرحي الخاص بالثورة وانتصارها
انتصارها؟
الثورة لم تفشل تماما فقد حقق الشعب مكسبا هائلا الشعب تعلم ان يثور ويرفض بعد ماكسر حاجز الخوف واصبح قادرا علي الإمساك بالطاغية وهذا في رأيي الإنجاز الاكبر للثورة
صحيح اننا بحاجة الي سنوات لنحقق اهداف الثورة كلها ولكننا عدنا بشرا فاعلين لم نعد أمواتا صرنا شعبا يعلم ويتأمل وينتظر ويطالب ويقرر
كيف رصدت غبار الحالة المصرية التي تشير اليها شعرا؟
تشير في سؤالك الي ديواني دفاتر الغبار الذي يرصد حالة العقم والعجز والموت بالحياة الذي كنا فيه في السنوات الاخيرة وأشرت فيه الي العجائز الذين يلدون عجائز كانت هناك حالة من الشيخوخة الكاملة في مصر وعجائزه في الأرحام ينتظرون الخروج الي الموت
هكذا تحدث العجائز
هل تعرف من نحن
نحن العجائز الذين كلموا السماء في صحاري الشرق
نريد ان ننام
عظامها مفككة
رموشنا توجهنا
وأرضنا يلفها الظلام
الأخرون يدفعونها للسير احيانا
الآخرون بالعصي والفضائيات والهدايا
الآخرون يقلقوننا
لا يعرفون اننا شخنا
وأننا نلتف بالماضي
ومن هذا الديوان الي ديوان كالرسل أتواا نقلة من الموت والعقم الي الخصوبة وتفجر الحياة ولكن لا تنسي انني اتحدث عن الثوار كرسل او انبياء جاؤوا ورحلوا. لان هناك ثوارا مهمتهم المقدسة تفجير الثورة من دون الحول علي اي مغنم او مكسب وهذه وظيفتهم الاساسية وربما يستشهدون في سبيلها وهناك في المقابل الانتهازية المنتظر لحظة النصر ليبحث عن الغنائم.
من اين جاء هؤلاء الرسل هل ولدوا من دفاتر الغبار او ارحام المعاناة؟
كثيرون من الشباب الذي فجر الثورة لم ينطلق من رحم المعاناة ولم يكن من المسحوقين اجتماعيا واقتصاديا بل كانوا من خريجي الجامعة الامريكية و الجامعات الاخري وانطلقوا للثورة لانهم رأوا ما في بلادهم وما يعيشه المسحوقون
ودعنا نسال انفسنا سؤالا: لماذا تتكرر الثورات ولماذا يقوم كل جيل بثورته الخاصة؟ لان هناك دائما أحلاما مجهضة, وهناك رؤي تبذرها ثورة ثم تحدث انحرافات عن هذه الثورة سواء بفعل قوي الثورة المضادة او تصارع قوي الثورة نفسها وتفككها فنحتاج الي بذور جديدة للثورة تغرسها النخب الشابة تقول: كرر يا كهل عواءك كرر-واختر لنشيدك بحرا- لم يفسده المداحون
وكررغضبك
وبراكينك
وأرشق لهبك في الساحات وثر
ما لا يتكرر يفني
ماذا تعني بالتكرار هنا ؟
الثورة احيانا في حاجة الي تعديل, وعلي الثائر ان يضم بذرة الثورة في التربة ومبادئها وشعاراتها, وعليه ان يضحي بنفسه وان يستشهد احيانا ويمضي تاركا رسالته وما يحدث الان في مصر ان الثوار تركوا رسالتهم وجاء الاسلام السياسي( الذي شارك في الثورة) ليحصل علي الغنيمة
تعترف لهم بالمشاركة في الثورة وليس ركوبها ؟
الاخوان شاركوا بالفعل. في الثورة وان جاءت مشاركتهم متاخرة عن بقية الفصائل' اما السلفيون فلم يشاركو أبدا ولم نرهم الا بعد تنحي مبارك.بعد التنحي بدا الاخوان يفكرون في حصد الغنائم والمكاسب السياسية قبل ان تحقق الثورة اهدافها ومن هنا اسهموا في تفكك قوي الثورة وضعفها في مقابل الثورة المضادة ولذلك لا بد من تكرار الثورة او استكمالها لان اهدافها لم تتحقق بعد الدين والثورة
عنوان الديوان يشي بلغة مقدسة وبداية القصيدة الأولي فيه تشي بالأمر نفسه لماذا هذا الحضور الطاغي للغة الدينية؟
لا تنس أني شاعر ولد في قرية- قرية مليج بالمنوفية- وبدأ دراساته في الكتاب, وغرق لسنوات طويلة في التصوف الاسلامي وكتب المسرح الشعري متكئا علي التراث الاسلامي وكان جوهر مسرحيتي: العادلون والشعلة مقاومة الفساد لأنني من الذين لا يرون تناقضا بين التدين ومقاومة الفساد وبان الدين مكون اساسي من مكونات الشخصية المصرية فقد اخترع المصريون الدين وعرف التوحيد قبل ظهور الأديان السماوية.والدين في مصر وسطي للتشدد فيه وهو يسمح للمصريين بتأمل الحياة وأن يمارسوا عباداتهم وان يمرحوا نوعندما جاء ابن خلدون الي القاهرة كتب: وهبطت مصر فوجدت المصريين يمرحون ويلهون وكأنهم فرغوا من يوم الحساب. هذه سمة من سمات الشخصية المصرية تدين مخلوط بفرح بالحياة,وأي فصيل سيحاول تغيير هذه المعادلة المصرية سيفشل لاننا قوم معتدلون في ديننا وفي فرحنا بالحياة, ولذلك لم يكن مستغربا ذلك الحضور الطاغي للدين في ميدان التحرير إذ أن جوهرالدين يوحد الناس ولا يفرقهم وقد برز ذلك في صلوات المصسلمين وقداسات المسيحين وتبادل الحراسة بينهما لقد نجح الدين في توحيد المصريين في الميدان ولم يفرقهم لان الدين بطبيعته ضد فساد والمفسدين وهو دعوة لتحرر ومن هنا جاء عنوان الديوان واصفا الثوار بالرسل او الانبياء ذوي الرسالة العميقة وجاءت بداية القصيدة الاولي في الديوان تشير الد حضور الدين وموقفي منه وفهمي له وللثورة التي بشر بها الرسل الثوار ثم رحلوا
التحيات لكم
والصلاة علي الشهداء ينامون في القلب
ناموا
لكي يوقظوا
وغابوا
وماذا حدث للدين أو بسببه بعد التنحي ؟
ما حدث هو توظيف سياسي للدين فعندما بدأت جماعات الإسلام السياسي البحث عن الغنائم وظفت الدين وبدأت فرض خطاب تحريم والتضيق علي الناس في معيشتهم فبدأ الانقسام بين الثوار وبات الدين. او تفسير الدين يفرقنا بسبب منصات اطلاق الفتاوي
واعتقد اننا لن نخسر علاقتنا مع الدين لأن المصريين ضد اي تطرف, وأتوقع أن يغير السلفيون والإخوان منطق نفكيرهم و سيضطرون الي تغيير خطابهم الديني لأن التشدد مرفوض تماما في مصر وسيتحول الاخوان الي لاعب سياسي بعد أان ظلوا فترة طويلة يتكلمون كدعاة في غرف مغلقة مع نظرائهم الذين يماثلونهم
في الديوان احتفاء بالغ بشهر يناير الذي كان في دواوين سابقة شهرا القسوة ففي( هواء قديم) مثلا قلت: يناير القاسي يجمع الذئاب بعضها في دفتر ويعوي
وبعضها في الشارع الخلفي وقلت أيضا ان يناير ليس امتدادا لوجهي وليس أبا لشهور فماذا حدث ليناير الجديد؟
ليناير معي قصة طويلة ترتبط بنضالي السياسي الذي بدا باشتراكي في الثورة الطلابية الأولي في8691 ضد نظام عبد الناصر بسبب النكسةن وكنت وقتها طالبا في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة, ثم شاركت بعد التخرج في ثورة الكعكة الحجرية ضد السادات في42 يناير2791 يناير بميدان التحرير لأنه تحدث عن عام الحسم مع اسرائيل, ولكن لم يكن هناك حسم وهي الثورة التي خلدها الراحل الكبير امل دنقل في قصيدته الشهيرة, ويذكرني يناير. وكنت اعمل صيدلانيا بانتفاضة81 و91 يناير7791 ضد قرارات رفع الأسعار.. يناير يذكرني بالهبات والانتفاضات وربما الانكسارات أيضا
وقد استحضرت هذا الإحساس بشهر يناير قي الديوان واستحضرت برودته وقسوته التي تدفع الانسان للكمون والتقوقع علي نفسه, لكنه في1102 دفع الناس الي الشارع بحثا عن دفء آخر وسط الجموع.. يناير بالنسبة لي شهر استثنائي
مظاهرات يناير7791 كانت ثورة أو تكاد فلماذا فشلت رغم انها ثورة لها خطاب سياسي ولماذا نجحت ثورة يناير بلا خطاب؟
ثورتنا الاخيرة ثورة بلا رأس ولكنها ثورة الشعب كله, فقد نسي النظام القديم او اهمل حوالي02 مليون شخصا بين سن الخامسة عشرة والأربعين معظمهم بلا عمل ولا سكن ولا قدرة حتي علي الحلم بمستقبل آمن, يعيشون حياة معطلة وينتظرون منذ سنوات فرصة ولذلك عندما بدأت بشائر الثورة شاركت جموع غفيرة في كل المدن المصرية لأن كل بيت في مصر كان مستودعا نفسيا ومخزنا للثورة.
