هناك حقيقة لا أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في صحتها أو أن يشكك في ضرورتها وهذه الحقيقة المستقاة من كل التجارب الديمقراطية في الدول العريقة. خلاصتها: إنه في أجواء الحرية لا قيد علي الكلام سواء كان مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا فالحرية معناها الانطلاق والاختراق ولكن بشرط أن يكون الكلام جادا وليس مرسلا وموثقا وليس ترديدا للشائعات! و هناك أيضا حقيقة موازية تقول: إنه ليس هناك ما يهدد حرية الإعلام في أي بلد سوي الفهم الخاطئ لمعني الحرية ولا أقول حدود الحرية لأن الحرية ليس لها حدود ولكن لها ضوابط تبدأ باحترام عقلية القارئ والمستمع والمشاهد وتنتهي باحترام سمعة الأفراد والهيئات في إطار من الاحترام لسيادة القانون.. و لعل ذلك هو الذي يميز حرية الإعلام عن سائر الحريات الأخري ويجعل منها التزاما ومسئولية قبل أن تكون حقا وملكية! إن المنبر الإعلامي الحر ليس هو المنبر الجريء الذي قد تستدرجه الجرأة نحو الانفلات وتخطي الحدود وإنما المنبر الحر هو المنبر الملتزم الذي يتحسس حروفه وكلماته قبل أن يخطها بقلمه أو ينطق بها لسانه خشية أن يقع ضحية لمعلومة خاطئة أو أن يصيب برذاذ أرائه وأفكاره إنسانا بريئا! والمنبر الحر هو المنبر الذي تتغلب عليه الرغبة في توسيع قاعدة المعرفة ونشر أضواء الاستنارة وطرح الحقائق المجردة أمام الرأي العام لكي يحكم لها أوعليها! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الصدق مسألة نسبية.. و الكذب أيضا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله