إن الدين الإسلامي يحقق أمان القلب وسكينته, والصلاة والصيام والعبادات تربية وتزكية لضمير الفرد وتوجيه له نحو البر والإحسان ومحبة الخير للناس, ولا شك أن من هذا صفاته أجاد صناعته, وزراعته, ولم يغش في تجارته ولم يقبل رشوة إن كان موظفا وحافظ علي الأموال العامة من الضياع, ولا شك أن مجتمعا عظيما سعيدا يلفه الرخاء والثروة وزيادة الإنتاج ويعمه الأمن والأمان وبقدر الابتعاد عن شريعة الله بقدر ما يعاني من البؤس والشقاء وقلة الرزق. لقد عم الجهل بدين الله كثيرا في بلاد المسلمين, حتي وجد المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, ومع ذلك تراه يأتي أعمالا ويقول أقوالا, ويعتقد بمعتقدات توقعه في الكفر, أو الشرك, أو النفاق, وهو لا يعلم حقيقتها بل ربما ظن أن ما هو عليه من شرك ونفاق هو الصواب الذي يرضي الله. فهو مسلم يغار علي دينه, ولكنه واقع في الكفر أو الشرك بجهله الذي يعرضه لعذاب النار. إن من ثبت له الإسلام لا ينزع منه إلا بما ينقض الإسلام, والقصد والنية شرط صحة الأعمال. والجاهل الذي وقع في شرك أو كفر ينقض الإيمان ولم يقصد نقض إيمانه فهو معذور, وعليه أن يتعلم ويبادر بالتوبة. إذا كان الأمر قد أصبح بهذه الخطورة, فيجب علي العلماء أن يبينوا للناس دين الله, ويجب علي من وقع جهلا أو خطأ في كفر أو شرك أن يبادر بالتوبة, قال تعالي عن العلماء الذين يكتمون دين الله: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم وقال سبحانه عن الذين يصرون علي مخالفة دين الله وسنة رسوله, ويتبعون طريقا غير طريق المؤمنين بعد أن جاءهم البيان: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا من نبذ حكم الله ورفضه إلي حكم بشر أو أعراف وأسلاف تخالف الشريعة, أو القوانين الوضعية فقد عبد غير الله, لأن الحكم عبادة قال تعالي: إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوآ إلا إياه ذ لك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ويصبح الحكم حكما بالطاغوت, قال تعالي: ألم تر إلي الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلي الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطن أن يضلهم ضللا بعيدا, وقال تعالي: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور والذين كفروا أولياؤهم الطغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات أولئك أصحب النار هم فيها خلدون. فالراضون ظاهرا وباطنا بفشو المنكر وانتشاره,( مستحلين له) فاقدو الإيمان, وإن هم زعموا أنهم من المسلمين, فكيف بمن يبارك المنكر ويحبه, إلي جانب استحلاله, كمن ينسب اليوم الي الإسلام وهو يستحل ويحب ويرضي ويبارك أن تتعري النساء في الأسواق والمجتمعات العامة, وأن يتم اختلاط الرجال والنساء علي هذه الصورة ليمتع نفسه بالحرام, أو كمن يسب المجتمعات الإسلامية المحافظة بسبب إسلامها ويستهزئ بها وبأهلها ويتهمهم بالرجعية والتأخر, وشتي نعوت النقص, ويخاف إذا نودي في الناس بوجوب تحكيم كتاب الله تبارك وتعالي, وغاية خوفه أن تختفي هذه الشهوات المحرمة أو أن تحارب الخمور. وفي هؤلاء يصدق قول رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم-: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته, ويقتدون بأمره, ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف, يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون, فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن, ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن, ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن, وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. وكيل مجلس الشوري المزيد من مقالات د.طارق السهرى