وربما هذا هو سر اختلاف يناير1102 عن يناير7791 التي كانت ثورة طلاب لكنها لم تصل الي الشعب فقد استطاع نظام السادات إجهاضها في يوم واحد باستخدام قوات الجيش والشرطة, وبإلغاء قرارات الغلاء. ولذلك لم تستمر الثورة.
في ثورتنا الاخيرة ثارت مصر العظمي التي نسيها النظام لصالح مصر الصغري التي تتشكل من طبقة صغيرة من المنتفعين. الدولة في مصر توقفت عن بناء المساكن الشعبية التي بدأها عبد الناصر واستمرت مع السادات, الدولة توقفت عن تعيين الخريجينن ولذلك عندما اندلعت الثورة كان علي مصر العظمي ان تقذف بالملايين الي الشوارع. وهنا لا يستطيع أي نظام أوجيش ان يقمع ثورة شعب
لماذا نحتفي بيناير فقط ولا نذكر فبراير مع ان11 فبراير هو تاريخ الخلاص من الطاغية؟
أنا احتفيت بفبراير في الديوان: توهج الهواء في الميدان
مثل عاشق
ومط جسمه فبراير القصير
كي يصير مثلهم طويلا
وقال: قدسوا
وبجلوا
وعللوا للماء كي يكون البراري
ولا تنسي ان يناير كان شهر البداية, فقد انتفض الناس في آخره ولما تعمدت الانتفاضة بالدم تحولت إلي ثورة..
لأن يناير منح الثورة بابا
تتسلل منه
لكي تقتلع الديكتاتور
ولأن يناير كان وظل مع الثوار
وضد القهر
سأسمي البرق يناير
والموج يناير
والإعسار وميدان التحرير
تثور منذ2791 والثورة مشروع للتفاؤل ولكنك وقعت في أسر دفاتر الغبار الملأي باليأس؟
لم أكن يائسا تماما فقد كنت مراقبا, متوقعا, راصدا. في دفاتر الغبار تنبأت بما حدث في مصر الآن من انقسام.
كيف؟
المحت فيه إلي علاقة الشيخ والجندي: هل قلت غبارين أري ؟
قبل سبعة أعوام كنت آتوقع أن تقع مصر بين مطرقتين: رجل الدين والعسكر.
كيف تستعيد الهواء القديم وتغلق دفاتر الغبار؟
نستطيع أن نفعل ذلك بمقاومة الوقوع في براثن صراع الغباريين: العسكري والإسلام السياسي, عندما نستعبد روح الثورة في أيام الميدان ما لا يتكرر يفني
وعلي مستوي الشعر؟
لعلك تشير إلي إحساس البراءة الذي قدمته ف يديوان هواء قديم والذي كان منذورا لتذكر رائحة القرية( مليج بمحافظة المتوفية) وذكرياتي فيها اذا انني انذر كل ديوان لفكرة فهواء قديم يستعيد القرية وديوان اكتب لاحييك منذور للاخر الذي اعيش معه واختلف ولكني اقبله وادعو لقبوله سواء كان صديقا او صورتي في المرآة اذا لم نحب الآخر السكان فينا فلن نحب انفسنا او مدننا وقرانا واوطاننا
ترسل الشعراء القري كما ترسل القمح والبرتقال,وانا أري أن القري والحياة فيها تناسب الشعر أكثر من ضجيج المدن.. فنهار القرية طويل والحياة فيه تمنح الشعر فرصة للتأمل والقراءة ورصد كل ما يدور حوله, وهذا يشحذ موهبته ويمنحه قدرة علي تحسس الأشياء. بينما الحياة في المدينة إيقاعها سريع صاخب ربما لا يمنح الشاعر فرصة للتأمل.
تتحدث عن ريف لم يعد موجودا؟
أتحدث عن تجربتي وتجربة جيلي في الخمسينات والستينات. لم تكن هناك في القري وسائل للمعرفة سوي الكتب, فلم يكن هناك تليفزيون او سينما وكانت أجهزة الراديو قليلة ومزعجة لانها تعمل ببطاريات عبارة عن أكواب مليئة بالأحماض والقلويات وتشغيلها يثير ضوضاء ولذلك لم يكن امام المثقف في القري من باب للمعرفة سوي الكتاب أوالجريدة. والقراءة الطويلة لعبت دورا بارزا في تشكيل تجربتي الشعرية. كان لي عم ذهب من القرية الي الأزهر للدراسة, لكنه عاد الي مليج بلا شهادة من الأزهر, بعدما تحول الي ممارسة رياضة كرة السلة والتدريب الرياضي. وكان عمي العملاق هذا نهما في القراءة فكنت اراه يوميا ينام في الحقول وهو يقرأ كتبا كثيرة وكنت أراه يبكي وهو يقرأ مجدولين للمنفلوطي.. وقد أثرت في هذه الصورة كثيرا فدفعتني للقراءة مبكرا فقرأت المنفلوطي وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ونجيب محفوظ. وعندما غادرت مليج الي القاهرة وأنا في السابعة عشرة لدراسة الصيدلة في أواخر الستينات, لم يكن أمامي أيضا سوي القراءة, فلم يكن التليفزيون منتشرا بكثافة مثلما هو اليوم.
لا تظهر في شعرك صدمة الريفي عندما يهبط المدينة التي يمكن رصدها بسهولة عند أحمد عبد المعطي حجازي ؟كما لا يظهر عندك رفض المدينة كما يظهر عند عفيفي مطر؟
عشت تجربتي القرية والمدينة بكامل تفاصيلهما ورغم أني أعيش في القاهرة لم انقطع عن زيارة قريتي ولذلك اكتسبت تجربة حياتية ثرية افادتني في كتابة الشعر ولم أعش صدمة الريفي في المدينة كما رصدها حجازي في دواوينه الأولي, وتلك الصدمة لازمت حجازي حتي عندما ذهب الي باريس فقد تحولت القاهرة الي قرية يغادرها الي مدينة كبيرة هي العاصمة الفرنسية, وظل الاغتراب قيمة شعرية أساسية لدي حجازي. اما صديقي الراحل الكبير محمد عفيف مطر فقد كان رافضا للمدينة تماما ولن تجدها في شعره أبدا علي الرغم من انه تنقل في المدائن ظلت القرية مرجعيته الشعرية والجمالية والحياتية وكان يعتبر نفسه ضيفا في القاهرة
هل كان الكتاب فقط هو بصمة القرية في تشكيلك؟
لا كان هناك الفن الشعبي باساطيره وموروثاته ومواويله وامثاله التي نتلقطها من الآباء والأجداد والأمهات, وكان هناك الشعراء الجوالون الذين لعبوا دورا كبيرا في تكوين شعراء كبار من ابناء الريف. هؤلاء الشعراء الجوالون الذين يطوفون بالقري يحكون السير الشعبية الملأي بالأساطير التي تغوي بالبحث والقراءة وربما الكتابة في الريف عشنا تجربة الدين والتصوف وتلمسنا الأساطير والفن الشعبي وقد اسهم ذلك في تشكيل وعينا بالعالم وبالأشهر. كنا ونحن صغار نتشارك في تاسيس مكتبة حيث يدفع كل عضو قرشين كل شهر لشراء الكتب وتبادلها
وماذا حدث عندما جئت الي القاهرة ؟
كان اول شاعر التقيته بالقاهرة الراحل كبير صلاح جاهين والذي حضر مع يوسف ادريس واحمد عبد المعطي حجازي امسية ثقافية بالكلية وقرأت امامهم قصيدة فشجعني جاهين بشدة والتقيته بعد ذلك مرات عدة وصار صديقا لي وقد اسهم بشكل كبير في تكويني في بداية مسيرتي الشعرية التي كنت مفتونا فيها بإبداعاتهم قصيدة لعامين المصرية. حيث كنت اكتب الشعر في بداياتي بالفصحي والعامية وهي الفترة التي كنت ابحث فيها عن صوتي الشعري الخاص
وهل حصلت علي هذا الصوت خاصة عندما انضممت الي مجموعة اصوات مع عبد المنعم رمضان وعبد الكريم عبد المقصود وغيرهما ؟
اصوات ومعها إضاءة77 جماعتان شعريتان ظهرتا في السبعينات. ورفعنا شعارا فضفاضا. هو: نحو قصيدة جديدة وهو شعر يلم الجميع تحت عباءته ويظل لكل شاعر حقه في ابتكار قصيدته الجديدة فليس هناك تعريف جامع مانع للقصيدة الجدية بل ليس هناك تعريف جامع للشعر, والشاعر الموهوب هو الذي يخلق قصيدته التي لا تشبه أحدا سواه
ربما حاولت جماعة إضاءة ان يكونلها بيان نظري حول الشعر وجمالياته, بينما نحن في اصوات لم نصدر أية بيانات تنظيرية نلزم بها انفسنا او غيرنا بل اصدروا ديوانا لكل شاعر علي نفقتها بطباعة المتستر تي ظهرت في سبعينات مع اغلاق المجلات الثقافية وبعد ذلك كان علي كل شاعر ان ينطلق وحده في الميدان
ولماذا لم تستمر الجماعتنان طويلا ؟
ليس من طبيعة مثل هذه جماعات ان تستمر طويلا لمهمتها الاساسية اطلاق مواهب الجديدة ثم تتركها تسبح وحدها لموهبتها وعلي كل اعر بعد ديوانه الاول ان يبحث عن ملامحه الشعرية الخاصة به وان يكتب نفسه
قلت ان قصيدة عمود لم تمت لماذا تدافع عن العمود الشعري ؟
لا أدافع عن نمط بعينه أدافع عن حق الشاعر ان يكتب كما يشاء المشكلة اننا اعتدنا الواحدية في كل شيء في سياسة لابد ان يكون هناك زعيم واحد وبصعوده لا بد ان يموت الزعماء الآخرون, وفي الشعر لابد من سيادة شكل شعري واحد ويموت غيره من الأشكال وانا آري ان الشكل الشعري يموت اذا كتبه شعراء رديئون
من هو الشاعر الرديء؟
هو الشاعر الذي يقلد الاخرين ولا يكتب نفسه وهو الشاعر الذي لا يطور نفسه ليقلد اعماله الاولي ولا يستطيع ان يرسم ملامحه الخاصة به التي تتكئ علي تجربة حياتية خاصة لم يعشها غيره ويمتلك تقنيات خاصة بالكآبة ورؤية للعالم والقصيدة ويمتلك حسا لغويا خاصا يجعله متميزا في استخدام مفردات اللغة وتراكيبها
وانا أصادف قصائد رديئة لغاية لشعراء قصيدة النثر التي تكرر قصائد الرواد مثلما اقرأ قصائد سيئة لشعراء تفعيلة والعمود ولدينا شعراء كثيرون بلا ملامح شعرية يجترون القصائد ولا أنسي يوم كنت اجلس مع صديقي الراحل الكبير امل دنقل فمر شاعر معروف فقال لي هل تذكر لهذا الشاعر ديوانا قلت لا فقال: ولا قصيدة قلا ولا قصيدة. قال ولا بيتا شعريا قلت لا فقال انه شاعر ميت يمشي بسينا وينشر الموت الشعري. واردف: اما اذا ذكرت صلاح عبد الصبور او حجازي او غيرهما من الشعراء بسيقان الد ذهنك فورا مئات الأبيات والقصائد وكثيرون الان ينطبق عليهم متقلبة امل. شعراء موتي يكتبون قصائد ميتة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.